علامات محبة الله تعالى
الشيخ نواف بن معيض الحارثي
الخطبة الأولى : علامات محبة الله
الْـحَمْدُ للـهِ حَمْداً لاَ يُضَاهَى، تَبَارَكَ رَبًّا وَجَلَّ إِلَهاً؛ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللـهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ شَهَادَةً تُبْلِغُ النُّفُوسَ هُدَاهَا، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ وَأَتْقَاهَا؛ صَلَّى اللـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ حَتَّى تَرْجِعَ الْـخَلِيقَةُ لِرَبِّهَا وَمَوْلاَهَا. أَمَّا بَعْدُ: فأوصيكم ...
عن أَنَسٍ t قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللـهِ r فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللـهِ، مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ: وَمَا أَعْــدَدْتَ لِلسَّاعَةِ ؟ قَالَ: حُبَّ اللـهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.
قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الإِسْلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ r ( فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ).
قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ ) خ.م .
أيها المؤمنون: منزلةٌ تَنَافَسَ المُـتَنَافِسُونَ فيها ، وَإِلَيْهَا شَخِصَ العَامِلُونَ، وَإِلَى عِلْمِهَا شَمَّرَ السَّابِقُونَ، وَعَلَيْهَا تَفَانَى الـمُحِبُّونَ، وَبِرُوحِ نَسِيمِهَا تَرَوَّحَ العَابِدُونَ، فَهِيَ قُوتُ القُلُوبِ وَغِذَاءُ الأَرْوَاحِ وَقُرَّةُ العُيُونِ، وَهِيَ الحَيَاةُ الَّتِي مَنْ حُرِمَهَا فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الأَمْوَاتِ، وَالنُّورُ الَّذِي مَنْ فَقَدَهُ فَهُوَ فِي بِحَارِ الظُّلُمَاتِ، وَالشِّفَاءُ الَّذِي مَنْ عَدِمَهُ حَلَّتْ بِقَلْبِهِ جَمِيعُ الأَسْقَامِ، وَاللَّذَّةُ الَّتِي مَنْ لَمْ يَظْفَرْ بِهَا فَعَيْشُهُ كُلُّهُ هُمُومٌ وَآلَامٌ : إنَّها محبةُ اللـهِ تعالى .
عباد الله: إنَّ أَعْظَمَ مَنْ يَجِبُ مَحَبَّتُهُ وَتتَعَلَّقُ القُلُوبِ بِهِ هُوَ اللـهُ جَلَّ جَلَالُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ، ومحبَّةُ اللـهِ من أعظمِ واجِباتِ الإيمانِ وأكبرِ أصُولِه، بل هي مقصُودُ الخلقِ والأمرِ، وأصلُ كلِّ عملٍ من أعمالِ الإيمانِ والدِّينِ، وغايةُ العبادةِ إنما هو كمالُ الحبِّ والخُضوعِ للـهِ تعالى، ولأجلِها تنافسَ المتنافسون، ولا شيءَ أحبَّ إلى القلوبِ السليمةِ مِن خالقِها وفاطِرِها.
وأصلُ التوحيدِ ورُوحُه إخلاصُ المحبَّةِ للـهِ وحدَه، ولا يتِمُّ حتى تكمُلَ محبَّةُ العبدِ لربِّه، وتسبِقُ محبَّـتُه جميعَ المحابِّ، فأصلُ الدِّينِ الإخلاصُ فيها، ومنشَأُ الشِّركِ وأصلُه من التَّشرِيكِ فيها.
وقد امتدَحَ اللـهُ عبادَه المُؤمنينَ بإخلاصِ المحبَّةِ له، وذمَّ المُشرِكينَ بالتندِيدِ فيها، فقال(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّـهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّـهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّـهِ) .وجعلَها أخصَّ خِصال أوليائِه فقال (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)
ولَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يَدَّعِي شَرَفَ مَحَبَّةِ اللـهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا جَعَلَ اللـهُ تَعَالَى لِلْحُبِّ عَلَامَاتٍ وَصِفَاتٍ ، فالمحبَّةُ الصادِقةُ تظهَرُ على الجوارِحِ، فلا يكون صاحِبُها إلا مُخلِصًا عبادتَه للـه، مُتَّبِعًا لرسولِ اللـهِ r.
قَالَ الحَسَنُ البصريُ : «ادَّعَى قَوْمٌ مَحَبَّةَ اللـهِ تَعَالَى فَابْتَلَاهُمُ اللـهُ بقولِه: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي)
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: إِنَّ مَحَبَّةَ اللـهِ تَعَالَى هِيَ الغَايَةُ العُظْمَى وَالـمُنَالُ الأَعْظَمُ؛ لِذَلِكَ كَانَ لِزَاماً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنْ يَتَعَرَّفَ عَلَى الطُّرُقِ المُوصِلَةِ لِمَحَبَّةِ اللـهِ تَعَالَى، فَمِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ والأسبابِ :
مَعْرِفَةُ أَسْمَاءِ اللـهِ وَصِفَاتِهِ وَتَدَبُّرُهَا وَعَقْلُ مَعَانِيهَا، فالعلمُ بأسمائِه وصفاتِه تقتَضِي مِن عبادِه غايةَ الحبِّ والخُضُوعِ والطاعةِ له. ومَا أَحَبَّ اللـهُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَمَا أَحَبَّ اللـهُ مَنْ جَهِلَهُ، وَمِنْ صُوَرِ التَّدَبُّرِ لِأَسْمَاءِ اللـهِ وَصِفَاتِهِ: النَّظَرُ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ وَرُؤْيَةُ عَظِيمِ آثَارِهَا وَسَعَةِ ثِمَارِهَا .
وكلُّ اسمٍ وصِفةٍ له سبحانه فيه من وجوهِ الدلائِلِ عليه تعالى ما يستحِقُّ لأجلِه المحبَّةَ الكامِلةَ مِن عبادِه، ولهذا تعرَّفَ اللـهُ بها إلى خلقِه، وأكثَرَ مِن ذكرِها في كتابه وفي سُنَّة نبيِّه r؛ ليُذكَرَ بها الربُّ ويُشكَر، وتفاوُتُ مراتِبِ الخلقِ في محبَّته على حسب تفاوُتِ مراتبِهم في معرفتِه والعلمِ به؛ فأعرَفُهم به أشدُّهم حبًّا له ( والذين آمنوا أشدُ حباً لله ) .
عن عائشةَ t أنَّ رَسولَ اللـهِ r بَعَثَ رَجُلًا علَى سَرِيَّةٍ، وَكانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ في صَلَاتِهِمْ، فَيَخْتِمُ بقُلْ هو اللَّـهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذُكِرَ ذلكَ لِرَسولِ اللـهِrفَقالَ: سَلُوهُ لأَيِّ شيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ؟ فَسَأَلُوهُ، فَقالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فأنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بهَا، فَقالَ رَسولُ اللـهِ r: أَخْبِرُوهُ أنَّ اللَّـهَ يُحِبُّهُ ) خ.
أيها المؤمنون: مِنْ طُرُقِ مَحَبَّةِ اللـهِ تَعَالَى: تَقْدِيمُ مَحَابِّ اللـهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَحَابِّ النَّفْسِ عِنْدَ غَلَبَةِ الهَوَى (ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ بهنَّ حلاوةَ الإيمانِ وطعمَه: أن يكون اللـهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سِواهما ).
وَمِنَ الطُّرُقِ: الخَلْوَةُ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَالحِرْصُ عَلَى العِبَادَاتِ الخَفِيَّةِ، فَمَنْ لَمْ يَأْنَسْ بِاللـهِ لَمْ يَنَلْ مَحَبَّتَهُ وَلَا سِيَّمَا فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ الآخِرِ وَزَمَانِ غَفْلَةِ النَّاسِ، قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ «إِنَّهُ لَتَمُرُّ بِالقَلْبِ سَاعَاتٌ يَرْقُصُ فِيهَا وَيَطْرَبُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: إِنْ كَانَ أَهْلُ الجَنَّةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إِنَّهُمْ لَفِي نَعِيمٍ عَظَيمٍ».
والحِرْصُ عَلَى النَّوَافِلِ، مِمَّا لَيْسَ وَاجِباً عَلَى المُكَلَّفِ فِي أَصْلِ الشَّرْعِ مما يوجبُ محبةَ اللـهِ للعبدِ «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» خ.
ودوامُ الذِّكرِ له سبحانه يُورِثُ المحبَّةَ، وسُنَّةُ اللـهِ في خلقِه أن مَن أكثَرَ مِن ذكرِ شيءٍ أحبَّه، ومَن أحبَّ شخصًا أكثرَ ذِكرَه، واللـهُ أحقُّ مَن يُـحَبُّ، وأجَلُّ مَن يُذكَر.
وتلاوةُ كِتابِ اللـهِ وتدبُّرُ آياتِه حياةٌ للقلوبِ، وطهارةٌ للنفوسِ؛ ذِكرٌ، وهُدًى، وموعِظةٌ، وشِفاءٌ، ومَن لزِمَه أحبَّ ربَّه وأعرضَ عمَّا سِواه.
قال ابنُ القيِّم "وإذا أردتَ أن تعلمَ ما عندكَ وعندَ غيرِك مِن محبَّةِ اللـهِ، فانظُر محبَّةَ القرآنِ من قلبِك، والتِذاذَك بسماعِه".
عباد الله: مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي تُنَالُ بِهَا مَحَبَّةُ اللـهِ: أَنْ تُحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ اللـهُ، وَتَبْغَضَ مَنْ يَبْغَضُهُ اللـهُ، فَتُحِبَّ رُسَلَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ، وَأَوْلَى هَؤُلَاءِ الأَوْلِيَاءِ الصَّحَابَةُ الأَخْيَارُ وَآلُ بَيْتِ رَسُولِهِ الأَطْهَارُ، وَتَبْغَضَ مَنْ أَبْغَضَهُمْ وَتَتَبَرَّأَ مِمَّنِ انْتَقَصَهُمْ وَحَطَّ مِنْ قَدْرِهِمْ، وَأَنْ تُوقِنَ بِأَنَّ اللـهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَوْلِيَاءَهُ وَيُدَافِعُ عَنْهُمْ ( إِنَّ اللَّـهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) وَقَالَ تَعَالَى فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ» خ.
ومَحَبَّةُ المُؤْمِنِينَ لِأَجْلِ اللـهِ تَعَالَى من طرقِ نيلِ محبتهِ سبحانه، فَتُحِبُّ المَرْءَ لِدِينِهِ وَإِيمَانِهِ وَصَلَاحِهِ وَتَقْوَاهُ، لَا لِجَاهِهِ وَمَالِهِ وَدُنْيَاهُ، قَالَr : «إِنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّـهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّـهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» م.
اللَّهمَّ إنِّا نسألُكَ حبَّكَ وحبَّ من يُحبُّكَ والعملَ الَّذي يبلِّغني حبَّكَ اللَّهمَّ اجعَلْ حبَّكَ أحبَّ إليَّنا من أنَفسِنا وأَهليِنا ومنَ الماءِ الباردِ .
بارك الله ....
الخطبة الثانية
الحمدُ لله عَلَى عَمِيمِ آلائِه، والشكرُ له عَلَى جَزِيلِ نَعْمَائِه، وصلى الله علي خاتمِ الرسلِ والأنبياءِ .... أَمَّا بَعْدُ: فيا عباد الله:
النفوسُ تُحبُّ مَن أحسنَ إليها، واللـه هو المنعِمُ المُحسِنُ إلى عبادِه بالحقيقةِ، وهو المُتفضِّلُ بجميعِ النِّعَم، وإن جرَت بواسِطةٍ فهو المُيسِّرُ لها، ومُسبِّبُ الأسبابِ وحدَه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) .
ولا سبيلَ للوصولِ إلى حبِّ اللـهِ والتقرُّبِ منه إلا على سبيلِ الذُلِّ له سبحانه ، وانكِسارِ القلبِ بيد يدَيه، والدعاءُ يجمَعُ ذلك كلَّه.
والبُعدُ عن الشُّبُهاتِ والشَّهواتِ سبيلُ الصلاحِ والاستِقامة، والصُّحبةُ الصالِحةُ خيرُ عَونٍ على ما يُحبُّه اللـهُ ويرضَاه.
وذِكرُ الجنَّةِ وما فيها من النَّعيمِ وأعلى ذلك رُؤيةُ الربِّ الكريمِ يبعَثُ على حبِّ اللـهِ وحبِّ لِقائِه، ومَن أحبَّ لِقاءَ اللـهِ أحبَّ اللـهُ لِقاءَه.
عباد الله: محبَّةُ اللـهِ للعبدِ هي غايةُ ما تسمُو إليه النفوس؛ فتبقَى القلوبُ عامِرةً بالخَوفِ والرَّجاءِ، ومِن رحمةِ اللـهِ أن جعلَ لمحبَّته علاماتٍ تسُرُّ المُؤمنَ ولا تغُرُّه: فالهدايةُ لا تكونُ إلا لمَن أحبَّ، والعِصمةُ مِن فتنةِ الدنيا أمارةُ حبٍّ وإكرامٍ، والقَبُولُ في الأرضِ بمحبَّة المُسلمين للعبدِ دليلُ محبَّة اللـهِ له؛ قال r «إن الله تعالى إذا أحبَّ عبدًا دعَا جِبريلَ: إني أُحبُّ فُلانًا، فأحِبَّه، فيُحبُّه جِبريلُ، ثم يُنادِي في السماءِ: إن الله يُحبُّ فُلانًا فأحِبُّوه، فيُحبُّه أهلُ السماء، ثم يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرض» متفق عليه.
وحُسن الخاتمةِ مِنحةٌ من الله لمَن يُحبُّ مِن عبادِه؛ قال r«إذا أرادَ الله بعبدٍ خيرًا يُوفِّقُه لعملٍ صالحٍ ثم يقبِضُه عليه» أحمد
وأهلُ المحبةِ في ظلِ العرشِ يومَ القيامةِ «أَيْنَ الْـمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي» م.
ثم صلوا ...
المرفقات
1666876164_علامات محبة الله.docx
1666876165_علامات محبة الله.pdf