غَدًا شَهْرٌ حَرَامٌ 30/6/1442هـ

خالد محمد القرعاوي
1442/06/29 - 2021/02/11 08:33AM
غَدًا شَهْرٌ حَرَامٌ 30/6/1442هـ
الحمدُ لله وَسِعَت رَحمتُهُ كُلَّ شيءٍ، أَشهَدُ ألاَّ إله إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ نَبيَّنَا مُحمداً عبدُ الله وَرَسُولُهُ, الَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وبَارِكْ عليه وعلى آلِهِ, وأَصحابِهِ وأَتبَاعهِ بِإحسَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ تَقْوَاهُ, أَيُّهَا المُؤْمِنُ: أَيُّ شَهْرٍ غَدَاً؟ نَعَمْ اَلأَوَّلُ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ. شَهْرٌ مُحَرَّمٌ ومُعظَّمٌ, تَعظُمُ فيهِ الحَسَنَاتُ والسَّيئاتُ!؟ شَهْرٌ مُحَرَّمٌ فَرْدٌ, كَانَ أَهْلُ الجَاهِليَّةِ يُعظِّمونَهُ! وَيَضَعونَ سِلاحَهم فلا يقْتَتِلونَ فيهِ, وَيَنْحَرُونَ الذَّبَائِحَ بِهِ لِأَصنَامِهم ويُسَمُّونَها العَتِيرةُ! وَهَذا سَبَبُ قَولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:(لاَ فَرَعَ، وَلاَ عَتِيرَةَ). فَالْفَرَعُ أَوَّلُ النَّتَاجِ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لَطِوَاغِيتِهِمْ, وَالْعَتِيرَةُ الذَّبيحَةُ فِي شَهرِ رَجَبٍ. ونُسِبَ لِقَبِيلَةِ مُضَرٍ لِشِدَّةِ تَعْظِيمِهَا لَهُ! وَسُبْحَانَ اللهِ: جَاءَ الإسْلامُ فَزَادَ رَجَبًا تَشرِيفَاً وتَحرِيماً, وَأَبْطَلَ فِيهِ كُلَّ مُعْتَقَدَاتِ الجَاهِلِيَّةِ, وَخَالَفَ فِيهِ هَديَهُمْ! قالَ اللهُ تَعَالَى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ).عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:(السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ). عِبَادَ اللهِ: شَهْرُ رَجَبٍ مَيدَانٌ لأَهْلِ الرَّفضِ والتَّصَوُّفِ, دَفَعَهُم جَهْلٌ مُستَحكِمٌ، وَقِيادَةُ شُيُوخٍ ضَالِّينَ، قَومٌ يَتَأَكَّلُونَ بِالبِدعَةِ، فَاخَتَرَعُوا كَذِبَةَ الاحتِفالِ بِحَادِثَةِ الإِسرَاءِ والمِعرَاجِ! وَيَتَحَرَّونَ عُمرةَ رجَبٍ وَيَسُوقُونَ أَدِلَّةً مَكذُوبَةً أَو ضَعِيفَةً! قَالَ الشَّيخُ ابنُ العُثَيمِينَ رحمهُ الله: ليسَ لِشهرِ رَجَبٍ مِيزَةٌ عن سِواهُ من الأَشهُرِ الحُرُمِ، ولا يُخَصُّ بِعُمْرَةٍ ولا بِصِيَامٍ ولا بِصَلاةٍ ولا بِقَراءَةِ قُرآنٍ؛ بل هو كَغيرِهِ من الأَشهُرِ الحُرُمِ، وَكُلُّ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ في فَضْلهِ ضَعيفَةٌ لا يُبنَى عليها حُكمٌ شَرعِيٌّ.اهـ. فيا عبادَ اللهِ: اتَّبِعُوا ولا تَبتَدِعُوا: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا). وصدَقَ رسُولُنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: «وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ». نَفَعَنَا اللهُ بِالقُرآنِ العَظِيمِ, وبِسُنَّةِ سَيِّدِ المُرسلينَ واستغفرُ اللهَ لي ولكم ولِلمُسلِمينَ فاستغفروهُ إنَّهُ هو الغفورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثَّانية: الحمدُ للهِ تَعَبَّدَنَا بِالسَّمعِ والطَّاعةِ، وَأَمَرَنَا بالسُّنةِ والجَمَاعَةِ، أَشهدُ ألاَّ إله إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُه تَرَكَ أمَّتَهُ على البَيضَاءِ لا يَزيغُ عنها إلَّا أهلُ الضَّلال والأهواء. اللهمَّ صلِّ وسلِّم وَبَارِكْ على مُحَمَّدٍ, وعلى آلهِ وأصحابهِ ومن اهتدى بهديِهِ إلى يومِ الدِّينِ, (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ). إخوةَ الإسلامِ: والمؤمنُ الصَّادِقُ يُعظِّمُ شَعَائِرَ اللهِ تَعَالى، فَغَدًا شَهْرٌ حَرَامٌ, تعظُمُ فيه الحسناتُ والسَّيئاتِ! ألم يَقُل رَبُّنا جلَّ وعلا: (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما: أَيْ فَجَعلَهنَّ حَرَاماً وعَظَّمَ حُرُمَاتِهنَّ، وَجَعَلَ الذَّنبَ فيهنَّ أَعظَمَ، والعمَلَ الصَّالحَ والأجرَ فيها أَعظَمَ. اهـ. فيا اللهُ: كَم نَظلِمُ أَنفُسَنا بِالمَعاصِي والآثامِ، ونَحنُ مَنْهِيِّونَ عن ذَلِكَ على الدَّوامِ، لقد تَلاعبَ الشَّيطَانُ بِبَعْضِنَا! فَذَكَ صَريعُ الشَّهواتِ، وَآخَرُ مَفتُونٌ بالشُّبُهَاتِ، وَثَالِثٌ غَافِلٌ عن الصَّلواتِ، وَكُلُّنا مُقَصِّرٌ وَمُذْنِبٌ, فَيامَنْ انغَمَسَ في نَظَرِ الحَرامِ, اختَفَيتَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَلمْ تَخْفَ عَنْ عينِ الذي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى! ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، قَالُوا: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ مُجَادَلَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَيْسَ وَعَدْتَنِي أَلاَّ تَظْلِمَنِي؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَإِنِّي لاَ أَقْبَلُ عَلَيَّ شَاهِدًا إِلاَّ مِنْ نَفْسِي، فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ عَلَيْكَ شَهِيدًا وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا! فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، وَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ! فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، عَنْكُنَّ كُنْتُ أُجَادِلُ. (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).فَيَا مُؤمِنُ: رَاجِع نَفسَكَ، وابكِ على خَطيئَتِكَ, فإنَّها ذِكرى تَنفعُ المؤمنينَ, جعلَنا اللهُ جميعاً مِمَّن يستَمعونَ القولَ فيَتَّبِعونَ أحسنَهُ, اللهمَّ أَيقِظْنَا من رَقَدَاتِ الغفلَةِ, وتَوفَّنا وأنتَ راضٍ عنَّا غيرَ غضبانٍ, اللهمَّ اعفُ عنَّا واغفر لنا وارحمنا, واجعلنا هداةً مُهتدينَ, اجعلنا بِكتابِكَ مُستمسكينَ وبسُنَّةِ نبيِّكَ مُهتَدينَ, واغفر لنا ولوالدينا والمسلمينَ أجمعِينَ. واكْفِنَا شَرَّ الفِتنِ والبِدعِ ما ظَهَرَ منها وما بطنْ, وَانْصُرْ دِينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّكَ وعبادِكَ المُؤمنينَ, (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ). (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) .
المشاهدات 1727 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا