فضل أهل البيت عند أهل السنة والجماعة
أيمن عرفان
1433/08/11 - 2012/07/01 18:04PM
[font="]فضل أهل البيت عند أهل السنة والجماعة[/font]
وللأسف الشديد أن بعض الطوائف من غير أهل السنة والجماعة قد غالوا في نظرتهم إلى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحد جعلهم يرفعونهم عن طور البشرية، بل واتهمونا نحن أهل السنة والجماعة بالتقصير في حب وتقدير أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأردت أن أجعل لنا هذا اللقاء نبين فيه كيف أن أهل السنة والجماعة يحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقدرونهم، ولكنهم يفعلون ذلك دون إفراط وغلو يرفعهم فوق مرتبة البشر ودون تفريط أو تقصير يبخسهم حقهم ويقلل من فضلهم.
بداية نحب أن نحدد من هم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ من المتفق عليه عند جميع طوائف المسلمين أن علي بن أبي طالب ، وزوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحسن والحسين ولدا علي وفاطمة، هؤلاء الأربعة من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الذي يرويه الترمذي وأحمد بإسناد صحيح عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَّلَ عَلَى عَلِيٍّ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَفَاطِمَةَ كِسَاءً ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا مِنْهُمْ؟ قَالَ: إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ). ولكن البعض تمسك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة إنك على خير، فقال إذا هؤلاء فقط هم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، والذي عليه أهل السنة والجماعة أن هذا الحديث لا يدل قصر أهل البيت على هؤلاء الأربعة، بل يدل على أن هؤلاء الأربعة هم أخص القرابة لرسول الله صلى الله عليه ويسلم، ويدخل في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم آخرون، فأزواج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته، ففي سورة الأحزاب يخاطب ربنا تبارك وتعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم فيقول لهن :"وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا" [الأحزاب 33 ، 34]، فنلاحظ أن ذكر أهل البيت جاء في وسط الحديث عن زوجات النبي، والأحاديث النبوية التي تثبت دخول زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في أهل بيته كثيرة، في حادثة الإفك لما قالوا على أم المؤمنين عائشة ما قالوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَعْذِرُنَا فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا". و روى ابن أبي شيبة في مصنّفه بإسنادٍ صحيح عن ابن أبي مُلَيكة: (( أنَّ خالد بنَ سعيد بعث إلى عائشةَ ببقرةٍ من الصَّدقةِ فردَّتْها، وقالت: إنَّا آلَ محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لا تَحلُّ لنا الصَّدقة )). وقوله صلى الله عليه وسلم في الأضحية: (اللَّهمَّ هذا عن محمد وآل محمد)، وفي قول عائشة رضي الله عنه: (ما شبع آلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خُبز بُرٍّ). كل هذه أخبار تدل على أن زوجات النبي من أهل بيته، عائشة بنت أبي بكر التي يسبها بعض أدعياء محبة أهل بيت رسول الله هي من أهل بيت رسول الله، حفصة بنت عمر بن الخطاب زوجة النبي ومن أهل بيته، بل أن صفية بنت حيي بن أخطب التي كان أبوها يهودياً هي زوجة رسول الله وهي من أهل بيت رسول الله، وإنَّما دخل الأزواجُ في الآل تشبيهاً لذلك بالنَّسَب؛ لأنَّ اتِّصالَهُنَّ بالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - غيرُ مرتفع، وهنَّ محرَّماتٌ على غيرِه في حياتِه وبعد مَمَاتِه، وهنَّ زوجاتُه في الدنيا والآخرة، فالسَّببُ الذي لهنَّ بالنَّبِيِّ قائمٌ مقامَ النَّسَب. ثم نأتي بحديث يبين لنا فضل أهل بيت رسول الله وعلو مكانتهم ويبين من هم أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث يرويه الإمام مسلم في حديثه عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ يعني ملك الموت ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ سميا به لعظم شأنهما وشرفهما: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى من الضلال وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي. أي في الوصية بهم واحترامهم وكرره ثلاثا للتأكيد ، قال الفخر الرازي جعل الله تعالى أهل بيته مساوين له في خمسة أشياء في المحبة وتحريم الصدقة والطهارة والسلام والصلاة ولم يقع ذلك لغيرهم فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ. قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ). وهنا يظهر تساؤل، ولكن قد يكون من هؤلاء من ليس على الجادة، كافر أو فاسق، فهل تجب له المحبة والمنزلة كبقية أهل بيت رسول الله؟ والإجابة أن عقيد ة أهل السنة والجماعة أنهم ويَعرِفون الفضلَ لِمَن جَمع اللهُ له بين شرِف الإيمانِ وشرَف النَّسَب، ويَرَون أنَّ شرَفَ النَّسَب تابعٌ لشرَف الإيمان، ومَن جمع اللهُ له بينهما فقد جمع له بين الحُسْنَيَيْن، ومَن لَم يُوَفَّق للإيمان، فإنَّ شرَفَ النَّسَب لا يُفيدُه شيئاً، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ}، وقال - صلى الله عليه وسلم - في آخر حديث طويلٍ رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: (( ومَن بطَّأ به عملُه لَم يُسرع به نسبُه )).
ثم يأتي التساؤل آخر: زعم البعض أن أهل بيت النبوة قد انقرضوا وأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخلف أحدًا، واستدلوا على ذلك بقول الله عز وجل: { ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم } يقولون : فعلى هذا لا يجوز أن ينتسب إليه أحد. فهل هذا الكلام صحيح؟ روى أبو داود بإسناد صحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ، لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا). الحديث يتكلم فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن المهدي المنتظر ويقول رجلا من أهل بيتي. إذا أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم سيستمرون إلى أن تقوم الساعة. ولكن كيف والنبي صلى الله عليه وسلم لم يعش أحد من أبنائه الذكور حتى تكون له ذرية تنسب لرسول الله؟ نعم، كل الناس ينسبون إلى آبائهم، خصوصية فقط للحسن والحسين ابنا فاطمة أن ذريتهما تنسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الذرية سيكون المهدي المنتظر.
فهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة في أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هم، أما عن علو مكانتهم، وعظيم فضلهم، ومحبتهم في القلوب، فالكلام في أفضالهم كثير، من ذلك ما رواه الطبراني بإسناد صحيح عن عُمَر بن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : (كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا سَبَبِي ونَسَبي). السبب هنا الوصلة والمودة وكل ما يتوصل به إلى الشيء عنك فهو سبب وقيل السبب يكون بالتزويج والنسب بالولادة، وهذا لا يعارضه إعلام أهل بيته بأنه لا يغني عنهم من الله شيئا لأن معناه أنه لا يملك لهم نفعا لكن الله يملكه نفعهم بالشفاعة العامة والخاصة فهو لا يملك إلا ما ملكه ربه فقوله لا أغني عنكم أي بمجرد نفسي من غير ما يكرمني الله تعالى به أو كان قبل علمه بأنه يشفع.
محبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فرع من محبته صلى الله عليه وسلم، وقد جاء الأمر بمحبتهم في الحديث الذي يرويه الحاكم في المستدرك بإسناد صححه الذهبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَحِبُّوا الله لما يَغْذُوكُمْ به من نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي لحب الله، وَأَحِبُّوا أهل بيتي لحبي). يغذوكم من الغذاء ما به نماء الجسم وقوامه (من نعمه) أي أحبوا الله لأجل إنعامه عليكم بصنوف النعم، لِحُبِّ اللَّهِ أَيْ لِأَنَّ مَحْبُوبَ الْمَحْبُوبِ مَحْبُوبٌ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي أَيْ لحبي إِيَّاهُمْ أَوْ لِحُبِّكُمْ إِيَّايَ.
وكما أن الأمر جاء من النبي صلى الله عليه وسلم بمحبة أهل البيت، فقد جاء التحذير من بغضهم، وأن بغضهم قد يكون سبباً في دخول النار، روى الحاكم في المستدرك بإسناد صححه الذهبي عن ابن عباس قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا بني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ لَكُمْ ثَلاثًا: سَأَلْتُهُ أَنْ يُثَبِّتَ قَائِمَكُمْ، وَيُعَلِّمَ جَاهِلَكُمْ، وَيَهْدِي ضالَّكُمْ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَجْعَلَكُمْ جُوَداءَ نُجَداءَ رُحَمَاءَ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلا صَفَنَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَصَلَّى وَصَامَ، ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ مُبْغِضٌ لأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِي عَنْهُمْ دَخَلَ النَّارَ). صفن بين الركن والمقام أي صف قدميه دليل على الاجتهاد في العبادة، فالحديث يخبرنا أن بعض أهل بيت رسول الله يتسبب ي دخول النار ولو كان صاحبه من المجتهدين في لعبادة الصائمين القائمين. وروى الحاكم في المستدرك بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار».
وفي القرآن الكريم تستوقفنا الآية التي ورد فيها قول الله عز وجل: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) [الأحزاب 33]. والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم. وإنما قال: "ويطهركم" لأنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر، والرجس هو القذارة، سواء كانت حسية كالميتة والخمر وغيرها، أو كانت معنوية كالذنوب والمعاصي، أما الشيء الطاهر فهو الشيء النقي البريء من العيوب والنجاسات والأقذار، ربنا تبارك وتعالى يريد أن يطهر وينقي أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من كل القذارات الحسية والمعنوية، وطالما أن الله أراد، فإنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريده الله، فهو جل وعلا الفعال لما يريد، وعليه فأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من المؤمنين الموحدين، هؤلاء قوم مطهرون بتطهير الله عز وجل لهم.
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوا قدر أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلنوا بذلك، ولكنهم أعلنوها أيضا أن محبتهم لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن تخرج صاحبها عن موازين الشرع بزعم المحبة، روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام وَالْعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا أَرْضَهُ مِنْ فَدَكٍ وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ، يَعْنِي مَالَ اللَّهِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ وَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي). فأبو بكر يعلن أن حبه لأهل بيت رسول الله ورغبته في صلة قرابة النبي أحب إليه من رغبته في صلة قرابة نفسه، ولكن في الوقت نفسه لا يجعله ذلك يميل عن الحق. وروى الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ). يُخَاطِب بِذَلِكَ النَّاس وَيُوصِيهِمْ بِهِ ، وَالْمُرَاقَبَة لِلشَّيْءِ الْمُحَافَظَة عَلَيْهِ ، يَقُول اِحْفَظُوهُ فِيهِمْ فَلَا تُؤْذُوهُمْ وَلَا تُسِيئُوا إِلَيْهِمْ.
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعرف الفضل لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ فَيُسْقَوْنَ). واختيار عمر رضي الله عنه للعباس رضي الله عنه إنَّما هو لقرابتِه مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وانظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين وضع ديوان العطاء، وقالوا له: يبدأ أميرُ المؤمنين بنفسِه، فقال: لا! ولكن ضَعُوا عمر حيث وضعه الله، فبدأ بأهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمَّ مَن يليهِم، حتى جاءت نوْبَتُه في بَنِي عديٍّ، وهم متأخِّرون عن أكثر بطون قريش. وهكذا كان التابعين وكل من سار على منهج السلف الصالح يحبون ويحترمون ويعترفون بفضل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال ابنُ تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية وهو يتكلم عم اعتقاد أهل السنة والجماعة في أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويُحبُّون أهلَ بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتوَلَّوْنَهم، ويحفظون فيهم وصيَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: (أُذكِّرُكم الله في أهل بيتِي). وصلِّ اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلِّم.
المشاهدات 5076 | التعليقات 2
وجزاكم أخي شبيب ، وأسأل الله أن ينفع بها وأن يجهلها خالصة لوجهه الكريم.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق