{فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}

عبدالله محمد الطوالة
1442/06/23 - 2021/02/05 14:04PM

الحمدُ لله بارئ البرايا، ذي الفضل والمنِّ والعطايا، المؤمَّلِ لمغفرة الذنوبِ والخطايا، لهُ وافرُ الحمدِ وأزكى التحايا، أَوْعَدَ ووَعَد، وجعل العاقبةَ الحسنى لمن آمن به وشَهِد, فأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له، واحدٌ أحد، فردٌ صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد ..

وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسوله، خيرُ من دعا إلى الله وتعبّد، وقامَ لله وتهجّد، فصلوات اللهِ وسلامهُ عليه، وعلى آله وأصحابهِ أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً ..

أمّا بعد: فأوصيكُم أيّها النّاس ونفسِي بتقوَى الله عزّ وجلّ، فاتقوا اللهَ رحمكم الله، وداوموا قرعَ أبواب التوبة قبل انغلاقها .. واغتنِموا مهل الانفاس قبل نفادها .. أصلِحوا يا رعاكم اللهُ ماضَيكم بالنَّدم، وأصلِحوا حاضرَكم بحُسن العمل، وأصلِحوا مُستقبلَكم بصادقِ النية وعظيمِ الأمل .. {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} ..

معاشر المؤمنين الكرام: من أكبر عواملِ تقويةِ الإيمانِ ورسوخهِ في القلبِ، ومن أقوى أسبابِ تقويةِ الصلةِ بالله عزَّ وجلَّ: المداومةُ على ذكره جلَّ وعلا، ليس ذلك فحسب، بل إن الـمُداومِ على الذِّكرِ مُطمئنُ القلبِ، مُنشرحُ الصدرِ، {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، الـمُداومُ على الذِّكرِ بينَهُ وبين الشياطينِ حِصنٌ حصِينٌ .. فعَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللهَ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا، حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ. كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ الله» صحَّحهُ الألبانيُّ .. وفي رواية: “وآمركم بلا إله إلا الله فإن ذلك كمثل رجلٍ طلبهُ العدو سِراعًا، فدخل حِصنٌ حصينٌ، فهل يستطيع أن يدخُلَ عليه العدو؟” قالوا: لا، قال: “فكذلك ذِكرُ الله“ ..

والمتأمل في أحوال كثيرٍ من الناس يُوقن أن أكبرَ سببٍ لقسوة القلوبِ، وصدأ النفوسِ وتسلطِ الشياطينِ هو الغفلةُ عن ذكرِ الله تعالى: تأمَّل قولهُ جلَّ وعلا: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}، وقوله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} ..

أحبتي في اللهِ: أَذكَارُ الصَّباحِ والمساءِ هِي مجموعةٌ من الأدعية والتحصينات، يُكرِّرهَا المُسلِمُ في كلَّ صباحٍ ومساءٍ، فيحفظهُ اللهُ بها في يَومِهِ ولَيلَتِهِ مِن كلِّ أَذىً، ويصرفَ عنهُ كُلّ مَا يَكرَهُهُ من الشرور والبِلاء،  كمَا أنها تُعطِي المسلمَ قوَّةً ونشاطاً في قلبه وبدنهِ، وبركةً وانضباطاً عجيباً في تسيير أموره .. فقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية يذكرُ اللهَ تعالى من بعد الفجر إلى الضُحى ويقول: هذه غدوتي، لو لم اتغدها لسقطت قواي، ويعلق تلميذه ابن القيم على ذلك فيقول: "وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في مشيته وكلامه وإقدامه وكتابته أمراً عجيباً، فقد كان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناس في جمعة أو أكثر، وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمراً عظيماً" انتهى ..

وكلَّ من أكرمهُ اللهُ تعالى بالمحافظة على الأذكار خُصوصاً أذكارَ الصباحِ والمساءِ يرى من نفسه نشاطاً وحيويةً، ويرى في حياته وسائرِ أمورهِ بركةً وانضباطاً، ليس ذلك فحسب، بل إن الذكر من أهمِ وأكبرِ أسبابِ السلامةِ من الأمراضِ والعاهات، جاء في الحديث الصحيح: قال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ رَأى صَاحِبَ بَلاَءٍ فَقَالَ الْحَمدُ لله الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاَكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلقَ تَفْضِيلاً، إلاّ عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلاَءِ كَائِناً مَا كَانَ مَا عَاشَ" .. وجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ، قَالَ: أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ تَضُرُّكَ"، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ، يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، وتَنَحَّى عنهُ الشَّيَطان" .. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ"[رواه البخاري] .. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، أَوْ زَادَ عَلَيْهِ"[متفق عليه]. وفي رواية صحيحة: "مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ" .. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ رضي الله عنه قَالَ: "خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ، وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ، نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ لَنَا، فَأَدْرَكْنَاهُ، فَقَالَ: "أَصَلَّيْتُمْ؟" فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ: "قُلْ" فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: "قُلْ" فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: "قُلْ"  فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: "قُلْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، حِينَ تُمْسِي، وَحِينَ تُصْبِحُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ" حسنه الألباني .. وَعَنَ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ" قَالَ: "وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ"، رواه البخاري .. وَعَنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ" صححه الألباني .. وفي البخاري: قال عليه الصلاة والسلام: "إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ": (اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ)، "حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ؛ فإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ" ..

تَأمَّلتم يا عباد الله: فالصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه يقول عن تلك الاذكار: "تَكفِيكَ مِن كلِّ شَيءٍ" .. "لَمْ يَضُرَّه شيءٌ" .. "حُفِظَ يَومَهُ ذلكَ كُلَّهُ" .. وقال: "مَن قرَأ بالآيتينِ الأخيرتينِ مِن سُورةِ البَقرةِ في ليلةٍ، كَفَتَاهُ" .. فكم من الزمن يحتاج المسلم لكي يُحرز كل هذا الفضائل الهائلة .. إنها يا عباد الله دقائقُ معدودة، لكن فوائدها غيرَ محدودة، كيف والمُسلِمُ يُحفَظُ بها مِن كلِّ شَرِّ وأذى، ويكفِيهِ اللهُ تعالى كُلّ ما أهمَّهُ من الأَخطار والحَوادِثِ والآفات والهُموم والغموم، {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} ..

ثمَّ إن اذكار الصباح والمساء مُتيسرة بطرائق كثيرة، كلها شيقةٌ جذابة، سهلة التناول, عبر تطبيقات الجوال، ومقاطع اليوتيوب، وفيها منبهات تذكر الناسي، وتعين المشغول، فلينتق المسلم منها ما يناسبه، ثم ليحافظ عليها بعد صلاة الصبح وصلاة العصر .. عسى أن يُحفظَ بمحافظته عليها وأن يكون من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات الذين: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} .. بارك الله لي ولكم في القرآن ...

.

الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه ...

أما بعد فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين ...

معاشر المؤمنين الكرام: لقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم بالإكثار من ذكره فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}، وأخبرَ سبحانهُ أنَّ ذكرهُ أكبرُ من كُلِّ شيءٍ، فقال عزَّ وجلَّ: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} .. والذِّكرُ أحبُّ الأعمال إلى الله، وأرفعها في الدرجات، بل هو خيرٌ من إنفاق الذهبِ والفضةِ، وخيرٌ من الجهاد في سبيل الله .. وحين كثُرت شعائرُ الإسلامِ وتشعبت على أحد الصحابةِ أوصاهُ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا يزالُ لسانك رطْباً من ذكر الله" .. ومجالسُ الذكر تحفها الملائكة، وتغشاها الرحمة، وتتنَـزَّلُ عليها السكينة، ويذكرها اللهُ فيمن عنده .. كما أنهُ حِصنٌ حصينٌ من أذى شياطين الأنس والجن، وهو أرجى عملٍ يُنجي العبدَ من عذاب الله: في الحديث الصحيح: "مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ عَمَلاً أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ الله تَعالى مِنْ ذِكْرِ الله تعالى، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجِهَادُ إلاَّ أَنْ يَضْرِبَ بِسَيْفِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ " ..

ومع كل هذا الخيرات الهائلة، المترتبة على أداء الأذكار، ومع سُهولةِ أدائها، وكونها لا تُكلفُ جُهداً ولا مالاً .. ولا تتقيدُ بزمانٍ ولا بمكان .. إلا أنها وللأسف الشديد مُهملةٌ مُنسيةٌ عند الكثيرين، كسلاً وتهاوناً، أو غفلةً وتناسياً، أو عدم إيمانٍ بفوائدها وثمراتها العاجِلةِ والآجلة ..

ووالله يا عباد الله: ما استُجلبت النعمُ ولا استدفعِت النقم بمثل الذكر، فالله جلَّ وعلا يقول: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}، ويقول سبحانه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.. ومع أن المسلم مأمورٌ بأخذ كُلِّ الاحتياطات والإجراءات الخاصة بحفظ أمنه, وسلامةِ صحته، كالمحافظة على نظافة البدن والثياب، وتطهير الأيدي, ولبس الكِمامة, والصلاة على سجادة خاصة، والمحافظة على التباعد الجسدي، وغيرها من الأسباب التي تمنع انتقال العدوى أو تُخفف منها، إلا أنهُ يجبُ أن يترسخَ في عقيدة المسلم أنهُ لا حافِظَ إلا الله، ولا ضارَّ ولا نافِعَ إلا الله .. تأمَّل ما قاله الله تعالى على لسان نبيه يعقوب عليه السلام: {قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} .. وقوله جلَّ وعلا: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ..

ألا فاتقوا الله عبادَ الله: وحاسبوا أنفسكم، فمن وجدَ نفسهُ محافظاً على الأذكارِ، خُصوصاً أذكارَ الصباح والمساء فليعْلَمْ أنَّ هذا فَتْحٌ عظيمٌ مِنَ اللهِ جلَّ وعلا، فليحَافِظْ عليهِا, وليلْزَمْها ولا يتركها أبداً، ومن كان مُقصراً فليراجع نفسهُ، وليُصحِح مساره، وليتدارك ما فاتهُ، {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان ..

اللهم صل على محمد و ....

المشاهدات 839 | التعليقات 1

للرفع ..