علاقة الملائكة بالإنسان

خالد الكناني
1446/03/02 - 2024/09/05 17:05PM

علاقة الملائكة بالإنسان

الحمد لله ربّ العالمين ، يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلَّمَ تسليما كثيرا . أمَّا بَعْدُ :

عبادَ اللهِ : اتقوا الله تعالى وراقبوه سبحانه وتعالى في جميع أعمالكم مراقبة من يعلم أن الله ربَّه يسمعُه ويراه

أيها المؤمنون : يشهد معكم هذه الجمعة ويستمعون معكم إلى الذكر فيها ، خلق من خلق الله سبحانه وتعالى لا ترونهم ، أخبر عنهم نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ))

وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً، فُضُلًا يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ، حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ))

معاشر المؤمنين : الإيمان بالملائكة أصل من أصول الإيمان وركن من أركان الدين ، ومن صفات أهل الإيمان إيمانهم بالغيب ، قال تعالى : ((ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ..... )) أي التصديق التام بما أخبرت به الرسل ومن ذلك ـ عباد الله ـ الإيمان بالملائكة .، وجاء ذكر هذا الأصل في صفات أهل الإيمان إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : ((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )) ، وجاء في القرآن ما يدل على أن عدم الإيمان بهذا الأصل كفر ، قال تعالى : ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا )) سورة النساء 136

أيها المؤمنون : إن مما جاء في القرآن والسنة بما يتعلق بأسماء الملائكة لعدد قليل منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل ومالك خازن النار ومنكر ونكير ، ولكن ذكر الله تعالى في القرآن أسماء تتناول الملائكة كلهم كا الملائكة ورسل الله قال تعالى : ((اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ )) وقال تعالى : ((الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))

وسماهم جل وعلا  الكرام ، البررة ، السفرة ، وسماهم جنود الله ، قال تعالى : ((وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ )) ، وفيما يتعلق بأعدادهم فإن عددهم لا يعلمه إلا الذي خلقهم جل في علاه ، ففي حديث الإسراء والمعراج قال النبي عليه الصلاة والسلام ((ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا فِيهِ آخِرُ مَا عَلَيْهِمْ ))

وفي مسند الإمام أحمد ،عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ. لَوْ عَلِمْتُمْ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَاتِ، وَلَخَرَجْتُمْ عَلَى، أَوْ إِلَى، الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ ))

وفيما يتعلق بأوصافهم فإنهم خلق من خلق الله خلقهم من نور

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ ... ))

وهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون كما هي الحال في الجن والإنس ،  ((لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) ، وعلينا أن نؤمن بهم وبكل وصف لهم جاء في الكتب والسنة إجمالا وتفصيلا ، ومن ذلك ما أخبر به ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ ))

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم

الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه واخوانه

عباد الله : إن ما يتعلق بوظائف الملائكة وأعمالهم فهم جنودٌ لله ورسلٌ يأتمرون بأمر الله لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وإن علاقتهم بالإنسان ، أن منهم من وكل بحفظ العباد ، قال تعالى : ((لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ .. ) سورة الرعد 11، ملائكة، يحفظون بدنه وروحه من كل من يريده بسوء، ويحفظون عليه أعماله، وهم ملازمون له دائما .،  يَحْفَظُونَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمَنْ خَلْفِهِ، فَإِذَا جَاءَ قَدَرُ اللَّهِ خَلَّوْا عَنْهُ .ومنهم من وكل الله إليه كتابة أعمال العباد ، قال تعالى : ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )) سورة ق 18 أي: مراقب له، حاضر لحاله ،كما قال تعالى : ((وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)

ومن علاقتهم بالإنسان أنهم يحضرون  صلاته ،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَتَعَاقَبُون فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ "

ومما أخبرنا به سبحانه وتعالى أنه سخرهم للدعاء للمؤمنين والاستغفار لهم

، قال تعالى : ((الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ  )) سورة غافر 7 ،،، وهذا كله يتطلب من المكلف الأدب معهم والحياء منهم والأنس بهم وحسن صحبتهم واحترام ومراعاة الأدب الذي ينبغي معهم والمبادرة إلى المواطن والأعمال التي  دلت النصوص على أنهم يحضرونها ويثنون على أهلها ويدعون لهم ، واجتناب ما يسبب بُعدَ الملائكة عن الشخص أو المكان ، مع الإيمان بعظمة الله وقدرته وحكمته في خلق أولئك الكرام .

هذا وصلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا  }

المرفقات

1725545151_علاقة الملائكة بالإنسان.pdf

المشاهدات 722 | التعليقات 0