على أبواب رمضان

أحمد عبدالله صالح
1440/08/29 - 2019/05/04 20:34PM


خطبــــة جمعــــــة بعنــــــــوان :
[ على أبــــــواب رمضـــــــــان ]
إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء :
الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح
خــطيب مسجــــد بـــلال بـن ربــاح/
الجمـــهوريـه اليمنيـــه - محــافظـة إب .
ألقيــت في 3 مــــارس 2019 م
المـوافـــق 28 شعبـــــان 1440هـ

أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايهـــا الأحبــــاب الكــــــرام روّاد مـسجد بـــلال :
بعد أيامٍ قلائل يُطلُ علينا شهرٌ عزيزٌ على قلبِ كلِ مؤمن، شهرُ الخيرِ والبركة، شهرُ القُرَبِ والعبادة،
فيه تُتفتّحُ خزائنُ الفضلِ والرحمةِ والإحسان
وتُقبلُ ليالي الجودِ والعقلِ والغفران ..!

أيامٌ قلائل حتى تكتملَ دورةُ الزمن ، ويُشرفُ على الدنيا هلالُ رمضان المبارك الذي تهفو إليه نفوسُ المؤمنين وتتطلعُ شوقًا لبلوغه افئدةُ الموحدين ..

ولا إله إلاّ الله
مااقصــرَ لحظــات العمـــر !!
وما أســرعَ جــريانُ الايـام !!
وكأنّ الإنسانَ ينامُ ليستيقظ حين يُؤذنُ له بالرحيلِ والانقضاءِ من هــذه الدنيا ..
وهـو وراء الدنيـا راكــٓض ..
وعلى الشهــوات رابــض ..
نائــمٌ راقــد .. آكلٌ شــارب ..
الأيامُ تمضى منه ، والسنون والأعـوام تتقلبُ عاماً بعد عـام وهو مع ذلك طبعه طبعه.. حاله حاله .. عمـله عمـله.. خُـلقه خُـلقه..
ماتغــيّر وما تبـدل ..!
ما تأثـر وما اعتـبر .!
ما رقَّ ومـا لان ..!
ما استرجــع وما نـدم .!
ما تاب ومـا أنـاب .!

نعــــم يا كــــرام :
مــا أشبـــه الليلةَ بالبارحــة !
لقـد مـرّ بنا رمضـان الماضي ، ثمّ مـرّت بعـده الأيـامُ والأسـابيعُ والشهــورُ وكأنّها ساعــات .
وإذا بنا اليـوم من هذا العـام نُعدُ العـدةَ لاستقبالِ رمضــانَ اخر .
ومن يدري ربما يكونُ رمضـان هذا لبعضنا هو آخــرُ رمضانَ يصــومه ...

فكــم مـن نفــوسٍ تمنّت .. وكـم من قلــوبٍ حنّت ان تُدرك معنا هذا الشهرَ الكريم لكنّ الله تعالى يقضي في العبادِ مايشــاءُ ويختــار ...
وكــم عرفنا اقـــواماً...
وكــم عرفنا إخــواناً..
وكــم عرفنا احبــاباً..
وكــم عرفنا جــيراناً صاموا معنا رمضان اعواماً
لكنهم اليوم من سكانِ القبور ينتظرون البعث والنشور ..
ما كأنّهم الآن فرحوا مع من فَـــرح ..!
ولا كأنهم ضحكوا مـع من ضـحك .!
ولا كأنهم تمتعوا مـع من تمتع ..!
قد حيل بينهم وبين ما يشتهــون ....

ولهـــذا :
إدراكنا لرمضــان نعمــةٌ ربانيـةٌ ومنحـةٌ إلهيه .
فهو بشـرى تساقطت لها الدمعـات وانسكبت لها العــبرات ..
(( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ .))
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ))(183-البقرة)

يذكرُ الله سبحانه وتعالى انّ هذه العباده كما انّها فُرضت علينا وأُوجبت لمحبةِ الله عزوجل لها فإنّها كانت واجبة على الامــمِ السابقــه :
- فأمر بها إبراهيــم قومه.
- وأمر بها شعــيبٌ قومه.
- وأمر بها هــودٌ قومه.
- وأمر بها لــوطٌ قومه .
- وأمر بها عيســى وموســى اقوامهما.
(( كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ))
فَفُرضَ على أمتنا كما فُــرضَ عليهم..

ولقـد كــان النبـي صلـى الله عليـه وسلــم
يستبشـرُ بقــدومِ هـذا الشهـر الكــريم ..!
فقال عليه الصلاه والسلام كما روى النسائي :
(( أَتَاكُمْ رَمَضَانُ .. (( شَهْــرٌ مُبَــارَكٌ ))
ويالها من كلمـــةٍ وجــيزةٍ وعبـــارةٍ بليغــه :
(( شَهْــــرٌ مُبَــــارَكٌ ))
ذكــر العلماء لهذا الشهر الكريم اكثر من اربعين بركه..
بركةٌ في الدعاء، بركةٌ في الرزق، بركةٌ في الصلاه، بركةٌ في الإنفاق ، بركةٌ في قراءةِ القرآن، بركةٌ في الوقت ، بركةٌ في العمل ، بركةٌ في الليل ، بركةٌ في النهار، بركةٌ في الطعام ، بركةٌ في النوم ، بركةٌ في الأخلاق ، بركةٌ في اليوم ، بركةٌ في الشهر بأكمله وغيرها كثير من البركات.

(( أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ "

بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يستبشرُ بالصـومِ عموماً ويبشرُ أصحابه به ويأمرهم بأستغلاله واستثماره والظفرِ بجوائزهِ وكنوزه ..!
فقال عليه الصلاه والسلام فيما يرويه عـن ربه :
(( كُلُّ عمـلِ ابن آدمَ له إلاّ الصـوم فأنّه لي وانا الذي أجـزي به..يقــول الله تعالـى :-
يَدعُ طعامه وشرابه وشهوته من اجلي ، للصائمِ فرحتان يفرحهما ، فرحةٌ عند فطره وفرحةٌ عند لقاء ربه ))..
وقــال صلـى الله عليه وســلم :
" من صــام يوماً في سبيلِ الله زحزحَ الله وجهه عن النارِ بذلك اليومِ سبعين خريفا ".

وحين سأله ابو أمامه عن عملٍ قال له :
" عليك بالصــومِ فإنّه لا عــدل له ".
وقــال صلـى الله عليه وسلــم :
" لَخُلُـوفُ فـمِّ الصائمِ أطيبُ عند اللهِ من ريحِ المسـك"
وقــال عليه الصـلاة والســلام :
" الصيامُ والقرآن يشفعانِ للعبدِ يوم القيامة يقول الصيام : أي ربِّ منعته الطعامَ والشهوة فشفعني فيه "..
هــذا يا مسلمـين فــي الصــومِ عموماً ...!!!
فيمـن صـامَ الاثنين والخـميس والأيامَ البيض وغيرها من النـوافل .
فما بالُك بمن يصـوْمُ هـذا الشهـر الذي افترضـه الله عليه ..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:يقول الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ثم قال بعدها:
(( وما تقرب إليّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليّ مما افترضته عليه ....))
فالصـومُ في رمضان لانه فريضه فهو أحبُ الى الله تعالى واعظمُ أجراً من الصومِ في غيره ..
فهو أفضـلُ من الصــومِ فـي يـومِ عــرفه.
وهو أفضـلُ من الصـومِ فـي عاشــوراء.
مع مافي عرفه وعاشوراء من تكفيرٍ للذنوبِ ورفعةٍ للدرجاتِ إلاّ انّ صومَ يومٍ واحدٍ من رمضان أفضلُ عند اللِه تعالى من الصومِ في غيره ....

يقول ابراهيــمُ النخعــي رحمــه الله :
( سجدةٌ في رمضان أفضلُ من الفِ سجدةٍ في غيره ، وركعةٌ في رمضان أفضلُ من الف ركعةٍ في غير رمضان ، وتسبيحةٌ في رمضان أفضلُ من الفِ تسبيحةٍ في غيره ...).

ولذلكــم يا روّاد مسجــد بـلال :
ساعاتٌ قليلةٌٍ تَعدُها الأنفاسُ واللحظاتُ ويَحلُِ علينا صــاحبَ الأيـادي البيضــاء .
الذي اذا أعطـى لم ينتظــرِ الجــزاء.
وليس كمثله زائـرٌ يأتي بالعطــايا والهدايـا والهبــات وينــادي في الناس :
هــل مـن مقبــلٍ على العطـــاء؟
وهــل مـن مستجيبٍ للنـــداء ؟؟
هذه الـروح علينا ان نبثها في نفوسِ الناسِ وبين أولادنا واهلينا وبين اوسـاطِ كلِ من نحب..

إنّها روحُ استقبالِ رمضان ، والاستعدادِ لايامه ولياليه ، وإعدادُ العدةِ للاستفـادةِ القصـوى
لا بطعامِ الأمعاءِ وشرابُها وإنَما بغذاءِ الأرواحِ والقـلـــوب ..!
بالْقُرْآنِ تلاوةً / وبالطعامِ والشراب صياماً/
وبالصلاةِ قياماً / وبالمالِ تصدقاً وانفاقاً /
وبالطاعاتِ تعبداً وتنسكاً / وبالتعاملِ اخلاقاً.
نعــــم :
بعد ساعاتٍ وجـيزةٍ ومع غروبِ شمسِ هــذا
اليوم او اليومين سيُقصُ على شريطِ المنافسةِ والمسابقة.
وسيبدأُ الإنطلاق على مضمارِ الطاعات والقربات في شهرِ العباده.

ســاعـاتٌ يسـيرة وسيتقاطــرُ بعدها مئـات ..!
بل عشـــرات ..!
بل آلآف ..!
بل اقـولُ ملايين من البشـرِ المتدفقةِ كالموجِ الهائج والسيلِ الهــادرِ الى طــاعـةِ الخـالق سبحــانه..

إنّهــا امــةٌ تعــودُ بمجمــوعها..
أمــةٌ بأكملهـا تتــوبُ الى مــولاها ..
امةٌ بقلبها وقالبها تــؤوب الى باريها..
أمةٌ تعـــودُ وترجِعُ الى خالقها وفاطرها سبحانه .!

ملايين مملينه مــع حـلولِ الدقائق الاولى من شهرِ رمضان سَتَرفَعُ أكفّ الضــراعةِ الى الله
فلا وساوس ، ولا أفكار ، ولا إملاءات ، ولا نزغات فقد صُفدت الشياطين والمردةُ المتعاونين ...

أفــواجٌ من هذه الأمةِ من شبابها وشاباتها ونساءها ورجالها ومثقفيها وأدبآئها ومعلميها ومهندسيها ودكاترها وذكورها وإناثها ووووو
كلهم سيدخلون في وقتٍ واحد هذه الجامعه الرمضانية ..!
كلهم سيعلنون وفي وقتٍ واحدٍ الصيام للخالقِ جل في علاه..

ليس هناك أمةٌ على وجهِ الارض من يسجدُ اكثر منها، ويركعُ اكثر منها ، ويقرأُ اكثر منها ،
ويسبحُ اكثر منها ، ويدعو اكثر منها ،
ويتصدقُ اكثر منها ، ويتقربُ الى اللهِ اكثر منها ..

ما أجملها من صـورةٍ رائعةٍ تشـــرحُٰ الصدر
وتغذى القلوب وتروي الأفئدة بالسعادةِ والانشراح

وانت ترى المسلمين مع بدأ الساعات الاولى من شهرِ الصيام يملؤون مساجدهم ويتقاطرون إليها من كلِ حَدبٍ وصوب .

كيف . كيف . لو ظللنا وبقينا واستمرينا على هذا الإقبال للطاعات وهذه المسارعة على القربات
وهذا الانطلاق للعباداتِ بكلِ شوقٍ ولذةٍ وخشوع .

كيف لو كانت حياتنا كلها على هذا النحـــو من الإقبالِ والسرعةِ والانطلاق والشوق والرحمه والحب والحنان والشفقه والتواضع والاخلاص والطمأنينة.
هل كنّا سنتفـــرّق !؟
هل كنّا سنتشتت ونتمـزق .!؟
هل كنّا سنختلفُ فيما بيننا .!؟
وهل كنّا سنفـرطُ بوطننا ووحدتنا ودمائنا .؟
وهل كنّا سنتقاتل فيما بيننا ؟؟
وهل كنّا سنحقدُ على بعضنا اونعادي بعضنا .؟!

فرمضـان يعلمنا ، ورمضـان يربينا ، ورمضـان يغـرسُ في نفوسنا قيم رقراقه ومباديء ساميه ..!

فهو ميدانُ الانتصارِ الحقيقي على النفسِ والهوى
وإذا انتصرنا فـي هـذا الميـدان انتصرنا في سائرِ ميادين حياتنا..

فأمامنا ميـادينُ الحياةِ المختلفة بشتى أنواعها وأشكالها واصنافها وألوانها ..

فمـن هنا المنطلـق ، ومن هنا نقطـةُ البدايه ..!
ميـدانُ الطاعـةِ ومغالبةُ النفـسِ والهـوى ..!
ميــدانُ القـربِّ والخشــوعِ والطمأنينة .!
ميــدانُ المبـادرةِ والسـرعةِ والانطـلاق .!
اذا تغلبنا فيه وارتقينا فيه تغلبنا على صعوباتِ الميادين الاخرى ..
واذا تخاذلنا وتراجعنا وهُزمنا وضعُفنا امامَ نفوسنا الإمارةُ وهواها لن نجني بعدها إلاّ الخســارةَ والندمَ والألمَ والخـــذلان :.
(( قُلْ إِنّ الخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِروا أَنْفُسَهم وَأهْلِيهِمْ يَومَ القِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هوَ الخُسْرَانِ المُبِين ))

بــــارك الله لــــي ولكـــم بالقـــــــران العظيـــم ونفعنــي وإيــاكــم بمــا فيه مـن الآيـــات والـذكـــر الحكـــيم وأقـــــــول مـا سمـعتـــم واستغفـــروا اللـَّه لـي ولــكم مــــن كل ذنـب فيـــا فــــــوز المستغفـــريـــن ويــا نجــــــاة التـــــائبــــــين ..
الخطبــــــــــــــــــــــــــــه الثانيــــه :
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
احبتــــــي الگـــــــرام .. روّاد مســجد بــلال :
ساعاتٌ قليلة تفصلنا عن احتفالٍ ملائكيٍ مهيبٍ
واجتماعٍ نورانيٍ عجيب ..
وسينــالُ شـــرفَ هــذا التكـــريم ..!
ويُقلَد وسامَ التفوقِ والنجاح ، والفوزِ والفلاح ، والعتقِ من النيران ..!
ويتوجُ بخلعةِ الرضا والرضوان ، والمهابةِ والغفران
والقربِ والمحبة ، والصـلاحِ والدرجاتِ العلى ،
والمقاماتَ العاليه والمراتبَ الرفيعه ،.!
هذا النيشان وهذا التاج وهـذا الوســام سيتوجُ به مـن الكريمِ المنان كُلُّ مسلمٍ سيُقدرُ هذا الضيف قدره ويعطيه حقه من الطاعةِ والعباده ..!

لكنّ أتــدرون ماهـي مشكلتنٓا يا كــرام ؟؟
مشكلتنا انّنا فـي كلِ عـامٍ يأتينا رمضـان ونحن غـافلــون ..!
فنبدأُ في الطاعــةِ والعبادةِ من الصفـرِ ثمّ نرقى شيئاً فشيئاً ، فلا نكادُ نجدُ طعمَ العبادةِ وحلاوةِ الطاعةِ إلاّ وقـد انقضى رمضـان وانطوت صحائفه بمافيهاـ من احسانِ المحســنِ وإســاءةِ المسـيء فننــدم ونتحسـر ونتألـم ونقــول :
( نعــــوضُ العـــامَ القـــادم )
ويأتي العـامُ القــادم فلا نكونُ أَحْسَنَ حالاً من سابقه ، وهكذا نظـلُ على هذة الحال الى انْ نغـــادرَ الدنيا فإلى الله المشتكـى..!

ولذلكــم
مجــيءُ رمضــــان فرصـــه ..!
فرصــةٌ للمـؤمنين ... فرصــةٌ للمقصـرين ..!
فرصــةٌ للصالحـين .. فرصـــةٌ للمــوحديـن .!
فرصــةٌ للعقـــلاء ...!
ولا يعــرفُ معنى فرصـه إلاّ من يَعــرِفُ معنى المــوت وأنّ هـذه الحيــاةَ لا آمـــانَ لها :
كـم كانت سبباً في كل بلـوى ومصيبه ...
كـم احزنت !! وكـم أبكت !! وكـم أفسدت !!
وكـم دمرت ؟! وكم أهلكت .!؟ كم مزقت .!
كم فرقت !! كم شتتت .!! وكم أخذت من كان قبلنا!
من كان أكثرَ منا قوة ، وأكثَرَ منا مالاً ، وأكثَرَ منا جمعاً ، واكثر منا حشداً وجنداً وهيلماناً
أخذتهم ، وطحنتهم ، وكلكلتهم ..!
ومـع ذلك تجد الناس عليها يتقاتلون ، ولأجلها يتخاصمون ولأجلها يتفرقون ، وعلى جيفتها يتهافتون ، وخلف سرابها الخادع يركضون ، ووراء ضلها المزيف يلهثـــون ، وعلى زينتها يتساقطون ..!
والله يقول ( اعلموا أنّما الحياةُ الدنيا لعبٌ ولهوٌ وزينةٌ وتفاخرٌ بينكم وتكاثرٌ في الأموال والأولاد )

ولذلكــــــم ونحــن نداعبُ هـلالَ رمضـانَ المبــارك ونتهيىءُ لوضـعِ الأقدامِ على بساطِ شهـرِ الصيـام والقيـــام ..
شهــرُ الـبركاتِ والخــيرات ..
شهــرُ الطاعـاتِ والعبـادات ..
شهــرُ الصلـواتِ والدعــوات ..
شهــرُ النفحاتِ وإقالةِ العــثرات ..
شهــرُ اعتاقِ الرقــاب الموبقات ..
شهــرُ الغنائـمِ وشهـرُ الكنــوز ..
شهــرُ الدعــاءِ وشهـرُ الشكــوى ..
شهــرُ الكــرمِ وشهـرُ الجــودِ والعطــاء ..
شهــرُ الرحمـةِ والشـفقه ..
شهــرُ الإحسـانِ وزيادةُ الإيمـان ..
شهــرُ الـبرِ والصـله ..
شهــرُ التقـوى والصـبر ..
شهــرُ الجهـادِ ومجاهـدةُ النفـس ..
شهــرُ مضاعفـةِ الحسنـات ورفــعِ الدرجــات :
الحسنةُ فيه بألفِ حسنه والفريضةُ تعدلُ سبعين فريضه ، من تقدم فيه بخصلةٍ من خصالِ الخير كمن قــدمَ فريضةً فيما ســواه ...
نعـــم /
في الـوقت الذي يطالعنا شهـرٌ وموســمٌ مـن الخير جــديد...
هنـــاك ســـؤالٌ اخــير يــــبرزُ للجميــع ..!!
أيُ رمضـــانٍ هـذه المــرّة سيكــونُ رمضــانُك ؟!
هل هـو رمضــانُ المســوفين ، الكســلانين النُّوم ؟!
أم رمضــانُ المســارعين الُمجــدّين ؟!

هـل هـو رمضــانُ المقصــرين والمتهاونــين ؟!
أم رمضــانُ النشاطِ والجدِِّ والإجتهاد .؟!

هـل هـو رمضـانُ التـوبةِ والإنــابـةِ والعــوده .؟؟!
أم رمضــانُ القســـوةِ والشِقِــوة والبُعــد ؟؟!

هـل هـو رمضــانُ الخشوع والبكاء والخشية من الله ؟!
أم رمضـــان الجمــودِ وقســوةُ القلب .!

هـل هـو رمضــانُ الانضبــاطِ والالــتزام والوفــاءِ بالـــوعد !
ام رمضــانُ العشــوائية وخلــف الــوعــد ؟؟

هـل هـو رمضــانُ الشـكــرِ والــبركةِ والنعمــةِ ؟؟!
ام رمضــانُ التبـذيرِ والإســرافِ والنقمــة ؟!

هـل هـو رمضــانُ الذكــرِ وتلاوةُ القــرآن ؟!
ام رمضــانُ المــوائدِ والعاداتِ والسهــرات ؟؟!

هـل هـو رمضــانُ الصيــامِ والقيــام ؟!
أم رمضــانُ الأفــلامِ والهيــام ؟!!

اللهم بلغنا رمضـان وأعنا فيه على الصيام والقيام واجعلنا من عبادك المخلصين..

اللهم بلغنا رمضان ونحن وبلدنا وشعبنا في أمنٍ وأمانٍ وسلمٍ وسلامٍ وراحةٍ واطمئنان ..

- اللهم وفقنا للصيام والقيام والركوع والسجود فى شهر الصيام.

- اللهم أكرمنا فيه بفعل الخيرات، وتب علينا فيه من فعل المنكرات.

-اللهم ارزقنا فيه حبّ المساكين، وارزقنا فيه العمل من أجل رضاك يا أكرم الأكرمين ويا رب العالمين.

- اللهم وفقنا لإحياء لياليه بتلاوة القرآن، وإحياء أيامه بالتسبيح والتهليل اناء الليل وأطراف النهار.

- اللهم ارزقنا صـدق الصائمين ، وإقبال القائمين وخصال المتقين ، واحشرنا يوم النشور في زمرة المنعمين ، وبلغنا بفضلك ورحمتك درجات المقربين.

ثم اعلمــوا انّ الله أمركــم بأمــرٍ بدأ به نفسه وثنـى به ملائكته المسبحــةِ بقدسه وثلّثَ به عبــاده من جنِّـه وإنســه فقــال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهــم صـلِّ وسلّــم وبـارك علـى نبينا محمــد وارضَ اللهــم عـــن خـلفــائـه الــراشـــــــدين
وعــن الصحــابة أجمعـــين، وعــن التابعـــين
ومــن تبعهــم بإحســــانٍ إلـى يــوم الــــــدين
وعنـا معهــم بمنك ورحـــمتك، يا أرحـم الراحمين.
-----------------------------------
اللهــــم اجعلـــها صــــدقةً جـــاريــةً لــــــي ولــوالــدتي المرحــــــومه..
وأنفــــع بهــا عبــــادك المسلمــين اجمعـــين ...
واجعلنـــــــي خـــــــيراً ممّـــــا يظنــــــــــون
واغفــــــــــــر لــــي مـــــالا يعلمـــــــــــــون..
--------------------------------
والحَمْـــــــدُ للّــه رَبِّ العَـــــــالَمِــين

المشاهدات 882 | التعليقات 0