فضل الأستخارة @ وبركت امتثال سنة النبي صلى الله عليه وسلم
عبدالله منوخ العازمي
أمَّا بعدُ:
فقد كان أهلُ الجاهلية إذا همُّوا بأمر - من عرْس أو سفَر أو تِجارة أو غير ذلك - يَستقسِمون بالأزلام، وذلك بإجالةِ ثلاثة أقداح، مكتوب على واحِد: "افعل"، وعلى الثاني: "لا تفعل"، والثالث: مِن غير كتابة، فإنْ خرَج له افعل، مضَى بما همَّ به، وإنْ خَرَج له لا تفعلْ، ترَك، وإنْ خرَج له القَدح الذي ليس فيه كتابة، أعاد الاستقسامَ مرَّة ثانية،
فعوَّض الله هذه الأمةَ بالاستخارة الشرعيَّة، وهي استقسامٌ بالله، فيطلب المستخيرُ مِن الله أن يقسم له ما فيه الخيرُ في دِينه ودنياه، فيتوكَّل المسلمُ على ربِّه، سائله أن يهديَه وييسِّر له ما هَمَّ به، إنْ كان الخيرُ فيه، أو يصرفه عنه وييسِّر له الخير.
الاستخارة : اسم ، واستخار الله طلب منه الخِيَرة , والمراد طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما .
عن جابرِ بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُعلِّمنا الاستخارةَ في الأمور كلِّها كما يُعلِّمنا السورةَ من القرآن، يقول: ((إذا همَّ أحدُكم بالأمر فليركعْ ركعتين مِن غير الفريضة، ثم ليقل: اللهمَّ إني أستخيرك بعِلْمك، وأستقدرك بقُدرتك، وأسألك مِن فضلك العظيم؛ فإنَّك تَقْدِر ولا أقدر، وتَعْلم ولا أعلم، وأنت علاَّم الغيوب، اللهمَّ إنْ كنتَ تعلم أنَّ هذا الأمر خيرٌ لي في دِيني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجِله، فاقْدُرْه لي، ويسره لي، ثم بارِكْ لي فيه، وإنْ كنت تعلم أنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لي في دِيني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجلِه، فاصرفْه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخيرَ حيث كان، ثم أرْضِني، قال: ويُسمِّي حاجته))؛ رواه البخاري
قوله ( وأسالك من فضلك ) إشارة إلى أن إعطاء الرب فضل منه , وليس لأحد عليه حق في نعمه كما هو مذهب أهل السنة .
قوله ( فإنك تقدر ولا أقدر , وتعلم ولا أعلم ) إشارة إلى أن العلم والقدرة لله وحده , وليس للعبد من ذلك إلا ما قدّر الله له .
قوله: ((في الأمور كلها)) عام أُريد به الخاص.
قوله: ((أستقدرك بقُدرتك))؛ أي: أطلب منك أن تجعلَ لي على ذلك قُدرةً.
وقوله: ((فإنَّك تقدر ولا أقدِر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علاَّم الغيوب))،
فيه اعتراف المستخير بالضعْف، والتبرؤ من قوَّته، والاعتراف بالجهل بمآلاتِ الأمور.
وقوله: ((اللهمَّ إنْ كنتَ تعلم أنَّ هذا الأمرَ خير لي))؛ أي: إذا كان في سابق علمك أنَّك لو قضيتَ هذا الأمر كان خيرًا لي، فيسِّرْه لي، وإنْ كان في سابق علمك أنَّك لو قضيتَ ذلك الأمر كان شرًّا لي فاصرفْه عني، فالدعاء يرُدُّ القضاء.
قوله ( فاقدره لي ) .. أي انَجِّزه لي " , وقيل معناه يسره لي
قوله ( فاصرفه عني واصرفني عنه ) أي حتى لا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه متعلقا به ,
قوله ( ورَضِّني ) .. أي اجعلني بذلك راضيا فلا أندم على طلبه ولا على وقوعه لأني لا أعلم عاقبته وإن كنت حال طلبه راضيا به ..
والسرّ فيه أن لا يبقى قلبه متعلقا به فلا يطمئن خاطره .
والرضا سكون النفس إلى القضاء
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
ان الحمد لله نحمده ونستغفره...........وبعد ايه المؤمنون :
وصِفة دعاء الاستخارة أنَّ المستخير بعدَ أن ينتهي مِن الصلاة ويُسلِّم،
يقول: ((اللهمَّ إني أستخيرك بعِلمك، وأستقدرِك بقدرتك، وأسألك مِن فضْلك العظيم، الى آخر الحديث.........
(ويُسمِّي حاجته، فإنْ كان زواجًا مثلاً قال: إنْ كنت تعلم أنَّ زواجي من فلانة، أو كان شراءً، فيقول: إنْ كنت تعلم أنَّ شرائي مثلاً السيارة الفلانيَّة، وهكذا)
والمستخيرُ بعدَ صلاة الاستخارة، إمَّا أنْ يجدَ في نفْسه انصرافًا عما استخار الله فيه، وعدم الرغبة فيه فيتركه، وإنْ كان عندَه رغبةٌ فيه، أو استوى الأمرانِ عنده فليُقبلْ على ما استخار الله فيه، فإنْ كان خيرًا تيسَّر له، وإلا وجد ما يَمْنَع مِن إتمام الأمْر، فليسلِّمْ ولْيرضَ بما اختاره الله له، وليعلم أنَّ الخيرة في عدم إتمامه.
- على المستخير أن يلتزمَ بألفاظ الدُّعاء الوارد فلا يَزيد فيه ولا ينقص لقولِ جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما -: كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُعلِّمنا الاستخارة في الأمورِ كلِّها كما يعلِّمنا السورةَ من القرآن".
فإن تيسَّر حفظُه - وهو الأفضل والأكمل - وإن لم يتيسَّر يقرؤه المستخير مِن ورقة أو كِتاب، اوجوال .
أمَّا مكان دعاء الاستخارة: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (23/177): "يجوز الدعاءُ في صلاة الاستخارة وغيرِها قبلَ السلام وبعده،
ومنها صاحب الأمر هو الذي يستخير
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمدصلى الله عليه وسلم ......