عمود الدين 19 / 2 / 1446ه

خالد الكناني
1446/02/19 - 2024/08/23 09:59AM

عمود الدين 19 / 2 / 1446هـ

الحمد لله ربّ العالمين نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عبده ورسوله ،  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.، أما بعدُ : أيها المسلمون : اتّقوا الله تعالى حق التقوى واستجيبوا لربكم تبارك وعلا ، قال تعالى : {  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  } ، فقد أنعم علينا تبارك وتعالى بنعمة الإسلام ، قال تعالى : {  بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } ، ومن ركائز واعمدة الإسلام بعد الشهادتين إقامة الصلاة والمحافظة عليها وأدائها في وقتها ، قال تعالى : {  فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } ،  كِتَابًا مَوْقُوتًا أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به .

وقال صلى الله عليه وسلم : رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ ))

أيها المسلمون : الصلاة ركن من أركان الاسلام وليس هناك خيار للمسلم أن يتهاون بها أو يتركها ، فهي من الفرائض الفاصلة وتاركها والمتهاون بها على خطر عظيم ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ))

وقال تعالى : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا }

{إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ} أي أن من صفاتهم أنهم إن قاموا إلى الصلاة - التي هي أكبر الطاعات العملية {قَامُوا كُسَالَى} متثاقلين لها متبرمين من فعلها، والكسل لا يكون إلا من فقد الرغبة من قلوبهم، فلولا أن قلوبهم فارغة من الرغبة إلى الله وإلى ماعنده، عادمة للإيمان، لم يصدر منهم الكسل .

أيها المسلمون : هذه الصلوات المباركات أمرنا الله تعالى بالحافظة عليها ، قال تعالى : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } ، .

يأمر الله تبارك وتعالى  بالمحافظة على الصلوات عمومًا وعلى الصلاة الوسطى، وهي العصر خصوصًا، والمحافظة عليها أداؤها بوقتها وشروطها وأركانها وخشوعها وجميع ما لها من واجب ومستحب، وبالمحافظة على الصلوات تحصل المحافظة على سائر العبادات .

أيها المسلمون : الصلوات نفحات وبركات ومكفرات للذنوب وترفع الدرجات ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّلَاةُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ»

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ: ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ " قَالُوا: لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا، قَالَ: «فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا» ، والله تعالى يقول : { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } ، فإنها تذهب السيئات وتمحوها، والمراد بذلك: الصغائر ، وقال تعالى : {  وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره (( ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل أو تعدم رغبته في الشر، فبالضرورة، مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه، تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذا من أعظم مقاصدها وثمراتها. .... ))

أيها المسلمون : هذه الصلوات المباركات جعلها الله قرة العيون ومفزعا للمحزون والمهموم ، فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلَاةِ )) ، وعن أنس رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( ..... وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ ))

الصلاة أيها المسلمون هي سرالفلاح ، ومن أهم ركائز النجاح ، أهلها المحافظون عليها يرفلون في سعادة وبركات في الدنيا والآخرة ، والمضيعون لها يعيشون في شقاء وهلكة في الدنيا والآخرة ، فهي أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة فإن صلحت فقد أفلح صاحبها وأنجح وإن فسدت فقد خاب مضيعها وخسر .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ: ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا؟ كَانَتْ لَهُ نُورًا، وَبُرْهَانًا، وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ، وَلَا بُرْهَانٌ، وَلَا نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ، وَفِرْعَوْنَ، وَهَامَانَ، وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ» مسند أحمد مخرجا (11/ 141)

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم

 

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد ألا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلَّم تسليما كثيرا ، أما بعد ،

أيها المسلمون : اتقوا الله تعالى وحافظوا على الصلوات ولا تتهاونوا بها أبدا ، واعلموا أن تفويت الصلوات من أعظم المصائب ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ، كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ»

، ومعنى وتر أهله وماله  أي : سلب أهله وماله وبقي بدون أهل ومال ، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» فهل نستشعر مثل هذا إذا فاتتنا صلاة العصر ، وكيف بمن يضيع الصلوات ؟

أيها المسلمون : حافظوا على الصلوات مع جماعة المسلمين ، واتقنوا إقامة الصلاة واداءها كما أمر بذلك صلى الله عليه وسلم ، فقال (( صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي )) ، وأمروا أهلكم بالصلاة وشجعوهم عليها ، قال تعالى : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا }

هذا وصلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، قال تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

 

المرفقات

1724396350_عمود الدين 19.pdf

المشاهدات 371 | التعليقات 0