ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس

أيمن عرفان
1434/08/20 - 2013/06/29 05:00AM
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم 41].
في هذه الآية يذكر لنا ربنا تبارك وتعالى نتيجة ويبين لنا سببها، أما النتيجة فهي قوله تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ واختلف العلماء في معنى الفساد والبر والبحر؛ فقيل الفساد هو الشرك، وهو أعظم الفساد. وقيل: الفساد القحط وقلة النبات وذهاب البركة. وقيل: الفساد كساد الأسعار وقلة المعاش. وقيل: الفساد المعاصي وقطع السبيل والظلم. والبر والبحر هما. وقيل: البر: الفيافي، والبحر: القرى. وقيل: إن البر ما كان من المدن والقرى على غير نهر، والبحر ما كان على شط نهر. هذه هي النتيجة فما سببها؟ يقول تعالى:"بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" أي أن السبب في ذلك هو ما فعله الناس من معاصي، لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا أي نذيقهم عقوبة بعض ما عملوا. "لعلهم يرجعون" لعلهم يتوبون. وقال: "بعض الذي عملوا" لأن معظم الجزاء في الآخرة. فهذا الفساد الذي يجدونه في الدنيا إنما هو جزء بسيط من العقاب الذي ينتظرهم في الآخرة. وكأن هذه الآية تقول لنا: إذا سلكتم طريق الطاعة أصلح الله لكم أمور دنياكم وأخراكم، وإذا سلكتم طريق المعاصي والشهوات تعرضتم لعقاب الله في الدنيا والآخرة، فإذا أردت أن تعرف ما السبب الحقيقي وراء ما نعاني من فتن وأزمات فاعلم أنه بسبب المعاصي.
(1) أول ما يستوقفنا من أحاديث النبي عن آثار المعاصي على الفرد والمجتمع حديث يرويه ابن ماجه بإسناد حسن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ - وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ -: لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا [قال العلماء أن الطاعون اسم لمسمى الفيروسات الفاتكة التي تفتك بالبشرية، فأول عقوبة تعود على الأمة بل وعلى البشرية كلها من مخالفة منهج الله هو انتشار الأمراض الغريبة الجديدة المحيرة، ولقد جاءهم الأمر الإلهي من الله: { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء:32]. فخالفوه فأرسل الله عليهم الإيدز والعديد من الأمراض المنتشرة وسببها الوحيد هو الفاحشة وانتشار العلاقات غير المشروعة بين الرجال والنساء]، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ [ثم يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن معصية من المعاصي التي يستهين بها كثير من الناس اليوم، هذه المعصية هي نقص المكيال والميزان، عقوبتها الأخروية وردت في قوله تعالى: { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين 1 – 3]، وهنا يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث عقوبات دنيوية، العقوبة الأولى إلا أخذوا بالسنين المعاناة من القحط والجفاف وقلة المياه، قبل أن نلوم على أثيوبيا لبنائها سد النهضة ينبغي أن نلوم على أنفسنا لمخالفتنا منهج الله، وأما العقوبة الثانية فهي شدة المئونة وهي الفقر، فإذا أردت أن تعرف السبب الحقيقي للأزمة الاقتصادية فهي أنا وأنت بمعصيتنا لأوامر الله، وأما العقوبة الثالثة فهي جَوْرِ السُّلْطَانِ، فإذا شكوت من حاكم ظالم فاعلم أن معصيتك هي التي جاءت لك بمن يظلمك ولو أنك كنت في طاعة الله لولى عليك حاكما عادلا]، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا [الزكاة التي هي حق الفقير في مال الغني، تخيل أن من عقوبة عدم إخراجها منع نزول المطر من السماء، ولولا رحمة الله عز وجل بالبهائم والأطفال الرضع والشيوخ الركع لمنع الله سبحانه وتعالى عنا المطر عقوبة لتقصيرنا في إخراج الزكاة]، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ[عقوبة نقض العهد والخيانة] ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ [أي تصبح العداوة والبغضاء بينهم وتتنافر القلوب ولا يتفقوا على رأي واحد، فكتاب الله يؤلف بين القلوب، ومنهج الله لا يختلف عليه المؤمنون، والأهواء تفرق وتشتت]).
(2) ومن آثار المعاصي على الفرد والمجتمع، أن المعاصي تورث الإنسان الذل والهوان، فيصغر في عيون الناس، روى أبو داود بإسناد صحيح عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ [بَيْع الْعِينَة هُوَ أَنْ يَبِيع شَيْئًا مِنْ غَيْره بِثَمَنٍ مُؤَجَّل وَيُسَلِّمهُ إِلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَشْتَرِيه قَبْل قَبْض الثَّمَن بِثَمَنِ نَقْد أَقَلّ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْر، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى عَدَم جَوَاز بَيْع الْعِينَة مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَأَحْمَد، وَجَوَّزَ ذَلِكَ الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه] وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ[حُمِلَ هَذَا عَلَى الِاشْتِغَال بِالزَّرْعِ فِي زَمَن يَتَعَيَّن فِيهِ الْجِهَاد] وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ [أَيْ الْمُتَعَيَّن فِعْله] سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ [صَغَارًا وَمَسْكَنَة، وَسَبَب هَذَا الذُّلّ وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهُمْ لَمَّا تَرَكُوا الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه الَّذِي فِيهِ عِزّ الْإِسْلَام وَإِظْهَاره عَلَى كُلّ دِين عَامَلَهُمْ اللَّه بِنَقِيضِهِ وَهُوَ إِنْزَال الذِّلَّة بِهِمْ فَصَارُوا يَمْشُونَ خَلْف أَذْنَاب الْبَقَر بَعْد أَنْ كَانُوا يَرْكَبُونَ عَلَى ظُهُور الْخَيْل]». وحديث آخر يذكره لنا البخاري في صحيحه عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (جُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي). فمن عصى الله ورسوله له الذل والصغار حتى يتوب.
(3) ومن آثار المعاصي أنه بالمعاصي نحرم من نعمة الأمن، ويضرب الله عز وجل لنا المثل في القرآن الكريم بما حدث لأهل مكة، يقول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [النحل 112]. مكة "كانت آمنة" لا يهاج أهلها. "يأتيها رزقها رغدا من كل مكان" من البر والبحر؛ "فكفرت بأنعم الله" الأنعم: جمع النعمة؛ وهذا الكفران تكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم. "فأذاقها الله" أي أذاق أهلها. "لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون" أي من الكفر والمعاصي. "لباس الجوع والخوف" الجوع بالقحط الذي أصابهم بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، والخوف من سرايا النبي صلى الله عليه وسلم وهجوم المسلمين على مكة، هذه مكة وفيها بيت الله، فكيف بغيرها.
(4) ومن آثار المعاصي أنّ المعاصيَ والذنوب سببٌ رئيس للخوفِ والقلَق والمصائِب والفِتن والبلايا التي تعم البلاد والعباد، يقول الله عز وجل محذرا من معصية الله ورسوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور 63]. بل ويبين لنا ربنا تبارك وتعالى أن هذه الفتن والبلايا التي تأتي نتيجة انتشار المعاصي لا تقع على أهل المعاصي فقط بل يقع أثرها على المجتمع بأثره، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال 24 – 25]. فمنهج الله عز وجل فيه حياة القلوب والأبدان، وفيه الحياة السرمدية عند الله عز وجل يوم القيامة، فاتباعه حياة، ثم يأتي تحذير من الله عز وجل من عدم اتباع المنهج، فالمعاصي إذا تفشت بين الناس وسكت الناس عليها وأقروها فقد يبعث الله عز وجل العقاب والهلاك على الجميع، روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ). فقد جعل الله في حكمه وحكمته الراضي بمنزلة العامل؛ فالعقوبة تأتي على الجميع، العاصي لفعله وغير العاصي لسكوته ورضاه. فإذا كان من بينهم أناس صالحون يقع الهلاك على الجميع ثم يبعثون على أعمالهم، روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ). وروى الإمام أحمد في مسنده عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا ظَهَرَتْ الْمَعَاصِي فِي أُمَّتِي عَمَّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ أُنَاسٌ صَالِحُونَ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَتْ: فَكَيْفَ يَصْنَعُ أُولَئِكَ؟ قَالَ: يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ).
(5) بل أننا نجد أن المعاصي والذنوب قد تكون سببا في إهلاك البلاد والعباد، قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء 16]. أمرنا مترفيها أي منعميها بمعنى رؤسائها أمرناهم بالطاعة على لسان رسلنا (ففسقوا فيها) فخرجوا عن أمرنا وخالفوا منهج الله (فحق عليها القول) بالعذاب (فدمرناها تدميرا) أهلكناها بإهلاك أهلها وتخريبها. فالمعاصي سبب في خراب البلاد وإهلاك العباد.
(6) كما أننا نجد أن المعاصي هي سبب ما يحدث بين الناس من خلاف وشقاق، وكثيرا ما تسمع عن رجلين كانت العلاقة بينهما على أحسن ما يكون، ثم يحدث بينهما العداء، السبب في ذلك يبينه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه الإمام أحمد بإسناد صحيح عَنِ ابْنِ عُمَرَأَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم -كَانَ يَقُولُ: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا).
أيها المؤمنون الكرام، هذه بعض تلك الثمار المرة التي يجنيها العصاة الآثمون من وراء المعاصي وآثارها على المجتمع، هذا إلى جانب العديد من الآثار التي لا ينتبه إليها المسلم ولو تأمل ووقف مع نفسه قليلا للاحظها في حياته اليومية، مثال ذلك الوحشةُ التي تحدثها المعاصي بين العبد وربه، واستثقال الطاعات، واستمراء الفواحش، واعتيادٍ لها، روى ابن حبان بإسناد حسن عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقلت، فإن عاد زيد فيها، فإن عاد زيد فيها حتى تعلو فيه، فهو الران الذي ذكر الله: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين 14] ». غلب على قلوبهم فغشيها (ما كانوا يكسبون) من المعاصي فهو كالصدأ.
ما الذي أخرج الأبوين من الجنة؟. وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه؟ وما الذي رفع قرى اللوطية ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها فأهلكهم جميعا ثم أتبعهم حجارة من السماء أمطرها؟ وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله الأرض؟ إنها المعاصي. بالمعاصي يحدث سواد في الوجه وظلمة في القلب، وضيقه وهمه وحزنه وألمه ، ويحرم حلاوة الطاعة ويذهب الحياء الذي هو مادة حياة القلب وهو أصل كل خير.

http://youtu.be/Kef8-dcbACo
المشاهدات 13801 | التعليقات 0