عندما تنتزع الرحمة من القلوب
عمر بن عبد الله بن مشاري المشاري
1438/03/26 - 2016/12/25 06:00AM
عندما تُنتزعُ الرحمة من القلوب[1]
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله حقَّ التقوى, وأطيعوا أوامر ربكم تفلحوا, وانتهوا عما نهاكم عنه تسعدوا, وتوبوا من ذنوبكم يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم, واعلموا أنَّ اللهَ رؤوف رحيم قال تعالى: ([FONT="]إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)[/FONT] ومن رحمة الله بالناس أن بعث إليهم الأنبياء والرسل؛ قال تعالى: ([FONT="]وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ[/FONT]) وكذلك فإنَّ القرآن الكريم رحمة لعباد الله المؤمنين قال تعالى: ([FONT="]وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)[/FONT] وقال صلى الله عليه وسلم: [FONT="](الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء).[/FONT]
عباد الله: إنَّ الرحمة إذا انتزعت من القلوب, فإنَّ الظلم والعدوان, والإثم والبغي, يحلُّ بين الناس, والجشع والطمع, وحبَّ الذات, واستعباد الناس, يضرب بأطنابه بينهم؛ لحلول القسوة مكان الرحمة, فتكون القلوب أشدُّ قسوة من الحجارة الصماء وأظلم سواداً منها.
إنَّ مظاهر القسوة والظلم التي تتزعمها قوى الظلم والطغيان من الأعداء الصليبيين والصهاينة والروس والصفويين بدا واضحاً جلياً في ظلِّ الأحداث الراهنة, يراها الناس صباح مساء, ويسمعون أنين البؤساء, فكم ترمَّلت من نساء, وكم انتهكت من أعراض, وقُتِّلَ أطفالٌ وشُرِّدوا, وأعدِمَ كهولٌ, وأهملوا, وحوصر عُزَّلٌ حتى ماتوا جوعاً, وأمطر الأعداء براميل متفجِّرةٌ على الأبرياء, وألصق الأعداء التهم بغيرهم؛ ليجعلوها مدخلاً يعتذرون به للحرب على الإسلام وأهله, وهم مع ذلك يتبجحون بالمطالبة بحقوق المرأة في العالم الإسلامي, وهم من يقتل المرأة في سوريا وفي العراق وفي اليمن وفي فلسطين, ويتبجحون بالمطالبة بحقوق الأطفال, وهم من يقتل الأطفال في تلك الدول, ويتبجحون بحفظ حقوق الإنسان, وهم من دنَّس كرامة الإنسان, وسلبَ حقوقه, فتشرَّد بسببهم ملايين من المسلمين من أوطانهم, وطالبوا بالديمقراطية الكافرة؛ ليحصلوا على مآربهم الدنئية, بسهولة ويسر, إلا أنَّهم إذا رأوا أمر الديمقراطية في غير صالحهم, قلبوا لها ظهر المجنِّ, وزادوها إفساداً بتدخلاتهم ومكرهم, وقلبهم للحقائق.
أيها المسلمون: إن حضارة الغرب حضارةٌ بُنيتْ على ظلم العباد, فطغت وتجبَّرت, وعتتْ واستكبرت, مما هي بوادر لزوالها؛ لتحلَّ محلَّها بعظمة الله وقوته حضارةٌ إسلاميةٌ, تملأُ الأرضَ عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
فالله جلَّ وعلا عظيمٌ في قدرته, عظيمٌ في قوته, وهو وحده الذي يستطيع إزالة ما في أيدي الأعداء من قوةٍ في لحظةٍ أقلَّ من لمح البصر, وخطفِ البرق.
أيها المسلمون: إنَّ التمسكَ بالدين, وإطفاءَ الحروب والأخذ على أيدي مشعليها, واعتصامُ المسلمين بحبل الله وعدم التفرُّق, واجتماعهم صفَّاً واحداً ضدَّ أعدائهم, هو أحوجُ ما تكون إليه الأمة في هذا الوقت الحَرِجِ فإنَّه لا نصر إلا مع الاجتماع على هدي الكتاب والسنة.
عباد الله: عليكم أنْ تستشعروا عِظَمِ الأمر, وخطورته, وأنَّ ما يحدث في العالم الإسلامي, يستوجب علينا توثيق الصلة بالله أكثر مما نحن عليه, وعلينا أن نُكثرَ من الاستغفار والإنابةَ والطاعات, ونتوبَ من الذنوب والسيئات, وعلينا أن نشكرَ ربنا على نعمه المتوالية, ونمدَّ يد المساعدة والعون والإغاثة إلى إخواننا المظلومين, المشردين, خصوصاً في هذا الفصل الشَتَويِّ, فمن يسكن المخيمات منهم تحيط بهم الثلوج, ويحاصرهم الصقيع, واعلموا أنَّ الفقير عندكم ثريٌّ بالنسبة إليهم, فكلٌّ يتبرع لهم بما تجود به نفسه, من تبرعات عينية ونقدية, عبر الجهات الرسمية في بلادنا.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد, يعز فيه أهل طاعتك, ويهدى فيه أهل معصيتك.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول قولي هذا وأستغفر الله...
[1] خطبة تم إعدادها ضحى الخميس 20/3/1437هـ, عمر المشاري. وألقيتها في جامع بلدة الداخلة في سدير يوم الجمعة 21/3/1437هـ.
المرفقات
خطبة عندما تُنتزعُ الرحمة من القلوب.docx
خطبة عندما تُنتزعُ الرحمة من القلوب.docx