فريضة الزكاة (بتاريخ 5-9-1432هـ)
أ.د عبدالله الطيار
الخطبة الأولى :
الحمد لله القائل (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (التوبة الآية103).
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين القائل لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: (فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِى فُقَرَائِهِمْ) (رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس)، وأشهد أن لا إله إلا الله جعل الزكاة أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله أيها المؤمنون وأدوا ما أوجب الله عليكم طيبة به نفوسكم أدوه على الوجه الذي شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطوه مستحقه واحرصوا على براءة الذمة يوم العرض على الله.
عباد الله اعلموا رحمكم الله أن الشريعة الإسلامية مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها نعم إن شريعة الإسلام هي عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم وهي نوره الذي أبصر به المبصرون وهداه الذي به اهتدى المهتدون وهذا يظهر واضحاً جلياً في تشريع الزكاة وتحديد مصارفها والأموال التي تجب فيها الزكاة ولمسيس الحاجة في هذا الشهر الكريم لمعرفة أحكام الزكاة فإني ألخص ذلك فيما يأتي :
1) تجب الزكاة في مال الصغير والمجنون ومن في حكمهم.
2) الزكاة عبادة فلا بد فيها من الإنابة فمتى كان عند الشخص مال لغيره ويريد إخراج زكاته فلا بد أن ينيبه مالك المال إنابة خاصة أو عامة.
3) الخيل ليست من بهيمة الأنعام ولذا لا تجب فيها الزكاة إلا إذا كانت عروض تجارة فتقوم عند الحول وتزكى زكاة عروض التجارة ربع العشر.
4) الماشية التي تكون عند الناس إن كانت للحاجة فلا زكاة فيها وإن كانت عروض تجارة فتزكى زكاة عروض التجارة ربع العشر وإن كانت سائمة ترعى المباح أكثر الحول فتزكى زكاة السائمة المفصلة في كتب أهل العلم .
5) نصاب الذهب عشرون مثقالاً ـ أي ديناراً ـ وزنة الدينار ثلاث جرامات ونصف فيكون النصاب للذهب بالجرامات سبعين جراماً.
ونصاب الفضة مائتا درهم وزنة الدرهم بالجرامات 2.3 فيكون نصاب الفضة بالجرامات 460جراماً، وأما الأموال النقدية فالأحظ للفقراء هو الأقل من النصابين وهو نصاب الفضة وقدره بالريالات في هذا العام ألفان ومائة ريال سعودي .
6) الحلي الذي تستعمله المرأة خلال العام لا زكاة فيه في أصح قولي العلماء.
7) المال الذي هو وصية لميت لا زكاة فيه فمن عنده أموال هي أثلاث للموتى لا زكاة فيها مهما بلغت .
8) من له راتب شهري أو دخل شهري من أي جهة الأولى أن يجعل له يوماً محدداً في السنة فإذا جاء هذا اليوم أخرج زكاته وإن كان يمر عليه يوم في السنة لا يوجد عنده ما يكمل النصاب فهنا لا زكاة عليه لأنه لم يحل عليه الحول.
9) من كان عنده عروض تجارة كمحلات بيع الأطعمة والأجهزة الكهربائية والمفروشات والأواني وغيرها إذا جاء اليوم الذي يزكي فيه فعليه أن يقوم البضاعة المعروضة للبيع ويزكيها ربع العشر وأما الأشياء الثابتة والثلاجات والسيارات التي ينقل عليها البضاعة فلا زكاة فيها.
10) العقارات التي تؤجر الزكاة في أجرتها إذا حال عليها الحول فإن قبض الأجرة وصرفها قبل أن يحول عليها الحول فلا زكاة فيها.
11) الأراضي التي يملكها الشخص إن كانت معروضة للبيع فتزكى سنوياً وإن كانت لم تعرض ولم تتحدد النية فيها فلا زكاة فيها.
12) من كان عنده نخل ولو كان عددها قليلاً فيجب أن يزكي ثمرتها إذا بلغت نصاباً والنصاب للخارج من الأرض 675 كيلو جرام فمن كان عنده نخل في البيت أو الاستراحة فعليه أن يخرص ثمرته ويؤدي زكاتها نصف العشر فمن كان عنده ألف كيلو جرام من التمر وجب عليه أن يخرج خمسين كيلو جراماً وهكذا.
13) إذا أبدل الشخص المال الذي عنده بمال آخر كمن اشترى أرضاً يريد أن يتكسب فيها فعليه أن يحسب الحول من بداية ملك المال الأول وليس الثاني .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: [إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) (التوبة الآية60).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي جعل الزكاة طهرة للمال وحقاً للفقير والمسكين وأشهد أن لا إله إلا الله جعل الزكاة دعامة لبناء مجتمع متحاب متماسك وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله القائل (بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ) وذكر منها أداء الزكاة صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فمن أحكام الزكاة أيضاً :
14) جميع الديون التي للشخص عند الآخرين تجب زكاتها سنوياً إلا إذا كانوا معسرين أو مماطلين فهنا تزكى متى قبضت مرة واحدة فقط.
15) لا يجوز حسم الدين الذي على الشخص وحسبانه من زكاة الشخص نفسه لما في ذلك من المحاباة لنفسه لكن لو دفع الدائن للمدين زكاة ماله ثم ردها الفقير له سداداً عن الدين من غير اتفاق فلا حرج في ذلك.
16) أصحاب تقسيط السيارات والأجهزة الكهربائية والعقارات وغيرها عليهم إذا جاء اليوم الذي يزكون فيه أن يحسبوا ما عند الناس لهم ويزكونه كله ولو لم يحل إلا بعد سنة أو سنتين وأما ما استلموه من الأقساط وصرفوه فلا زكاة فيه.
17) إذا كان على الشخص دين فلا أثر له في منع الزكاة إلا إذا كان حالاً فعليه سداده وأما الديون المؤجلة كالقروض المأخوذة من البنوك وديون البنوك الزراعية والصناعية وغيرها كلها لا يسقطها الشخص من أمواله بل يزكي أمواله وكأن هذه الديون غير موجودة نهائياً.
18) المساهمات التجارية والعقارية وغيرها على الشخص أن يٍسأل عن سعرها وقت وجوب الزكاة عليه ويزكيها رابحة أو خاسرة فإن لم يعرف سعرها فإنه يزكي رأس المال سنوياً ومتى قبض الربح زكاة عن سنة واحدة فقط.
19) لا زكاة في أموال الجمعيات الخيرية كتحفيظ القرآن وجمعية البر وجمعية إنسان ومؤسسة مكة وغيرها من الجهات الخيرية وكذلك لا زكاة في أموال الصناديق الأسرية المتبرع بها وأما إذا كانت مساهمة تدر أرباحاً تعود لأصحابها ففيها الزكاة، ولا زكاة كذلك في الأموال المتبرع بها للمشاريع الخيرية فلو كان عند الشخص حساب خصصه لأعمال البر وفيه نقود حال عليها الحول فلا زكاة فيها لأنها خرجت من ملكه متبرعاً بها لأعمال البر.
20) الفقير المستحق للزكاة هو من يحتاجها لأكل أو شرب أو مسكن أو لباس أو علاج أو سداد دين وهكذا من أراد أن يتزوج ولا يجد مهر الزواج فتدفع له الزكاة، وإذا كنت تعرف أنه مستحق فلا يلزم أن تخبره بأنها زكاة أما إذا شككت في استحقاقه لها فأخبره لبراءة ذمتك وذمته.
21) لا يدفع الشخص زكاته لفرعه ولا أصله ولا لمن تجب عليه نفقته وللزوجة أن تدفعها لزوجها.
22) لا يشتري المزكي بالزكاة طعاماً ولا غيره ويعطيه الفقير إلا بعد أن يفوضه بذلك وإلا فالأصل أن الزكاة تسلم نقداً بيد الفقير.
23) على المسلم أن يتحرى إذا أراد إخراج زكاته فلا يعطيها إلا مستحقها ومن لم يصرف زكاته بنفسه فليسلمها لمن يثق به من الأفراد أو الجهات المختصة بهذا الأمر وهنا تبرأ ذمته بذلك.
24) إذا أراد الشخص أن يعرف الواجب عليه في الزكاة فليقسم المبلغ الموجود عنده على أربعين فلو كان عنده مائة ألف وقسمها على أربعين ففيها ألفان وخمسمائة ريال، وهكذا.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تعيننا وإخواننا على إخراج زكاة مالنا طيبة بها أنفسنا، وأن تجعلها خالصة لوجهك، وأن تنفعنا بها يوم نلقاك يا أكرم الأكرمين .
هذا وصلوا وسلموا على الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
5/ 9 /1432هـــ