عمر فاروق.. والفيلم الهندي(طائرة ديترويت) / جمال سلطان

أبو عبد الرحمن
1431/01/18 - 2010/01/04 05:48AM
عمر فاروق.. والفيلم الهندي (طائرة ديترويت)
جمال سلطان


التاريخ: 16/1/1431 الموافق 02-01-2010





المختصر / تابعت باستمتاع فيلم الطائرة الأمريكية التي قيل أن المواطن النيجيري الشاب عمر فاروق كان يريد أن يفجرها في الجو قبل هبوطها في ديترويت ، في عمل إرهابي خطير ،
غمرني إحساس منذ البداية أني أتابع حلقات مسلسل "أكشن" أمريكي ، وإن كان رديئ الإخراج إلى حد كبير ، وفي مثل هذه الحالات درجنا على وصف العمل بأنه "فيلم هندي" ، للبساطة الشديدة التي تصل إلى حد السذاجة أحيانا في سيناريوهات الأفلام الهندية ، يقولون أن الشاب النيجيري كان مدرجا على قوائم الإرهاب منذ عامين ، ومع ذلك كان "يتفسح" في الطائرات الأوربية والأمريكية طوال العامين بأمان كامل وثقة في أنه محمي ، جميل ، وقالوا أنه كان يحمل في ثيابه مواد متفجرة من تلك النوعية التي كان يحملها الشاب البريطاني في حذائه قبل القبض عليه في الواقعة الشهيرة ، ومع ذلك فأجهزة الكشف عن المواد المتفجرة عجزت عن اكتشاف هذه المواد الخطيرة ، ماشي ،
ثم اتضح أن والد الشاب وهو وزير نيجيري سابق اتصل بالسفارة الأمريكية وحذرهم من ابنه ومن سفره الأخير وأنه يشتبه في كونه يتبع تنظيمات متطرفة ، ومع ذلك لم تهتم السفارة الأمريكية باتصال خطير جدا من "وزير سابق" وتركوا ابنه يأخذ الطائرة والمتفجرات ويكمل رحلته على خير ، المخرج عايز كده!! ،
في البداية كانت الأخبار تتحدث عن راكب نيجيري أصيب بمغص في الطائرة وعلا صوته فأثار الارتباك والخوف قبل أن يتم القبض عليه ، ثم قيل أنه تأخر كثيرا في حمام الطائرة ولما خرج لاحظ الركاب أن هناك "شياط" يخرج من ثيابه فأخبروا الأمن الذي أمسك به ، ثم تحول "الشياط" إلى حادث إرهابي خطير ،
ولا أدري لماذا انتظر هذا الشاب طوال أكثر من ثماني ساعات تستغرقها الرحلة بين أمستردام وديترويت لكي يفكر في تفجير الطائرة قبل الهبوط بربع ساعة ، هل كان يستدفئ بالمتفجرات أم أنه راحت عليه نومة قبل أن يستيقظ عند الهبوط ،
بطبيعة الحال واجه العالم سيلا من تقارير تتداولها الصحف والقنوات الأمريكية على مدار أربع وعشرين ساعة ومتابعات جبارة وحوارات وتحليلات ومقابلات في العواصم الكبرى وتتبع لخط سير الإرهابي الخطير ، ثم تصريحات عملاقة من الرئيس الأمريكي : على الأمة الأمريكية أن تكون يقظة ، ثم خلافات وشتائم متبادلة بين سياسيين وإعلاميين أمريكيين ، دون أن يتمكن أحد في أمريكا أو في خارجها أن يعرف شيئا دقيقا عن القصة الأصلية ، حكاية "الشياط" في ثياب الولد النيجيري ،
وحتى تكتمل التوابل الهندية ، كان لا بد من أن يتبنى العملية الخطيرة للغاية تنظيم القاعدة ، لم يتمكنوا من الحصول على شريط عبر الجزيرة لزعيم التنظيم أسامة بن لادن يعلن فيه مسؤوليته وفخره بالعملية فاكتفوا ببيان منسوب إلى القاعدة ، وطبعا القاعدة لم تكذب خبرا ، وهل يرفض تنظيم دولي مثل هذا هدية أمريكية تنسب إليه الفضل في اختراق أعقد نظم التأمين والحماية في العالم ، وكأنه التنظيم السوبر مان ،
بصراحة ، أنا على يقين شعوري بأن الحكاية كلها "فيلم هندي" ، وهذا السيناريو الخرافي يصعب تصديقه ، حتى لو كان قد حدث بين تشاد وجزر القمر وليس بين هولندا والولايات المتحدة ،
هناك في أمريكا من يريد أخذ الشعب الأمريكي رهينة الخوف ، ويأخذ العالم كله معه رهينة للخوف ، لإخضاعه لممارسات تستبيح القانون وتستبيح الأخلاق وتستبيح الإنسانية ، باسم مقاومة الإرهاب ، بينما الذي ينشر الإرهاب في العالم كله من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه هي الممارسات الأمريكية التي لا تعبأ بآدمية البشر ،
وأتصور أن محاولة إخراج فيلم جديد عن الإرهاب بمثل هذه السذاجة والسيناريوهات "الخايبة" يعني أن هناك انحدارا في مستويات عمل الأجهزة الأمنية الأمريكية ومؤسسات "التضليل الإعلامي" ، يتوازى مع إفلاس السياسة الأمريكية داخليا وخارجيا على حد سواء .



المصدر: المصريون

المشاهدات 2090 | التعليقات 0