عشر الأواخر من رمضان

حسين بن حمزة حسين
1443/09/19 - 2022/04/20 11:11AM
الحمد لله رب العالمين... إخوة الإيمان: هذه أيام شهركم تتصرّم، ولياليه الشريفة تتقضَّى، شاهدة بما عملتم، وحافظة لما أودعتم،  يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ، ينادي ربكم: "يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه"، هذا  شهركم، وهذه قرب نهايته، أفضل أيامه ولياليه ؟! إنها العَشْرُة الأخيرة، كان يهتم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم اهتمام، في العشرين قبلها كان يخلطها بصلاة ونوم، فإذا دخلت العشر الأخير، شمر وجد وشد المئزر، هجر فراشه، أيقظ أهله، أيها المسلمون: أوقاتكم فاضلة أشغلوها بالدعاء والصلاة وقراءة القرآن وذكر الله وغيرها من العبادات، وإن من أعظم ما يرجى فيها ويتحرى ليلة القدر: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)[القدر: 2]. من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حرم، خفي تعيينها اختبارًا وابتلاء، ليتبين العاملون وينكشف المقصرون، فمن حرص على شيء جدّ في طلبه، وهان عليه ما يلقى من عظيم تعبه، إنها ليلة تجري فيها أقلام القضاء بإسعاد السعداء، وشقاء الأشقياء (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَـاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ * خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَـائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مّن كُلّ أَمْرٍ * سَلَـامٌ هِي حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر)، ليلة واحدة -عباد الله- العمل فيها يفضل العمل على أكثر من ثلاث وثمانين عاما! فما أعظم بركتها! وما أوفر مكانتها! وما أعظم ثواب الله -عز وجل- فيها!، ومن فضائلها أن الملائكة تتنزل فيها وفيهم جبريل عليه السلام، يتنزلون بالخير والرحمة والبركة: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) ، ومن شأنها أنها سلام حتى مطلع الفجر، فهي ليلة سالمة لا شر فيها؛ بل كلها خير ونعمة وفضل وبركة، ومن فضائل هذه الليلة -عباد الله- ما ثبت عن نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". فهي ليلة -عباد الله- عظيم شأنها، رفيعة مكانتها، عال قدرها، كثيرة خيراتها وبركاتها، والواجب علينا معاشر المؤمنينأن نَقْدُر لهذه الليلة قدرها، وأن نعرف لها مكانتها وفضلها وبركتها، وأن نجتهد في تحري خيرها وبركتها بالجد والاجتهاد في العبادة، والإقبال على العبادة والطاعة،  إنَّ الواجب علينا -عباد الله- أن نقبل على الله -عز وجل- إقبالا صادقا، تائبين إليه من ذنوبنا، سائليه -سبحانه- العافية، راجين رحمته، طامعين في فضله وعظيم ثوابه.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان. أيها الناس: أوصيكم بتقوى الله -عز وجل-، فإن تقوى الله خلَف من كل شيء، وليس من تقوى الله خلفٌ: (إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ)[النحل: 128]. أيها المسلمون: اعرفوا شرف زمانكم، واقدروا أفضل أوقاتكم، وقدموا لأنفسكم، لا تضيعوا فرصة في غير قربة، تقول عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: يا رسول الله، أرأيت إن علمت ليلة القدر ماذا أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني".، أكثروا -رحمكم الله- في عشركم هذه بالدعاء، فقد قال ربكم عز شأنه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)[البقرة: 186].  أيها المسلمون: أيامكم هذه أعظم الأيام فضلاً، وأكثرها أجرًا،والمرحوم من رحمه الله وأعطى لهذه الأيام قدرها ونال فضلها بالعمل وحسن الرجاء، والمحروم المغبون من انصرف عن طاعة الله، والمحروم من حرم رحمة الله، والمأسوف عليه من فاتته فرَص الشهر وفرط في فضل العشر وخاب رجاؤه في ليلة القدر، مغبون من لم يرفع يديه بدعوة، ولم تذرف عينه بدمعة، ولم يخشع قلبه لله لحظة. فاتقوا الله -رحمكم الله-، وقوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة، فإن الشقي من حرم رحمة الله. اللهم تقبل صيامنا وقيامنا ودعاءنا، اللهم وفقنا لإدراك ليلة القدر، اللهم اجعل شهرنا شهر خير وبركة للإسلام والمسلمين في كل مكان، اللهم أعتق رقابنا من النار.
المشاهدات 1042 | التعليقات 0