عَامٌ فِيهِ وَبَاءٌ وَضَرَّاءٌ وَسَرَّاءٌ 26/12/1441هـ
خالد محمد القرعاوي
عَامٌ فِيهِ وَبَاءٌ وَضَرَّاءٌ وَسَرَّاءٌ 26/12/1441هـ
الحمدُ للهِ، تفرَّد عزًّا وكمالاً، أَشهدُ ألَّا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، خَلَقَنا لِيَبلُوَنا أيُّنا أَحْسَنُ أعمالاً, وأَشْهدُ أنَّ نَبِيَّنَا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه، أكرَمُ النَّاسِ فِعالاً, صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلهِ وأصحابِه وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ. أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ يا مُؤمِنُونَ وَتَأمَّلُوا أَنَّ حَيَاتَنَا مَرَاحِلُ، ونحنُ في الدُّنيا بين مُستعدِّ لِلرَّحيلِ ورَاحِلٌ!
اللهُ أكبرُ: عامٌ من أَعمارِنَا تَصرَّمتْ أيَّامُهُ, واضمَحَلَّ هِلالُهُ! لِنُدرِكَ أنَّ الدُّنيا ليست بِدارِ قَرَارٍ! فهنيئاً لمن أَحْسَنَ واستقامَ، والويلُ لِمَنْ أساءَ وارتكبَ الآثامَ: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ .
أيُّها المؤمنِونَ: في تَوديعِ عامٍ ذِكرَى للمُعتبرينَ، كما قالَ رَبُّنا: يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ . عِبادَ اللهِ: مَاذا أَودَعْنَا عَامَنا؟ ومَاذَا عَسانَا أنْ نَسْتَقْبِلَ به عامَنا الْجَديدَ؟ عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: أَخَذَ النبيُّ بِمَنْكِبي فقالَ:(كُنْ في الدُّنيا كأنَّكَ غَريبٌ أو عابرُ سبيلٍ). عَابرُ السَّبيلِ يَتَقلَّلُ من الدَّنيا، وَيَستكثرُ من زادِ الإيمان، وَواقِعُ الكثيرِ يحكِي أنَّ الدُّنيا عَشْعَشَتْ في القُلُوبِ، حَدِيثُهم عَنها: كَمْ نَربَحُ؟ وكيفَ نَجمَعُ؟ إنْ كانَ شيءٌ لِلدُّنيا بَادَرنا إليهِ مُبكِّرينَ، وإنْ كانَ للآخرةِ فاللهُ المُستعانُ! تأمَّل إذا رُفِعَ الأذانُ: هل أنتَ مْن الْمُبكِّرينَ؟ اسْألْ نَفْسَكَ كَمْ حَفِظتَ من الصَّلَوَاتِ؟! يا عبدَ الله: مَرَّ عليكَ في عامِكَ أكثرُ من خمسينَ جُمُعَةٍ! فَكَم حصَّلتَ مِن البُدنِ؟ أم كانَ نَصِيبُكَ الدَّجاجُ أو البَيضُ؟! يا عبدَ الله: كم حصَّلتَ في عامِك من الأموالِ؟ فَكَم أنفقتَ منها للهِ, وَكَم أَنْفَقْتَ مِنْها فِي الهَوَى وَالشَّهَوَاتِ؟ أَخرَجَ مُسلمٌ في صحيحهِ عن مُطَرِّفٍ عن أبيه قَالَ: أَتَيتُ النَّبِيَّ وهو يَقرَأُ: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ .(يقولُ ابنُ آدمَ: مالي, مالي). قالَ النَّبِيُّ :(وهل لكَ يا ابنَ آدمَ من مالِكَ إلَّا ما أَكلْتَ فَأَفْنَيتَ أو لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أو تصدَّقتَ فأمضيتَ). فاللهم إنِّا نسألكُ حُسْنَ القول والعملِ, اللهم أحسن عاقِبَتِنَا في الأُمورِ كلِّها وأجرنا من خزي الدُّنيا وعذابِ الآخرةِ واستغفرُ اللهَ لي ولكم من كلِّ ذنبٍّ إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية/ الحمدُ لله وَحْدَهُ، أشهدُ ألَّا إله إلا الله وحده لا شريكَ لَهُ، وَأَشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ الله وَرَسُولُه, صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابِه، أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ. أيُّها الْمُسْلِمُ: خُذْ بِنَصِيحَةِ نَبيِّنَا حِينَ قَالَ:(اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وغِنَاكَ قَبل فَقرِكَ، وفَرَاغَكَ قبل شُغْلِكَ، وحياتَكَ قبل مَوتِكَ). عبادَ اللهِ: ذَكِّروا الشَّبابَ وَأهْلِيكُمْ أنَّ اللهَ أمدَّنا بِصِحَّةٍ في الأَبْدَانِ, وَأَمْنَاً في الأَوطَانِ! وَأَنَّ وَبَاءَ كُورُونَا حَرَمَنَا أشْهُرَاً طِوَالا حُضُورَ الجُمُعَةِ والجَمَاعَاتِ! وَأَنَّهُ بِقُدْرَةِ اللهِ تَسَبَّبَ فِي خَسَارَةٍ في الأمْوالِ والأَرْوَاحِ! وَأنَّ ذَلِكَ إنْذَارٌ مِن اللهِ تَعَالى فَلْنَحْذَرْ أنْ نَكُونَ مِمَّنْ عَنَاهُمُ اللهُ بِقَولِهِ: وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ . ذكِّرُوهم أَنَّنَا في سَفِينَةٍ واحدَةٍ، فأَيُّ خَرْقٍ فيها فَإِنَّمَا هُوَ إِيذَانٌ بِغَرَقِنَا. ذكِّرُوهم أنَّهُ مَا عُمِرتِ البِلادُ إلَّا بالعقيدةِ, وتحكيمِ الشَّريعةِ, قالَ اللهُ تَعَالَى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ .فإنَّ الذُّنُوبَ وَالمَعَاصِيَ خَرَابُ الدِّيارِ! فَالعَتَبُ علينا نحنُ مَعَاشِرَ الأولياءِ إذْ كيفَ نَرْضَى لأَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا بِتَجَمُّعَاتٍ مَشْبُوهَةٍ! وَيَخرُجْنَ إلى أَمَاكنِ الفَوْضَى والغِنَاءِ والاخْتِلاطِ! وَيَكُنَّ مَصدَرَاً للفِتنَةِ والفَسَادِ؟! فَالشُّكرُ قَيدٌ للنِّعمِ وَازدِيَادِهَا. فَدَعِ اللهوَ جَانِبَاً، وقمْ إلى ربِّكَ نَادِمَا، (فَإنَّ الله عزَّ وجلَّ يَبسُطُ يَدَهُ بالليلِ لِيتُوبَ مُسيءُ النَّهارِ، ويَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهارِ لِيَتُوبَ مُسيءُ الليلِ، حتى تَطْلُعَ الشَّمسُ من مَغربِها). فاللهم إنَّا نعوذُ برضاكَ من سخطِكَ وبمعافاتِكَ من عقوبتكَ وبكَ منكَ لا نحصي ثناءً عليكَ. اللهم اجعلنا لِنِعمِكَ من الشَّاكرينَ ولكَ من الذَّاكرينَ يا ربَّ العالمينَ. اللهم أصلح شباب الإسلام والمسلمين وحبِّب إليهم الإيمانَ وزَيِّنْهُ في قلوبِهم وكرِّه إليهم الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ واجعلهم من الرَّاشِدينَ. رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ. اللهمَّ أحسن عاقِبَتِنا في الأمورِ كُلِّها وأجرنا من خِزْي الدُّنيا وعذابِ الآخِرَةِ, اللهمَّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، ودمِّر أعداءَ الدِّين، واجعل بَلدَنا آمنًا مطمئنًّا وسائرَ بلادِ المسلمين اللهمَّ آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاةَ أمرنا، ووفقهم لِما فيه صَلاحُ الإسلام والمسلمينَ.عبادَ اللهِ: اذكروا اللهَ يَذْكُرْكُم، واشْكُرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُم، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، واللهُ يعلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق