[عن تأخر نزول المطر ] -خطبة مختصرة-

أبو عبد الله 2
1436/01/21 - 2014/11/14 06:22AM
بسم الله الرحمن الرحيم

"خطبة عن تأخر نزول المطر "
مقتسبة من خطبة للشيخ صالح الفوزان
والشيخ محمد آل عبد الكريم -حفظهما الله-


الحمد لله الغني الحميد، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه رحمة للعالمين، وحجة على الخلائق أجمعين فبلغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً.أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله تعالى وأطيعوه )يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ(
معاشر المؤمنين: إن كل نقص يصيب الناس في العلوم والأعمال ، والقلوب والأبدان والأحوال والممتلكات ، سببه الذنوب والمعاصي قال تعالى ( وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ) وقال تعالى ( ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
وما تُبتلى به الديار من قلة الغيث وغور الآبار، وما يصيب المواشي والزورع من نقص وأضرار، ليس ذلك ـ من نقص في جود الباري جل شأنه وكرمه، وعظم فضله، كلا ثم كلا، فخزائنه ملأى ، ولكن سبب ذلك كله كما قال سبحانه (فبما كسبت أيديكم)
عباد الله: وكثيراً ما يمتن الله تعالى على عباده بنعمة إنزال الماء من السماء ، (أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجًا فلولا تشكرون) ، (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابًا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفًا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون
ولا يعرف حقيقة الاستبشار إلا من تعلق قلبه بالأمطار, كما هي حال العرب التي وصفهها الله تعالى .
قال سبحانه: (وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين ، فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها) انظر إلى آثار رحمة الله في النفوس القانطة، وفي الأرض الهامدة الخاشعة ، (إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير
عباد الله: ولنا أن نتساءل: ما سبب تأخر نزول الأمطار؟ ما سبب القحطِ وجدبِ الأرض؟
أخرج ابن ماجه والبيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين ، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن ، لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ، ولم يَنْقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم ، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم( .
وقد جاء في هذا الحديث أمران بهما يمنع القطر من السماء, و يحصل الجدب والقحط في الأرض .
الأمر الاول: إنقاص المكيال والميزان. وهو التطفيف, فإن كان الأمر له استوفى حقه بالكامل, وإن كان الأمر لغيره بخسه حقه .
كمن يغش الناس في معاملاتهم تجد البائع يَغُش المشتري ، فيجعل الرديء من السلعة في الأسفل, ويجعل الحسن في الأعلى، والله المستعان.
أما السبب الثاني لتأخر نزول الغيث من السماء فهو عدم اخراج الزكاة الواجبة
فقد ابتلي كثير من الناس اليوم بتضخم الأموال في أيديهم وصاروا يتساهلون في أخراج الزكاة إما بخلاً بها إذا نظروا إلى كثرتها، وإما تكاسلاً عن إحصائها وصرفها في مصارفه
عباد الله: إن الله أرشدنا عند احتباس المطر إلى أن نستغفره من ذنوبنا التي بسببها حبس المطر؛ قال تعالى حكاية عن هود عليه السلام):وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ).
فالإكثار من الاستغفار والتوبة سبب لنزول المطر، وقال تعالى ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع وأدَرّ لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وتخللها الأنهار الجارية.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمَينَ , الحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيهِ , أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وُرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .
عباد الله: قد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته الاستسقاء عند احتباس المطر وذلك بالصلاة والدعاء والتضرع إلى الله تعالى، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استسقى على وجوه: منها أنه استسقى يوم الجمعة على المنبر في أثناء خطبته. ومنها أنه وعد الناس يوماً يخرجون فيه إلى المصلى، فصلى بالناس ركعتين وخطب ودعاء، مما يدل على أنه مطلوب من المسلمين جميعاً عند امتناع المطر أن يحاسبوا أنفسهم ويتوبوا إلى ربهم، لأن ذلك بسبب ذنوبهم، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة، وقال تعالى)وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)
وإنه ستقام صلاة الإستسقاء صباح يوم الإثنين القادم بمشيئة الله تعالى فنحث الجميع على أدائها طلبا لرحمة الله تعالى وتطبيقا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا وصلُّوا وسلِّموا - رعاكم الله - على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾
اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارك على سيدنا ونبينا محمد
وارضَ اللَّهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنَّا معهم بمنـِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم كن لهم ناصراً ومعِينا وحافظاً ومؤيدا
اللهم آمنا في أوطانِنا، وأدمْ نعمةَ الأمنِ والاستقرارِ في بلادِنا.وبلاد المسلمين
اللهم من أرادَنا وبلادَنا والمسلمينَ بسوءٍ فأشغلُه في نفسِه، واجعلْ كيدَه في نحرِه، واجعلْ تدبيرَه تدميرَه. اللهم وفق إمامَنا لما تحبُ وترضى وخذْ بناصيته للبرِ والتقوى، وفقه لهداك، واجعل عملَه في رضاك، وهيئ له البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ التي تدلُه على الخيرِ وتعينُه عليه،يا ذا الجلالِ والإكرام.
ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
عباد الله: اذكروا الله العظيم يذكركم ...

المشاهدات 21036 | التعليقات 0