فِتْنَةُ المسِيْحِ الدَّجَّال

محمد بن عبدالله التميمي
1444/10/12 - 2023/05/02 21:32PM

 

الخطبة الأولى

اَلْحَمْد لِلَّهِ.. خَلْقَ فَسِوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدى، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أَرْجُو بِهَا اَلنَّجَاة، وَالْفَوْزَ بِرِضَاه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَمَوْلَاه، وَخَلِيلُهُ وَمُصْطَفَاهُ، بَشَّرَ مَنْ اِتَّبَعَهُ وَأَنْذَرَ مِنْ خَالَفَ أَمْرَهُ وَعَصَاهُ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِه، وَمَنْ بِإِحْسَانٍ ثَبَتَ وَوَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:

فَاتُّقُوا اَللَّه وَأَعِدُّوا اَلْعُدَّةَ لِيَوْمِ لِقَاه، بِصِدْقِ اَلْإِيمَانِ بِهِ، وَحُسْنِ اَلتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَنُصُوحِ اَلتَّوْبَةِ إِلَيْهِ، وَسَلَامَةِ اَلْقَلْبِ مِنَ الشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ، وَالْغِلِّ وَالْحَسَدِ وَالْإِغْلَاقِ، وَسَلَامَةِ اَلظَّاهِرِ مِنَ الْبِدْعَةِ وَالْمَعَاصِي وَسَيِّئِ الْأَخْلَاق {وَاتَّقَوْا يَوْمًا تَرْجِعُونَ فِيهِ إِلَى اَللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسِ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يَظْلِمُونَ}.

عِبَادَ اَللَّهِ.. إِنَّ اَلْمُسْلِمَ لِرَبِّهِ مُسْتَسْلِمٌ، وَلِـخَبرِه وَخَبَرِ رَسُولِهِ ﷺ مُسَلِّم، كَمَا وَصَفَهُمْ اَللَّهُ فِي أَوَّلِ صِفَاتِهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَالَ سُبْحَانَه: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}، وَمِنْ ذَلِكَ اَلْغَيْبُ: مَا أَخْبَرَ اَللَّهُ بِهِ مِن عَلَامَاتِ اَلسَّاعَةِ اَلَّتِي تَسْبِقُهَا، مِنْ صُغْرَى سَلَفَ مُعْظَمُهَا، وَمِنْ كُبْرَى بَيْنَ يَدِي قِيَامِهَا، روى الإمامُ مسلمٌ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: «مَا تَذَاكَرُونَ؟» قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: «إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ - فَذَكَرَ - الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ». وَقَدْ رَجَّحَ جَمْعٌ مِنْ مَجْمُوعِ اَلْأَحَادِيثِ أَنَّ خُرُوجَ اَلدَّجَّالِ أَوَّلُ الْعَلَامَاتِ، فَحَدِيثُنَا هَذِهِ اَلْجُمْعَةِ عَنْ هَذِهِ اَلْعَلَامَةِ اَلْعَظِيمَةِ، وَالْفِتْنَةِ اَلْكُبْرَى، اَلَّتِي أَمَرَ اَلنَّبِيُّ ﷺ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهَا فِي عَامَّةٍ اَلْأَوْقَاتِ، وَفِي خُصُوصِ أَدْبَارِ اَلصَّلَوَاتِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعْدٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عَمْرٍو وَأَنَسٍ رضي الله عنهم، فَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: انَّ اَلنَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ قُولُوا: «اللهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ» رواه مسلم.

إنها فتنةٌ كُبْرَى قال فيها اَلنَّبِيُّ ﷺ: «مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ» رواه مسلم، و«مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَنْذَرَ قَوْمَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ، إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ» متفقٌ عليه، وصَفَهُ اَلنَّبِيُّ ﷺ فقال: «أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى» متفق عليه، وفيهما أنه ﷺ قال: «مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ» ولمسلم: «ثُمَّ تَهَجَّاهَا كَ فَ رَ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ» «كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ».

عِبَادَ الله.. إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ عِظَمِ فِتْنَةِ اَلدَّجَّالِ مَا أَخْبَرَ بِهِ اَلنَّبِيُّ ﷺ فقال: «مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ» رواه مسلم، وفي روايةٍ له أنه ﷺ قال: « لَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ، أَحَدُهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ، مَاءٌ أَبْيَضُ، وَالْآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ، نَارٌ تَأَجَّجُ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ، فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغَمِّضْ، ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ».

سألُ الصحابةُ رسولَ الله ﷺ: مَا لُبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ فَقَال: «أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ» قَالوا: يَا رَسُولَ اللهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: «لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» قَالوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: «كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ، أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ، فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ» رواه مسلم.

وأمَّا أَتْبَاعُهُ فكما قال ﷺ: «يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ، سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ» رواه مسلم، ومن أتباعه: الخوارج، قال ﷺ فيهم: «لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَخْرُجَ آخِرُهُمْ مَعَ الدَّجَّالِ» رواه الإمام أحمد، ذلك أن خروجَ الدَّجَّالِ فِي حالِ ضَعْفٍ مِنَ الدِّينِ واخْتِلَافٍ مِن أهْلِهِ كما قال النبي ﷺ: «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خَفْقَةٍ مِنَ الدِّينِ، وَإِدْبَارٍ مِنَ الْعِلْمِ» رواه أحمد.

عِبَادَ الله.. لما ذَكَرَ نبيُّ الله ﷺ خروجَ الدَّجَّالِ قال: «فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالاً، يَا عِبَادُ اَللَّهِ فَاثْبُتُوا» رواه مسلم.

فاللهم ثَبِّتْنَا، ومِن كُلِّ فِتْنَةٍ أَعِذْنَا، لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا بِكَ وأَنْتَ الحفيظُ العليم، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ فاستغفروه إنه هو الغَفُورُ الرَّحِيم.

الخطبة الثانية

الْحَمْد لِلَّهِ اَللَّطِيفِ الْخَبِيرِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَكُلِّ مَنْ تَبِعَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اَللَّه عِبَادَ اَللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اَلدَّجَّالَ كَمَا سَمِعْتُمْ مِنْ خَبَرِه أَنَّ اَلنَّاسَ عَنْهُ يَفِرُّونَ، وإنَّما الْقَلِيلُ منْهم يَثْبُتُونَ، قَالَ اَلنَّبِيُّ ﷺ: «لَيَفِرَّنَّ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ فِي الْجِبَالِ» رواه مسلم، ولا يَدَعُ اَلدَّجَّالُ بَلَدًا إلا دَخَلَه، كما في الصحيحين أنه ﷺ قال: «لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، وَلَيْسَ نَقْبٌ مِنْ أَنْقَابِهَا إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ صَافِّينَ تَحْرُسُهَا، فَيَنْزِلُ بِالسِّبِخَةِ، فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، يَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْهَا كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ».

إليكم عبادَ الله خَبَرَ مَقْتَلِ الدَّجالِ على يدِ رسولِ الله عيسى بنِ مريمَ عليه السلام قال نَبِيُّنا ﷺ: «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ» رواه مسلم.

اعتصموا عبادَ اللهَ باللهِ استعاذةً به سبحانه مِن كُلِّ فِتْنَةٍ ومن شرِّ هَذِه، واعْتَصِمُوا بِكِتَابِ الله وتَتَرَّسُوا بِهِ مِن كُلِّ فِتْنَةٍ ومِنْ هَذِه، كما قال ﷺ: «فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ»، والبُعْدُ عَنِ الفِتَنِ عُمُومًا وَهَذِهِ الفِتْنَةُ خُصُوصًا مِنْ أَسْبَابِ السَّلَامَة، و«إنَّ السَّعِيدَ لَمَن جُنِّبَ الفِتَنَ»، كما قال النبيُّ ﷺ، وقال عليه الصلاةُ والسلام: «مَن سَمِعَ بِالدَّجّالِ فَلْيَنْأ عَنْهُ، فَواللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وهُوَ يَحْسِبُ أنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ، مِمّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهاتِ» قال ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ الله: (فَمَا اُسْتُعِينَ عَلَى اَلتَّخَلُّصِ مِنَ الشَّرِّ بِـمِثْلِ الْبُعْدِ عَنْ أَسْبَابِهِ وَمَظَانَّهُ).

ثم اعْلمُوا عبادَ الله أنَّ أصْدَقَ الحَدِيثِ كِتابُ اللَّهِ، وأحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وإنَّما تُوعَدُونَ لَآتٍ وما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ، ثمَّ صَلُّوا وسَلِّمُوا على رَسُولِ اللهِ وخَلِيْلِه، كَمَا أَمَركُم رَبُّكُم جَلَّ وَعَلا وَهُو الصَّادقُ فِي قِيْلِه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

المرفقات

1683052356_خطبة عن الدجال.docx

1683052357_خطبة عن الدجال.pdf

المشاهدات 299 | التعليقات 0