ظاهرة الترف , الأسباب والعلاج
عايد القزلان التميمي
1436/11/20 - 2015/09/04 07:47AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : هذه خطبة عن ذم ظاهرة الترف التي ابتليت بها الكثير من مجتمعاتنا الإسلامية .
ومن عناصر الخطبة أسباب الترف وأنه يؤدي إلى أمراض اجتماعية , وكذلك في الخطبة تم ذكر العلاج . أسأل الله التوفيق والسداد في الدارين .
=====================================================
إن الحمد لله ، نحمده و نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ /font][/color][/b][b][color=black][font=traditional arabic]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً[/font][/color][/b][b][color=black][font=traditional arabic( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا .
أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
أيها المؤمنون : إن في المجتمع ظاهرة خطيرة جداً، عمت المجتمعات؛ أثرت على الأغنياء والفقراء، والصغار والكبار، والرجال والنساء؛ حتى أنها أثرت على كثير من الدعاة وطلبة العلم، والعباد والزهاد، والواقع بهذا ظاهر للعيان، إنه سبب لسقوط المجتمعات وانهيارها ، إنه سبب لانغماس النفس في الدنيا وغفلتها عن الآخرة ، وإنه سبب لترك الجهاد والتخلف عنه وفتح الباب لغلبة الأعداء على الأمة ، إنه سبب للتنافس والتباغض والتحاسد ، إنه سببللإعراض عن العمل للدين , هذه الظاهرة أفسدت أطفالنا وضيعت أموالنا ومرغت نساءنا في أوحال الدنيا هذه الظاهرة هي ظاهرة الترف.
والترف يا عباد الله هو مجاوزة حد الاعتدال بنعمة أو الإكثار من النعم التي يحصل بها الترف والمترف هو من أشغلته النعمة وسعة العيش وألهته عن طاعة الله، فتراه حريصاً على زيادة أحواله من مأكل ومشرب ومسكن ومركب.
هذا الترف الذي أفسد القلوب، وأبعد الكثير من الناس عن علام الغيوب .
عباد الله : لا يذكر الله تعالى الترف إلا مقرونا بالشر فقد ذكر الله سبحانه و تعالى عِقَاب الدنيا وقَرَنَهُ بالترف «وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ* فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ* لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ» وذكر سبحانه عذاب يوم القيامة وبين انه بسبب الترف فعندما ذكر أصحاب الشمال في سورة الواقعة قال: «إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ» وذكر عموم العذاب الذي يجتاح الناس اجتياحا ويهلكهم إهلاكا فبين أن منشأه فساد المترفين فقد قال تعالى:«وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا». ذلك لأن الترف يحول بين الإنسان وبين اتباع الخير فالترف دائما يصد الإنسان عن الخير ولذلك كان الذين كذبوا المرسلين من جنس المترفين، فالله سبحانه وتعالى يقول: «وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ، وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ».
وقد بين سبحانه أن عاقبة الترف وخيمة في الدنيا والآخرة، فقال عن نبيه صالح، وهو يخاطب قومه ثمود، وكانوا عربًا يسكنون مدينة الحجر التي بين واد القرى وبلاد الشام، ومساكنهم معروفة، وتسمى الآن مدائن صالح: ﴿ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ * وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾
إلى أن قال: ﴿ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ الشاهد أنهم كانوا يعيشون حياة الترف، فكذبوا رسولهم، فكان عاقبتهم الهلاك في الدنيا والآخرة.
فإذا الترف يؤدي إلى التلف ويؤدي إلى عذاب الدنيا ويؤدي إلى عذاب الآخرة بسبب أنه يصد عن ذكر الله ويصد عن اتباع الحق ويفسد الطباع وينحرف بالإنسان عن الطريق المستقيم .
أيها المسلمون : ولقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المترفين في الدنيا ينسون ما كانوا فيه من النعيم في الآخرة، روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ، هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ وَهَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ»
ولقد كان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - من أبعد الناس عن الترف،
عباد الله : ومن مظاهر هذا الترف في وقتنا الحاضر:
الإغراق في الكماليات بشكل عجيب، من أثاث وسيارات وجوالات وملابس وغيرها.
ومن مظاهر الترف سفر بعض الناس للسياحة سنويًا، ويدفعون في ذلك المبالغ الطائلة حتى لو كانت هذه المبالغ بالدين، وغير ذلك من مظاهر الترف.
أيها المسلمون : ومن المفاسد التي تنتج عن الترف:
الأمراض الكثيرة في وقتنا الحاضر، كمرض السمنة، وأمراض القلب، والجلطات، وغيرها.
ومن مفاسد الترف :أنه يؤدي إلى الكسل، والراحة، والتعلق بالدنيا، مما يسهل على الأعداء التسلط على الأمة وأمة الإسلام ينبغي أن تكون أمة مجاهدة قوية .
عباد الله إن الترف يؤدي إلى ضياع ثروات الأمة، فيما لا فائدة فيه، والأمة بأمس الحاجة إلى استغلال هذه الثروات، في بناء قوتها الاقتصادية، والعسكرية لتأخذ مكانتها بين الأمم، قال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
عباد الله إن الترف يؤدي لأبواب أخرى كالكبر والتباهي والتفاخر والعجب .
عباد الله : وهذا كله فيما إذا كان الترف مقتصرًا على التوسع والانبساط في المباح، فأما إذا تجاوز ذلك إلى الشهوات المحرمة فإن الأمر يكون قد وصل إلى مرحلة الخطر، ومنذر بالهلاك والدمار، كما مر في الآيات السابقة.
بارك الله لي ولكم ......
من علاجات الترف أن ينظر الإنسان إلى من هو دونه في الدنيا ولا ينظر إلى من هو فوقه فيعرف نعمة الله عليه .
ومن علاج الترف القراءة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم , ومن اولئك الصحابة الصحابي الكريم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- أو مصعب الخير، كان في صغره وقبل إسلامه شابًا جميلا مدللاً منعمًا مترفا ، يلبس من الثياب أغلاها، يعرفه أهل مكة بعطره الذي يفوح منه دائمًا، وأبوه وأمه من أغنى أغنياء مكة، وكانا يحبانه حبًّا شديدًا، فرغباته كلها منفذة، وطلباته كلها مجابة.
سمع مصعب دعوة محمدصلى الله عليه وسلمالتي ينادى فيها بعبادة الله وحده، فأسرع للقاء النبي صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وأعلن إسلامه.
فاختار الرسول صلى الله عليه وسلم مصعبًا ليكون أول سفير له خارج مكة، وأول مهاجر إلى المدينة المنورة.
وتجيء غزوة أحد، ويختار الرسول مصعبًا ليحمل اللواء.
واستشهد مصعب رضي الله عنه .
وعند جثمان مصعب لم يجدوا شيئًا يكفنونه فيه إلا ثوبه القصير، قال خباب رضي الله عنه إِذَا غَطَّيْنَا بِهَ رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ , وَإِذَا غُطِّيَ بِهَ رِجْلَاهُ خَرَجَ رَأْسُهُ , فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلِهِ الْإِذْخِرَ والإذخر (نبات له رائحة طيبة)
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ....
ومن عناصر الخطبة أسباب الترف وأنه يؤدي إلى أمراض اجتماعية , وكذلك في الخطبة تم ذكر العلاج . أسأل الله التوفيق والسداد في الدارين .
=====================================================
إن الحمد لله ، نحمده و نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ /font][/color][/b][b][color=black][font=traditional arabic]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً[/font][/color][/b][b][color=black][font=traditional arabic( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا .
أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
أيها المؤمنون : إن في المجتمع ظاهرة خطيرة جداً، عمت المجتمعات؛ أثرت على الأغنياء والفقراء، والصغار والكبار، والرجال والنساء؛ حتى أنها أثرت على كثير من الدعاة وطلبة العلم، والعباد والزهاد، والواقع بهذا ظاهر للعيان، إنه سبب لسقوط المجتمعات وانهيارها ، إنه سبب لانغماس النفس في الدنيا وغفلتها عن الآخرة ، وإنه سبب لترك الجهاد والتخلف عنه وفتح الباب لغلبة الأعداء على الأمة ، إنه سبب للتنافس والتباغض والتحاسد ، إنه سببللإعراض عن العمل للدين , هذه الظاهرة أفسدت أطفالنا وضيعت أموالنا ومرغت نساءنا في أوحال الدنيا هذه الظاهرة هي ظاهرة الترف.
والترف يا عباد الله هو مجاوزة حد الاعتدال بنعمة أو الإكثار من النعم التي يحصل بها الترف والمترف هو من أشغلته النعمة وسعة العيش وألهته عن طاعة الله، فتراه حريصاً على زيادة أحواله من مأكل ومشرب ومسكن ومركب.
هذا الترف الذي أفسد القلوب، وأبعد الكثير من الناس عن علام الغيوب .
عباد الله : لا يذكر الله تعالى الترف إلا مقرونا بالشر فقد ذكر الله سبحانه و تعالى عِقَاب الدنيا وقَرَنَهُ بالترف «وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ* فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ* لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ» وذكر سبحانه عذاب يوم القيامة وبين انه بسبب الترف فعندما ذكر أصحاب الشمال في سورة الواقعة قال: «إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ» وذكر عموم العذاب الذي يجتاح الناس اجتياحا ويهلكهم إهلاكا فبين أن منشأه فساد المترفين فقد قال تعالى:«وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا». ذلك لأن الترف يحول بين الإنسان وبين اتباع الخير فالترف دائما يصد الإنسان عن الخير ولذلك كان الذين كذبوا المرسلين من جنس المترفين، فالله سبحانه وتعالى يقول: «وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ، وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ».
وقد بين سبحانه أن عاقبة الترف وخيمة في الدنيا والآخرة، فقال عن نبيه صالح، وهو يخاطب قومه ثمود، وكانوا عربًا يسكنون مدينة الحجر التي بين واد القرى وبلاد الشام، ومساكنهم معروفة، وتسمى الآن مدائن صالح: ﴿ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ * وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾
إلى أن قال: ﴿ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ الشاهد أنهم كانوا يعيشون حياة الترف، فكذبوا رسولهم، فكان عاقبتهم الهلاك في الدنيا والآخرة.
فإذا الترف يؤدي إلى التلف ويؤدي إلى عذاب الدنيا ويؤدي إلى عذاب الآخرة بسبب أنه يصد عن ذكر الله ويصد عن اتباع الحق ويفسد الطباع وينحرف بالإنسان عن الطريق المستقيم .
أيها المسلمون : ولقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المترفين في الدنيا ينسون ما كانوا فيه من النعيم في الآخرة، روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ، هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ وَهَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ»
ولقد كان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - من أبعد الناس عن الترف،
عباد الله : ومن مظاهر هذا الترف في وقتنا الحاضر:
الإغراق في الكماليات بشكل عجيب، من أثاث وسيارات وجوالات وملابس وغيرها.
ومن مظاهر الترف سفر بعض الناس للسياحة سنويًا، ويدفعون في ذلك المبالغ الطائلة حتى لو كانت هذه المبالغ بالدين، وغير ذلك من مظاهر الترف.
أيها المسلمون : ومن المفاسد التي تنتج عن الترف:
الأمراض الكثيرة في وقتنا الحاضر، كمرض السمنة، وأمراض القلب، والجلطات، وغيرها.
ومن مفاسد الترف :أنه يؤدي إلى الكسل، والراحة، والتعلق بالدنيا، مما يسهل على الأعداء التسلط على الأمة وأمة الإسلام ينبغي أن تكون أمة مجاهدة قوية .
عباد الله إن الترف يؤدي إلى ضياع ثروات الأمة، فيما لا فائدة فيه، والأمة بأمس الحاجة إلى استغلال هذه الثروات، في بناء قوتها الاقتصادية، والعسكرية لتأخذ مكانتها بين الأمم، قال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
عباد الله إن الترف يؤدي لأبواب أخرى كالكبر والتباهي والتفاخر والعجب .
عباد الله : وهذا كله فيما إذا كان الترف مقتصرًا على التوسع والانبساط في المباح، فأما إذا تجاوز ذلك إلى الشهوات المحرمة فإن الأمر يكون قد وصل إلى مرحلة الخطر، ومنذر بالهلاك والدمار، كما مر في الآيات السابقة.
بارك الله لي ولكم ......
الخطبة الثانية:
الحمد لله ذي العزِّ والكرم، الذي أسبغ على خلقه النعم، ووقى من شاء وحفظه من النقم. فلله الحمد في الدنيا والآخرة على الخير الأتم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له باري النَسَمَّ. وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، المبعوث بالنهج الأقوم. اللهم صلى وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه ذوي الخلق الأكرم.
أما بعد فيا عباد الله :هناك سبل وطرق لعلاج الترف ومنها : عدم تعويد النفس على الراحة والكسل : وكان صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل .
عباد الله ومن علاج الترف أن يعود الإنسان نفسه على العمل حتى على خدمة نفسه وعدم الاعتماد على الآخرين في كل شيء . أما بعد فيا عباد الله :هناك سبل وطرق لعلاج الترف ومنها : عدم تعويد النفس على الراحة والكسل : وكان صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل .
من علاجات الترف أن ينظر الإنسان إلى من هو دونه في الدنيا ولا ينظر إلى من هو فوقه فيعرف نعمة الله عليه .
ومن علاج الترف القراءة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم , ومن اولئك الصحابة الصحابي الكريم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- أو مصعب الخير، كان في صغره وقبل إسلامه شابًا جميلا مدللاً منعمًا مترفا ، يلبس من الثياب أغلاها، يعرفه أهل مكة بعطره الذي يفوح منه دائمًا، وأبوه وأمه من أغنى أغنياء مكة، وكانا يحبانه حبًّا شديدًا، فرغباته كلها منفذة، وطلباته كلها مجابة.
سمع مصعب دعوة محمدصلى الله عليه وسلمالتي ينادى فيها بعبادة الله وحده، فأسرع للقاء النبي صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وأعلن إسلامه.
فاختار الرسول صلى الله عليه وسلم مصعبًا ليكون أول سفير له خارج مكة، وأول مهاجر إلى المدينة المنورة.
وتجيء غزوة أحد، ويختار الرسول مصعبًا ليحمل اللواء.
واستشهد مصعب رضي الله عنه .
وعند جثمان مصعب لم يجدوا شيئًا يكفنونه فيه إلا ثوبه القصير، قال خباب رضي الله عنه إِذَا غَطَّيْنَا بِهَ رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ , وَإِذَا غُطِّيَ بِهَ رِجْلَاهُ خَرَجَ رَأْسُهُ , فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلِهِ الْإِذْخِرَ والإذخر (نبات له رائحة طيبة)
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ....
المرفقات
خطبة عن ظاهرة الترف , الأسباب والعلاج.docx
خطبة عن ظاهرة الترف , الأسباب والعلاج.docx
د. ماجد بلال
خطبة موفقة
وهذا الملف بعد تصحيح الرمز
المرفقات
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/2/3/4/6/خطبة%20ظاهرة%20الترف.docx
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/2/3/4/6/خطبة%20ظاهرة%20الترف.docx
تعديل التعليق