على أي جهة ينفتل الإمام بعد الصلاة

وائل عبدالله باجروان
1430/10/11 - 2009/09/30 20:40PM
قال ابن القيم رحمه الله: (كان -r- إذا سلم، استفغر ثلاثا، وقال: ((اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)).
ولم يمكث مستقبل القبلة إلا مقدار ما يقول ذلك، بل يُسرع الانتقال إلى المأمومين.
وكان ينفتل عن يمينه وعن يساره، وقال ابن مسعود: رأيت رسول الله r كثيرا ينصرف عن يساره.
وقال أنس: أكثر ما رأيت رسول الله r ينصرف عن يمينه، والأول في الصحيحين، والثاني في مسلم.
_________________
* زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم رحمه الله جـ1 ص295
المشاهدات 16997 | التعليقات 4

Quote:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره
Quote:
أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه
هل يفهم من النصين أن الأمر فيه سعة؟؟!!

أو أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعمد إلى فعل هذا مرة وهذا مرة؟؟!!

وشكرا للشيخ وائل







السلام عليكم ..


جزاك الله خيرا على الطرح الرائع والمعلومات المفيدة


[caution]ملحوظة : جملة "صلى الله عليه وسلم" لا بد أن تكتب كتابة لأن نظام المنتدى لا يقبل الرموز من الوورد[/caution]


قال الإمام ابن حجر في فتح الباري جـ2 صـ394 تحت باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال

"في رواية مسلم ((أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن شماله)) فأما رواية البخاري فلا تعارض حديث أنس الذي أشرت إليه عند مسلم، وأما رواية مسلم فظاهره التعارض لأنه عبر في كل منهما بصيغة أفعل، فال النووي: يجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة هذا وتارة هذا، فأخبر كل منهما بما اعتقد أنه أكثر، وإنما كره ابن مسعود أن يعتقد وجوب الانصراف عن اليمين، قلت: وهو موافق للأثر المذكور أولا عن أنس، ويمكن أن يجمع بينهما بوجه آخر، وهو أن يحمل حديث ابن مسعود على حالة الصلاة في المسجد، لأن حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت من جهة يساره، ويحمل حديث أنس على ما سوى ذلك كحال السفر، ثم إذا تعارض اعتقاد ابن مسعود وأنس رجح ابن مسعود لأنه أعلم وأسن وأجل وأكثر ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم وأقرب إلى موقفه في الصلاة من أنس، وبان في إسناد حديث أنس من تكلم فيه وهو السدي، وبأنه متفق عليه بخلاف حديث أنس في الأمرين، وبأن رواية ابن مسعود توافق ظاهر الحال لأن حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت على جهة يساره كما تقدم، ثم ظهر لي أنه يمكن الجمع بين الحديثين بوجه آخر، وهو أن من قال كان أكثر انصرافه عن يساره نظر إلى هيئته في حال الصلاة، ومن قال كان أكثر انصرافه عن يمينه نظر إلى هيئته في حالة استقباله القوم بعد سلامه من الصلاة، فعلى هذا لا يختص الانصراف بجهة معينة، ومن ثم قال العلماء: يستحب الانصراف إلى جهة حاجته.. لكن قالوا: إذا استوت الجهتان في حقه فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل التيامن كحديث عائشة المتقدم في كتاب الطهارة، قال ابن المنير: فيه أن المندوبات قد تنقلب مكروهات إذا رفعت عن رتبتها، لأن التيامن مستحب في كل شيء أي من أمور العبادة، لكن لما خشى ابن مسعود أن يعتقدوا وجوبه أشارة إلى كراهته، والله أعلم" أ.هـ.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رواية البخاري عن ابن مسعود (رأيت النبي صلى الله
عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره)
وروايته عند مسلم (أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن شماله)

ورواية مسلم عن أنس(فأكثر ما رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم ينصرف عن يمينه).
وروى مسدد بسندٍ صحيح عن أنس وعلقه البخاري في صحيحه جازما (أن أنساً رضي الله عنه كان ينفتل عن يمينه وعن يساره ويعيب على من يتوخى أو من يعمد الانفتال عن يمينه ، ويقول : يدورون كما يدور الحمار ))
فكلاهما سنة والأفضل التناوب كما كان يفعل
أنس وأما الأكثر فسبق
فيما نقله الشيخ وائل طرق الترجيح بينهما
وإليكم مزيد فوائد:


( جملة من الآداب العملية التي يأتي بها المصلي عقب الفراغ من المكتوبة :
• إذا فرغ المصلي من صلاته فإن كان إماماً فإنه يمكث في مصلاه يسيراً مستقبلاً القبلة ، ثم يسارع إلى القيام من مصلاه ، ويكره له أن يطيل القعود في مصلاه مستقبلاً القبلة ؛ لما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال:(( رمقت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان قيامُه فركوعه فاعتداله بعد ركوعه فسجوده فجلسته بين السجدتين فسجوده فجلسته بين التسليم والانصراف قريباً من السواء)) .
* وروى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد الاّ بمقدار أن يقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام )) .
* وروى البخاري في صحيحه من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت :((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من صلاته مكث في مصلاه يسيرا )) ، فدلت هذه الأحاديث على أن الإمام يمكث في مصلاه يسيراً مستقبلاً القبلة بقدر مايقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام وأن يستغفر ثلاثاً ، ثم يسارع إلى الانصراف من مصلاه ، ولاينبغي أن يطيل الجلوس في مصلاه مستقبلاً القبلة ؛ فهذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وخلاف ما عليه عمل السلف من الصحابة والتابعين حتى روى عبدالرزاق في مصنفه بسندٍ صحيح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه : ((أنه كان إذا سلم عن يمينه وعن شماله قال السلام عليكم ورحمة الله ثم انفتل ساعتئذ كأنما كان جالساً على الرَّضْف)) ، وذكر الإمام مالك كما في المدونة أن عمل أهل المدينة فيمن سلف منهم كان الواحد منهم إذا أمّ قوماً خلا المحراب بمجرد تسليمه .
• وإن شاء الإمام أن لايقوم من مصلاه فلا بأس ولكن لايبقى مستقبلاً القبلة وإنما ينحرف عنها ويستقبل المأمومين بوجهه ، وهذا الانحراف يجزئه عن القيام من مصلاه وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيض به عن القيام، فروى الشيخان من حديث سمره بن جندب رضي الله عنه قال :((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه)) ، ولفظ أحمد من حديث سمرة رضي الله عنه :((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى صلاة الغداة أقبل علينا بوجهه )) ، وروى أبو داوود بإسناد صحيح عن الأسود بن يزيد رضي الله عنه قال :((صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة ً فكان إذا انصرف انحرف)) ، وعند أحمد: ((وكان إذا انصرف أقبل علينا بوجهه)) ، وقال البخاري في صحيحه : ((باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم)) ، ثمَّ ذكر أحاديث في الباب عن سمرة المتقدم وعن أنس وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنهم كلهم يذكر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا انصرف أقبل على الناس بوجهه ، وصرّح الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بإجزاء الانحراف عن القيام فروى عبدالرزاق في مصنفه بإسناد صحيحٍ عنه أنه قال: ((إذا سلَّم الإمام فليقمْ وإلا فلينحرف عن مجلسه)) ، قال ابن رجب في فتح الباري : ((والمنقول عن السلف يدلُّ على أن الإمام ينحرف عقب سلامه ، ثم يجلس إن شاء)) اﻫ .، وقال في موضع آخر : (( ولم يرخص في إطالة استقبال الإمام القبلة بعد سلامه للذكر والدعاء إلا بعض المتأخرين ممن لا يعرف السنن والآثار )) ا.هـ
• وكل ما تقدم من انحراف الإمام أو انصرافه عقيب التسليم إنما يكون في جميع المكتوبات دون تفريق بين صلاة وغيرها ، ودون استثناء للمغرب والفجر ، بذا جزم الإمام أحمد ، فقال ابن رجب : (( ولم يأخذ الإمام أحمد بحديث أبي ذر رضي الله عنه – أي حديثه في التهليلات العشر دبر الفجر والمغرب قبل أن يثني رجله -، فإنه ذُكِرَ له هذا الحديث ، فقال: أعجب إليّ أن لا يجلس ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الغداة أقبل عليهم بوجهه )) ا.هـ .
• فإذا انحرف الإمام فإنه يستقبل جميع الناس بوجهه ، كما ثبت في النصوص المتقدمة .
* واختلف أهل العلم في الحكمة من التفات الإمام إذا انصرف من صلاته وذكر الحافظ ابن حجر ثلاثاً من هذه الحكم ، منها :-
01 أنه يقبل على الناس بوجهه ليعلمهم دينهم ويرشدهم .
02 أن يلتفت إليهم حتى إذا دخل الداخل إلى المسجد عرف انقضاء الصلاة 0
03 أن الأصل في المصلِّي أن لايولِّي الناس ظهره ، وإنما احتاج الإمام إلى ذلك لأنه إمامٌ لهم مقدَّمٌ عليهم ليستقبل قبلته ، وإذا فرغ من صلاته بادر إلى استقبالهم حتى يرفع الخيلاء والترفع على المأمومين 0
• فإذا انحرف الإمام عن القبلة إلى المأمومين فله أن يبتديء في الالتفات عن يمينه أو عن يساره وكذا إذا انصرف فله أن ينصرف عن يمينه أو عن شماله ، فجهة الانصراف ليست مقصودة فيفعل الأيسر له والأقرب لقضاء حاجته وبلوغ وُجْهَتِه ، فروى الشيخان من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال :(( لا يجعلْ أحدُكم للشيطان شيئاً من صلاته يرى أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره))، وروى مسلم عن السُّدِّي قال سألت أنسا رضي الله عنه : كيف أنصرف إذا صليت ؟ عن يميني أو يساري ؟ قال :((أما أنا فأكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه)). وروى مسدد بسندٍ صحيح عن أنس وعلقه البخاري في صحيحه جازما :((أن أنساً رضي الله عنه كان ينفتل عن يمينه وعن يساره ويعيب على من يتوخى أو من يعمد الانفتال عن يمينه ، ويقول : يدورون كما يدور الحمار )) ، وبوب عليه البخاري في صحيحه بقوله : ((باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال)) ، فقال ابن المنير معلقا على ترجمة البخاري رحمه الله -كما في الفتح- : (( جمع في الترجمة بين الانفتال والانصراف للإشارة إلى أنه لا فرق في الحكم بين الماكث فِي مصلاه إِذا اِنفتل لِاستِقبالِ المأمومِين ، وبين المتوجه لِحاجِتهِ إِذا اِنصرف إِليها)) اﻫ .
فهذه الأحاديث دلَّت على أن الإنسان يفعل الأيسر له والأقرب لجهته ومقصده ؛ فإن تساوت الجهتان وكلاهما متيسرٌ قريبٌ من مقصده فالأفضل أن ينصرف عن يمينه ، لمارواه مسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال :(( كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه فسمعته يقول : رب قني عذابك يوم تبعث عبادك)) ، وهذا ما ذكره النووي عن الشافعية في المجموع .
• وهذا الحكم من الانصراف يميناً وشمالاً لا يختص بالإمام فقط وإنما هو للمأمومين كذلك .
• أما إذا فرغ المصلي من صلاته وكان مأموماً فإنه ينتظر انصراف إمامه أو انحرافه ، ولايثبْ بعد الصلاة مباشرة من مصلاه بل ينبغي عليه أن يتابع إمامه حتى في انصرافه من الصلاة ، فروى البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت : (( كان النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلمّن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال )) .
وروى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( إني إمامُكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف)) وهذا على من حمل الانصراف في هذا الحديث على القيام من المصلى .
وروى عبد الرزاق في مصنفه بسند صحيح عن ابن سيرين قال : قلت لابن عمر : إذا سلم الامام أنصرف ؟ قال : (( كان الإمام إذا سلَّم انكفتَ وانكفتْنَا معه)) ، وروى عبدالرزاق في مصنفه بإسنادٍ صحيح عن الزهري أنه سئل هل ينصرف الرجل من صلاته قبل إمامه , فقال :((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) ، قال ابن رجب في الفتح: ((يشير - أي الزهري - إلى أن مشروعية الاقتداء به لا تنقطع إلا بانصرافه)) ، وقال ابن قدامة في الكافي :((ولعلّ الإمام يذكر سهواً فيسجد للسهو فيتابعه المأموم)) 0
• ويمكن للمأموم أن ينصرف بانحراف إمامه ، فإذا أخَلَّ الإمام بالسنة وأطال جلوسه مستقبلاً القبلة فللمأموم أن يقوم ويدَعَهُ ، وروى عبدالرزاق في مصنفه بسندٍ صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :((فإذا فرغ الإمام ولم يقم ولم ينحرف وكانت لك حاجة فاذهب ودعْهُ فقد تمَّت صلاتُك)) .
• وللمأموم أن يمكث في مصلاه مستقبلاً القبلة لذكر الله والاستغفار ما شاء وليس عليه بعد التسليم انحراف أو انصراف لا اختلاف بين أهل العلم في ذلك كما ذكر ابن رجب في فتحه .
• أما النساء فإذا حضرن الصلاة مع الرجال فإنهنَّ يبادِرْنَ إلى القيام والانصراف ، كما عليه النساء الأوائل من سلف الأمة وتقدم هذا من حديث أم سلمة رضي الله عنها ، ولا ينتظرن انحراف الإمام أو انصرافه حتى لا يحصل اختلاط ٌ بين الرجال والنساء .
• ويكره للمصلي إماماً كان أو مأموماً أن يتطوع في مكان إذا صلى المكتوبة بل عليه أن يتحول من مكانه أو يخرج أو يحصل طول فصل مع كلام ونحوه ، لما رواه مسلم في صحيحه عن معاوية رضي الله عنه قال:(( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لاتوصل صلاةٌ بصلاةٍ حتى نتكلَّم أو نخرج ))، وروى الإمام أحمد في مسنده عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال :(( صلينا العصر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من صلاته قام رجلٌ يريد أن يصلي ، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اجلس فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصلٌ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسن ابنُ الخطاب )) ، وروى ابن أبي شيبة بسندٍ صحيح عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهما أنهما قالا : (( لايتطوع المصلي في مكانه حتى يتكلم أو يتقدم )) ، وصححه ابن عبدالبر عن ابن عباس رضي الله عنه ، وفي هذا الأثر إجزاء التحوُّلِ عن الكلام أو الخروج .
وظاهرُ هذه الأحاديث والآثار عدمُ التفريق بين الإمام والمأموم فهذا النهي يشمل المأموم والإمام وبهذا صرّح الشافعية واختاره البيهقي وابن رجب ، وخالف جمهورُ أهل العلم كأبي حنيفه ومالك وأحمد وجعلوا الكراهة في حق الإمام فقط واستدلوا :
01 بمارواه أبو داوود في سننه عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : ((لا يصلِّ الإمامُ في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول)) .
02 ورواه البيهقي في سننه عن علي رضي الله عنه من قوله .
والصحيح تناول النهي للإمام والمأموم كما اختاره البيهقي في السنن وابن رجب في فتحه ؛ لعموم حديث معاوية رضي الله عنه ولصريح حديث الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أخذ عمر رضي الله عنه بيد من أراد الوصل كما تقدم في المسند ، ولظاهر الآثار عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهما المتقدمة ، وما استدل به الجمهور من حديث المغيره وأثر علي رضي الله عنهما لايصح لضعفهما كما صرح البيهقي بذلك في سننه الكبرى ، ولو صحّا لكان غاية ما فيهما أن يكونا من قبيل ذكر بعض أفراد العموم .
*وهذه الكراهة إنما هي في وصل الفرض بالنفل ، أما وصل النوافل بعضها ببعض فلا كراهة كما هو ظاهر من الأحاديث وسياقها ، ولأن ظاهر المنقول في عمل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم من بعده والتابعين لهم أن النوافل تصلى متواصلة ويكتفى بالتسليم بينها كما هو الحال في صلاة القيام من تراويح وغيرها وبين السنن الرواتب الرباعية ، ولأنه لا محذور في ذلك إذ علة المنع كما ذكر غير واحد من أهل العلم هي قرن النفل بالفرض حتى تُعَظَّمَ النافلة تعظيمَ الفرض ، ولهذا نظائر في الشرع معلومة كفصل صوم النفل من شوال عن صوم الفرض من رمضان بيوم الفطر وتحريم صومه ، وإنما اقتصر العلماء رحمهم الله على الكراهة في الوصل بين الفرض والنفل لأنهم رأوا التسليم ظاهر ومجزيء في الفصل ، فصارت ذريعة المحظور فيها شيء من البعد ، ولذا قال ابن عمر رضي الله عنه: (( وأيُّ فَصْلٍ أَفْصَلُ من السَّلام )) - ذكره ابن رجب في فتحه - ، على أن التحريم محتمل في هذه المسألة لظواهر النصوص وتشديدها بترتيب الهلاك ، واستظهر التحريم الشيخ عبد السلام الشقيري في كتابه السنن والمبتدعات واختاره العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة .
• ولايتشاغل المصلُّون بعد الصلاة بمصافحة بعضهم البعض والدعاء لبعضهم البعض فإن اعتياد هذا وتقصده بعد المكتوبة من البدع المحدثة ، وقد نصّ فقهاء المذاهب المتبوعة على كراهية ذلك وبدعيته كما ذكره ابن حجر الهيتمي من الشافعية واللكنوي من الحنفية وغيرهم ، ولكن لو صافح الرجل أخاه بعد المكتوبة وهو ممن لم يكن معه قبل الصلاة ولم يصافحه قبل الصلاة ؛ فهذه إن قصد مصافحة اللقاء - ولو كانا في مصلاهما - فهذه المصافحة سنة مستحبة بإجماع العلماء كما ذكره النووي في المجموع ولا توصف بإنها من البدع ، وهو تفصيل علماء اللجنة الدائمة (7/122) في المصافحة بعد المكتوبة .
والحمد لله رب العالمين)

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته