عاقبة المستهزئين بالرسل للشيخ أحمد المعلم

د مراد باخريصة
1433/10/29 - 2012/09/16 08:10AM
عاقبة المستهزئين بالرسل
27/10/1433
الحمد لله الذي يملي للظالمين، ويكفي شر المستهزئين، وينتقم من المجرمين، كما قال عن سلفهم الغابرين:{حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} والصلاة والسلام على من شرح الله له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وجعل شخصه هو الأكمل و الأطهر، ودينه هو الأظهر، وناصره هو الأعزالأكبر، وشانئه هو الأبتر، صلى الله عليه وعلى آله أولى النخوة والكرامة، وصحابته أولي الغيرة والشهامة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة.
الوصية بالتقوى:
عباد الله:
إن من السنن الكونية القطعية المستمرة التي لا تتبدل ولا تتغير،أن الرسل والأنبياء موضع نقد وسخرية واستهزاء من المجرمين المكذبين، ومن الحاسدين الجاحدين، قال الله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} وقال تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} ومضت هذه السنة على النبي صلى الله عليه وسلم كما مضت على إخوانهوأسلافه من الرسل والأنبياء، قال الله تعالى:{وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ} وقال سبحانه:{وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا}.
وهذا المسلك الذي يسلكه الكفار تجاه الرسل وتجاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة ليس عن قناعة بأنه يستحق ذلك السب والشتم والسخرية،أو أنه كاذب أومنحرف، كلا: بل إن الدافع لهم هو الحسد والجحود أو الشقاء الذي كتبه الله عليهم،أو الغلو والعصبية التي غرقوا فيها، قال الله تعالى عن اليهود رواد عداوة الأنبياءوأذيتهم،ومخترعي المثالب والمعايب لهم قال عنهم:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} يعني أنهم يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم، ويعرفون وصفه وهديه ويعرفون نزاهته، وأن ما جاء به هو الحق، يعرفون ذلك كما يعرفون أبنائهم الذين من أصلابهم، وقد قال الله عز وجل موبخا ً لهم ومستنكراًعليهم ذلك المسلك:{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} وقال تعالى عن أهل مكة الذين يظهرون التكذيب، ويظهرون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والسخرية به والاستهزاء به والمحاربة له ولشرعه، قال عنهم: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} في حقيقة الأمر الذي في نفوسهم وقلوبهم أنهم لا يكذبونك، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون .
وقد حكت كتب السيرة كيف كان اعتقاد اليهود والمشركين في النبي صلى الله عليه وسلم، الاعتقاد الذي في قلوبهم الذي يختلف عن ما يصدر عن ألسنتهم، وكيف أنهم يخالفون ذلك عندما يريدون أن يشيعوا الكراهية والبغض ويؤلبوا الناس على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم .
والاستهزاء والسخرية بالرسل من أعظم أسباب العقوبات التي أهلك الله بها تلك الأمم قال تعالى:{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} أي إنهذا العذاب كان بسبب استهزائهم بأولئك الرسل، وهذه العقوبة تأتي على الأمم القوية والضعيفة والكبيرة والصغيرة لا يردها شيء، ولا يمنعها قوة ولا سلاح ولا حضارة ولا إمكانيات،قال الله تعالى محذراً من سلوك مسلك تلك الأمم التي غرتها قوتها وحضارتها وما فتح الله عليها من مظاهر التفوق على الآخرين، قال جل ذكره: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} فالدول الغربية التي غرتها قوتها وتسلطها على شعوب الأرض المستضعفة؛ فحاربت الله ورسوله ودينه وعباده المؤمنين، هؤلاء جميعهم اغتروا وانخدعوا وزهوا واستكبروا بما عندهم وطغوا وتجبروا بما آتاهم الله من قوة،لكن سوف يأتيهم عقابهم، وسوف يحل ويحيق بهم ما كانوا به يستهزئون، كما قال سبحانه وتعالى عمن قبلهم، عاد التي قالت عن نفسها من أشد منا قوة وقال الله عنها:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} ففي تلك العصور كانت هي الرائدة في الحضارة،والأقوىأجساماً وقوة وسلاحاً، وكل مقومات الدولة والقوة والسطوة كانوا كذلك، فلما جاء عذاب الله جل جلاله، وجاء غضبه ما ترك لهم من باقية على وجه هذه الأرض.
وسوف يحيق بهؤلاء الذين يعتدون كل يوم: حيناً يعتدون على الأديان، وحيناً على القرآن، وحيناً يعتدون على الرسول صلى الله عليه وسلم ويتواصون بذلك، خرج الفلم المشين المسيء لرسول الله صلى الله عليه من أمريكا، خرج وانتشر ولم يلقَ أي معارضة ولا أي ردع من جانب الدولة الأمريكية، رغم قول وزيرة خارجيتها:إنه يحتوي على أشياء مقززة وإنه قبيح، رغم ذلك فلا قدرة لنا عليه،وسيأتي الحديث عن هذا الأمر، إنما أقصد أنه عن رضى و تواطأ، وسيخرج أو قد خرج فلم آخر موجه للأطفال فيه من الإساءات والتشويه لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حتى ينشأ أطفال العالم على كره النبي عليه الصلاة والسلام، وعلى الاستخفاف به وعداوته، وعلى اعتقاد أن دينه الإسلام الذي أصبح ينتشر في أوربا وفي أمريكا وفي كل مكان،أنه دين عنف، وأنه دين شهوات، وأنه دين متخلف ويدعوإلى التخلف والرجعية وإلى محاربة الحضارة ومقتضياتها، هكذا يفعلون وهكذا يتواصون، ومادام المسلمون متفرقين ماداموا معتمدين على قيادات ولاءها لأعدائها لا يوالون الله ولا رسوله ولا المؤمنين،إذا كانوا معتمدين ويريدون النصرة تأتي من قِبَل هؤلاء فلن تأتي إلاالهزائم، ولن يأتي إلا المزيد من تسلط الأعداء علينا، لكن على الشعوب أن تعرف واجبها وتقوم به .
إن الذي يجمع هؤلاء المعتدين هو الطغيان والكبر والعداء المستحكم لله ولرسوله وللمؤمنين، الذي يجمعهم هو الخوف من أن ينتشر الإسلام مرة أخرى ويأخذ مكانه الطبيعي في هذا العالم،إن من دوافع هذا الهجوم والعداوة والاستهزاء بالله وبرسوله وبشرعهوبالقرآن الكريم الغلو،فاليوم قد انتشر وصبغ عقول الناس أن الغلو عند المسلمين - التطرف –سائد، وسلَّمَ بذلك حتى المسلمون أنفسهم،وأصبحنا كلنا نتهم أنفسنا ونتهم ديننا بالغلو والتطرف رغم أنه هو الدين الحق ودين العقل، وأن هذه الأمة هي الأمة الوسط التي ابتعثها الله لقيادة العالم كله،وأن عندهم في اليهودية والنصرانية طوائف أشد غلواً من غلو المسلمين أو غلو من غلا من المسلمين، وهم فئة قليلة في أوساط المسلمين،فئة قليلة ذهبتإلى العنف والغلو،لكن عند اليهود والنصارى فئات أشد غلواًوأكثر عدداً،وإنماأساليب تختلف، هذا جانب والجانب الآخرأنإعلامهم لا يريد أن يعترف بأن عندهم غلواً، ويتسترون عليه ويعطونه أسماءأخرى، والدليل على ذلك الذي قتل أكثر من مئة وعشرين أوأكثر، مرروا قضيته ولم يبحثوا ورائها أو على الأقل لم ينشروا ولم يُطلعوا العالم على سبب فعلته ومن يقف ورائه، وأن هناك فئات من النصارى هي التي تقف ورائه، وأنه تيار كبير في أوروبا لم يعودوا فقط ضد المسلمين، ولكنهم ضد كل مَن هم سواهم وكل من لا يعتنق عقيدتهم،أيهاالإخوة هذا أمر مهم يجب أن يُطرح ويجب أن يقال أن الغلو عندكم أكثر مما هو عند غيركم من الناس .
أيها الإخوة المؤمنون:
إن من أسباب تكرر تلك الإهانات للمسلمين - السب لله، السب للرسول صلى الله عليه وسلم،حرق القرآن، الاستهزاء بعبادات الإسلام وحدوده وأحكامه وشرائعه - هوانهم في أنفسهم، ضعفهم، قلتهم، تفرقهم، رضاهم بأن يكونوا أتباعاً ذليلين للغرب المستكبر: { وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}لقدأدركأعداؤنا ذلك فقالوا: من يمنعنا، من يردنا، حتى من يغضب منا ومن يهدد مصالحنا إذا فعلنا ذلك؛ حتى أصبحواآمنين على مصالحهم التي في أوساط المسلمين وفي بلاد المسلمين، ويأخذونها عبر حكام المسلمين؛لأنهم يعلمون أن جسد المسلمين مخدر وعقول المسلمين وأنظمتهم وقاداتهم فاسدة، والغَيرةُ - غيرةُ المؤمن على دينه -مفقودة، فلذلك يفعلون وهم يعلمون أننا لو قمنا حقيقة لتضرروا أضراراً لا قِبَل لهم بها، لكنهم مع ذلك يصرون ويفعلون لأنهم يعلمون أننا لن نقوم، ولن نتحرك، وليس هناك من يقودنا لنفعل ما نريد على الوجه الذي يريده الله عزوجل، هم يعلمون أن حركات أحياناً تنطلق،أن عنفاً وفوضى تخرج هنا أو هناك فيستغلونها ويحولونها سلاح في وجوهنا؛وماذاك إلا لأننا متفرقون،لأننا ليس لنا قيادة رشيدة تقودنا إلى مافيه مصالحنا وتوقفنا عما يضرنا، فلذلك أقدموا على ما أقدموا عليه .
اعترفوا بأن الفلم قبيح ومقزز كما فعلت وزيرة خارجية أمريكا، لكنها صرحت أنها لا تستطيع أن تعمل شيئاً، لماذا قالت: لأننا لدينا حرية: حرية تعبير، وهذا نظام وقانون لا نستطيع أن نتجاوزه، سبحان الله!! لا يعرفون النظام والقانون إلا عندما يريدون أنيحموا المجرمين، ما عرفوا النظام والقانون عندما غزوا العراق ودمروها، ولا عندما غزوا أفغانستان وأفسدوها ولا عندما ظلموا باكستان وأزهقواالأرواحوالأنفس البريئة، ودمروا البلاد والعباد، ولا عرفوا القانون والنظام وهم يضربوننا ومازالوا في عقر ديارنا، تأتينا طائراتهم وتحصد الأرواح دون المحاكمة ولا تحقيق، هذا إذا كانوا يقولون أن هؤلاء من المشتبهين،إماإذا كان كما يحصل في الديار وفي البلدان ويحصدون الأبرياء الذين لا علاقة لهم بهم،أين القانون والنظام؟!إنهم يكذبون علينا،إنهم فقط يتعللون بالقانون والنظام حينما يريدون،لأنهم يعرفون أننا نريد منهم أدنى مسوِّغ، وأن ذلك يسكتنا ويجعلنا لا نعلم شيئاً، ونصدقهم ونقول يكفي فعلتم الذي عليكم .
الغريب أيها الإخوة: هو أن يسارع رئيسنا هنا، رئيس اليمن، يسارع بالاعتذار على اقتحام السفارة، نعم نحن جميعاً لا نؤيد اقتحام السفارات، ولا قتل مَن لدينا من مندوبيهم وسفرائهم وقناصلهم وغيرهم، لا نؤيد ذلك أبداً، ولا يحق أن نفعل ذلك أبداً مهما كانت الذرائع، لكن أن يُعتذر لهم وهم يقتلوننا كل يوم، ولا يعتذرون وهم يؤيدون من يهين ديننا ويستهزئون برسولنا، ولا طلب منهم حتى اعتذار عن ذلك، هذه المفارقة العجيبة ماكان ينبغي ولا يجوز أن يعتذر، بل يقول لهم هذه ثمار أفعالكم، هذا الذي حصل هو جزاء تصرفاتكم، والشعب اليمني قد يفلت من اليد ويفعل ماهو أكبر من ذلك إذا لم توقِفوا عدوانكم، هذا هو الواجب علينا،أما أن يَعتذر وكأنهم فقط هم المُعتدى عليهم أبرياء لم يفعلوا لنا شيئاً، هذا ماكان يجوز أبداً، فليتقِ الله وليعرف واجبه، وليعرف أنه مسلم يجب عليه أن يطالب بعقوبة من يسيء لهذا الدين، وأنه يمني بل رئيس اليمن يجب عليه أن يوقِفَ من يعتدي على اليمنيين، وأن يطالب بالاعتذار على أقل الأحوال،أماأن يعتذر هو عن شيء يسير لم تُرَق قطرة دم من الأمريكيين ومع ذلك نعتذر ودمائنا تسيل، ولا أحد يعتذر إلينا، ما هذا المنطق، على كل حال الأمر كما سمعتم أن الناس هانوا في أنفسهم، فهانوا على الله فأهانهم الله: { وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}نسأل الله العافية،ونسأل الله أن يرفع عنا هذا الهوان، ويمنحنا العزة التي هي له ولرسوله وللمؤمنين، وذلك بأن يجعلنا من المؤمنين الصادقين؛ حتى نكون أعزاء كما يريدنا سبحانه،أقول قولي هذا وأستغفر الله فاستغفروهإنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى،وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على سيد الأولينوالآخرين، وقائد الغر المحجلين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
أيهاالإخوة المؤمنون:
دعانا الله عزوجل لئن نكون من أنصاره وأنصار دينه ونبيه صلى الله عليه وسلم، قال سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} هكذا ينادينا رب العالمين، ويبين لنا أنناإن نصرناه ونصرنا دينه ونصرنا رسوله سنصبح ظاهرين أي عالين منتصرين ممكَّنين في الأرض، نحن الذين نقود، ونحن الذين نسود، ولكن إن عكسنا الأمر انعكست النتيجة كما هو حالنا اليوم للأسف الشديد، يا أيهاالإخوة الكرام لماذا ننصر الله ورسوله؟ لماذا ننصر رسولنا صلى الله عليه وسلم؟أيكفي في وقت أن توجه إليهإساءة نهِبُّ ونغضب، هذا واجب، لكن ليس هذا الذي يكفي وليس هذا الذي يجب،أيهاالإخوةإنناإذاأردناأن نكون من أنصار الله، ومن أنصار رسوله صلى الله عليه وسلم، فعلينا أن نصدق في محبته، نحبه محبة كاملة، ونحب دينه وشرعه، ونحب عبادته وعقيدته وأحكامهوآدابه، ثم نتابعه على ذلك قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
يجب أن يكون ذلك دائماً ومستمراً، لا ننتظر من الاعداء أن يثيروا الغَيرةَ في نفوسنا بسب واستهزاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل نكون ناصريه في كل أمورنا، ناصروه على شهواتنا وأهوائنا ومصالحنا وعلى جميع أمورنا، هذا هو النصر الحق، ويجب أن يمتد ويستمر وأن لا نفتر ولا نغيب عنه ولا يغيب عنا،يجبأن نصدق النية في ذلك حينما نقوم ونعمل وننتقد ونفعل شيء، نريد نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكون نوايانا صادقة،أن نكون متجردين، لا نظهر بمظهر المناصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونريد من وراء ذلك أمرآخر، نريد أن نحقق غرضاً سياسياً، نريد أن نحقق مصلحة لأنفسناأو لحزبنا أو لجهتنا أو لجماعتنا، بل نريد أن نحقق المصلحة العامة التي يريدها الله ويريدها رسوله صلى الله عليه وسلم،أن نعتمد على الله ثم على أنفسنا، وأن نتابع قادتنا الذين أمرنا الله أن نتابعهم،أهل العلم وأهل الحكمة وأهلالإخلاصوأهل الغيرة على دين الله، ولا ننتظر الحكام والأنظمةأن تقول لنا افعلوا أو اتركوا فإنهم لن يفعلوا ذلك، ولن يحركوا ساكناًإلاإذاأذن لهم الأعداء ولن يفعلوا ذلك، فعلينا أن نتوكل على الله، وأن نتراجع فيما بيننا البين،وأن نسأل أهل الذكر ونرجع إلىأهل العلم، وأن يكون صوتنا واحد وقدوتنا واحد جميعاً، نريد بذلك وجه الله سبحانه وتعالى.
علينا أن نحذر من أن تستغل غضبتنا وإذا كانت هناك مسيرة أو كان هناك احتجاج أو كان هناك أي شيء فيجب أن تحفظ هذه وأن ترتب بحيث تكون في طريقها الصحيح وتؤدي غرضها الصحيح لا تنحرف عنه ولا يستغلها أحد ليقضي به غرض أخرأو يوجه إلى اتجاه أخر نسأل الله عزوجل أن يبصرنا بسبل نصرته ونصرت دينه ونصرت نبيه.
دعاء
الخاتمة

المشاهدات 2099 | التعليقات 0