فَحَنَّ الجِذْعُ فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ.. وكيف تحنُّ قلوبنا

HAMZAH HAMZAH
1442/05/24 - 2021/01/08 10:52AM
فَحَنَّ الجِذْعُ ، فَأَتَاهُ ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ }
وكيف تحنُّ قلوبنا..؟!
١٤٤٢/٥/٢٤هـ
 
إنَّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين...
 
أما بعد:
فاتقوا الله يا مؤمنون ، وتدبروا أحوالَكم ، وراجعوا ربكم توبةً وذكرًا واستصلاحا ، قال تعالى :{ إن تتقوا اللهَ يحعلْ لكم فرقانا } ..
 
معاشر المسلمين :
ليتذكرْ كلُّ واحد منا، آخرَ مرةٍ، حنَّ فيها قلبُه إلى ذكر الله، ومتى هي آخرُ مرة، ترقرقت عيناك من خشية الله..؟! وهل أحسستَ مرة بقُشعريرة من ذكر الله ...؟!
{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } الزمر (23) .
 
وجاء في صحيح البخاري رحمه الله عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: " كَانَ المَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ المِنْبَرُ، وَكَانَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ العِشَارِ، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا ، فَسَكَنَتْ ".
وفي رواية المسند : " إِنَّ هَذَا بَكَى لِمَا فَقَدَ مِنَ الذِّكْرِ ". 
 
وكان الحسنُ البصري رحمَه الله تعالى يبكي إذا حدَّث بحديث الجذعِ الَّذي بكى لمَّا فارقه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم ويقول:
‏" يا عباد الله، الخشبة تحنُّ إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلم؛ 
‏ شوقًا إليه لمكانِه من الله، فأنتم أحقُّ أن تشتاقوا إليه " .
قراءٌ.. وخطب .. 
وتسجيلات .. وأجهزة محملة بالمواعظ ... ..!
ولكنَّ الحنينَ قليل، والتأثرَ محدود، والشوقَ عازف...! فلِمَ كل ذلك...؟!
أما نشتاقُ للقرآن بعد طول هَجر..؟!
وهل ترقُّ مع السنن والأحاديث...؟!
وهل خشعتْ عيناكَ لمواعظ رسول اللهُ صلى اللهُ عليه وسلم..!
ها هو الجذعُ يتأثر ، وقلوبُنا لا تتأثر ، والشجرةُ تحس وجسومُنا لا تحس، والجماداتُ تتفاعل، ومشاعرنا مغلولة في الدرهم والدينار ، والقيل والقال...!!
وفي زهرة الدنيا، وفي نزاعات لا حد لها...!
 
هلَّا اعتبرنا بجذعِ المنبرِ الحاني ...إلى الرسولِ وأذكار وقرآنِ
أم أنّ قلبَكَ محبوسٌ بلاهيةٍ... من الحياة ولَم يخشع لبرهانِ..؟!
الرانُ في القلب غطّى كل فائدةٍ... وحركَ السيرَ في روضٍ وشُطآنِ
 
تفقدوا قلوبَكم يا مسلمون : 
قلوبٌ قاسية- إلا من رحمَ الله- ونفوسٌ جامدة، وأخلاق عابثة ، وملاهٍ فاشية ، وتشبثٌ بالدنيا عميق ، ... وهرولةٌ في متاعها شديدة...!
لِمَ كل ذلك...؟!
 
ليكنْ لك وردُك اليومي كالطعام والشراب ، غيرِ المزهود فيه..!
ولتُقبلْ على القرآن بقلبٍ حانٍ، ونفسٍ شائقة ، وحزمٍ صادق، وتلهفٍ شديدة، وبصيرةٍ متعلمة ، وإقدامٍ منتفع { ولقد يسرنا القران للذكرِ فهل من مُدّكر } سورة القمر .
 
وقال العلامةُ السعدي رحمه الله :
" أي : ولقد يسَّرنا وسهلنا هذا القرآن الكريم ، ألفاظَه للحفظ والأداء ، ومعانيه للفهم والعلم ، لأنه أحسنُ الكلام لفظا، وأصدقُه معنى ، وأبينه تفسيرا ، فكلُّ من أقبل عليه ، يسّر اللهُ عليه مطلوبَه غايةَ التيسير، وسهله عليه . 
والذكرُ شاملٌ لكل ما يتذكر به العاملون من الحلال والحرام ، وأحكام الأمر والنهي، وأحكام الجزاء والمواعظ والعبر، والعقائد النافعة والأخبار الصادقة . 
ولهذا كان علمُ القرآنِ حفظا وتفسيرا، أسهلَ العلوم ، وأجلَّها على الإطلاق ،..".
 
فهلموا عبادَ الله، إلى قرآنٍ ميسر، وكتابٍ مقرَّب، وذكر مطيّب ، وكنوزٍ كثيرة، لا مقطوعةٍ ولا ممنوعة..!
 
وينبوعٍ مسكوب ، وصفاءٍ غالٍ، وسعادةٍ عامرة، وشفاءٍ من كل داء...{ وننزلُ من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ، ولا يزيد الظالمين الا خسارا} سورة الإسراء.
اللهم آتِ نفوسنا تقواها...
أقول قولي هذا واستغفر....
— —-
المرفقات

1

المشاهدات 1050 | التعليقات 0