طَلَبِ الْعِلْمِ النَافِع

محمد البدر
1444/01/26 - 2022/08/24 08:07AM

الْخُطْبَةِ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَال تَعَالَى:﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى﴿يَرْفَعُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾وَقَالَ تَعَالَى﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾.وَقَالَﷺ:«أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا , إِلَّا ذِكْرُ اللهِ، وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ»حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ ، وإِنَّ طالبَ العلمِ يستغفِرُ له كلُّ شيءٍ،حتى الحيتانِ في البحرِ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.بعد غدٍ بمشيئة الله سيعود التلاميذ على إختلاف مراحلهم الدراسية إلى دور العلم فلتكن النية في تحصيل العلم الإخلاص لله وحده والمتابعة لرسول اللهﷺ،واطلبوا العلم لترفعوا عن أنفسكم الجهل، واطلبوا العلم لتنفعوا غيركم وأمتكم ، لا تطلبوا العلم لأجل المناصب والوظائف والممارات، فكلها متاع قليل زائل  واعملوا وجدّوا فكلٌ ميسر لما خلق له، قَالَﷺ:«مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ مَنْهُومٌ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ , لَا تَنْقَضِي نُهْمَتُهُ , وَمَنْهُومٌ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا , لَا تَنْقَضِي نُهْمَتُهُ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.طلب العلم من أفضل القربات، ومن أسباب الفوز بالجنة لمن عمل به،ولابد كما أسلفت من الإخلاص لله جل وعلى في طلبه لا لغرض آخر، لأن ذلك هو سبيل الانتفاع به، وسبب التوفيق لبلوغ المراتب العالية في الدنيا والآخرة.قَالَﷺ:«مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ، أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تَنْبتُ كَلأَ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عِبَادَ اللَّهِ:نوصي جميع الطلاب والمعلمين بتقوى الله أولاً ثم الصبر والمثابرة وحسن الظن بالله والتوكل عليه قَال تَعَالَى:﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾.كذلك مما يعين على تحصيل العلم الصحيح السير على منهج الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالحين والحرص على طاعة الله والمحافظة على الصلوات في المساجد، فلا خير فيمن ضيع الصلاة وبر الوالدين والسمع والطاعة لمن ولاه الله أمرنا ولعلماء السنة والتوحيد و التحلي بحسن الخلق والتطلع إلى الهمم العالية، والعزيمة الصادقة وعليكم يا معشر الطلاب أن تكونوا رحماء ورفقاء بإخوانكم والله الله في احترام وتوقير وتقدير المعلمين،وإياكم ثم إياكم أن تخيبوا آمال آبائكم وأمهاتكم أظهروا لهم أثر هذا العلم في تصرفاتكم وأفعالكم واخلاقكم ،واحتسبوا الأجر من الله في ذهابكم كُلَ صباح إلى صروح العلم وتأملوا قَولَهﷺ:«وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً ، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ:«إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

عِبَادَ اللَّهِ:اعلموا أيها الآباء والأمهات أن تربية الابناء جهاد، وأعظم به من جهاد تؤجرون عليه فادعوا الله أن يرزق أبناءكم العلم النافع فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّﷺكَانَ يَقُولُ: إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَ صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

وَقَالَﷺ:«سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..


الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِه ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمَاً لِشَأْنِه ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .

عِبَادَ اللَّهِ:احذروا من المباهاة والمراء في طلب العلم قَالَﷺ:«لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلَا تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَالنَّارُ النَّارُ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.يَعْنِي رِيحَهَا.وَقَالَﷺ:«مَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ العُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.وَينبغي عَلَيْنَا جَمِيعًا أن نتعاون ونصبر في حَثِّ الأبناء على تعلم العلمُ الشرعي الصحيح المبني على الكتاب والسنة وفهم علماء الأمة وانتهاج منهج السلف الصالح والأخذ عن العلماء المعتبرين المعروفين بسلامة المنهج والرأي السليم , والصدور عنهم قَال تَعَالَى:﴿وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الامن أَوِ الخوف أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرسول وإلى أُوْلِى الامر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾.وكذلك تحذيرهم من المتعالمين والمتسرعين في الأمور أو المتجاسرين على الفتيا خاصةً فيما يتعلق بالأمور العامة ومصير الأمة.قَالَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ:إِنَّ هَذِهِ الْفِتْنَةَ إِذَا أَقْبَلَتْ عَرَفَهَا كُلُّ عَالِمٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَرَفَهَا كُلُّ جَاهِلٍ.إلخ.ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين،اللّهمّ أعِزّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدّين،واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

 

المرفقات

1661317642_طَلَبِ الْعِلْمِ النَافِع.pdf

المشاهدات 977 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا