عشر ذي الحجة موسم جديد لرفع رصيد الحسنات والدرجات

كامل الضبع زيدان
1436/08/21 - 2015/06/08 08:25AM
عشر ذي الحجة موسم جديد لرفع رصيد الحسنات والدرجات
ها هي تجليات الرب الرحيم جل جلاله على هذه الأمة المرحومة تتوالى وعطاياه العظام لا تنقطع عنها لا يكاد ينتهي موسم للطاعة والرحمة والعبادة إلا وجاء بعده موسم آخر لرفع درجات الأمة ومحو سيئاتها وعزتها ورفع مكانتها عند ربها عزو جل نعم عظيمة تحتاج إلى شكر عظيم ونحن عاجزون عن الشكر فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
يقسم ربنا عزو جل بالليالي العشر ولا يقسم ربنا بها إلا لبيان عظمتها وجلالة قدرها عنده وها هو حبيبنا يوضح ويبين أن العمل الصالح في أيام العشر الأول من ذي الحجة أحب إلى الله من غيره في أي وقت آخر من العام ففي صحيح البخاري من حديث سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله منها في هذه العشر ـ يعني عشر ذي الحجةـ قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء} الجهاد في سبيل ذروة سنام الدين وأعظم ما يثيب الله عزو جل عليه العباد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقول اللهم أعطني أفضل ما تعطي عبادك قال صلى الله عليه وسلم إذا يعقر جوادك وتستشهد هذا أفضل ثواب يحصله العبد أعمال العباد في عشر ذي الحجة ترقى بهم إلى مقاربة ذلك إذا فهي أوقات توزن بميزان الذهب علينا أن نعد العدة من الآن لننهل من معين الرحمات الواسعة في هذه الأيام المباركات ونشمر عن سواعد الجد في هذه الأيام التي اجتمعت فيها أمهات العبادات [الصلاة والصدقة والصيام والحج] ولا تجتمع في غيرها من الأيام.
علينا أن نجدد النية أن نكون في كل عام من حجاج بيت الله الحرام ونأخذ بالأسباب المتاحة قدر استطاعتنا فإن وفقنا فهذا فضل الله العظيم وإن لم نوفق نؤجر بنيتنا الصالحة ونأخذ ثواب الحج ونحن في بيوتنا وبين أهلينا وأولادنا وهذا من فطنة المؤمن يتاجر بنيته مع الله عزو جل وهو يعلم الثواب العظيم لمن حج بيت الله الحرام فقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم {من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه} رواه البخاري وقال صلى الله عليه وسلم {العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة} رواه البخاري وقال صلى الله عليه وسلم {تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة} رواه الترمذي وصححه.
من أعظم العبادات والأعمال الصالحات المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة في المسجد وهذا في كل الأزمنة وبخاصة في الأزمنة الفاضلة التي تضاعف فيها الحسنات قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم {هل أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط} والأحاديث في فضل الصلاة وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله كثيرة جدا فلنهتم بذلك غاية الاهتمام.
ومن أهم الأعمال الصالحة في هذه الأيام الفاضلة كثرة ذكر الله عزو جل يقول الله تعالى {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} والأيام المعلومات عند جمهور المفسرين هي عشر ذي الحجة والأيام المعدودات هي أيام التشريق الثلاثة التي يستقر بها الحجيج في منى وهي أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى كما أخبر الحبيب صلى الله عليه وسلم والذكر أيضا من خير الأعمال الصالحة في كل الأزمان وبخاصة في هذا الزمان الفاضل يقول حبيبنا صلى الله عليه وسلم {ألا أدلكم على خير أعمالكم وأرفعها في درجاتكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى يا رسول الله قال ذكر الله تعالى} وقال صلى الله عليه وسلم لمن أراد أمرا يتمسك به ويكون سهلا ميسورا ينجو به من عذاب الله عزو جل ليكن لسانك رطبا بذكر الله تعالى وقال صلى الله عليه وسلم عن هذه الأيام المباركة الفاضلة {أكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد} رواه الإمام أحمد وهذه الأذكار المباركات (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) غراس الجنان وكنوز الجنان لنا بها نخيل وأشجار وثمار في جنات النعيم فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون.
الصيام من أعظم العبادات في هذه الأيام المباركات وقد قال الله عزو جل الصوم لي وأنا أجزي به فلا تسأل عن العدد ولا عن الحد لأن أكرم الأكرمين قد تكفل بذلك وعطاءه لا حد له جل جلاله ربنا الكريم وقد قال الإمام النووي رحمه الله تعالى صوم التسع الأول من ذي الحجة كاملة مستحب استحبابا شديدا لعظيم الأجر المترتب على الصيام ويتأكد صيام يوم عرفة لغير الواقفين بعرفة فقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم {صيام يوم عرفة أحتسب على الله أنه يكفر ذنوب سنة قبله وسنة بعده} رواه مسلم فصيام يوم عرفة شأنه عظيم فلنحرص عليه لننال الشرف العظيم ويوم عرفة اليوم الذي أكمل الله عزو جل فيه الدين للمسلمين وأتم عليهم فيه النعمة بمغفرة الذنوب والعتق من النيران كما جاء عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة} رواه مسلم. فعلينا بكثرة الاستغفار وطلب العتق من النيران في هذا اليوم العظيم علنا نكون من العتقاء برحمة أرحم الراحمين ونكثر فيه أيضا من الدعاء وقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير خير ما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله عليهم السلام كما أخبر بأبي هو وأمي وروحي صلى الله عليه وسلم.
ولا ننسى أن نجدد التوبة النصوح لله عزو جل وهي العامة الشاملة لجميع الذنوب الصغائر والكبائر ما علمنا من الذنوب وما لم نعلم وما الله عزو جل به أعلم نقلع عن الذنوب ونندم على ما فات ونعزم على ألا نعود ونرد المظالم لأصحابها ونقبل على طاعة الله عزو جل بجد واجتهاد لنعوض ما فات فإن الحسنات يذهبن السيئات.
أسأل الله عزو جل أن يبلغنا جميعا هذه الأيام المباركات ونحن في أتم الصحة والعافية والطاعة والقرب من رب العالمين والشوق إلى لقاءه جل وعلا في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم آمين والحمد لله رب العالمين.
أخوكم / كامل الضبع محمد زيدان
المشاهدات 2034 | التعليقات 0