﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾والعودة للمدارس

محمد البدر
1438/12/23 - 2017/09/14 23:43PM

الخطبة الأولى :

أَمَّا بَعدُ: عِبَادَ اللهِ : قَال تَعَالَى:﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ .

عِبَادَ اللهِ : نَحنُ في زَمَنٍ كَثُرَ فِيهِ الفَسَادُ وَظَهَرَت مَنَاهِجُ لِلإِفسَادِ ، عَقَدِيًّا وَفِكرِيًّا وَخُلُقِيًّا ، وَإِدَارِيًّا وَمَالِيًّا وَاجتِمَاعِيًّا ،فالواجب علينا كَفِّ أَيدِي العَابِثِينَ وَقَمعِ المُجرِمِينَ وَلُزُومِ تَعرِيَةِ الفَسَادِ وَفَضحِ المُفسِدِينَ ،إن الفساد أمر منبوذ شرعاً وعمل مستقبح مهما كان نوعه.

عِبَادَ اللهِ :إن الفساد الإداري والمالي وغيرها ، ظاهرة غريبة على مجتمعاتنا ، وقضية خطيرة ،تربع على عرشها عباد المناصب والأموال ومحبي الظهور والشهرة، وعانى من ويلاتها الكثير من الناس ، والسبب الأساسي هو ضعف التوحيد والإيمان وتغليب المصالح الشخصية وكثرة التحزبات والمسماة زوراً وبهتاناً(أحزاب وجماعات دينية)والانتماء لها والتعصب والولاء والبراء لها وهذا كله مخالفة للكتاب والسنة ، لذلك تعطلت كثير من المصالح ، وضاعت الحقوق ، وتوقفت بعض المشاريع والمصالح العامة ، وتجرأ السفهاء للنيل من ولاة أمرنا وعلمائنا.

عِبَادَ اللهِ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » رواه البخاري. إِنَّ تَضيِيعَ الأَمَانَةِ والاتِّصَافَ بِالخِيَانَةِ ، أَو مَا يُسمى بِالفَسَادِ الإِدارِيِّ وَالمَاليِّ والديني ، لم يَترُكْ بلداً إِلاَّ أَصَابَهَا ، وَلا مُجتَمَعًا إِلاَّ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنه ، حَتى صَارَ مَرَضًا مُستَفحِلاً تَأَخَّرَت بِسَبَبِهِ دُوَلٌ وَتَخَلَّفَت عَنِ الحَضَارَةِ ، وَأَصبَحَ عَقبَةً تَحُولُ بَينَ أُنَاسٍ مِن أَصحَابِ الحُقُوقِ وَحُقُوقِهِم ، وَمَركَبًا تُمنَحُ عَلَى ظَهرِهِ بَعضُ المِيزَاتِ وَالأَموَالِ لِمَن لا يَستَحِقُّونَهَا ، وَقَنَاةً تَسمَحُ بِتَعيِينِ مُوَظَّفِينَ وَإقصاء آخَرِينَ ، وَوَرَقَةً رَابِحَةً في أَيدِي بعض السفهاء ومَجمُوعَاتٍ مِنَ المُقَرَّبِينَ أَوِ الأَصدِقَاءِ ، عَلَى أَسَاسٍ مِنَ الحَمِيَّةِ الجَاهِلِيَّةِ أَوِ اقتِسَامِ المَصَالِحِ المَادِّيَّةِ .

عِبَادَ اللهِ :إن الفَسَاد لَهُ أَنمَاطًا وَأَشكَالاً منها :الوَسَاطَاتُ في كَثِيرٍ مِن أَحوَالِهَا ، وَالَّتي خَرَجَت عَن كَونِهَا نَوعًا مِنَ الشَّفَاعَةِ الحَسَنَةِ الَّتي يُؤجَرُ عَلَيهَا صَاحِبُهَا وَيُثَابُ ، فَأَصبَحَت ظُلمًا لِلمُستَحِقِّينَ وَهَضمًا لِلمُستَضعَفِينَ ، وَإِبعَادًا لِذَوِي الكِفَايَاتِ مِن المَوَاقِعِ الَّتي تَحتَاجُهُم.

كذلك مِن أَنماطِ الفَسَادِ أيضاً: هَدرُ الوَقتِ وَضَعفُ الالتِزَامِ بِسَاعَاتِ الدَّوَامِ ، وَكَثرَةُ التَغَيُّبِ وَالتَّأَخُّرِ عَنِ العَمَلِ وَ الدِراسةِ لأَعذَارٍ وَاهِيَةٍ ، وَاختِلاقُ أَسبَابٍ غَيرِ مُقنِعَةٍ لِلتَّهَرُّبِ مِنَ المُحَاسَبَةٍ وَالمُعَاقَبَةِ ،وَإِنَّ مِمَّا يُنَبَّهُ عَلَيهِ في هَذَا الجَانِبِ ، وَهُوَ مِمَّا يُسَاعِدُ عَلَى الخِيَانَةِ وَتَضيِيعِ الأَمَانَةِ وَبِهِ يَستَشرِي الفَسَادُ وَيَزدَادُ ، مَا يَفعَلُهُ بَعضُ الموظفين في المُستَشفَيَاتِ أوَ المَراكِزِ الصِّحِّيَّةِ حُكُومِيَّةً كانت أوَ أَهلِيَّةً ، مِن إِعطَاءِ المُوَظَّفِ أو الطَالب أو المدَّرس المُتَغَيِّبِ إِجَازَةً مَرَضِيَّةً ، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ لا يُعَاني مِن أَيِّ مَرَضٍ قَال تَعَالَى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ يجب علينا ان نتعاون في القضاء على هذه الظاهرة ،ومنع الأسباب المؤدية له .أقول قولي هذا ....

 

الخطبة الثانية :

عِبَادَ اللهِ :بعد غدٍ بمشيئة الله ستعود دور التعليم للعمل فالله الله في الأبناء ربوهم على الأخلاق الفاضلة واجعلوا منهم أبناء صالحين نافعين لجني ثماراً صالحة لكم أولاً ثم لمجتمعاتكم وأوطانكم أسسوهم على التوحيد الخالص دلوهم على الخير حثوهم على اتباع الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة الصالحين كونوا قدوة لهم في طاعة ولاة الأمر وحب العلماء الراسخين في العلم وبلاد الحرمين والواجب علينا أن ندافع عنها ونذود عن حياضها .

عِبَادَ اللهِ :حِينَ يُصبِحُ ابنُ الوَطَنِ عَلَى استِعدَادٍ لِبَيعِ ذِمَّتِهِ ودِينهِ أمثال سلمان العودة وعوض القرني وغيرهم فهذا والله من تَضيِيعَ الأَمَانَةِ والاتِّصَافَ بِالخِيَانَةِ ونقول كفاكم مداهنة وخيانة وضحك على شباب الأمة أشعلتم نار الفتنة بالخريف العبري غررتم بالناس على اختلاف أعمارهم ديدنكم الفوضى والقتل والدمار بفتاواكم وكلماتكم التي ترعف بالدماء فدماء المسلمين في أعناقكم وأعناق كل من أجج نار الفتنة ،مِن أَجلِ ماذا من أجل حَفنَةٍ مِنَ المَالِ أو مصلحة ما أو حزب باطل تفرحون به وتنصرونه، ضَارِبين بِمَصَالِحِ الوطن عرضَ الحَائِطِ ، هؤلاء قَومٌ يُخرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيدِيهِم ، وَيَقضُونَ بِقُوَّةٍ عَلَى آمالِ أُمَّتِهِم في النُّهُوضِ مِن كَبوَتِهَا وَالسَّيرِ في رَكبِ الحَضَارَةِ ، وَيَجعَلُونَهَا تَعِيشُ في كُرهٍ لِوُلاتِهَا وَبُغضٍ لِعلمائها وحقد على بلاد الحرمين ،فحينئذ لن تَنفَعْهُم سُلطَةٌ وَلا كَثرَةُ مَالٍ ، وَلن يغني عَنهُم جَاهٌ وَلا شُهرَةٌ ،ولن تنفعهم قطر ولا إيران ولا غيرها .ألا وصلوا...

المشاهدات 788 | التعليقات 0