عدل الاسلام والقيم الانسانية

zaghloula zaghloula
1435/10/10 - 2014/08/06 06:36AM

يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ}
يُعَدُّ العدل من القيم الإنسانية الأساسية التي جاء بها الإسلام، وجعلها من مُقَوِّمَاتِ الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية،
حتى جعل القرآنُ إقامةَ القسط - أي العدل - بين الناس هو هدف الرسالات السماوية كلها، فقال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْـمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25]، وليس ثمة تنويه بقيمة القسط أو العدل أعظم من أن يكون هو المقصود الأول من إرسال الله تعالى رُسُله، وإنزاله كتبه؛ فبالعدل أُنْزِلَتِ الكتب، وبُعِثَتِ الرسل، وبالعدل قامت السموات والأرض.
الكتاب والميزان .... الكتاب فيه العبادات والاخلاق والمعاملات والعدل لضمان أداء العبادات والاخلاق والمعاملات بشكل صحيح.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن المقسطين عند الله على منابر من نور ، عن يمين الرحمن عز وجل ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا )) رواه مسلم .
وفي تقرير واضح وصريح لإحقاق العدل وتطبيقه ولو كُنَّا مبغضين لمن نَحْكُم فيهم، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِيـنَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135]،
والأمة الإسلامية مكلفة بتحقيق العدل في الأرض وأن تبني حياتها كلها على أصول العدل حتى تستطيع أن تحيا حياة حرة كريمة ، ويحظي كل فرد في ظلها بحريته ، وينال جزاء سعيه ، ويحصل على فائدة عمله . و هذا هو العدل الذي لم تعرفه البشرية قط ـ في هذه الصورة ـ إلا على يد الإسلام . وذلك هو أساس الحكم في الإسلام
لأن الإنسان يحتاج إلى العدل في شتى جوانب حياته كى يعيش وهو مطمئن لأنه لن يظلم وسيأخذ كل حقوقه ومطالبه بدون عناء مهما كانت منزلته.
ويقول أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8]، قال ابن كثير[2]: "أي لا يحملنَّكم بُغْض قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كُلِّ أَحَدٍ؛ صديقًا كان أو عدوًّا"[3].

فالعدل في الإسلام لا يتأثَّر بحُبٍّ أو بُغْضٍ، فلا يُفَرِّقُ بين حَسَب ونَسَب، ولا بين جاهٍ ومالٍ، كما لا يُفَرِّقُ بين مسلم وغير مسلم ، مهما كان بين هؤلاء وأولئك من مودَّة أو شنآنٍ.
روى الإمام أَحمد عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه قال: أفاء الله U خيبر على رسول الله r، فأقرَّهم رسول الله r كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم؛ فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها[5] عليهم، ثم قال لهم: "يا معشر اليهود، أنتم أبغض الخَلْقِ إليَّ، قتلتم أنبياء الله U، وَكَذَبْتُمْ على الله، وليس يحملني بغضي إيَّاكم على أن أحيف عليكم؛ قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر، فإن شئتم فلكم،وإن أبيتم فَلِي". فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض، قد أخذنا[6].
فرغم بُغض عبد الله بن رواحة t لليهود إلاَّ أنه لم يظلمهم، بل أعلنها لهم صريحة أنه لا يحيف عليهم، وما شاءوا أَخْذَهُ من أي القسمين من التمر فليأخذوه.
وعن العدل بين الابناء جاء عن النعمان بن بشير قال : (( تصدق عليّ أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأنطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهد على صدقتي فقال له رسول الله عليه وسلم : أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال لا قال : اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرجع أبي فرد تلك الصدقة )) رواه مسلم ،

ومن المواقف الفارقة فى تاريخ الاسلام قصة أسامة بن زيد مع المرأة المخزومية
فلمَّا حاول أسامة بن زيد أن يتوسَّط لامرأة من قبيلة بني مخزوم ذات نسب؛ كي لا تُقطَعَ يَدُها في جريمة سرقة، ما كان من رسول الله ص إلاَّ أن غضب غضبًا شديدًا، ثم خطب خطبة بليغة أوضح فيها منهج الإسلام وعدله، وكيف أنه سوَّى بين كل أفراد المجتمع رؤساء ومرءوسين، فكان ممَّا قاله في هذه الخطبة: "إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْـحَدَّ، وَايْمُ اللهِ! لَوْ أَنَّ ‏‏فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ‏سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا"[4].

علاقة العدل بالاحسان :
هذا هو العدل فى الاسلام يكيل بمكيال واحد للجميع ، ويزن بميزان واحد للجميع
إلى جوار العدل .. ( الإحسان ) .. يلطف من حدة العدل الصارم الجازم ، ويدع الباب مفتوحاً لمن يريد أن يتسامح في بعض حقه إيثاراً لود القلوب ، وشفاء لغل الصدور .

الاحسان : فيروز الديلمى
كتب عمر بن الخطاب إلى فيروز الديلمي أما بعد: فقد بلغني أنه قد شغلك أكل الألباب بالعسل فإذا أتاك كتابي هذا فاقدم على بركة الله فاغز في سبيل الله فقدم فيروز فاستأذن على عمر فأذن له فزاحمه شاب من قريش فرفع فيروز يده فلطم أنف القرشي فدخل القرشي على عمر مستدمي فقال له عمر: من بك قال: فيروز وهو على الباب, فأذن لفيروز بالدخول فدخل فقال: ما هذا يا فيروز قال: يا أمير المؤمنين إنا كنا حديث عهد بملك وإنك كتبت إلي ولم تكتب إليه وأذنت لي بالدخول ولم تأذن له فأراد أن يدخل في إذني قبلي فكان مني ما قد أخبرك قال عمر: القصاص قال فيروز: لا بد قال: لا بد قال: فجثا فيروز على ركبتيه وقام الفتى ليقتص منه فقال له عمر: على رسلك أيها الفتى حتى أخبرك بشيء سمعته من رسول الله .. سمعت رسول الله ذات غداة يقول قتل الظيلمة الأسود العنسي الكذاب قتله العبد الصالح فيروز الديلمي، أفتراك مقتصًا منه بعد إذ سمعت هذا من رسول الله قال الفتى: قد عفوت عنه بعد إذ أخبرتني عن رسول الله بهذا, فقال فيروز لعمر: فترى هذا مخرجي مما صنعت إقراري له وعفوه غير مستكره قال: نعم قال فيروز: فأشهدك أن سيفي وفرسي وثلاثين ألف من مالي هبة له قال: عفوت مأجورًا يا أخا قريش وأخذت مالاً.
الاسلام لا يفرق بين الناس .... ولنا عبرة فيما حدث بين عدى بن حاتم والنبى ص
لما سبى المسلمون بنت حاتم الطائى ( وكان ملكاً على طئ وهو على احد المذاهب النصرانيه ) وكان من بلاغتها فى الحديث مع النبى ما كان .... أطلقها النبى ولكن امرها ان تتمهل حتى تستأمن احد من قومها فترجع معه آمنة الى بلدها.
قال عدى بن حاتم ( أخوها) بعدما رجعت: ثم نزلت فأقامت عندي، فقلت لها وكانت امرأة حازمة: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟ قالت: أرى والله أن تلحق به سريعا فإن يكن الرجل نبيا فللسابق إليه فضله وإن يكن ملكا فلن تزل في عز اليمن وأنت أنت. قال: قلت: والله إن هذا الرأي.
قال: فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه فقال: "من الرجل؟" فقلت: عدي بن حاتم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطلق بي إلى بيته فوالله إنه لعامد بي إليه إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها قال: قلت في نفسي: والله ما هذا بملك.
قال: ثم مضى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دخل بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا فقذفها إلي فقال: "اجلس على هذه". قال: قلت: بل أنت فاجلس عليها.
قال: "بل أنت". فجلست وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأرض. قال: قلت في نفسي: والله ما هذا بأمر ملك. ثم قال: "إيه يا عدي بن حاتم ألم تك ركوسيا؟"
قال: قلت: بلى. قال: "أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع؟" قال: قلت: بلى. قال: "فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك".
قال: قلت: أجل والله. قال: وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يجهل.
ثم قال: "لعلك يا عدي إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم ( اى المسلمين) فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، وأيم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم".
أورد ابن الأثير في جامع الأصول الواقعة التالية عن عمر بن الخطاب ( ت 606 هـ ) : (( عن سعيد بن المسيب يرحمه الله (( أن مسلماً ويهودياً اختصما إلى عمر ، فرأى الحق لليهودي ، فقضى له عمر به ، فقال له اليهودي : والله لقد قضيت بالحق ، فضربه عمر بالدرة ، وقال : وما يدريك ؟ فقال اليهودي : والله إنا نجد في التوراة أنه ليس من قاضٍ يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملك يسددانه ، ويوفقانه للحق ما دام مع الحق ، فإذا ترك الحق عرجا وتركاه ))

روى أن قيصراً أرسل إلى عمر بن الخطاب رسولاً لينظر أحواله ويشاهد أفعاله ، فلما دخل المدينة سأل عن عمر وقال : أين ملككم ؟ فقالوا : مالنا ملك بل لنا أمير قد خرج إلى ظاهر المدينة ، فخرج في طلبه فرآه نائماً فوق الرمل ، وقد توسد درته ، وهي عصاً صغيرة كانت دائماً بيده يغير بها المنكر ، فلما رآه على هذه الحال وقع الخشوع في قلبه وقال : رجل يكون جميع الملوك لا يقر لهم قرار من هيبته ، وتكون هذه حالته ، ولكنك يا عمر عدلت فنمت وملكنا يجور ، فلا جرم أنه لا يزال ساهراً خائفاً ))

ــ قال تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات , إلى أهلها إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به ، إن الله كان سميعاً بصيرا ) سورة النساء آية 58.

فأما الحكم بالعدل بين الناس ، فنص الاية الكريمة يطلقه هكذا عدلاً شاملاً ( بين الناس ) جميعاً لا عدلاً بين المسلمين بعضهم وبعض فحسب وإنما هو حق لكل إنسان بوصفه (( إنساناً )) فهذه الصفة ــ صفة الناس ـ هي التي يترتب عليها حق العدل في المنهج الرباني .

4 ــ قال تعالى : ( وضرب الله مثلاً رجلين أحدهم أبكم لا يقدر على شيء وهو على كل مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ).
في هذه الآية الكريمة أشار الله سبحانه وتعالى إلى أن من يحكم بالعدل ويتوخاه فإنه على صراط مستقيم ، ومن يسكت عن إعلان الحق فهو أبكم لا يقدر على شيء ولا يستفاد منه شيء .

حينما أتى الجيش الإسلامي بقيادة قائد محنك خبير شديد على الكافرين رحيم على المسلمين

هو قتيبة بن مسلم - يرحمه الله رحمه واسعة - أتوا على مشارف سمرقند أمر الجيش بأن يتجه للجبل خلف المدينة لكي لا يرى أهل سمرقند جيش المسلمين فيتحصنوا وهجم على المدينة بكتائب الجيش من خلف الجبال، وكأنهم إعصار من شدتهم وسرعتهم وإذا بهم وسط سمرقند فاتحين لها ومهللين بذكر الله لم يملك أهل المدينة إلى الاستسلام التام ، هرب الرهبان إلى المعبد الكبير وسط الجبال واختبأ أهل سمرقند في بيوتهم لا يخرجون خوفاً من المسلمين

واستقر الوضع للمسلمين.

فبدأ بعض السمرقنديين الخروج من منازلهم لجلب الماء والطعام وكانوا يرسلون أطفالهم الصغار للقيام بهذه المهام وكان المسلمين لا يتعرضون لهم بل كانوا يساعدونهم وكان الأطفال يدخلوا على أهلهم بكل بشاشه وسعادة محملين بالطعام والماء فبدأ الاطمئنان والسكينة يدخل قلبهم وما هي إلى مده قصيرة إلا ورجع الناس لمحلاتهم ومزارعهم وممتلكاتهم فوجودها كما هي لم ينقص منها شيء وبدأت الحياة الطبيعية تسير بين المسلمين وأهل سمرقند ، وزاد هذا الإعجاب بأن تشاجر اثنان واحد من أهل سمرقند والأخر من المسلمين ذهبوا للقاضي فحكم القاضي لسمرقندي.
فوصل الخبر لرهبان الهاربين في المعبد الذي بالجبل فقالوا إذا كان هذا قضائهم عادل
فلابد من وجود حاكم عادل فأمروا أحد رجالهم بأن يذهب لحاكم المسلمين ويخبره بما حدث اثناء غزو المسلمين لهم.
فذهب هذا الشاب حتى وصل إلى دمشق وكان ممتلئ بالخوف و رأى قصر كبير وقال في نفسه إن هذا هو قصر أميرهم، ولكن رأى الناس تدخل وتخرج بدون حاجب ولا رقيب تشجع ودخل وكان هذا هو المسجد الأموي
فقام بعد الصلاة وخروج المسلمين من المسجد و توجه إلى أحد المسلمين وسأل عن قصر الخليفة. فقال له: أين أميركم. فقال له : هو الذي صلى بنا أما رأيته!!! قال: لا
فوصف له منزل أمير المؤمنين ذهب الشاب على الوصف فوجد منزل من طين قديم ووجد رجل بجوار الجدار يصلح الجدار وثوبه مليء بالطين فرجع للمسلم بالمسجد وقال لهأتهزئ بي أسألك عن أميركم ترسلني لشخص فقير يصلح الجدار.
فقام المسلم مع الشاب حتى وصل إلى بيت عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين و أشار له هذا هو الأمير الذي يصلح الجدار، فقال الشاب يا رجل لا تهزئ بي ثانيا.
قال المسلم والله هذا هو فصعق الشاب وهو يتذكر كهنتهم المتكبرين على الناس
وبينما هو مندهش يتأمل.
أتت امرأة مع ابنها وكانت تطلب من أمير المؤمنين أن يزيد عطائها من بين مال المسلمين لأن أبنائها كثر، فجأة يقوم ابن المرأة ويضرب أبن أمير المؤمنين، تخاصما على لعبة صغيرة. وشق رأسه وأخذ الدم ينزف فهرعت زوجة عمر للولد فحملته وصرخت على المرأة،
فخافت المرأة وارتعبت بما فعل ولدها الصغير بابن أمير المؤمنين ، ثم دخل عمر البيت ولف رأس ابنه، وخرج للمرأة وهدأ من روعها وطمأنها وأخذ اللعبة من ابنه وأعطاها لولد المرأة
ثم قال لها اذهبي للخازن وقولي له أن يرفع عطائك فقالت زوجة أمير المؤمنين يضرب ابنك ثم ترفع لها المال وتهدي لأبنها اللعبة.
قال عمر لقد أرعبتيها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من روع مسلماً روعه الله يوم القيامة ......) ثم أكمل إصلاح الجدار.
وكان الشاب السمرقندي ينظر إلى ما يراه بتعجب شديد وهنا اجترأ وقدم بخطى بطيئة إلى عمر بن عبد العزيز وقال: أنت أمير المسلمين؟

فقال الأمير نعم ... ما شأنك ؟ . فقال : أرسلني كهنة سمرقندفأخبروني أنه من عادتكم أنكم عندما تفتحون أي بلد تخيرونهم بين ثلاثة أمور ،أن تدعوهم للإسلام أو الجزية أو الحرب....
قال الخليفة: نعم ،هذه عادتنا قال ومن حق تلك البلاد أن تختار بينالثلاثة....
قال الشاب وليس من حقكم أن تفاجئوا وتهجموا،
قال الخليفة: نعم ،فليس من عادتنا أن نفعل ذلك والله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك ،ورسولنا الكريم نهانا عن الظلم.
فقال الشاب أما قتيبة بن مسلم فلم يفعل ذلك
لما سمع الخليفة ذلك لم يصدر أمر فليس من عادته أن يسمع لطرف واحد .... فلابد أن يتأكد.
فأخرج ورقة صغيرة وكتب فيهاجملة من سطرين...فأغلقها وختم عليها...وقال أرسلها لوالي سمرقند وهو سيرفع عنكم المظلمة (انظر الى ثقة عمر فى عدل القضاه فى عصره).
ذهب الشاب وأعطاها للوالي،
استغرب والي سمرقند وتعجب من الرسالة ولكنه يعرف ختم أمير المؤمنين....فتأكد إنها منه...فتحها...و أذبها. فكان فيها الآتي:
" من أميرالمؤمنين إلى والى سمرقند السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نصب قاضيا يحتكم بين كهنة سمر قند وقتيبة بن مسلم ..وكن أنت مكان قتيبة". لم يشأ الخليفة أن يرجع قتيبة ويشغله عن فتوحاته...
وإن رأى القاضي غير هذا الآمر فنفذوه ...
لكن أمر القاضي أن يرجع قتيبة....لحرصه على العدل وخاف أن تخفى أمورا على الوالي لا يعرفها إلاقتيبة . فحدد لهم يوم في المسجد يجتمع الكهنة ثم أمر القاضي بجمع الناس و بحضور قتيبة بن مسلم قائد أقوى جيش يصول الأرض، كان قتيبة بن مسلم قد أكمل المسير لصين في فتوحاته الإسلامية فأتاه أمر القاضي بالرجوع حينما رجع بعد مسيرة يومين متواصلة



نادى الغلام : يا قتيبة ( هكذا بلا لقب ) ، فجاء قتيبة ، وجلس هو وكبير الكهنة أمام القاضي جُميْع ثم قال القاضي : ما دعواك يا سمرقندي ؟
قال : اجتاحنا قتيبة بجيشه ، ولم يدعُـنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا .
التفت القاضي إلى قتيبة وقال : وما تقول في هذا يا قتيبة ؟
قال قتيبة : الحرب خدعة ، وهذا بلد عظيم ، وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ، ولم يقبلوا بالجزية
قال القاضي : يا قتيبة ، هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب ؟
قال قتيبة : لا ، إنما باغتناهم لما ذكرت لك ..
قال القاضي : أراك قد أقررت ، وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة ؛ يا قتيبة ما نـَصَرَ الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر وإقامة العدل.
ثم قال القاضي : قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء ، وأن تترك الدكاكين والدور ، وأنْ لا يبق في سمرقند أحد ، على أنْ ينذرهم المسلمون بعد ذلك !!
لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه ، فلا شهود ولا أدلة ، ولم تدم المحاكمة إلا دقائقَ معدودة ، ولم يشعروا إلا والقاضي والغلام وقتيبة ينصرفون أمامهم. وبعد ساعات قليلة ، سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو ، وأصوات ترتفع ، وغبار يعم الجنبات ، ورايات تلوح خلال الغبار ، فسألوا ، فقيل لهم : إنَّ الحكم قد نُفِذَ وأنَّ الجيش قد انسحب ، في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به. وما إنْ غرُبت شمس ذلك اليوم ، إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية ، وصوت بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم ، ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر ، حتى خرجوا أفواجاً وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله.
فيا الله ما أعظمها من قصة ، وما أنصعها من صفحة من صفحات تاريخنا المشرق ،

أرأيتم جيشاً يفتح مدينة ، ثم يشتكي أهل المدينة للدولة المنتصرة ، فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر بالخروج ؟

والله لا نعلم شبه لهذا الموقف لأمة من الأمم .

قال رسول الله ص : "ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْـمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللهُ فَوْقَ الْغَمَامِ، وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ

اللهم ولى امورنا خيارنا ... وقنا شر سفهائنا
اللهم اعمل عدل الاسلام فينا ... اللهم حقق ايماننا .. وارفع درجاتنا

المشاهدات 1779 | التعليقات 0