عن شهر المحرم وعاشوراء (مختصرة)

أبو ناصر فرج الدوسري
1436/12/30 - 2015/10/13 09:59AM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي
له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
أما بعد : فأوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى وبالإخلاص في العمل وبمتابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفته أو أبتداع مالم يرد عليه دليل .
يقول الله تعالى: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه غيري تركته وشركه).
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).
وإن الناظر في حال بعض المسلمين يجدهم يقعون في أعمال مخالفة للشرع يظنونها صالحة!
وحسن النية لا يكفي في صلاح العمل.

ومن هذه الأعمال المخالفة للشرع
ما يكون في نهاية كل عام أو بداية عام جديد من أشياء يتقصد الناس عملها في هذا الوقت ويتقربون لله بها

ومنها الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية:
فالمسلم الذي يحب رسول الله حقاً عليه أن يتبع النبي صلى الله عليه وسلم إن كان صادقا في محبته
قال تعالى:
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .
فنبينا صلى الله عليه وسلم لم يكن يحتفل بهذه الذكرى وكذلك أصحابه رضي الله عنهم الذين هم أشد منا حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحتفلوا بها ,
ثم ليعلم أن الهجرة لم تكن في أول المحرم كما يظنه بعض الناس,
بل كانت في ربيع الاول فإن الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه اتفقوا على أن يكون مبدأ التاريخ من السنة التي هاجر فيها النبي صلى الله عليه وسلم
ثم إن الصحابة بعد ذلك اتفقوا على أن يبدأ التاريخ بشهر محرم لأنه شهر حرام ويأتي بعد شهر ذو الحجة الذي فيه أداء الناس حجهم والذي به تمام أركان الإسلام لأن الحج آخر ما فرض من الأركان الخمسة.

ومن الأعمال المخالفة للشرع
اتخاذ عاشوراء مأتماً كما تفعله الرافضة لأن الحسين بن علي رضي الله عنهما قتل في العاشر من المحرم.
وهذا من البدع المحدثة في الدين و لم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتما فكيف بمن دونهم.

ومن البدع في عاشوراء:
ما يظهره بعض الناس من مظاهر حزن او فرح في يوم عاشوراء
ولم يسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا خلفاؤه الراشدون في يوم عاشوراء شيئاً من شعائر الحزن والفرح.
ومن المسائل التي تخص شهر محرم
أن شهر المحرم أحد الأشهر الأربعة الحرم
وهي ذو القعدة وذو الحجة
والمحرم ورجب ، فالطاعة فيها أعظم ثواباً والمعصية أعظم إثماً.
أنه هو الشهر الوحيد الذي خُص في الشرع بالإضافة إلى الله فقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم شهر الله المحرم مما يدل على شرفه وفضله.

ومما جاء في فضل شهر المحرم قول رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
« أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ ».
وقد دل الحديث على أنه يسن صيامه كله ومن لم يستطع فليكثر فيه من الصوم فإن أجر الصيام فيه مضاعف.

وآكد أيامه صوماً هو يوم عاشوراء الذي يكفر صيامه سنة كاملة.
وكان الصحابة رضي الله عنهم يصومون أكثر أيام العام لعلمهم بعظيم أجر الصوم.

و صيام عاشوراء على مراتب:
أولها : صيام العاشر مع التاسع وهو الذي جاءت به السنة.
ثانيها : صيام العاشر مع الحادي عشر.
ثالثها : صيام العاشر وحده.
ومن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه
فعلى المسلم أن يحفظ صيامه مما حرم الله حتى يكون صيامه ذلك سببًا لتكفير سنة ماضية.

و من كان عليه قضاء من رمضان فليبادر به قبل عاشوراء فإن لم يفعل فليصم عاشوراء ثم ليقض في أيام أخر
ولا يصم عاشوراء بنية القضاء ونية أن يكون له أجر عاشوراء لأن القضاء وعاشوراء عبادتان مقصودتان لذاتهما فلا تتداخلان.

ومن أراد صيام عاشوراء فليبيت نية الصيام من الليل أما من لم ينوه إلا نهاراَ ـ وهو لم يفطر قبل ـ فلا يكتب له الأجر الوارد في الحديث لكن صيامه صحيح.

وإذا وافق عاشوراء يوم السبت فيسن صيامه كذلك والحديث الوارد في النهي عن صيامه في غير الفريضة ضعيف.

وإذا وافق عاشوراء يوم الجمعة جاز صومه مفرداً لأنه لم يتقصد إفراده بصوم.



الخطبة الثانية


الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة, لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكورا, وأشهد أن لا إله إلا الله, مقلب الليل والنهار تبصرة وذكرى, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم واقتفى.
أما بعد:
فإن شهر الله المحرم هو شهر معظم في الجاهلية والإسلام وهو أحد الأشهر الحرام الأربعة ، وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم
وسميت حرما لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها,
وقد جاءت الإشارة إليهن في قوله تعالى:

( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )

وجاء تسمية هذه الأشهر في قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : "
إن الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ
وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ " .

والطاعة في هذه الأشهر الحرم أعظم أجراً ، والسيئة أشد إثماً.
قال ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا)

قال تعالى: { فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ }
يعني: في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنه آكد وأبلغ في الإثم من غيرها،
كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف،
لقوله تعالى:{ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }
وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام...
وقال قتادة: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا، من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيما، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء.

عباد الله
إننا في هذا الوقت والله إننا بأشد الحاجة للدعاء لأنفسنا بالصلاح
والهداية والدعاء والدعاء بالنصر والتمكين للإسلام والمسلمين.
وأجتهدوا بالدعاء لإخوانكم في فلسطين فهم يذبحون بدم بارد والعالم يتفرج عليهم ومنشغل عنهم ومنشغل عنهم.
اللهم أربط على قلوب أهلنا في فلسطين ووحد صفوفهم وثبت أقدامهم وانصرهم على اليهود وأعوانهم.
واجتهدوا بالدعاء لإخوانكم في سوريا واليمن والعراق أدعوا الله أن يوحد صفوفهم وكلمتهم وأن ينصرهم فإنهم في كرب عظيم
نسأل الله ان يوحد صفوفهم وأن يربط على قلوبهم وأن ينصرهم على عدوهم
اللهم أنصر إخواننا في كل مكان اللهم أنصرهم وثبت أقدامهم وأربط على
قلوبهم وعليك اللهم بعدوك وعدوهم ياقوي ياعزيز
اللهم من أرادهم بسوء فأشغله بنفسه وأجعل تدبيره تدميراً عليه.
وأكثروا من الدعاء أن يتم علينا الأمن والأمان وأن يوفق ولي أمرنا لما
فيه خير للإسلام والمسلمين وأن يديم علينا الخير والسلام.
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن , اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك
اللهم ارزقنا العمل بالصالحات وتقبل منا يا جواد يا كريم .
اللهم اختم بالصالحات اعمالنا وبالسعادة
آجالنا وبلغنا مما يرضيك آمالنا
اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا
واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ..
واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا
اللهم أغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين يارب العالمين
اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا، وأصلح نياتنا وذرياتنا وأزواجنا،
واغفر اللهم لنا ولوالدينا..

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار




سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب
العالمين.
المشاهدات 2333 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا