عداوة الشيطان (1)
حسين بن حمزة حسين
1446/04/30 - 2024/11/02 11:35AM
.اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واحذروا طاعة الشيطان ففيها هلاك الدنيا والآخرة .
إخوة الإيمان: حذّر الله تبارك تعالى من شدّة خطر عداوة الشيطان للإنسان في أكثر من مائة وخمسين آية، مرَّةً بِبَيَان كَيَدِه وحِيَلِه، ومرَّة بِالتَّحْذِير مِن اتِّباعِه وعِبادتِه، ومرَّة بالاستِعاذة مِن شرِّه، ومرَّة ببَيان صِفاته الذَّميمة وأخْلاقه، قال تعالى ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾، قال تعالى (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) وغيرها كثير.
إخوة الإيمان: أخبرنا ربنا عزّ وجلّ أن هذا العدو الخطير يرانا ولا نراه ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾، قال مالك بن دينار رحمه الله تعالى: (إن عدواً يراك ولا تراه لشديد المؤنة، إلا من عصم الله (
عداوة الشيطان للإنسان قديمة متأصِّلة، وكيدُه ومكرُه به مستحكِمٌ ومتجذِّر، يبغي بالإنسان الغوائل ويتربص به الدوائر، يؤُزّه للمعاصي أزّا، ويزيّن له الذنوب والمعاصي، فيرميه في الكفر والإلحاد وهذا مناه وهدفه، فإن لم يستطع رماه بالبدع والضلالات، فيزيّن له الشبهات، فإن لم يستطع رماه بالكبائر من المعاصي والآثام، فإن لم يستطع هوّن عليه الصغائر، وغرس حبّ الدنيا في قلبه وزيّن له الشهوات حتى يتشَرّبَها، فلا يعرف معروفاً، ولا ينُكر منكراً، فيتّبع هواهُ ولا يرى من الحق إلا ما وافق هواه، بل يَعِدُ الشيطان أولياءَه ويمنّيهم غروراً أنهم هم الذين على الحقّ، وأهلَ التوحيد على الباطل، ليبعدهم عن دين الله، فيسيء ظنُّ وليُّ الشيطان بالدّين والمسلمين فيكْرهُهُم ويبتعد عنهم حتى ينفرد الشيطان بوليّه، فيترك دين الله ويكفر بالله- نسأل الله السلامة-، فإن لم يستطع هبّطه عن الطاعات وخصوصا الفرائض، فإن لم يستطع هبّطه عن النوافل بالكسل، قال تعالى حكايةً عن إبليس اللعين (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) وقال ( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا، قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا، وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا، إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا)
إخوة الإيمان: الوسوسة أظهر صفات الشيطان، وهي أصل كل معصية وبلاء، روى أبو داود في سننه من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ يُعَرِّضُ بِالشَّيْءِ لَأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً، أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ)، ومن كيْده الإفساد بين الناس بكل طريقة وحيلة، فقد نزغ بين يوسف عليه السلام وإخوته، ويفسد بين الرجل وزوجته، يحبُّ التحريشَ بين الناس، قال صلى اللهُ عليه وسلم قال: (إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ) رواه مسلم، أي بنشر الخصومات والشحناء والحروب والفتنة ونحوها
إخوة الإيمان: عداوة الشيطان لا تقتصر على إخراج الناس إلى الكفر، بل قد تتسلّط على الجسد فتتلبّسه بالشرّ والأذى والمرض والوهَن والكسل، كالذي يكون مع الساحر والحاسد والعائن بالمرض والوهَن والجنون، قال تعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)، ومن وسائل الشيطان في الإغواء ما حرّمه الله عز وجل بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، فكلّ وسائله رجسٌ وخُبث ، ومن وسائله السحر، فيستعين الساحر بشياطين ومردة الجن بسحر الناس وأذاهم وتعذيبهم، فمن السحر مَا يَقْتُلُ، وَمَا يُمْرِضُ، وَيَأْخُذُ الرَّجُلَ عَنْ امْرَأَتِهِ فَيَمْنَعُهُ وَطْأَهَا، وَمِنْهُ مَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، وحد الساحر ضربة بالسيف لكفره، ومثل الساحر في خبثه الكاهن والعراف، نعوذ بالله منهم ومن شياطينهم، ومن وسائل كيد الشيطان الكِبْرُ والغضبُ المذموم وَالعجلة وتَرْكَ التَّثَبُّتِ فِي الأُمورِ حبيبٌ للشيطان ففي الاستعجال زلات ووقعات وسقطات ما ينهض منها إلا من رحمه الله، فكم للاستعجال من مآسٍ ومظلوم؟ وكم من بيوت هدّمت، وسمعةٍ شوّهت بسبب عدم الاستعجال وعدم التأني، قال صلى الله عليه وسلم: ( التَّأَنِّي مِنَ اللَّهِ، وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ ). الخطبة الثانية: عباد الله: حذرنا الله عزّوجل من عداوة الشيطان، وأرشدنا تعالى إلى ما يعْصمنا من مكائده ووساوسه، فما الذي عملناه وكيف كان اتقاؤنا له ؟!، لننظر نظرةً صادقة في حياتنا، في بيوتنا، في سائر شئوننا؛ هل تكون في طاعة الرحمن، أم نسلّط أنفسنا وذرياتنا وحياتنا لمكر ومكائد الشيطان، لنستعذ إستعاذةً صادقةً بالله من هذا العدو ، قال تعالى ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا)، ولْنلتزم بشرع الله فإنه الحصن من كيد هذا العدو اللعين ، ومن يستعن بالله يعينه ، ومن يستعذ بالله يعيذه ، ومن يتوكل على الله يكفيه ، ومن يجاهد نفسه على طاعة الله تبارك وتعالى يهديه ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾. اللهم أعنَّا أجمعين على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك ، وأعِذنا أجمعين وذرياتنا من الشيطان الرجيم .
إخوة الإيمان: عداوة الشيطان لا تقتصر على إخراج الناس إلى الكفر، بل قد تتسلّط على الجسد فتتلبّسه بالشرّ والأذى والمرض والوهَن والكسل، كالذي يكون مع الساحر والحاسد والعائن بالمرض والوهَن والجنون، قال تعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)، ومن وسائل الشيطان في الإغواء ما حرّمه الله عز وجل بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، فكلّ وسائله رجسٌ وخُبث ، ومن وسائله السحر، فيستعين الساحر بشياطين ومردة الجن بسحر الناس وأذاهم وتعذيبهم، فمن السحر مَا يَقْتُلُ، وَمَا يُمْرِضُ، وَيَأْخُذُ الرَّجُلَ عَنْ امْرَأَتِهِ فَيَمْنَعُهُ وَطْأَهَا، وَمِنْهُ مَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، وحد الساحر ضربة بالسيف لكفره، ومثل الساحر في خبثه الكاهن والعراف، نعوذ بالله منهم ومن شياطينهم، ومن وسائل كيد الشيطان الكِبْرُ والغضبُ المذموم وَالعجلة وتَرْكَ التَّثَبُّتِ فِي الأُمورِ حبيبٌ للشيطان ففي الاستعجال زلات ووقعات وسقطات ما ينهض منها إلا من رحمه الله، فكم للاستعجال من مآسٍ ومظلوم؟ وكم من بيوت هدّمت، وسمعةٍ شوّهت بسبب عدم الاستعجال وعدم التأني، قال صلى الله عليه وسلم: ( التَّأَنِّي مِنَ اللَّهِ، وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ ). الخطبة الثانية: عباد الله: حذرنا الله عزّوجل من عداوة الشيطان، وأرشدنا تعالى إلى ما يعْصمنا من مكائده ووساوسه، فما الذي عملناه وكيف كان اتقاؤنا له ؟!، لننظر نظرةً صادقة في حياتنا، في بيوتنا، في سائر شئوننا؛ هل تكون في طاعة الرحمن، أم نسلّط أنفسنا وذرياتنا وحياتنا لمكر ومكائد الشيطان، لنستعذ إستعاذةً صادقةً بالله من هذا العدو ، قال تعالى ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا)، ولْنلتزم بشرع الله فإنه الحصن من كيد هذا العدو اللعين ، ومن يستعن بالله يعينه ، ومن يستعذ بالله يعيذه ، ومن يتوكل على الله يكفيه ، ومن يجاهد نفسه على طاعة الله تبارك وتعالى يهديه ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾. اللهم أعنَّا أجمعين على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك ، وأعِذنا أجمعين وذرياتنا من الشيطان الرجيم .