عظمة وكرم

حسام بن عبدالعزيز الجبرين
1437/06/12 - 2016/03/21 18:11PM
[font="] 17 / 5 / 1437
[/font]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة .

إخوة الإيمان : إليكم حديثا عظيم الأجر سهل العمل ، تقوله بلسانك في نصف دقيقة ، حري بكل مسلم أن يعمل به وأن يعلمه لغيره ليكسب مثل أجره ، أخرج مسلم في صحيحه عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرج من عندِها بُكرةً حين صلى الصبحَ ، وهي في مسجدِها . ثم رجع بعد أن أَضحَى ، وهي جالسةٌ .- وفي رواية النسائي والترمذي ثمَّ مرَّ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم بِها قريبًا من نصفِ النَّهارِ - فقال " ما زلتِ على الحالِ التي فارقتُكِ عليها ؟ " قالت : نعم . قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " لقد قلتُ بعدكِ أربعَ كلماتٍ ، ثلاثَ مراتٍ . لو وُزِنَتْ بما قلتِ منذُ اليومَ لوزَنَتهنَّ : سبحان اللهِ وبحمدِه ، عددَ خلقِه ورضَا نفسِه وزِنَةِ عرشِه ومِدادَ كلماتِه " . وفي رواية لمسلم أيضا : " سبحان اللهِ عددَ خلْقِه . سبحان اللهِ رضا نفسِه . سبحان اللهِ زِنَةَ عرشِه . سبحان اللهِ مِدادَ كلماتِه " .
سبحان الله وبحمده أو سبحان الله عدد خلقه .. الله أكبر : كم عدد المخلوقات ؟! إنه لا يعلم عددها إلا خالقها كما قال اللهُ تَعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} في مخ الإنسان أكثر من 100 مليار خلية ! وكم خلق الله من البشر ! وكم خلق الله الجن والملائكة ! كم خلق الله من الأطيار وكم خلق الله من ذرات التراب والرمل والأحجار ! وكم خلق من النبات والأزهار ! وكم يعيش من أسماكٍ في الأنهار ! و المحيطات والبحار ! كم من النجوم والكواكب ! كم من الحشرات والعناكب كم وكم وكم أما نحن فنجهله وأما ربنا فيعلمه ففي التنزيل{ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً }الجن28 .
سبحان الله وبحمده أو سبحان الله رضا نفسه : ولم يرد لها عدد، يعني أنك تسبح الله وتحمده حمدا يرضى به الله جل جلاله .
سبحان الله وبحمده أو سبحان الله زنة عرشه : أي وزن العرش ، قال الشيخ ابن عثيمين : " وزنة عرشه لا يعلم ثقله إلا الله سبحان وتعالى ، فإن العرش أكبر المخلوقات التي نعلمها " اهـ كلامه .
ومما يبين عظمة العرش الحديث العظيم عند أبي داوود " أُذِن لي أن أُحدِّث عن ملكٍ من ملائكةِ اللهِ، من حملةِ العرشِ : إنَّ ما بينَ شحمةِ أُذنهِ إلى عاتقِه، مسيرةُ سبعمائةِ عامٍ " صححه الألباني وفي رواية " أُذِنَ لي أن أُحدِّثَكُم عن ملَكٍ مِن حَملةِ العرشِ بُعْدُ ما بينَ شَحمةِ أُذنِهِ وعُنقِهِ مخفَقُ الطَّيرِ سبعَمائةِ عامٍ " قال ابن كثير إسناده جيد . استوى الرحمن جل جلاله على العرش استواء يليق بجلاله من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل كما قال عن ذاته العلية { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الشورى11
فإذا كان هذا ما بين شحمه أذن الملَك وعاتقه فكيف حجم الملَك كله ! وكم يا ترى سيكون ثقل ووزن العرش الذي يحمله عدد من الملائكة !


سبحان الله وبحمده أو سبحان الله مداد كلماته ، والمداد هو ما يكتب به ( كالحبر للأقلام ) قال سبحانه {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً }الكهف109 وفي آية أخرى { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} قال ابن كثير : " أي ولو أن جميع أشجار الأرض جعلت أقلاما ، وجعل البحر مدادا ومده سبعة أبحر ] معه ، فكتبت بها كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته وجلاله لتكسرت الأقلام ، ونفد ماء البحر ، ولو جاء أمثالها مددا " .
وكلمات الله سبحانه نوعان: النوع الأول : كلمات شرعية كالقرآن والتوراة المنزلة على موسى والإنجيل المنزل على عيسى والزبور المنزل على داود و النوع الثاني : كلمات كونية ويشمل جميع الأقدار التي تحدث في الكون من حياة وموت وغنى وفقر ورزق وغيرها كثير.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها أولها وآخرها علانيتها وسرّها اللهم اهدنا وسددنا اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين واستغفروا الله إنه كان غفارا

الحمد لله { الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } وصلى الله على نبيه الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد : عباد الله : فإننا ما قدرنا الله حق قدره ، خلقنا من العدم وأمدنا بالنعم ولكننا مقصرون في طاعته ، أمرنا ونهانا وكرر ( اتقوا الله ) فما اتقينا ، أنعم علينا ولم يكلفنا فوق طاقتنا ووعد إن أطعنا وتوعد إن عصينا رأفة بنا ، هو الغني سبحانه ونحن الفقراء هو القادر ونحن العاجزون ، كم عصينا فحلم وستر وكم جاهرنا بمخالفة أمره فحلم وصبر ، بل نادانا نداءات لطيفة كثيرة ونحن معرضون وربما مصرون وفي طاعته مقصرون .


عباد الله :
من فضل الله علينا أن وُلدنا من أبوين مسلمين ، ولكن كم لنا في الإسلام وقلوبنا ما زالت قاسية ، يقول ابن مسعود رضي الله عنه :" ما كان بين إسلامِنا وبين أن عاتبَنا اللهُ بهذه الآيةِ :{ أَلَمْ يِأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ} إلا أربعَ سنينَ " . أخرجه مسلم .


إخوة الإيمان :
الملائكة {عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ . لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ. يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} و المؤمن يندم عندما يذنب يبادر للتوبة والاستقامة ومجاهدة نفسه و من البشرى أن حملة العرش العظام الكرام يستغفرون للمؤمنين و يدعون ربهم له وللصالح من آبائهم وأزواجهم و ذرياتهم قال جل جلاله { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ . رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} فأعلنها في نفسك الآن توبة لله فإن الله يفرح بتوبة عبده ويبدل سيئاته حسناته ، والذي رفع السماء بلا عمد إن التوبة قرار صائب رابح لا يحتاج إلى تفكير ونظر ..


ثم صلوا وسلموا ...
المشاهدات 1367 | التعليقات 0