عظمة النبي صلى الله عليه وسلم
إبراهيم بن صالح العجلان
إخوة الإيمان :
قمَّةُ العَظَمَةِ أَنْ يُحبَّكَ النَّاسُ والعِداءُ يَلْمِزُوكَ ، ونِهايةُ الرِّفْعَةِ أنْ تُحَقِّقَ رسالتَك وقد التفَّ بكَ شَانِئُوك ، فتعالوا مع العَظَمَةِ في أَسْمَى صُوَرِها ، مع القِّمَّةِ في أَبْهَى حُلَلِها ، مع الرَّجلِ الذي أَحْيا اللهُ به البشريَّةَ ، وأخْرَجَها من الظُّلماتِ على النُّور ، فالحياةُ في ظِلالِه حَيَاةٌ ، وأَرْضٌ لا تَرْتَوِي بهدْيِهِ رَمْسٌ وَقَبْرٌ . فيا آذانُ أَصْغِي ، ويا قلوبُ تَجَمَّعِي ، ويا مجالسُ تَزَيَّنِي بالحديث عن محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، عن الرجلِ الذي أحبَّه اللهُ واصْطَفَاهُ ، وأَكْرَمَه ُواجْتَبَاهُ ، وجَعَلَهُ نُوراً يَهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ (وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم ) .
هو أَعْظَمُ إنسانٍ في تاريخِ الإنسانِ ، عَلَاَ بِأَمْرِ ربَّه شأنُه ، ومَلَكَ شِغَافَ القلوبِ اِسْمُهُ وَرَسْمُهُ .
عُلُوٌّ فِي الحَيَاةِ وَفِي المَمَاتِ *** لَحَقٌّ أَنْتَ إِحْدَى المُعْجِزَاتِ
عَرَفَ التَّاريخُ كَرَمَ حَاتمٍ ، وفَصَاحةَ لبيدٍ ، وحِلْمَ قيسٍ ، وشَجَاعَةَ عَنْتَرَة ، ولكنَّها كلَّها شخصيات طَاشَتْ وتَلاَشَتْ أمامَ كمالِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم .
لقد كان رسولُنا صلى الله عليه وسلم عالماً في فَرْدٍ ، فكان بذلك فرداً في العالم .
أَذْهَلَتْ شخصيتُه المنصفين ، فها هو أحدُ النَّصارى يُعَبِّر عن رأيه بكلِّ تَجَرُّدٍ فيقولُ : ( إنَّ إلقاءَ نَظْرَةٍ على شخصيةِ محمدٍ تَسْمَحُ لنا بالاطِّلاعِ على عددٍ كبيرٍ من المشاهد ، فهناكَ محمدٌ الرسولُ والمجاهدُ ، ومحمدٌ الحاكمُ والقاضي ، ومحمدٌ الخطيبُ والمُصْلِحُ ، ومحمدٌ مَلْجَأُ اليتامى ومُحرِّرُ العبيدِ وحامي المرأة ، ومحمدٌ العابدُ لله ، كلُّ هذه الأدوارِ الرائعةِ تجعلُ منه أُسوةً للإنسانية ).
نَتحدَّثُ عن هذه العَظَمةِ السَّامِقَةِ ، والقَامةِ الشَّامِـخَة في وقتٍ يتجددُ فيه التَّسَافُلُ على مقامِ القَداسةِ المحمديَّة ، دافِعُها العداوةُ الدِّينيَّة ليس إلا ، وصَدَقَ اللهُ ومَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قيلاً ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين ) .
يَعْجَمُ البَيانُ ، ويَقِفُ اللسانُ ، ويَكَلُّ البَنَانُ عن الإحاطة بالعظمةِ المُصْطَفَويَّةِ واسْتِقْصَائِها ، ولكنْ حَسْبُنا اشاراتٌ قليلةٌ ، من خلالِه الجليلةِ .
وإذا ما عَجَزْتُ عن بُلوغِ النَّجْمِ في ذُرَاه ،،، فَلَنْ أَعْجَزَ عن الإشارةِ إلى النَّجْمِ في سُراه
أحبابَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم حَسْبُكم شَرَفاً ، وكَفَاكُم فَضْلاً أنَّ اللهَ كَتَبَ لعبدِه من الرَّفْعَةِ والخُلودِ ما لمْ يَكْتُبْه لبشرٍ قَبْلَهُ ولا بعدَه .
تَقَاصَرَتِ المدائِحُ في نَعتِه ، وعَجِزَتِ القَصائد عن بلوغِ عَظمتِه ، وتَزَيَّنَتِ الأرضَ بعد مَبْعَثِه وإشراقَتِه .
علا اسمُه على كلَّ المنائرِ والمنابرِ ، فلا تـَمُرُّ لحظاتٌ إلا ونداءُ شهادةِ الأذانِ يُجَلْجِلُ في الآفاقِ ، حتى لكأنَّما الأرضُ كلُّها تَهْتُفُ بمحمدٍ صلى الله وسلم على محمد .
اِخْتَرَقَ كلامُه حُجُبَ الزَّمانِ ، وبَلَغَ خبرُه السِّهالَ والجبالَ ، وما تَرَكَ اللهٌ بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرَ إلا تشنَّفَ أهلُه بِسَماعِ أقوالِه ، ولامَسَتْ بَشَاشَةُ الإيمانِ قلوبَهم حينَ سَمَاعِ أَخبارِه .
أحبَّهُ اللهُ واجْتَباهُ ، ومَنَحَهُ مِنَ الخَصائِصِ وأَعْطَاهُ ، فَجَعَلَ الإيمانَ به مَقْرُوناً بالإيمانِ باللهِ تعالى ، وجَعَلَ رسالتَه رحمةً للعالمينَ ، وتَكَفَّلَ اللهُ بحِفْظِهِ وعِصْمَتِه ، وأَقْسَمَ بحياتِه وبَلَدِهِ ، ولم يُنادِهِ باسْمِهِ ، بل نَهى عن رفعِ الصَّوتِ فوقَ صوتِه .
وأكرمَه اللهُ تعالى بالإسراءِ والمعراجِ حتى سَمِعَ صَرِيفَ الأقلامِ ، وغَفَرَ اللهُ له ما تقدَّمَ من ذنبه وما تأخَّر .
وهو أولُّ مَنْ يُبعثُ يومَ القيامةِ ، وهو إمامُ الأنبياءِ وخطيبُهم إذا وفَدُوا ، وهو أولُّ من يُجيزُ الصِّراطَ ، وأولُّ مَنْ يَقْرَعُ بابَ الجنةِ ، وأولُّ من يَدْخُلُها ، وهو أكثرُ الناسِ تَبَعَاً يومَ القيامة .
وأكرمَهُ اللهُ تعالى في دنيا الناسِ ، فخصَّهُ بالمعجزاتِ الخارقاتِ ، فَنَطَقَ له الحَجَرُ والشجَرُ ، وانْشَقَّ لأمرِه القَمَرُ ، وسبَّحَ الطَّعامُ بين يديه ، وحنَّ الجِذْعُ شَوْقاً إليه ، وأخبرتْهُ الشَّاةُ المسْمُومَةُ خوفاً عليه ، إلى غير ذلك من المآثرِ والفضائلِ التي يَطولُ سَرْدُها وَعَدُّها.
إخوة الإيمان :
وتَتَجَلَّى عظمةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في رحمتِه بأُمَّتِه ، وشِدَّةِ محبَّتِه بهم ، فقد كان يَحْمِل بين جَنبِيْهِ قَلباً رقيقاً ، وحَناناً دافقاً ، كم تَرَقْرَقَتْ دمعاتُه شفقاً على أُمَّتِه، وكم تَلَجْلَجَتْ دعواتُه رحمة بأُمَّتِه ، رَأَتْهُ العيونُ رافعاً يديْهِ ، والدَّمْعُ ساكبٌ على خَدَّيْهِ ، وهو يُلِحُّ على ربِّه : ( يا ربِّ أُمَّتِي أُمَّتِي ) ، فلم يُخَفِّفْ لوعةَ حرصِهِ وخوفِه على أُمَّتِه إلا وَعْدُ ربِّه : ( إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك ) .
كم سَمِعَتْهُ الأذانُ مِنْ مرَّاتٍ وهو يقول: ( لولا أن أّشُقَّ على أُمَّتِي لأَمَرْتُهم بكذا ).
بل كان يَنْهَى النَّاسَ عن كثرةِ السُّؤالِ خَشْيةَ أنْ يُفْرَضَ على أُمَّتِه ما يَشُقُّ عليهم.
أحباب محمد صلى الله عليه وسلم :
ومِنْ مَلامِحِ العَظَمَةِ المحمَّديةِ أنَّ اللهَ جلَّ جلاله جمَّلَهُ بأَكْمَلِ خِلْقَةٍ ، وأحسنِ هَيئةٍ ، فَصُورتُه تَجذُبُ الأنظارِ ، ومَظْهَرُه يدلُّ على ما في مَـخْبَرِه من الصدقِ والإخلاص ، رآه عبدُ اللِه بنُ سلامٍ قبل إسلامه ، فجعل يُدَقَّقُ النَّظَرَ في وجْهِه فقال : ( فعرفتُ أن َّوجْهَهُ ليس بوجْهِ كذَّاب ).
رأتْهُ عجوزٌ أعرابيةٌ فقالت تَصِفُه وهي لا تعرفُه : رأيتُ رجلاً ظَاهرَ الوَضَاءَةِ ، مَلِيْحَ الوجْهِ ، وسيمٌ قَسِيْمٌ.
وأَجْمَلُ منك لم تـرَ قطُّ عَيني *** وخيرٌ منك لم تَلِدْ النِّساءُ
خُلِقْتَ مُبرَّءاً من كلِّ عَيبٍ *** كأنَّك قَدْ خُلِقْتَ كما تشاءُ
خَلقَهُ اللهُ على أكملِ صورةٍ حجَّةً لرسالتِه ، وأَدْعَى لقبولِ دعوتِه ، وقطعاً لفريةِ كلِّ شانئ ، وإسكاتاً لإفكِ كلِّ مُبغضٍ طاعن .
وتبرز العظمَةُ المحمديةُ وتتجلى في أخلاقِه ومكارمِه ، فقد أَسَرَ الأرواحَ بأخلاقِه ، وكَسبَ القلوبَ بحسنِ معاملتِه ، فكم من عداواتٍ في الصدورِ قد اسْتُلَّتْ بسببِ هذا الخلقِ العظيمِ، فهذا أبو سفيانَ ، الذي طالما أعلنَ العداوات، وحاكَ المؤامراتِ ضدَّ النبي صلى الله عليه وسلم ، ما هي إلا سنواتٌ معدوداتٌ إلا وتتغير تلك الضغائنُ المتراكمةُ إلى حبٍ عميقٍ ، ومودَّةٍ متجذِّرةٍ ، حتى قال عن نفسِه :
لَعَمْـرُك إنّي يَـوْمَ أَحْـمِلُ رَايَةً ** لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللّاتِي خَيْلَ مُحَمّـدِ
كَالْمُدْلِجِ الْحَـيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُـهُ ** فَهَذَا أَوَانِي حِينَ أُهْدِي وَأَهْتَدِي
هَـدَانِي هَادٍ غَيْرُ نَفْسِي وَدلَّنِي ** إلى اللّهِ مَنْ طَـرّدْتُ كُلّ مُطَـرَّدِ
إنَّ الحديثَ عن أخلاقِ النبي صلى الله عليه وسلم يبدأُ ولا يَنتَهِي ، فمن أيِّ شيءٍ نأْخُذُ ، ومِنْ أيَّ شَيءٍ نَدَعُ .
يَكْفِيكَ عَنْ كُلِّ مَدْحٍ مَدْحُ خَالِقِه ** واقْرَأْ بِرَبِّكَ مَبْدَأَ سُورَةِ القَلَمِ
كم قالَ عنه مَنْ صاحبَه وجالسَه : (كان أحسنَ الناسِ خُلُقاً )
أما الكَرَمُ ، فسبحانَ من خلقَ الجُودَ ثمَّ سلَّمه للنبي صلى الله عليه وسلم ، حتى وصَفَ من رأى ذلكم الجود بأنَّه كان أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ المرسلة .
ما ردَّ صلى الله عليه وسلم محتاجاً ولا نَهَرَ سائلاً ، بل حتى الثيابَ التي عليه إذا سُئِلَ إياها ، بَذَلَها لمن سألهَا :
ما قال لا قَطُّ إلا في تَشَهُّدِه ** لولا التشهدُ كانت لاؤُهُ نَعَمُ
كان عليه الصلاة والسلام ليِّنَ العَرِيْكَةِ ، سَهْلَ المعاملةِ ، تأخذُ بيده الجاريةُ لحاجتِها، فيمشي معها .
يُسلِّم ُعلى الصبيان ويداعبُهم ، ويحمِلُ الأطفال ويلاعبُهم ، يُجيب دعوةَ من دعاه ، ويَقبلُ الهديةَ ولو قلَّت ( لو دُعيتُ إلى ذِرا عٍ لأَجبتُ، ولو أُهْدِيَ إليَّ كراعٌ لقَبِلْتُ).
كان عليه الصلاة والسلام يجالسُ الفقراءِ ، ويُؤاكلُ المساكينَ ، ويَحضُّ على كفالةِ الأرملةِ واليتيم .
لم يَتميزْ على أصحابِه بمجلسٍ ، فكان يأتي الغريبُ فلا يعرفُه بين الناسِ إلا حين يُدلُّ عليه ، وكان ينهى أن يتمثل الناس له قياماً .
وقف أمامَه رجلٌ فأخذتْهُ رَعْدَةٌ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هَوِّن عليك فإنما أنا ابن امرأةٍ كانت تأكل القَدِيدَ بمكة (والقديد:اللَّحْم المَمْلُوح المُجَفَّف في الشمس)
كان عليه الصلاة والسلام أعفُّ الناسِ لساناً ، وألطفُهم كلاماً ، ما كان فاحشاً ولا مُتفَحِّشاً ، ولا سبَّاباً ولا صَخَّاباً ، ولا لـمَّـازاً ولا لعَّاناً .
كان يتدفق أدباً وحياءً ، إذا كَرِهَ شيئاً عُرفَ ذلك في وجهِهِ ، كان من أبعدِ الناسِ غضباً ، وأَسْرَعِهم رضا ، كان أَرْفَ الناسِ بالناس ، وخيرَ الناسِ للناس .
يَصْبِرُ على أَذِيَّةِ من آذاه صبراً لا يُطاق ، ويَحْلُمُ على الجاهلِ وإن كان من أهلِ السفاهةِ والشقاق .
عُرِضَتْ عليه بَطْحَاءُ مكةَ ذهباً فردَّها ،لأنه يريدُ عيشَ الآخرةِ(والآخرة خير وأبقى)
لم يَتَمَيَّزْ على الناسِ بطعامٍ ولا لباسٍ ، كان يَرضى باليسيرِ ، ويَضطجعُ على الحصيرِ، عَرَفَ الجوعَ وتَأَقْلَمَ معه ، وقَرْقَرَ بطنُه منه أيامٌ وأيامٌ ، كان يَمُرُّ الأسبوعُ والشهرُ وليس في بيتِهِ طعامٌ إلا التمرُ والماءُ ، وما شَبِعَ ثلاثةَ أيامٍ تِباعاً من خُبزٍ حتى فارق الدنيا .
هذا هو رسولُ الله ، هذا خيرُ من أَقَلَّتْهُ الغَبْرَاءُ ، وأظلَّتْهُ الخضراءُ ، هذا خيرُ أهلِ الأرضِ والسماء .
ماذا يَزِيْــدُكَ مَدْحُـنا وثَنَـاؤُنَا ** واللهُ في القـرآن ِقدْزكَّــاكَ
ماذا يُـفيـدُ الذَّبُ عنك وربُّنا ** سبحـانَه بِعُيـونِه يَرْعَـاكَ
فالغارُ يُـخْبِرُنا عن العَيْنِ التي ** حَفِظَتْكَ يومَ غَفَتْ بكَ عَيْنَاكَ
سبحــانَه أَعطاكَ فَيْضَ فضائلٍ ** لم يُعْطِها في العالمينَ سِوَاكَ
سَــوَّاكَ في خَلْقٍ عَظيمٍ وارتقى ** فيكَ الجَمالُ فَجَلَّ مَنْ سَـوَّاكَ
سبحانَه أَعطاك خيرَرســــالةٍ ** في العالمينَ بها نَشَرْتَ هُـداكَ
اللهُ أرسلَكم إلينــــارحمـــةً ** ما ضلَّ من تَبِعَتْ خُطَاهُ خُطَاكَ
أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله فاستغفروه ...
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد ، فيا إخوة الإيمان : ومن أسرارِ عظمةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم : أنه معَ كلِّ حادثةِ شَتْمٍ وإساءةٍ تنال مقامَه الشريفَ نرى القلوبَ تَمتلئُ حباً له ، والصدورَ تَغلي حَنَقَاً وغَيْرَةً عليه .
وقد تَصْحُو القلوبُ إذا اسْتُفِزَّتْ ** ولَفْحُ النَّارِ يُوقِظُ مِنْ سُبَاتِ
ولئن احتملَ المسلمونَ ألواناً من البغي ، ومراراتٍ من الاضطهادِ فلا ولن يُوجدَ فيهم من يَحتمِلُ المِساسَ على مقامِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم إلا مَنْ نُزعَ الإيمانُ من قلبِه .
وتَبْرُزُ مع حوادثِ التَّسافلِ والبذاءَةِ عَظَمَةٌ أخرى للنبي صلى الله عليه وسلم وهي كثرةُ السائلينَ عن دينِه ، والداخلينَ في شريعتِه ، فهل أسلمَ حمزةُ يومَ أَسلمَ إلا حينَ شُتِمَ ونِيْلَ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم .
ومع تتابعِ حوادثِ السَّبِ المتفرقةِ ها نحن نرى في عصرنا اليوم استنفارَ الدعاةِ والغيورينَ والمحبينَ في التعريفِ بنبيهم صلى الله عليه وسلم ، فَطُبِعَتْ ملايينُ الكتبِ ، وأُنشأت عشراتُ المواقعِ تُدافع عن عرضِه ، وتُبْرِزُ للعالمينَ والجاهلينَ بعضاً من حقيقتِه وعظمتِه ، فكان لهذا التحرك ، (والذي ما حركه إلا سفاهة المستفزين ) الأثرُ الأكبرُ في انتشارِ دينِ محمدٍ وتمدُّدِه في الأصقاعِ ، فأيُّ عظمةٍ أجلى وأعلى من هذه العظمة ؟.
وتَبْرُزُ عظمةُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم في دفاعِ اللِه تعالى عنه ، فاللهُ الملكُ الجبارُ القهَّارُ تَكَفَّلَ بالدِّفاعِ عنه ، فَبَتَرَ شَانِئَه ، وقَطَعَ دابرَ من عاداه وآذاه (إنا كفيناك المستهزئين ) ( أليس الله بكاف عبده ).
تَطَاولَ عليه الكفرة المشركون ونَبَزُوهُ ، فخَسِرُوا وقُتِلوا ، وتعدَّى عليه المنافقون ولَـمَزُوه ، فَذَلُّوا وفُضِحُوا .
يا ناطحَ الجَبَلِ العالي لِيَثْلِمَهُ ** أَشْفِقْ على الرَّأسِ لا تُشْفِقْ على الجَبَلِ
وبَعْدُ يا أهل الإيمان :
نَعَمْ للغَضَبِ على عِرْضِ النبي صلى الله عليه وسلم ، ونَعَمْ للحَنَقِ من سفالةِ الكفرةِ المُتَسافِليِن ، وهذه الغَيرةُ والحِمَمُ الصَّدْريَّةُ من العملِ الصالحِ المأجور ، ولكنْ أَجملُ من ذلك وأَنْفعُ : أنْ تَتَحولَ هذه العاطفةُ إلى واقعٍ وعملٍ بالتعريفِ بالنبي صلى الله عليه وسلم وارتباطِ الأمةِ بهديِه وسُنَّتِه ، وخُلُقِهِ ودعْوتِه ، فأعظمُ ما يُغيظُ هؤلاءِ الكفرةِ الشانِئِين الشامتين أنْ يروا نورَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم يَعلو في الآفاق .
فيا كلَّ صاحبِ لسانٍ وقلم ، ويا كلَّ أبٍ ومربٍ هذا أوانُ الدفاعِ عن العرضِ الشريفِ ، فكونوا دعاةً لسيرتِه ، حماةً عن شريعتِه ، وتواصوا على هذا النهجِ والخيرِ دهرَكم ، فأنتم واللهِ على خيرٍ وإلى خيرٍ :
هي دَعْـوةُ شَعْـِبيَّةٌ سِلْمِيَّـةٌ ** لا الشَّجْبُ يُطْفِئُها ولا الأَعْذَارُ
هذا جوابُ الشَّعْبِ رَغْمَ هَوانِه ** وغَداً يُجيبُ الواحدُ القهارُ
اللهم صلِّ على محمد ....
المشاهدات 22631 | التعليقات 16
لله درك يا شيخ ابراهيم
خطبة جميييييييييلة و رآآآآآآآآآآآآآئعة
بارك الله فيك وفي بقية مشايخنا
الخطبة مرفقة
المرفقات
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/9/أَعْظَمُ%20إِنْسَانٍ.doc
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/9/أَعْظَمُ%20إِنْسَانٍ.doc
جزاك الله خير ياشيخ إبراهيم على الخطبة الرائعة
أسأل الله عز وجل أن يحشرنا وإياك في زمرة نبيه صلى الله عليه وسلم
لاحرمنا الله منك أيها المبارك
وأسأل الله عز وجل أن يحشرنا وإياك في زمرة نبيه صلى الله عليه وسلم
لا فض فوك بارك الله في علمكم ونفع بكم
بارك الله فيك، وجزاك خيرا على هذه الخطبة، ولاشك إن مثل هذه الخطب النافعة من أعظم النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم
فكم من خطيب سيخطب بها في أصقاع الأرض، وكم من مستمع سيستمع لها ويتأثر بها.
شكر الله لك هذا الجهد وجعلنا وإياكم من خدمة دينه
الذابين عنه وعن نبينا عليه الصلاة والسلام.
ظافر البكري
وفقك الله وسددك .. ياشيخ إبراهيم .. ونسأل الله تعالى أن يخرس أفواه الشامتين برسولنا صلى الله عليه وسلم وأن يشل أركانهم ويقطع دابرهم .
تعديل التعليق