عَوْدَةٌ وَعِيْدُ المَسَاجِدِ (13/ 10)

راشد بن عبد الرحمن البداح
1441/10/10 - 2020/06/02 22:20PM

الحمدُ للهِ على بلوغِ هذهِ اللحظةِ المفرحةِ، بعدَ مُضيِ إحدى عشرةَ جمعةً.

الحمدُ للهِ على نعمائهِ بعدَ لُطفِ بلائهِ، والحمدُ لكَ ربَّنا على إجابتِك لدعائِنا ببلائِنا فأجلَيتَ عنا أكثرَ الغمةِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ القويُ العزيزُ الذي خَلقَ ما لا نَراهُ، فطافَ العالَمَ يُمرِضُ ويُميتُ؛ لأنَّ اللهَ إذا أرادَ ﱡﭐ ﱠ فتَصاعَدتِ الأرقامُ برغمِ الاحترازاتِ بكلِ الأسبابِ: ﱡﭐ   ﳏﱠالرعد٤١ وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، أكثرُ الخلقِ بلاءً، وأعظمُهم صبرًا وشكرًا وارتضاءً، فصلى اللهُ وسلمَ عليه، وآلهِ وصحبهِ السائرينَ على نهجهِ اتَّساءً، أما بعدُ:

فيا (رَبَّنا مَا أَمْجَدَكَ وَأَجْوَدَكَ، وَأَرْأَفَكَ وَأَلْطَفَكَ، وَأَرْحَمَكَ وَأَعْلَمَكَ، وَأَقْدَرَكَ وَأَقْهَرَكَ، وَأَخْيَرَكَ وَأَشْكَرَكَ، وَأَحْلَمَكَ وَأَحْكَمَكَ.

رَبَّنا مَا أَجْزَلَ عَطَاءَكَ، وَأَجَلَّ ثَنَاءَكَ، ومَا أَحْسَنَ بَلَاءَكَ، وَأَسْبَغَ نَعْمَاءَكَ.

رَبَّنا مَا أَعْظَمَ عَرْشَكَ، وَأَشَدَّ بَطْشَكَ. وَمَا أَعْظَمَ مِنَّتَك، وَمَا أَعْرَضَ جَنَّتَكَ.

رَبَّنا وَمَا أَسْرَعَ فَرَجَكَ، ومَا أَقْرَبَ فَتْحَكَ، وَأَحْسَنَ مَدْحَكَ، رَبَّنا مَا أَوْسَعَ رِزْقَكَ، مَا أَوْفَى عَهْدَكَ، وَأَنْجَزَ وَعْدَكَ)([1]).

ﱡﭐ ﱿ   ﲆ ﱠ فاطر: ٣٤

ألا إن ليلةَ الأحدِ الماضي كليلةِ عُرسٍ لأحدِنا، وقد فَرِحنا بعيدَينِ، بعيدِ الفطرِ ثم بعدَ ثلاثٍ بعيدٍ آخرَ: ﱡﭐ ﱠالضحى: ١١

وشعورُ الغائب المُشـ



ـتاقِ دَهْرًا وهوَ عائدْ

كالإيَابِ الفَخْم هذا

 

نحنُ أُبْـنا للمَساجدْ

دخلُوا مساجدَهم و:ﱡﭐ ﱿﲀﱠالأعراف:٤٦ دَخلُوها ﱡ  ﱠآل عمران١٧٠ وما أشبهَهُم بالداخلينَ للجنةِ الذينَ:ﱡ   ﱠ الزمر: ٧٣

أتلومُهمْ في شوقِهمْ، أتلومُهمْ أنْ جَرى الدمعُ على خدودِهمْ حينَ دَخلوا المساجدَ، بعدَ أنْ أُغلِقتْ ثلاثَمائةٍ وإحدى وسبعينَ صلاةً صَلَوها بالبيوتِ، وفي كلٍ خيرٌ.

فيا مَنْ فرِحَ بفتحِ المساجدِ أكثرَ منْ فرحِه بفتحِ أسبابِ المعايشِ: أبشِر ببشارةِ اللهِ لرجالٍ أحَبُّوا بيوتَ اللهِ؛ لأنهمْ: ﱡﭐ ﱠالنور٣٧ والجائزةُ أن يَجزيَهمُ ﱡﭐ ﱝﱠالنور٣٨

فلنَفرَحْ بجميلِ صُنعِ اللهِ لنا بأزْمَتِنا، أصابتْنا المصيبةُ فرحِمَنا، وابتلانا فلطَفَ بنا وتفضلَ علينا ﱡﭐ   ﱠيونس٥٨

كنا نحمدُ اللهَ صبرًا، والآنَ نحمدُه شُكرًا، واللهِ ما ندريْ يا ربَّنا بأيِ شيءٍ نحمدُك، ولكنْ ثَمَّتَ ثلاثُ نعمٍ حاضرةٍ ظاهرةٍ: نحمدُك أنْ كنا تحتَ قيادةٍ رحيمةٍ كريمةٍ حازمةٍ، ونحمدكَ أنْ عُدْنا لمساجدِنا، ولكثيرٍ من معايِشِنا، ونحمدُ اللهَ أن سلِمْنا فعِشْنا أصحَّاءَ، وحَيِيِنا فتزوَّدْنا منَ الصالحاتِ: ﱡﭐ ﱠآل عمران ١٧٤ﱡ ﱠالأنفال١٧

مرَّ شهرانِ ونصفٌ والناسُ قدْ ﱡ     ﱠالتوبة١١٨ ﱡ   ﱠالأحزاب ١١

وإنْ يَسلبهُم الفيروسُ صِحتَهم: ﱡ   ﱠ الحج: ٧٣ وقدِ انقلبتْ حربًا ضَروسًا، كان المُنتصرُ لأشهُرٍ فَيروسًا، ثمَّ كَفى ﱡﭐ   ﱺﱠالأحزاب٢٥

مِنْ أينَ أتى وباءُ كورونا؟ مِنَ الصينِ؟! لا، بلْ: ﱡ ﱠ هود٣٣

ومَنِ الذي رَفَعه؟!إنما رَفَعه الذي: ﱡﭐ   ﱠالنمل٦٢     ﱡﭐ ﲿ   ﱠالأنعام١٧ أما الطِبُ؛ فسببٌ نفعَ اللهُ ببعضِه، وأما تعاوُنُ المجتمعِ فمشكورٌ، وأما حَزمُ القطاعاتِ الأمنيةِ فظاهرٌ، وبِهِ نُفاخِر.

فإياكَ بعدَ الحجْرِ والحظْرِ أنْ تَفرَحَ فرَحَ فخرٍ وبطَرٍ، أو تَعودَ بلا حَذَرٍ، فتَجلِبَ الضررَ، فتكونَ كمَنْ ذمَّه اللهُ، فقال:  ﱡ   ﲧﱠ هود١٠

ﱡﭐ  ﱠ النساء١٩  فلئنْ كانَ في رمضانَ العامَ تَرْوَحَ بالمساجدِ خمسُ مئةِ إمامٍ، فلقد تَرْوَحَ بالبيوتِ خمسةُ آلافٍ.

ولئنْ ضجَّ وضجِر العالَمُ بأرواحٍ خُواءٍ، فلقد تَفيأَ المسلمونَ أجواءً روحانيةً رمضانيةً، حتى لكأنَ الشهرَ أسبوعٌ:  ﱡﭐ ﱠ التوبة١٢٤

وكنا منذُ سنوات ٍنقولُ: اللهم سدِدْ جنودَنا في حدودِنا، والآن نُضيفُ في دعائِنا: اللهم سدِدْ جنودَ الصحةِ ووزيرَها المتفانيَ، واحفظهُمْ، واجزِهمْ معَ جنودِ الحدودِ، وجنودِ المدنِ والمداخلِ، ووزارةِ الداخليةِ والتعليمِ خيرًا كثيرًا، وأما المُنفِقونَ والمتطوِّعونَ في الإيواءِ والحَجْرِ والتفطيرِ والتطوعِ، فبارَكَ اللهُ في أعمارِهم وأعمالِهم، وأموالِهم. اللهم واجْزِ جنودًا آخرينَ لا نَعلمُهم، اللهُ يعلمُهم.

أما خادمُ الحرمينِ ووليُ عهدِهِ؛ فاللهم اجزِهِما خيرَ ما تَجزيْ رعيةً عنْ راعِيهم، اللهم سدِدهمْ على وَقفتِهمُ الحانيةِ، وهَبَّتِهمُ غيرِ المُتوَانيةِ، وحاتَميَتِهمُ المُتفانيةِ، بينَما دُولٌ في عيونِنا تناهَتْ، لكنها تاهَتْ وتهاوَتْ. فاللهم زِدْنا أمنًا، وإيمانًا، ومنَ الوباءِ إحصانًا.

والحمدُ للهِ على أنْ دفعْتَ الضُرَ، وكففْتَ الشرَ.  ربَنا أتمَّ علينا تمامَ زوالِه.

ﱠ وما نقصَ مِنَ الأموالِ والأنفسِ والثمراتِ فعسى ﱠالقلم٢٩ و2 ٣

اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ: ﱡﭐ ﱠغافر:٦٠  وَإِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَإِنِّا نسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنا لِلإِسْلاَمِ، أَلاَ تَنْزِعَهُ مِنّا حَتَّى تَتَوَفَّانا وَنحن مُسْلِمون([2]).

 

([1]) باختصار وتصرف من : العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني (ت.369هـ) (1/ 396)

([2]) من دعاء عبد الله بن عمر t وهو على الصفا. رواه مالك في الموطأ بالسلسلة الذهبية (1/ 372).

المرفقات

خطبة-عودة-وعيد-المساجد

خطبة-عودة-وعيد-المساجد

خطبة-عودة-وعيد-المساجد-2

خطبة-عودة-وعيد-المساجد-2

المشاهدات 1998 | التعليقات 2

بعض الكتابات غير واضحه ياشيخ

جزاك الله خير


لأن الآيات كُتِبت بالرسم العثماني
وقد لا يتعرف عليها ملتقى الخطباء