عظات الختام

حسام الحجي
1443/12/30 - 2022/07/29 00:45AM

الْحَمْدُ للهِ مُصَرِّفِ الدُّهُورِ، وَأشَهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ جَامِعُ الْخَلَائِقِ لِيَوْمِ النُّشُورِ، وَأشهدُ أنّ مُحمدًا عَبدُهُ ورسولهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَحَامِلُ النُّورِ،صلى اللهُ عليهِ، وَعَلَى آلِهِ أَهْلِ النَّقَاءِ وَصَحَابَتِهِ الْأَتْقِيَاءِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ.

أمَّا بعدُ: أَيَّامٌ تَتْبَعُهَا أَيَّامٌ، وَسَنَوَاتٌ تَتْلُوهَا سَنَوَاتٌ، وَلَيْلٌ يَعْقُبُهُ نَهَارٌ، وَجِيلٌ يَخْلُفُهُ جِيلٌ، وَهَكَذَا حَيَاةٌ يَتْبَعُهَا مَوْتٌ، أَعْوَامٌ مَضَتْ بِأَعْمَارِنَاوَأَعْمَالِنَا، وَأَعْوَامٌ آتِيَةٌ تُقَرِّبُنَا مِنْ آجَالِنَا، وَتُنْقِصُ مِنْ حَيَاتِنَا، أَعْوَامٌ رَحَلَتْ بِخَيْرِهَا وَشَرِّهَا، وَحُلْوِهَا وَمُرِّهَا، وَأَعْوَامٌ تَنْتَظِرُنَا لَا نَعْلَمُ مَا قُدِّرَ لَنَافِيهَا وَلَا كَمْ بَقِيَ لَنَا مِنْهَا.

وفِي يومِنَا هَذا نُوَدِّعُ عَامًا، وَنَسْتَقْبِلُ عَامًا آخَرَ (يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ) وفِي تَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ وَدَوَرَانِ الدُّهُورِوَالْأَعْوَامِ وَتَعَاقُبِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ دُرُوسٌ لِهَذَا الْإِنْسَانِ، يَأْخُذُ مِنْهَا الْعِبْرَةَ وَيَسْتَلْهِمُ مِنْهَا الْعِظَةَ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَخِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا).

وفِي تَغَيُّرِ الْأَعْوَامِ تَذْكِرَةٌ لِلْعَبْدِ فِيمَا مَضَى مِنْ عُمُرِهِ، وَدَعْوَةٌ لَهُ لِلتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ ذُنُوبِهِ وَمَعاصِيهِ، وَهَذَا يَدْعُونَا إِلَى أَنْ نَسْتَحْضِرَنِدَاءَ اللهِ -تَعَالَى- وَهُوَ يَسْتَنْهِضُ نُفُوسَ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَاتَعْمَلُونَ).

فِي وَدَاعِ عَامٍ وَاسْتِقْبَالِ آخَرَ فُرْصَةٌ لِمَنِ انْشَغَلَ بِدُنْيَاهُ فِي مَا مَضَى أَوْ تَهَاوَنَ فِيمَا أَمَرَ اللهُ وَقَضَى، وَتَجَاوَزَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَنَهَى، إِنَّهَا فُرْصَةٌجَدِيدَةٌ لِلْعَبْدِ أَنْ يُحْسِنَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ وَيَجْتَهِدَ وَيَسْتَدْرِكَ مَا فَاتَهُ، عَنْ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّالنَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ، قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ".

فَاللهُمَّ إنّا نَسْأَلُكَ حُسْنَ الْخِتَامِ.

قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ، وأَستَغفرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوه وَتُوبُوا إِلَيْهِ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

الحَمدُ للهِ وحَدَهُ والصَلاةُ والسَلامُ علَى من لا نبيَّ بعدَهُ، وبعدُ:

أَيُّهَا الْمُسْلِمُ: بَيْنَ تَصَرُّمِ الْأَعْوَامِ حَيَاةٌ تَتَجَدَّدُ، وَأَنْفَاسٌ تَتَوَقَّفُ، وَآجَالٌ تَنْقَضِي، فَتَيَقَّنْ -أَيُّهَا الْإِنْسَانُ- أَنَّهَا تَعْمَلُ فِيكَ وَتَسْتَهْلِكُ مِنْكَ عُمُرَكَوَتَسْلُبُ مِنْكَ قُوَاكَ حَتَّى تُفْنِيكَ:

إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا *** وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ

فَالْتَمِسْ -يَا مُسْلِمُ- عُمُرَكَ، وَاغْتَنِمْ خَمْسَكَ الْتِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَهَمِّيَّتِهَا، فَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-:"اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ".

وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَهْمَا طَالَ بِكَ الْمُقَامُ، فَلَا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ يَكُونُ فِيهِ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى؛ رَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّﷺ فَقَالَ: "يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ".

 


أَلَا صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْهَادِي الْبَشِيرِ، وَالْمُبَلِّغِ النَّذِيرِ، كَمَا أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ؛ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

المشاهدات 769 | التعليقات 0