عَلَيكُم بِالسُّنَنِ وَاحذَرُوا البِدَعَ

محمد البدر
1437/03/07 - 2015/12/18 02:21AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ: عباد الله : قال تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا } .
عباد الله :اعتاد بعض المسلمين من بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية على الاحتفال بولادة النبي صلى الله عليه وسلم فما هو موقفنا الشرعي من هذه الاحتفالات قديمها وحديثها فنحن معشر أهل السنة لا نحتفل احتفال الناس هؤلاء بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم فالذين يحتفلون يستسلمون لعواطفهم التي لا تعرف قيداً شرعياً مطلقا وإنما هي عواطف جانحة فنحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بالدين كاملا وافيا تاما ، أما ما أحدثه الناس بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ونحن وإياهم مجمعون على أن هذا الاحتفال أمر حادث لم يكن ليس فقط في عهده صلى الله عليه وسلم بل ولا في عهد القرون الثلاثة كما ذكرنا آنفا ومن البديهي أن النبي صلى الله عليه وسلم في حياته لم يكن ليحتفل بولادته ذلك لأن الاحتفال بولادة إنسان ما إنما هي طريقة نصرانية لا يعرفه الإسلام مطلقا في القرون المفضلة فمن باب أولى ألا يعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن عيسى نفسه الذي يحتفل بميلاده المدعون إتباعه عيسى نفسه لم يحتفل بولادته مع أنها ولادة خارقة للعادة وإنما الاحتفال بولادة عيسى عليه السلام هو من البدع التي ابتدعها النصارى في دينهم وهي كما قال عز وجل { ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ }فهذه البدع التي اتخذها النصارى ومنها الاحتفال بميلاد عيسى ما شرعها الله عز وجل وإنما هم ابتدعوها من عند أنفسهم فلذلك إذا كان عيسى لم يحتفل بميلاده ومحمد صلى الله عليه وسلم أيضا كذلك لم يحتفل بميلاده والله عز وجل يقول {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} وهنا يقول بعض المفتونين بالاحتفال غير المشروع يقولون محمد صلى الله عليه وسلم ما راح يحتفل بولادته طيب سنقول لماذا لم يحتفل بولادته عليه السلام بعد وفاته أحب الخلق من الرجال إليه وأحب الخلق من النساء إليه ذالكما أبو بكر وابنته عائشة رضي الله عنهما ما احتفلا بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك الصحابة جميعا كذلك التابعون كذلك أتباعهم وهكذا إذا لا يصح لإنسان يخشى الله ويقف عند حدود الله ويتعظ بقول الله عز وجل،{ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا } فلا يقولن أحد الناس الرسول ما احتفل لأن هذا يتعلق بشخصه لأنه يأتي بالجواب لا أحد من أصحابه جميعا أحتفل به عليه السلام فمن الذي أحدث هذا الاحتفال من بعد هؤلاء الرجال الذين هم أفضل الرجال ولا أفضل من بعدهم أبدا ولن تلد النساء أمثالهم إطلاقا من هؤلاء الذين يستطيعون بعد مضي هذه السنين الطويلة ثلاثمائة سنة يمضون لا يحتفلون هذا الاحتفال أو ذاك فالقضية ليست قضية عاطفة جانحة لا تعرف الحدود المشروعة وإنما هو الاتباع والاستسلام لحكم الله عز وجل ومن ذلك { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} فرسول الله ما احتفل إذا نحن لا نحتفل إن قالوا ما احتفل لشخصه نقول ما احتفل أصحابه أيضا بشخصه من بعده فأين تذهبون؟ كل الطرق مسدودة أمام الحجة البينة الواضحة التي لا تفسح مجالاً مطلقا للقول بحسن هذه البدعة ، فإن الاحتفال هذا بالمولد بدعة وليس من السنة .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَاعلَمُوا أَنَّ مَا يَفعَلُهُ بَعضُ الرَّافِضَةِ المَخذُولِينَ أَوِ الصُّوفِيَّةِ المُخَرِّفِينَ والعوام المقلدين لهم مِن الاحتفال بالمولد و الغُلُوٍّ في أَهلِ البَيتِ عَامَّةً أَو في رَسُولِ اللهِ خَاصَّةً - إِنما هُوَ أَمرٌ مُحدَثٌ مُبتَدَعٌ مُختَرَعٌ، وَإِنما هُوَ أَمرٌ جَاءَت بِهِ دَولَةُ العُبَيدِيِّينَ المُسَمَّاةُ زُورًا وَبُهتَانًا بِالدَّولَةِ الفَاطِمِيَّةِ، فَاحذَرُوا مِن ذَلِكَ وَكُونُوا مِنهُ عَلَى مَنَاعَةٍ، وَحَافِظُوا عَلَى عَقِيدَتِكُم، وَأَخلِصُوا للهِ تَوحِيدَكُم وَقَصدَكُم. ثُمَّ إِنَّ الاختفال بالمَولِدِ مَعَ كَونِهِ بِدعَةً مُحْدَثَةً مُنكَرَةً فَلا أَسَاسَ لَهُ صَحِيحًا مِنَ التَّارِيخِ، إِذْ لم يَثبُتْ أَنَّ وِلادَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَت في تِلكَ اللَّيلَةِ، بَل لَقَدِ اضطَرَبَت أَقوَالُ المُؤَرِّخِينَ في ذَلِكَ عَلَى أَقوَالٍ سَبعَةٍ لَيسَ لِبَعضِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى رُجحَانِهِ عَلَى الآخَرِ، إِلاَّ أَنَّ بَعضَ المُعَاصِرِينَ حَقَّقَ أَنَّهُ كَانَ في اليَومِ التَّاسِعِ مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، وَمَهمَا يَكُنْ مِن أَمرٍ فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ جَعلُ يَومِ وِلادَتِهِ مُنَاسَبَةً وَلا عِيدًا.
أقول قولي هذا ......

الخطبة الثانية:
أَمَّا بَعدُ: عباد الله: قال تعالى : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ).
ويَقُولُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَن أَحدَثَ في أَمرِنَا هَذَا مَا لَيسَ مِنهُ فَهُوَ رَدٌّ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
عباد الله: إِنَّنَا لم نَتَعَرَّضْ لِهَذِهِ البِدعَةِ بِالحَدِيثِ عنها لأَنَّهَا مَوجُودَةٌ في بِلادِنَا، فَإِنَّ بِلادَنَا وَللهِ الحَمدُ في أَكثَرِ أَجزَائِهَا لا تَعرِفُها وَلا تَعمَلُ بها، وَلَكِنَّنَا بُلِينَا في هَذَا الزَّمَانِ بِقَنَوَاتٍ ضَالَّةٍ مُضِلَّةٍ فَاتِنَةٍ مَفتُونَةٍ، تَنقُلُ مِثلَ هَذِهِ البِدعِ مِن بَعضِ أَجزَاءِ العَالمِ الإسلامِيِّ عَلَى أَنَّهَا مُنَاسَبَاتٌ إِسلامِيَّةٌ، وَقَد يُصَادِفُ هَذَا قَلبًا خَالِيًا مِنَ العِلمِ وَالبَصِيرَةِ، فَيَظُنُّ أَنَّهُ الحَقُّ وَمَا هُوَ بِالحَقِّ.
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ-، وَانتَبِهُوا لِذَلِكَ، وعَلَيكُم بِالسُّنَنِ وَاحذَرُوا البِدَعَ، وَاطلُبُوا العِلمَ الشَّرعِيَّ وَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ، فَإِنَّ مَن يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ، وَقَد قَالَ سُبحَانَهُ: (يَرفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ دَرَجَاتٍ).
ألا وصلوا عبادالله ....


[/align]
المشاهدات 1517 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا