فضل الجهاد في سبيل الله وحرمة حق المجاهد
حسين بن حمزة حسين
1436/07/02 - 2015/04/21 08:51AM
المجاهد في سبيل الله ، أرفع المؤمنين بعد الأنبياء منزلة في الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم ( إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة). رواه البخاري، وعن أ بي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجُه إلا إيمانٌ بي وتصديقٌ برسلي أنْ أرجِعَه بما نالَ من أجرٍ أو غنيمةٍ أو أدخله الجنة، ولولا أنْ أشقَّ على أمَّتي ما قعدتُ خلفَ سريَّة، ولوددت أنِّي أُقتَل في سبيل الله ثم أُحيَا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل)البخاري ، وقال صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيَدِه لولا أنَّ رجالاً من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أنْ يتخلَّفوا عنِّي، ولا أجد ما أحملُهم عليه، ما تخلَّفت عن سريَّةٍ تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أنِّي أُقتَل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل) البخاري ، الجهاد ذروة سنام الإسلام ؛ فعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((رأس الأمر الإسلام، وعَموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد) الترمذي ، لذا جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: دلَّني على عملٍ يعدلُ الجهاد، قال: ((لا أجدُه)) قال: ((هل تستطيعُ إذا خرَج المجاهد أنْ تدخُل مسجدك فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر؟)) قال: ومَن يستطيع ذلك ) البخاري ، ويقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم (مثَلُ المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم ، وتوكَّل الله للمجاهد في سبيله بأنْ يتوفَّاه أنْ يُدخِلَه الجنَّة، أو يرجعه سالمًا مع أجرٍ أو غنيمةٍ) البخاري ، أفضلُ الناس المجاهد في سبيل الله نصّ على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قيل: يا رسول الله، أيُّ الناس أفضلُ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مؤمنٌ يجاهدُ في سبيل الله بنفسِه وماله) البخاري ، عن أنس بن مالك - رضِي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لَغدوةٌ في سبيل الله أو روحةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها))؛ البخاري ، فبضع ساعاتٍ في الجهاد يعدلُ الدنيا وما فيها، وفي ذلك فليتنافَسِ المتنافسون، ومَن أراد الجنَّةَ فليعلَمْ أنَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قال: ((واعلَمُوا أنَّ الجنة تحت ظلال السيوف))؛ البخاري ، وخير معاش الناس واطيب الرزق الجهاد في سبيل الله قال صلى الله عليه وسلم ( وجعل رزقي تحت ظل رمحي ) ، و في مسلم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((من خير مَعاش الناس لهم رجلٌ ممسكٌ عنانَ فرسِه في سبيل الله يطيرُ على متنه، كلَّما سمع هَيْعَةً أو فَزَعَةً طار عليه يبتغي القتلَ والموتَ مظانَّه))، جعل الله تعالى فضلا منه ومنه عهدا للمجاهد في سبيل الله أن الغبار الذي يصيبُ المجاهد في سبيل الله فيتسلَّل إلى جوفه يكون مانعًا من دُخان جهنم التي وقودُها الناس والحجارة؛ أخرج النسائي أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يجتمعُ غبارٌ في سبيل الله ودخانُ جهنم في جوفِ عبدٍ أبدًا)) .
عباد الله : كلنا ميت ولا بد ، قال تعالى (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ) (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُمْ الْمَوْت وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة) ، لكن شتان بين من يموت شهيدا وبين من يموت على فراشه ( وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما يجدُ الشهيد من مسِّ القتل إلا كما يجدُ أحدكم من مسِّ القرصة))؛ أخرجه الترمذي ، وإذا قُتِل الشهيدُ لم ينقطعْ عمله الصالح، بل يزيدُ ويتضاعف؛ فعند الترمذي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((كلُّ ميتٍ يُختَم على عمله إلا الذي مات مُرابِطًا في سبيل الله؛ فإنَّه يُنمَى له عملُه إلى يوم القيامة، ويأمنُ من فتنة القبر)) ، قال تعالى؛ ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدالله هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ هَذِه الآيةِ قَالَ: أَمَا إِنّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم ( أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلّقَةٌ بِالعَرْشِ تَسْرَحُ مِنَ الجَنّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ، ثُمّ تَأْوِي إلَىَ تِلْكَ القَنَادِيلِ ، فَاطّلَعَ إلَيْهِمْ رَبّهُمُ اطّلاَعَةً، فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئاً؟ قَالُوا: أَيّ شَيْءٍ نَشْتَهِي؟ وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الجَنّةِ حَيْثُ شِئْنَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاَثَ مَرّاتٍ، فَلَمّا رَأَوْا أَنّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا، قَالُوا: يَا رَبّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتّىَ نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرّةً أُخْرَىَ، فَلَمّا رَأَىَ أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا». أخرجه مسلم. أتت أم حارثة رضي الله عنها النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقالتْ: يَا نَبِيَّ الله، ألا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ-وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، أصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ- فَإِنْ كَانَ فِي الجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي البُكَاءِ؟ قال: «يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أصَابَ الفِرْدَوْسَ الأعْلَى». أخرجه البخاري ، وَعَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ الله عَزَّ وَجَلَّ خِصَالاً: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيْمَانِ، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الحُورِ العِينِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذاب القَبْرِ، وَيَأْمَنُ يَوْمَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الوَقَارِ؛ اليَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إنْسَاناً مِنْ أَقَارِبهِ». أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان ، أما من يجرح ويصاب في المعركة فهذا أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا يُكْلَمُ أحَدٌ فِي سَبِيلِ الله، وَاللهُ أعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ». متفق عليه.
إنَّ الشهادة في سبيل الله درجةٌ عالية لا يهبها الله إلا لمن يستحقُّها؛ فهي اختيار من العليِّ الأعلى للصفوة من البشَر؛ ليعيشوا مع الملأ الأعلى؛ ﴿ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ﴾، إنها اصطفاء وانتقاء للأفذاذ من البشر ليكونوا في صُحبة الأنبياء؛ ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾
الخطبة الثانية :
ذكر العلماء شروط الجهاد وأحكامه وضوابطه المستمدة من الكتاب والسنة على هدي خير الأمة السلف الصالح ، وأفاض في بيانها الراسخون في العلم حتى قامت الحجة وبانت المحجة ، فلا يكون جهادا حتى تكون راية إسلامية بقيادة ولي أمر للمسلمين معتمد ، يقدر المصالح فيقدم أعلاها ، ويعرف المفاسد فيقدم أدناها ، مع نية صادقة لإقامة وحماية دين الله وتطبيقا لشرع الله ، وحفاظا لأراضي المسلمين وأوطانهم ودمائهم وأعراضهم وممتلكاتهم ، كالجهاد القائم ضد الروافض في اليمن ، جهادا حقيقيا استوفت شروطه واكتملت ضوابطه وانتفت موانعه ، تحت راية إسلامية يقودها إمام مسلم هدفه حماية ديار المسلمين –اليمن- من احتلال عباد القبور والأضرحة والمرجعيات من الروافض العجم وأتباعهم الحوثين ، جهادا حقيقيا ليس كقتال الخوارج القاعدة وداعش وأمثالهم يسفكون دماء المسلمين ويزعمون أن قتالهم جهادا ، ويسمون من قُتل منهم شهيداً ومَن قُتل من خصومهم من المسلمين طاغوتاً مصيره النار ، وحالهم كما قال تعالى ( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) ، فلا تفتتنوا بهم وبدعواهم ، حذر من أعمالهم الراسخون في العلم منهم ابن باز والعثيمين والألباني وغيرهم ، يضللون أعمالهم ، ويحذرون منهم أشد تحذير ، والمقام ليس في ذكر عظيم شرهم أخزاهم الله.
إخوة الإيمان : إن لم يتعين علينا الوقوف صفا واحدا ومشاركة إخواننا بالجهاد والرباط ونيل فضل أجر الجهاد على الأرض ، فعلى أقل تقدير أن نكون معهم بقلوبنا وبدعائنا ورهن إشارة ولي أمرنا لنصر ة ديننا ونصرة إخواننا في اليمن ، ولا ننس قول النبي صلى الله عليه وسلم قال:( من خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا) ، فمن له إخوة أو أرحام أو جيران يعلم أنهم مع جند الله في صف المجاهدين فليهتم بأمورهم وليقض حوائجهم وليواسيهم فهم أولى بالوفاء والعطاء ، ولنعلم أن حرمة نساء المجاهدين كحرمة الأمهات عند الله عز وجل فخيانتهم أو ظلمهم أو التطاول عليهم ظلم كبير وجريمة من أكبر الجرائم ، فهو كمن يخون أمه -نسأل الله السلامة -، ففي مسلم ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إِلَّا وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ فَمَا ظَنُّكُمْ ) ، قال العلماء في معنى (فما ظنكم) أي لا يبقي من حسناته شيئا - نسأل الله السلامة -.
فاللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجِرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْ الحَوثِيِّينَ الرَّافِضَةَ وأعوانهم وَانْصُرْنَا عَلَيْهِم، اللَّهُمَّ ثَبِّتْ جُنُودَنَا جميعهم سعوديين ويمنيين وغيرهم ، اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيِهُمْ وَرأيهم وارْبِطْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ، اللَّهُمَّ احفَظْ جُنْدَنَا وجُندَ المُسلِمينَ مِن كُلِّ سُوءٍ وَمَكرُوهٍ، اللَّهُمَّ أعِزَّ الإسلامَ والمُسلِمينَ، اللَّهُمَّ اكتُب النَّصرَ والتَّمكِينَ لِجَمِيعِ المُسلمينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ،وحرر الأقصى يارب العالمين
عباد الله : كلنا ميت ولا بد ، قال تعالى (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ) (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُمْ الْمَوْت وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة) ، لكن شتان بين من يموت شهيدا وبين من يموت على فراشه ( وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما يجدُ الشهيد من مسِّ القتل إلا كما يجدُ أحدكم من مسِّ القرصة))؛ أخرجه الترمذي ، وإذا قُتِل الشهيدُ لم ينقطعْ عمله الصالح، بل يزيدُ ويتضاعف؛ فعند الترمذي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((كلُّ ميتٍ يُختَم على عمله إلا الذي مات مُرابِطًا في سبيل الله؛ فإنَّه يُنمَى له عملُه إلى يوم القيامة، ويأمنُ من فتنة القبر)) ، قال تعالى؛ ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدالله هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ هَذِه الآيةِ قَالَ: أَمَا إِنّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم ( أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلّقَةٌ بِالعَرْشِ تَسْرَحُ مِنَ الجَنّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ، ثُمّ تَأْوِي إلَىَ تِلْكَ القَنَادِيلِ ، فَاطّلَعَ إلَيْهِمْ رَبّهُمُ اطّلاَعَةً، فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئاً؟ قَالُوا: أَيّ شَيْءٍ نَشْتَهِي؟ وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الجَنّةِ حَيْثُ شِئْنَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاَثَ مَرّاتٍ، فَلَمّا رَأَوْا أَنّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا، قَالُوا: يَا رَبّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتّىَ نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرّةً أُخْرَىَ، فَلَمّا رَأَىَ أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا». أخرجه مسلم. أتت أم حارثة رضي الله عنها النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقالتْ: يَا نَبِيَّ الله، ألا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ-وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، أصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ- فَإِنْ كَانَ فِي الجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي البُكَاءِ؟ قال: «يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أصَابَ الفِرْدَوْسَ الأعْلَى». أخرجه البخاري ، وَعَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ الله عَزَّ وَجَلَّ خِصَالاً: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيْمَانِ، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الحُورِ العِينِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذاب القَبْرِ، وَيَأْمَنُ يَوْمَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الوَقَارِ؛ اليَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إنْسَاناً مِنْ أَقَارِبهِ». أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان ، أما من يجرح ويصاب في المعركة فهذا أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا يُكْلَمُ أحَدٌ فِي سَبِيلِ الله، وَاللهُ أعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ». متفق عليه.
إنَّ الشهادة في سبيل الله درجةٌ عالية لا يهبها الله إلا لمن يستحقُّها؛ فهي اختيار من العليِّ الأعلى للصفوة من البشَر؛ ليعيشوا مع الملأ الأعلى؛ ﴿ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ﴾، إنها اصطفاء وانتقاء للأفذاذ من البشر ليكونوا في صُحبة الأنبياء؛ ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾
الخطبة الثانية :
ذكر العلماء شروط الجهاد وأحكامه وضوابطه المستمدة من الكتاب والسنة على هدي خير الأمة السلف الصالح ، وأفاض في بيانها الراسخون في العلم حتى قامت الحجة وبانت المحجة ، فلا يكون جهادا حتى تكون راية إسلامية بقيادة ولي أمر للمسلمين معتمد ، يقدر المصالح فيقدم أعلاها ، ويعرف المفاسد فيقدم أدناها ، مع نية صادقة لإقامة وحماية دين الله وتطبيقا لشرع الله ، وحفاظا لأراضي المسلمين وأوطانهم ودمائهم وأعراضهم وممتلكاتهم ، كالجهاد القائم ضد الروافض في اليمن ، جهادا حقيقيا استوفت شروطه واكتملت ضوابطه وانتفت موانعه ، تحت راية إسلامية يقودها إمام مسلم هدفه حماية ديار المسلمين –اليمن- من احتلال عباد القبور والأضرحة والمرجعيات من الروافض العجم وأتباعهم الحوثين ، جهادا حقيقيا ليس كقتال الخوارج القاعدة وداعش وأمثالهم يسفكون دماء المسلمين ويزعمون أن قتالهم جهادا ، ويسمون من قُتل منهم شهيداً ومَن قُتل من خصومهم من المسلمين طاغوتاً مصيره النار ، وحالهم كما قال تعالى ( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) ، فلا تفتتنوا بهم وبدعواهم ، حذر من أعمالهم الراسخون في العلم منهم ابن باز والعثيمين والألباني وغيرهم ، يضللون أعمالهم ، ويحذرون منهم أشد تحذير ، والمقام ليس في ذكر عظيم شرهم أخزاهم الله.
إخوة الإيمان : إن لم يتعين علينا الوقوف صفا واحدا ومشاركة إخواننا بالجهاد والرباط ونيل فضل أجر الجهاد على الأرض ، فعلى أقل تقدير أن نكون معهم بقلوبنا وبدعائنا ورهن إشارة ولي أمرنا لنصر ة ديننا ونصرة إخواننا في اليمن ، ولا ننس قول النبي صلى الله عليه وسلم قال:( من خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا) ، فمن له إخوة أو أرحام أو جيران يعلم أنهم مع جند الله في صف المجاهدين فليهتم بأمورهم وليقض حوائجهم وليواسيهم فهم أولى بالوفاء والعطاء ، ولنعلم أن حرمة نساء المجاهدين كحرمة الأمهات عند الله عز وجل فخيانتهم أو ظلمهم أو التطاول عليهم ظلم كبير وجريمة من أكبر الجرائم ، فهو كمن يخون أمه -نسأل الله السلامة -، ففي مسلم ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إِلَّا وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ فَمَا ظَنُّكُمْ ) ، قال العلماء في معنى (فما ظنكم) أي لا يبقي من حسناته شيئا - نسأل الله السلامة -.
فاللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجِرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْ الحَوثِيِّينَ الرَّافِضَةَ وأعوانهم وَانْصُرْنَا عَلَيْهِم، اللَّهُمَّ ثَبِّتْ جُنُودَنَا جميعهم سعوديين ويمنيين وغيرهم ، اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيِهُمْ وَرأيهم وارْبِطْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ، اللَّهُمَّ احفَظْ جُنْدَنَا وجُندَ المُسلِمينَ مِن كُلِّ سُوءٍ وَمَكرُوهٍ، اللَّهُمَّ أعِزَّ الإسلامَ والمُسلِمينَ، اللَّهُمَّ اكتُب النَّصرَ والتَّمكِينَ لِجَمِيعِ المُسلمينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ،وحرر الأقصى يارب العالمين