طلائع القلوب

الخطبة الأولى : طلائع القلوب

الحَمْدُ للـهِ رَبِّ العَالَمِينَ، كَتَبَ الفَوزَ وَالفَلاَحَ لِمَنْ أَخْضَعَ نَفْسَهُ لِلتَّزكِيَةِ وَالإِصْلاَحِ ( قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ) ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللـهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ العَلِيمُ الخَلاّقُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَسْمَى النَّاسِ أَخْلاَقًا وَأَفْعَالاً، وَأَعْدَلُـهُمْ أَحْوَالاً وَأَزكَاهُمْ أَقْوَالاً، صلى الله عليه وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الذِينَ جَاهَدُوا أَنْفُسَهُمْ وَصَدَقُوا، وَأَحَبُّوا الخَيْرَ فَسَارَعُوا إِلَيْهِ وَسَبَقُوا، وَرَضِيَ اللهُ عَنِ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.                          أما بعد : فأوصيكم ونفسي ....

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ r قالَ: «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْـخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ». م.

عباد الله: لَقَدْ وَهَبَ اللـهُ عَزَّ وجلَّ لَنا نِعَماً كَثِيرَةً لَا تُحْصَى "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّـهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ" ومِنْ هذِهِ النِّعَمِ : نِعْمَةُ الجَوَارِحِ الَّتِي أَوْجَبَ اللـهُ شُكْرَهَا ( وَاللَّـهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )

وإِنَّ نِعْمَةَ البَصَرِ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ وَقَدْ أَمَرَ اللـهُ الْـمُؤْمِنِينَ وَالْـمُؤْمِنَاتِ بغضِ الأَعْيُنِ الْبَاصِرَاتِ ، مِنَ التَّطَلُّعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ، وَمَحَلِّ الشَّهَوَاتِ (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )

قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: «هَذا أَمْرٌ مِنَ اللـهِ تعالَى لِعِبادِهِ المُؤْمِنِينَ، أَنْ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ عَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ، فَلا يَنْظُرُوا إِلَّا لِمَا أَبَاحَ لَـهُمُ النَّظَرَ إِلَيْهِ، وأَنْ يُغْمِضُوا أَبْصَارَهُمْ عَنِ المَحَارِمِ، فَإِنِ اتَّفَقَ أَنْ وَقَعَ البَصَرُ علَى مُحَرَّمٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلْيَصْرِفْ بَصَرَهُ عَنْهُ سَرِيعاً، كَما في الحَدِيثِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ قالَ: « سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّـهِ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي» م.   عباد الله: العيونُ طلائعُ القلوبِ، وإنَّ النَّظَرَ أَصْلُ عَامَّةِ الْـحَوَادِثِ الَّتِي تُصِيبُ الْإِنْسَانَ ، فالعينُ رائدٌ إذا أُرسلَ صاد، وإذا قُيدَ انقاد، وإذا أُطلقَ وقع بالقلبِ في الفساد.

والبَصَرُ هُوَ البَابُ الأَكْبَرُ إلَى القَلْبِ، وأَعْمَرُ طُرُقِ الحَوَاسِّ إِلَيْهِ،  وَبِحَسَبِ ذَلكَ كَثُرَ السُّقُوطُ مِنْ جِهَتِهِ، وَوَجَبَ التَّحْذِيرُ مِنْهُ، وغَضُّهُ واجِبٌ عَنْ جَمِيعِ المُحَرَّماتِ وكُلِّ مَا يُخْشَى الفِتْنَةُ مِنْ أَجْلِهِ.

ولذا حَذَّرَ اللـهُ جَلَّ وَعَلاَ مِنْ خِيَانَةِ الْعَيْنِ، فَقَالَ تَعَالَى( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)

قَالَ الْبَغَوِيُّ: أَيْ خِيَانَتَهَا، وَهِيَ: اسْتِرَاقُ النَّظَرِ إِلَى مَا لاَ يَحِلُّ. قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ نَظَرُ الأَعْيُنِ إِلَى مَا نَهَى اللـهُ عَنْهُ.

 وإِنَّ الَّذِي أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الأُمَّةُ، واتَّفَقَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ السَّلَفِ وَالْـخَلَفِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالأَئِمَّةِ: هُوَ نَظَرُ الأَجَانِبِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ، وَهُمْ مَنْ لَيْسَ بَيْنَهُمْ رَحِمٌ مِنَ النَّسَبِ، وَلاَ مَحْرَمٌ مِنْ سَبَبٍ كَالرِّضَاعِ وَغَيْرِهِ، فَهَؤُلاَءِ حَرَامٌ نَظَرُ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ.

 

عباد الله: لَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ عَنِ الْـجُلُوسِ فِي الطُّرُقَاتِ؛ لِئَلاَّ تَكُونَ الطُّرُقَاتُ ذَرِيعَةً لِلتَّرَفُّهِ بِمَحَاسِنِ النِّسَاءِ الْغَادِيَاتِ، وَمَفَاتِنِ الرَّائِحَاتِ، وَالاِطِّلاَعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ، فكيف بنا في هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي نَعِيشُ فِيهِ، زَمَانٌ تَعَاظَمَتْ فِيهِ الْـمُغْرِيَاتُ، وَاسْتُثِيرَتْ فِيهِ الشَّهَوَاتُ؛ حتى أضحت أبوابُ الفتنِ والمغرياتِ بين يديك في الجوالِ والشَّاشاتِ ومَوَاقِعِ الإِنْتَرْنِتِّ وغيرها، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْـخُدْرِيِّ t أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ! فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللـهِ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ، نَتَحَدَّثُ فِيهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللـهِr : فَإذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْـمَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ. قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللـهِ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْـمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْـمُنْكَرِ».خ.م .

عباد الله: إنَّ غضَّ البصرِ امْتِثَالٌ لِأَمْرِ اللَّـهِ الَّذِي هُوَ غَايَةُ سَعَادَةِ الْعَبْدِ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ، فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِي دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ أَنْفَعُ مِنَ امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَمَا شَقِيَ مَنْ شَقِيَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا بِتَضْيِيعِ أَوَامِرِهِ.

إنَّ غَضَّ الْبَصَرِ من الخَطْوَاتِ المهمةِ عَلَى طَرِيقِ حِمَايَةِ الْـمُجْتَمَعِ مِنَ الْفَسَادِ الأَخْلاَقِيِّ، وَهُوَ الْحِصْنُ الَّذِي يَحْمِي نَفْسَ الْـمُؤْمِنِ مِنَ الشَّهَوَاتِ الْـمُحَرَّمَةِ، فَالنَّظْرَةُ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ،  مَنْ تَرَكَهَا خَوْفاً مِنَ اللـهِ: وَهَبَهُ اللـهُ تَعَالَى إِيمَاناً يَجِدُ حَلاَوَتَهُ فِي قَلْبِهِ، ولَيْسَ عَلَى الْقَلْبِ شَيْءٌ أَضَرُّ مِنْ إِطْلَاقِ الْبَصَرِ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْوَحْشَةَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ ،كما أَنَّهُ يُورِثُ الْـحَسَرَاتِ وَالزَّفَرَاتِ، فَيَرَى الْعَبْدُ مَا لَيْسَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَلَا صَابِرًا عَنْهُ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْعَذَابِ .

 وَغَضُّ الْبَصَرِ يُخَلِّصُ الْقَلْبَ مِنْ أَسْرِ الشَّهْوَةِ، وَيُورِثُهُ فَرَحاً وَسُرُوراً وَانْشِرَاحاً، وَمَنْ حَبَسَ بَصَرَهُ عَنِ الْـحَرَامِ: أَطْلَقَ اللـهُ نُورَ بَصِيرَتِهِ.

عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللـهِ لِعَلِيٍّ: «يَا عَلِيُّ! لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ» أحمد وغيرُه .

قال ابن القيم : وَالنَّظَرُ أَصْلُ عَامَّةِ الْـحَوَادِثِ الَّتِي تُصِيبُ الْإِنْسَانَ، فَالنَّظْرَةُ تُوَلِّدُ خَطْرَةً، ثُمَّ تُوَلِّدُ الْخَطْرَةُ فِكْرَةً، ثُمَّ تُوَلِّدُ الْفِكْرَةُ شَهْوَةً، ثُمَّ تُوَلِّدُ الشَّهْوَةُ إِرَادَةً، ثُمَّ تَقْوَى فَتَصِيرُ عَزِيمَةً جَازِمَةً، فَيَقَعُ الْفِعْلُ وَلَا بُدَّ، مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ، وَفِي هَذَا قِيلَ: الصَّبْرُ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ أَيْسَرُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى أَلَمِ مَا بَعْدَهُ.

كُلُّ الْـحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَّظَرِ ...

وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ

كَمْ نَظْرَةٌ بَلَغَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا ...

كَمَبْلَغِ السَّهْمِ بَيْنَ الْقَوْسِ وَالْوَتَرِ

وَالْعَبْدُ مَا دَامَ ذَا طَرْفٍ يُقَلِّبُهُ ...

 فِي أَعْيُنِ الْعِينِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْخَطَرِ

يَسُرُّ مُقْلَتَهُ مَا ضَرَّ مُهْجَتَهُ ...

لَا مَرْحَبًا بِسُرُورٍ عَادَ بِالضَّرَرِ

عباد الله: إن الْـمُجْتَمَعَ الإِسْلاَمِيَّ يَحْفَظُ أَعْضَاءَهُ رِجَالاً وَنِسَاءً مِنَ الاِنْزِلاَقِ فِي الْفَوَاحِشِ وَمَا فَرْضُ الْحِجَابِ وتحريمُ الاختلاطِ وَالأَمْرُ بِغَضِّ الْبَصَرِ سِوَى وَسَائِلَ وِقَائِيَّةٍ لإِبْقَاءِ الْـمُجْتَمَعِ نَظِيفاً مِنْ أَيِّ سُوءٍ أَوْ خِيَانَةٍ أَوْ فَاحِشَةٍ، حِفَاظاً عَلَى كِيَانِ الأُسْرَةِ، وَقِيَامِ الْـمُجْتَمَعِ عَلَى فَضَائِلِ الأَخْلاَقِ، وَالابْتِعَادِ عَنْ سَفَاسِفِهَا (والله يريدُ أن يتوب عليكم ويريدُ الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما )  بارك الله ...

الخطبة الثانية :

الحمد لله ...أما بعد:  فيا عباد الله:

إِنَّ ضَعْفَ الْوَازِعِ الدِّينِيِّ، وَمُخَالَطَةَ أَصْحَابِ السُّوءِ، وَالاخْتِلاَطَ الْـمُحَرَّمَ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ، أَسْبَابٌ تُعِينُ عَلَى الْـمَعْصِيَةِ، كَمَا أَنَّ عَوَامِلَ الإِثَارَةِ الَّتِي تَبُثُّهَا بَعْضُ الْقَنَوَاتِ، وَفَضَائِيَّاتُ الإِغْرَاءِ تَجْعَلُ كَثِيراً مِنَ الشَّبَابِ والفتياتِ  يَلْهَثُ وَرَاءَ تلكَ الْـمَنَاظِرِ والصورِ، وثَمَّةَ أُمُورٌ تُعِينُ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ مِنْهَا:

 الدُّعَاءُ، فَمَا أَجْمَلَ اسْتِعَاذَةَ الْعَبْدِ بِمَوْلاَهُ، وَاسْتِغَاثَتَهُ بِخَالِقِهِ!  فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ t قَالَ: «إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ r فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّـهِ: ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا. فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ قَالُوا: مَهْ مَهْ! فَقَالَ: ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا، قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّـهِ، جَعَلَنِي اللَّـهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ...  وفيه: قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ».

وَمِنْهَا: تَقْوَى اللـهِ وَدَوَامُ مُرَاقَبَتِهِ وَالْـخَشْيَةُ مِنْهُ؛ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ اللـهَ نَاظِرٌ إِلَيْهِ غَضَّ بَصَرَهُ .

إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْماً فَلاَ تَقُلْ 

   خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ  عَلَيَّ  رَقِيبُ

وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللـهَ يَغْـفُلُ سَاعَـــةً 

    وَلاَ أَنَّ مَا تُخْفِيهِ  عَنْـهُ  يَغِيـبُ

وَالإِيمَانُ رادعٌ عَنْ إِطْلاَقِ الْبَصَرِ، قالَ ابْنُ دَقِيقِ العِيدِ «إِنَّ التَّقْوَى سَبَبٌ لِغَضِّ البَصَرِ وتَحْصِينِ الفَرْجِ».

وَمِنَ الأُمُورِ الْـمُعِينَةِ أَيْضاً: الزَّوَاجُ (فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ) خ.م . 

وَمِنْهَا: مُرَافَقَةُ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى الطَّاعَةِ،  قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ : خَرَجْتُ مَعَهُ يَوْمَ عِيدٍ فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا غَضُّ الْبَصَرِ.  وَمِنَ الأُمُورِ الْـمُعِينَةِ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ: مَعْرِفَةُ عَوَاقِبِ إِطْلاَقِ الْبَصَرِ مِنْ فَسَادِ الْقَلْبِ وَتَشَتُّتِهِ، وَفُقْدَانِ حَلاَوَةِ الإِيمَانِ، وَالانْشِغَالِ عَنِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ، وَعَنْ كُلِّ مَا يَنْفَعُ فِي الدَّارَيْنِ .

عباد الله: منْ حافَظَ علَى جَوَارِحِهِ بِطَاعَةِ اللـهِ فَإِنَّهُ يَمْشِي بِنُورٍ مِنَ اللـهِ سُبْحَانَهُ وتعالَى كَما جاءَ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا» خ.

ومَعْنَى ذَلِكَ كَما قالَ العُلَمَاءُ: أَنَّ اللـهَ يُوَفِّقُهُ ويُسَدِّدُهُ في أَعْمَالِهِ وأَقْوَالِهِ، وسَمْعِهِ، وبَصَرِهِ وسَائِرِ جَوَارِحِهِ وأَعْضَائِهِ.     

 عباد الله: إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ جَنَّاتِ النَّعِيمِ : حِفْظَ الجَوَارِحِ عَمَّا حَرَّمَ اللـهُ عزَّ وجلَّ قال r :«مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ - يَعْنِي لِسَانَهُ- وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ -يَعْنِي فَرْجَهُ- أَضْمَنْ لَهُ الْـجَنَّةَ» خ.          ثم صلوا ...

المرفقات

1675280317_طلائع القلوب.pdf

1675280330_طلائع القلوب.docx

المشاهدات 869 | التعليقات 0