عَدَاوَةُ يَهُودَ ( مشكولة مختصرة)

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. أَمَّا بَعْدُ:

فلنَتقِ اللهَ تباركَ وتعالَى، فالتقوَى وِقاءٌ وارتقاءٌ.

     أيُها المصلونَ: إن رسولَنا e أمرَنا في كلِ ركعةٍ أن نقولَ (آمينَ) بعدَ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ نُردِدُها في اليومِ أكثرَ من ثلاثينَ مرةً، مُعلنينَ البراءةَ من اليهودِ المغضوبِ عليهم، ومن النصارى الضالينَ. فهل تَفَكرنا في معناها يومَ قُلناها؟

     إنهم أعداءُ الأمسِ واليومِ والغدِ، أحفادُ بني قُريظةَ والنَضيرِ وقَينُقاعَ، فهل نَعِيْ حقيقةَ أمةِ الغضبِ والضلالِ بعد أن تَفاقَمَ شرُهم وتَطايَرَ شَرَرُهم؟!

إن يهودَ عدوٌ لا يَرحمُ ولا يَفهمُ، لا يَفهمُ إلا لغةَ القوةِ. ألم نَقرأ قولَ الحقِ تباركَ وتعالَى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ

اقرؤُوا التأريخَ لتُدركُوا أن يهودَ اليومِ شرُ خَلَفٍ لشرِ سَلَفٍ، فهم أحفادُ محرِّفي الكلمِ، عُبَّادِ العِجلِ، قَتَلةِ الأنبياءِ، وظَلَمةِ الأبرياءِ: مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء ٱلسَّبِيلِ .

تَطاوَلُوا على مقامِ الربوبيةِ والألوهيةِ، فـ( قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء وَقَالُوا: (يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ).

 آذَوا موسَى، وكفَرُوا بعيسَى، وقَتلوا زكريا ويحيى. ولما قدِمَ رسولُنا e المدينةَ قالَ زعيمُهم لصاحبهِ الخوَّانِ: أهوَ هوَ؟ فقالَ: نعم إيْ واللهِ هوَ، فَمَا فِي نَفْسِكَ مِنْهُ؟ قَالَ: عَدَاوَتُهُ وَاَللهِ مَا بَقِيتُ.!!([1])

وفعلاً بدأتِ العداوةُ التي أَقسمَ عليها زعيمُهم، وكانتْ من النوعِ اللائقِ بيهودَ، ألا وهيَ عداوةُ المُخاتَلةِ، لا عداوةُ المُواجهةِ! لأنهم أمةٌ ذليلةٌ، ضُربتْ عليها الذلةُ والمسكنةُ.

فألَّبُوا عليهِ في الأحزابِ، وحاربُوه في خيبرَ، وخادَعُوه في مواقفَ مع المنافقينَ، وأرادُوا اغتيالَه مرتينِ؛ حينَ حَملوا الحَجَر من قَفَاهُ، لكنْ حَماه مَولاه، ووَضَعتْ يهوديةُ خيبرَ السمَ في طعامِهeِ فلفَظَ أولَ لقمةٍ منه، وبقيَتْ منها بقيةٌ في لُعابهِ. ولما حانتْ ساعةُ وفاتهِ قال: مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ. فقد ماتَ e شهيدًا من أثرِ ذلكَ السمِّ.

ألا إن اليهودَ حلفاءُ كلِ من عادَى الإسلامَ؛ فبالأمسِ حالَفوا مشركي العربِ ضدَّ النبيِ  وغدًا يُحالفونَ الدجالَ، ويَتبعونَه ضدَ أمةِ الإسلامِ؛ ففي صحيحِ مسلمٍ أن رسولَ اللهِ e قالَ: يَتْبعُ الدجالَ من يهودِ أصبهانَ سبعونَ ألفًا، عليهمُ الطَّيَالِسةُ. وقال e: وَأَكْثَرُ تَبَعِهِ الْيَهُودُ وَالنِّسَاءُ. رواه أحمدُ وصححهُ الحاكمُ([2]).

    أيُها المؤمنونَ: أما فلسطينُ فقد عرفناها يومَ استفتحَها محمدٌ e ليلةَ الإسراءِ، وأَمَّ في مَقدِسِها الأنبياءُ، فلسطينُ عَرفناها يومَ دخَلَها عمرُ فاتحاً مطهِرًا، عَرفناها يومَ ندّى سماءَها عمرُ بدعائِهِ، وبلالٌ بندائِهِ. وإن القلوبَ لا تَفتَأ تهفُو إلى القبلةِ الأولى، والمَسرَى أسىً وأسَفاً، إلا وتطيرُ شوقاً، فتمتلئُ فألاً وأمَلاً بأن نصرَ اللهِ قريبٌ.

 ولئنْ كانَ سياقُ العاطفةِ قد يَغلبُ عندَ طرحِ هذهِ القضيةِ المؤرقةِ، غير أن عاطفتَنا لا ينبغي أن تَطغَى على عقولِنا، فتَخرجَ بها عن الضوابطِ الشرعيةِ، والأنظمةِ المرعيةِ.

ومن المبشراتِ بيانُ وزارةِ الخارجيةِ السعوديةِ، ففيه صدعٌ وردعٌ، ومبادرةٌ معهودةٌ مبرورةٌ، وغَيرةٌ إسلاميةٌ مشكورةٌ. ونصُهُ: ( نُعرِبُ عن إدانتِنا بأشدِ العباراتِ للاعتداءاتِ السافرةِ، التي قامت بها قواتُ الاحتلالِ الإسرائيليِ، لحُرمةِ المسجدِ الأقصى الشريفِ، ولأمنِ وسلامةِ المصلينِ.. وجَددتِ الوزارةُ التأكيدَ على وقوفِ المملكةِ إلى جانبِ الشعبِ الفلسطينيِ) أ.هـ.
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} والصلاةُ والسلامُ على من دعانا لربه محبةً وحرصًا، أما بعدُ:

فلقائلٍ أن يقولَ: ماذا بيديْ أمامَ هذا الطغيانِ البهوديِ؟

فيُقالُ: تَحرُكُ مشاعرِكَ دليلُ حياتِك، وتحقيقٌ منك لمفهومِ الجسدِ الواحدِ. واقترابُك من اللهِ بأداءِ ما افترضَه عليك اقترابٌ من النصرِ، وابتعادُك عنِ اللهِ باقترافِ ما حرّمَه عليك ابتعادٌ عنِ النصرِ. ألمْ تقرأْ قولَ اللهِ عزَ وجلَ: أَوَ لَمَّا أَصَٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ .

وإن تربيتَك لأولادِك لطاعةِ وليِ أمرِهِم، وأنْ تحميَهم منْ أفكارٍ ضالةٍ، ومن شبهاتٍ وشهواتٍ، هو جزءٌ من الصراعِ في هذهِ الملحمةِ. وأما الدعاءُ فغيرُ محجوبٍ ولا مَهجورٍ، بل ليكنْ مبذولاً آناءَ الليلِ وأطرافَ النهارِ، وفي السرِ والجِهارِ.

·       فاللهم احفظِ المسجدَ الأقصى من عدوانِ المعتدينَ، ومن الغاصبينَ المحتلينَ.

·       اللهم أنجِ إخوانَنا بأكنافِ بيتِ المقدسِ، وانصرهم على يهودَ.

·       اللهم آمِن أوطانَنا، وأيِّدْ بالحقِ إمامَنا، ووليَ عهدِه، وأعزَّ بهمْ دينَك، وارزقهُم بطانةً صالحةً ناصحةً، دالّةً مُذكِّرةً.

·       اللهم احفظْ مجاهدِينا ومرابطِينا، وجنودَنا على حدودِنا، واكفِنا وإياهم وبلادَنا شرَّ الأشرارِ وكيدَ الفجارِ، والحاسدِينَ والمتربِصينَ.

·             اللهم لك الحمدُ على الهدايةِ للإيمانِ، والأمنِ في الأوطانِ، والعافيةِ في الأبدانِ.

·       اللهمَ أعنَّا على أنْ نشكُرَكَ على لُطفِكَ في بلائِكَ، وأن علمتَنا سبيلَ دفعهِ، ورفعهِ. اللَّهُمُّ وَاِرْفَعْ عَنَا البَلاءَ وَالْوَبَاءَ والداءَ.

·       اللهمَ باركْ في أوقاتِنا وأقواتِنا، وأصلِح وِلدانَنا، وارحم والدِينا.

·      اللَّهُمَّ صَلِّ وسلمْ عَلَى مُحَمَّدٍ.

([1])سيرة ابن هشام ت السقا (1/ 519)
([2])مسند أحمد ط الرسالة (17900)