عظم صلاة الفجر والأسباب المعينة على أدائها
خالد خضران الدلبحي العتيبي
خطبة عن عظم صلاة الفجر والأسباب المعينة عليها كتبها : خالد بن خضران الدلبحي العتيبي – الجمش الدوادمي .
الخطبة الأولى :
إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
عبادَ الله إنَّ أعظمَ صلاةٍ فرضها الله سبحانه وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم هي صلاة الفجرِ ولها من الخصائصِ والفضائل ما ليس لغيرها ومع ذلك كلِه فإنَّ هذه الصلاةَ تشتكي من قلة المصلين حتى إنَّ بعض المساجد يؤذن المؤذن فيصلي هو والإمام وعددٌ قليل والبيوت حول المسجدِ فيها العشرات وربما المئات من الرجال الذين تجب عليهم صلاةُ الجماعةِ فأين المسلمون يا عباد الله في هذه الوقت أين جيران المسجد هل هم غائبون عن الحي ؟
لا إنهم حاضرون بأبدانهم غائبون بقلوبهم قدموا لذة النوم على طاعة ربهم .
ما أضعفَ الإيمانُ في هذه القلوب وما أعظمَ الدنيا فيها ولذلك ما إن ترتفعَ الشمسُ ويأتيَ وقتُ الأعمالِ إلا وجدتهم يخرجونهم من بيوتهم لوظائفهم وأعمالهم و لو قيل لهؤلاء المتخلفين عن صلاة الفجر من جاء لصلاة الفجر فله مائة ريال لكل صلاة لوجدت أن المسجد يزدحم ولا يتسع للمصلين
عباد الله إن صلاةَ الفجرِ خيرٌ من النوم بل هي خيرٌ من الدنيا ومن كل ما فيها ففي صحيح مسلم عن عائشة عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ».
وهذا في سنةِ الفجرِ فما بالك بصلاة الفجر لا شك أنها خير من الدنيا وما فيها .
هذه الصلاة يا عبادَ الله صلاةٌ عظيمةٌ تشهدها الملائكةُ قال تعالى ( وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) يقول ابن كثير : المقصودُ بقرآنِ الفجرِ صلاةُ الفجر .
عن أبي هريرةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يتعاقبون فيكم ملائكةٌ الليل وملائكة النهار ويجتمعون في صلاةِ الصبح وفي صلاةِ العصر، فَيَعْرُجُ الذين باتوا فيكم فيسألهم -وهو أعلم بهم -كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون"
صلاةُ الفجرِ عبادَ الله من صلاها مع جماعة المسلمين كأنما قام الليلَ كلَه ففي صحيح مسلم من حديث عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من صلى الصبح فى جماعة فكأنما صلى الليل كلَه »
صلاة الفجر من صلاها فهو في ذمةِ الله أي في حفظه سبحانه وتعالى ففي صحيح مسلم : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ»
عبادَ الله إنَّ أداءَ صلاةِ الفجرِ مع جماعة المسلمين سلامةٌ من النفاق لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنَّ صلاةَ الفجر ثقيلةٌ على المنافقين .
و هي علامةٌ على كمال إيمان العبد وفي الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ "
فالذي يحب الله ورسوله يقدم طاعتهما على كل شيء ومن ذلك ما تحبه هذه النفس فالنفس ترغب في الفراش وفي النوم والله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم يريدان منك أن تقوم لصلاة الفجر فكامل الإيمان يقدم طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
كما أن التخلف عن صلاة الفجر يا عباد الله ورد فيه عقوبة في البرزخ فاسمع يا عبد الله لهذه العقوبة جاء في البخاري عن سمرةَ بنِ جُنْدُب - رضى الله عنه - قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يكثر أن يقولَ لأصحابه « هل رأى أحدٌ منكم من رؤيا » . قال فيقصُ عليه من شاء الله أن يقصَ ، وإنه قال ذاتَ غداةٍ « إنه أتانى الليلةَ آتيانِ ، وإنهما ابتعثانى ، وإنهما قالا لى انطلقْ . وإنى انطلقتُ معهما ، وإنَّا أتينا على رجلٍ مُضطجعٍ ، وإذا آخرُ قائمٌ عليه بصخرةٍ ، وإذا هو يهوى بالصخرةِ لرأسهِ ، فيثْلَغُ رأسَه فيتهدهدُ الحجرُ ها هنا ، فيتبعُ الحجرَ فيأخذَه ، فلا يرجعُ إليه حتى يصحَ رأسُه كما كان ، ثم يعودُ عليه ، فيفعلُ به مثلَ ما فعلَ المرةَ الأولى . قال قلت لهما سبحان الله ما هذان قال قالا لى انطلق ...
أما الرجلُ الأولُ الذى أتيتَ عليه يُثلَغُ رأسُهُ بالحجر ، فإنه الرجلُ يأخذُ القرآنَ فيرفضُه وينامُ عن الصلاة المكتوبة )
ومعنى يرفض القرآن أي لا يعمل به فهذا سببٌ عذابه في القبر عدم العمل بالقرآن وأيضاً النوم عن الصلاة المكتوبة .
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المحافظين عن الصلاة في بيوت الله .
الخطبة الثانية :
إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
عبادَ اللهِ إنَّ عدمَ بذلِ الأسبابِ للقيامِ لصلاةِ الفجر علامةٌ بينة على عدمِ الرغبةِ في أدائها في وقتها ومع جماعة المسلمين ولو كانت الرغبةُ قويةٌ عندَ الإنسانِ لبذلَ الأسبابَ حتى يقوم .
فمن الأسباب المعينة على أداء صلاة الفجر في وقتها :
أن ينوي الإنسان النية الصادقة على أن يؤدي صلاة الفجر والإنسان إذا نوى فعل الخير أعانه الله سبحانه على فعله ويسره له .
كذلك من الأسباب أن ينام على طهارة وأن يأتي بأذكار النوم كقراءة آية الكرسي وكذلك الآيتين الأخيرة من سورة البقرة ويسبح الله ثلاثاً وثلاثين ويحمد الله ثلاثاً وثلاثين ويكبر الله أربعاً وثلاثين وغير من أذكار النوم .
كذلك من الأسباب التي تعين على أداء صلاة الفجر عدم السهر ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها لأن النوم قبل صلاة العشاء يترتب عليه تضيع صلاة العشاء والحديث بعد العشاء يؤدي إلى السهر وتضييع صلاة الفجر والإنسانُ إذا سهرَ حتى لو يؤدي صلاةَ الفجر فإنه سيؤديها بكسل وتثاقل بخلاف من نام مبكراً .
ومن الأسباب استخدام وسائل التنبيه كالساعة المنبهة وإذا احتاج إلى استخدامِ منبهٍ آخر فإنه يفعل ذلك ويبعده عنه حتى لا يُطفئه أثناء نومه .
ومن الأسباب أن يطلب ممن يقوم في هذا الوقت أن يوقظهُ كالوالدين أو بعض إخوانه وهذا من التعاون على البر والتقوى .
ومن الأسباب أن يأخذ الإنسان الأمر بعزيمة صادقة وأن يجاهد النفس حتى تنقاد إلى طاعة الله فبعض الناس إذا سمع المنبه أو الأذان لا يأخذ الأمر بعزم بل تجده يتكاسل ويستسلم لنفسه ويأتيه الشيطان ويقول نم قليلاً فقط ما يضر خمس دقائق أو عشر دقائق وهكذا حتى تفوته الصلاة بل ربما أخرجَ الصلاة عن وقتها بينما لو أخذ الأمر بعزم ومجاهدة لأعين من الله قال تعالى ( (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت : 69 ) .
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يحافظون على صلاة الفجرِ مع جماعة المسلمين .......
المرفقات
1720093721_خطبة عن صلاة الفجر.doc