فضائل وآداب يوم الجمعة
إبراهيم بن سلطان العريفان
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أوصيكم أيها المسلمون ونفسي المقصرة بتقوى الله -عز وجل-، فهي وصية الله للأولين والآخرين ]وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ[.
إخوة الإيمان والعقيدة ... صلاة الجمعة، هذه الشعيرة العظيمة التي جعلها الله من أعظم العبادات، وميز بها أمة الإسلام، وفرضها على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ[ وقد حذر النبي ﷺ من تركها تكاسلًا، فقال (لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ).
عباد الله ... صلاة الجمعة واجبة على الرجال دون النساء، فهي فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل ذكر مقيم، فالمرأة والمسافر فليست واجبة عليهم. ويشترط لصلاة الجمعة الجماعة، فلا تصح أن تصلى منفردًا. وتقام في المسجد أو المصلى الجامع، فلا تقام في البيوت أو الأماكن المتفرقة. ويسبق صلاة الجمعة خطبتان، وهي ميزة لصلاة الجمعة، وفيهما الموعظة والتذكير بالله وأحكام الدين.
عباد الله ... يوم الجمعة خير الأيام، وهو عيد المسلمين الأسبوعي، يجتمعون فيه على ذكر الله؛ ولهذا كان للجمعة آداب عديدة، آداب علَّمنا ووجَّهنا إليها رسول الله ﷺ، فمن آداب يوم الجمعة: الاغتسال والتطيب ولبس أحسن الثياب، قال رسول الله ﷺ (الغُسْلُ يَومَ الجُمُعَةِ واجِبٌ علَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ).
ومن الآداب: التبكير إلى المسجد، فقد قال النبي ﷺ (مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا) فهل يُعقل -يا مسلمون- أن يفرِّط مسلم هذا الأجر العظيم.
ومن آداب يوم الجمعة: قراءة سورة الكهف، لقوله ﷺ (مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ) وفي رواية (أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ).
ومن آداب يوم الجمعة: الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ فقد قال عليه الصلاة والسلام (إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ»، قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ، وَقَدْ أَرَمْتَ؟ - قَالَ: يَقُولُونَ: بَلِيتَ - قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ).
أيها المسلمون .. إذا حضر المسلم صلاة الجمعة، فعليه الإنصات للخطيب، وعدم الانشغال بغيره، فقد قال النبي ﷺ (إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ).
نسأل الله أن يجعلنا من المحافظين على هذه الصلاة العظيمة، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
معاشر المؤمنين .. اتقوا الله وراقبوه، واحرصوا على أداء صلاة الجمعة بآدابها وأحكامها، فالجمعة يوم عظيم، وفيه ساعة لا يوافقها عبد يسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه، كما أخبر النبي ﷺ.
فلنحرص على الاستعداد لهذا اليوم المبارك، ولنكثر من الدعاء والذكر، ولنسعَ إلى الصلاة بروح خاشعة متلهفة لرضا الله، فإن ذلك من علامات الإيمان.
احرصوا على حضور صلاة الجمعة في وقتها، وكونوا من السبّاقين إلى الصفوف الأولى، وتجنبوا الانشغال عن ذكر الله بالدنيا وزينتها، فإن ذلك سبب في قسوة القلوب وضعف الإيمان.
فيا من ترجو رحمة الله، لا تضيع هذه الفرص الثمينة. اجعل من يوم الجمعة يوماً خاصاً لطاعتك، ومحاسبة نفسك، وتجديد إيمانك.
اللهم اجعلنا من المحافظين على صلاة الجمعة، ومن المستمعين النافعين، ووفقنا لما تحب وترضى، واغفر لنا ذنوبنا، وتقبل أعمالنا، وارزقنا الإخلاص في القول والعمل.
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
المرفقات
1738900057_فضائل وآداب يوم الجمعة.pdf
1738900064_فضائل وآداب يوم الجمعة.docx