طعام أهل الجنة وشرابهم

جَنَّةُ الخُلْدِ (4)
طَعَامُ أَهْلِ الجَنَّةِ وَشَرَابُهُمْ
7/8/1432

الحَمْدُ للهِ الغَنِيِّ الحَمِيدِ، الجَوَادِ الكَرِيمِ؛ جَعَلَ الجَنَّةَ نُزُلاً لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ، وَرَفَعَ فِيهَا دَرَجَاتِ المُقَرَّبِينَ، يَنْسَوْنَ فِيهَا تَعَبَ الدُّنْيَا وَعَذَابَهَا، وَطُولَ سَفَرِهَا وَرَهَقِهَا؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]لَا يَمَسُّهُمۡ فِيهَا نَصَبٞ وَمَا هُم مِّنۡهَا بِمُخۡرَجِينَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الحجر:48}، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى عَطَائِهِ وَإِحْسَانِهِ، خَلَقَنَا وَآوَانَا وَهَدَانَا وَعَلَّمَنَا، وَلَوْلاَهُ سُبْحَانَهُ مَا اهْتَدَيْنَا؛ [بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ
عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ
] {الحجرات:17}، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ أَغْرَى عِبَادَهُ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، وَحَثَّهَمْ عَلَى المُسَابَقَةِ إِلَيْهَا، وَالتَّنَافُسِ عَلَى مَنَازِلِهَا وَدَرَجَاتِهَا؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الحديد:21}، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَشَّرَنَا وَأَنْذَرَنَا، وَبَلَّغَنَا رِسَالَةَ رَبِّنَا، وَبَذَلَ النُّصْحَ لَنَا، وَوَعَدَ أُمَّتَهُ بِالجَنَّة إِلاَّ مَنْ أَبَى؛ فَمَنْ أَطَاعَهُ مِنْهُمْ دَخَلَهَا، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ أَبَى، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَقَدِّمُوا فِي يَوْمِكُمْ مَا تَجِدُونَهُ فِي غَدِكُمْ، وَاعْمَلُوا فِي دُنْيَاكُمْ لِآخِرَتِكُمْ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {الحشر:18}.
أَيُّهَا النَّاسُ، فِي الصَّيْفِ يَنْزَحُ النَّاسُ مِنَ المُدُنِ إِلَى الأَرْيَافِ وَالمَصَايِفِ، وَيَفِرُّونَ مِنَ المَنَاطِقِ الحَارَّةِ إِلَى البَارِدَةِ، يَتَفَيَّؤُونَ ظِلالَهَا، وَيَجُولُونَ بِأَبْصَارِهِمْ فِي جَنَّاتِهَا وَأَشْجَارِهَا، وَيَتَنَسَّمُونَ طِيبَ هَوَائِهَا، فَتُسَرُّ بِهَا قُلُوبُهُمْ، وَتَنْتَعِشُ نُفُوسُهُمْ، وَيَتَجَدَّدُ نَشَاطُهُمْ.
وَفِي الصَّيْفِ تُعِيقُ الشَّمْسُ وَالحَرَارَةُ حَرَكَةَ النَّاسِ، وَتَطِيبُ لَهُمْ الثِمَارُ وَالظِّلالُ فَيَمِيلُونَ إِلَيْهَا، وَقَدْ تَخَلَّفَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَقَالَ: «وَغَزَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِمَارُ وَالظِّلَالُ، فَأَنَا إِلَيْهَا أَصْعَرُ»؛ أَيْ: أَمْيَلُ.
وَمِنْ مَيْزَةِ الصَّيْفِ: كَثْرَةُ فَوَاكِهِهِ وَثِمَارِهِ، فَيَتَلَذَّذُ النَّاسُ بِأَنْوَاعِهَا، وَيُخَفِّفُونَ شِدَّةَ الحَرِّ بِهَا.
وَمَنْ رَأَى مَا تُنْتِجُهُ الأَشْجَارُ وَالمَزَارِعُ مِنْ أَنْوَاعِ الفَوَاكِهِ وَالثِمَارِ، وَمَا يُعْرَضُ مِنْهَا فِي الأَسْوَاقِ مِمَّا يَعْرِفُهُ وَمَا لاَ يَعْرِفُهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ مَا أَعَدَّ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الجَنَّةِ مِنْ أَنْوَاعِ المَآكِلِ وَالمَشَارِبِ، وَكُلُّ إِنْسَانٍ يُدْرِكُ حَلاوَةَ الشَّرَابِ الطَّيِّبِ البَارِدِ عَلَى الظَّمَأِ، وَلَذَّةَ الطَّعَامِ السَّاخِنِ عَلَى الجُوعِ!
وَكُلُّ مَا فِي الدُّنْيَا مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ فَفِي الجَنَّةِ مَا هُوَ أَطْيَبُ مِنْهُ وَأَكْمَلُ وَأَكْثَرُ، وَأَضْعَافُهُ وَأَضْعَافُهُ، مِمَّا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-:«مَا فِي الدُّنْيَا ثَمَرَةٌ حُلْوَةٌ وَلا مُرَّةٌ إِلاَّ وَهِيَ فِي الجَنَّة، حَتَّى الحَنْظَلَةُ»!
وَالأَسَاسُ فِي المَآكِلِ هُوَ الثِمَارُ وَاللُّحُومُ، وَهِيَ أَكْثَرُ مَا يَطْلُبُهُ النَّاسُ، وَيَبْذُلُونَ فِيهِ الأَمْوَالَ، وَفِي الجَنَّةِ ثِمَارٌ وَلُحُومٌ لِأَهْلِهَا لَيْسَتْ كَالَّتِي فِي الدُّنْيَا؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَأَمۡدَدۡنَٰهُم بِفَٰكِهَةٖ وَلَحۡمٖ مِّمَّا يَشۡتَهُونَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الطُّور:22}، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى:/font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَفَٰكِهَةٖ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ ٢٠ وَلَحۡمِ طَيۡرٖ مِّمَّا يَشۡتَهُونَ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {الواقعة:20-21}، وَفِي ثَالِثَةٍ: /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ ٤١ وَفَوَٰكِهَ مِمَّا يَشۡتَهُونَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {المرسلات:41-42}.
وَهِيَ ثِمَارٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا تَعِزُّ عَلَى الحَصْرِ، وَلا يُحْصِيهَا العَدُّ، وَإِذَا كَانَتْ ثِمَارُ الدُّنْيَا لاَ يَكَادُ يُحْصِيهَا الوَاحِدُ مِنَ النَّاسِ، بَلِ الجَمَاعَةُ مِنْهُمْ، فَكَيْفَ بثِمَار الجَنَّةِ، وهِيَ ثَوَابُ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]جَنَّٰتِ عَدۡنٖ مُّفَتَّحَةٗ لَّهُمُ ٱلۡأَبۡوَٰبُ ٥٠ مُتَّكِ‍ِٔينَ فِيهَا يَدۡعُونَ فِيهَا بِفَٰكِهَةٖ كَثِيرَةٖ وَشَرَابٖ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman{ص:50-51}، وفِي آيَةٍ أُخْرَى: /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَتِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ ٱلَّتِيٓ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ٧٢ لَكُمۡ فِيهَا فَٰكِهَةٞ كَثِيرَةٞ مِّنۡهَا تَأۡكُلُونَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الزُّخرف:72-73}، وَيَكْفِي فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى:/font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَلَهُمۡ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {محمد:15}.
وَيُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الحُبُورِ وَالسُّرُورِ، وَالاشْتِغَالِ بِالنَّعِيمِ عَنْ مَصِيرِ أَهْلِ الجَحِيمِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]إِنَّ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ ٱلۡيَوۡمَ فِي شُغُلٖ فَٰكِهُونَ ٥٥ هُمۡ وَأَزۡوَٰجُهُمۡ فِي ظِلَٰلٍ عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ مُتَّكِ‍ُٔونَ ٥٦ لَهُمۡ فِيهَا فَٰكِهَةٞ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {يس:55-57}، فَلَهُمْ مَا يَطْلُبُونَ، وَلَهُمْ مَا يَتَمَنَّونَ وَيَشْتَهُونَ؛ [وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَشۡتَهِيٓ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ
فِيهَا مَا تَدَّعُونَ
] {فصِّلت:31}.
وَمِنْ خَصَائِصِ ثِمَارِ الجَنَّةِ: أَنَّ لِكُلِّ فَاكِهَةٍ مِنْهَا نَوْعَيْنِ: /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]فِيهِمَا مِن كُلِّ فَٰكِهَةٖ زَوۡجَانِ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الرَّحمن:52}، وَذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ الفَوَاكِهِ، كُلُّ صِنْفٍ لَهُ لَذَّةٌ وَلَوْنٌ لَيْسَ لِلنَّوْعِ الآخَرِ، أَوْ يَكُونُ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَمَا يُؤْكَلُ يَابِسًا؛ كَالْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ، وَالرُّطَبِ وَالتَّمْرِ، وَنَحْو ذَلِكَ.
وَلا يَظُنَّنَّ ظَانٌّ أَنَّ ثِمَارَ الجَنَّةِ فِي الحُصُولِ عَلَيْهَا كَثِمَارِ الدُّنْيَا، تَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَجْلِبُهَا مِنْ سُوقِهَا، أَوْ يَصْعَدُ شَجَرَهَا لِيَقْطِفَهَا، بَلْ هِيَ ثِمَارٌ لِصَاحِبِهَا تَأْتِيهِ حَيْثُ كَانَ، وَتَدْنُو مِنْهُ مَتَى أَرَادَ، وَمَا عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَهِيَهَا لِيَنَالَهَا؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَجَنَى ٱلۡجَنَّتَيۡنِ دَانٖ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {الرَّحمن:54} /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٖ ٢٢ قُطُوفُهَا دَانِيَةٞ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الحاقَّة:22-23}، قَالَ البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «أَيْ: قَرِيبَةٌ، يَتَنَاوَلُهَا أَحَدُهُمْ وَهُوَ نَائِمٌ عَلَى سَرِيرِهِ».
إِنَّهَا ثِمَارٌ فِي رُؤُوسِ أَشْجَارِهَا؛ وَلِكِنَّهَا مُذَلَّلَةٌ لِأَصْحَابِهَا يَقْطِفُونَهَا يِانِعَةً نَاضِجَةً مَتَى اشْتَهَوْهَا؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الإنسان:14}، قَالَ مُجَاهِدٌ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-:«إِنْ قَامَ ارْتَفَعَتْ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ قَعَدَ تَدَلَّتْ لَهُ حَتَّى يَنَالَهَا، وَإِنْ اضْطَجَعَ تَدَلَّتْ لَهُ حَتَّى يَنَالَهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: تَذْلِيلاً».
وَمِنْ كَثْرَةِ ثِمَارِ الجَنَّةِ يَظُنُّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ رَأَوْهَا مِنْ قَبْلُ، فَإِذَا هِيَ أَنْوَاعٌ جَدِيدَةٌ مُتَشَابِهَةٌ فِي شَكْلِهَا وَلَوْنِهَا، مُخْتَلِفَةٌ فِي طَعْمِهَا وَرِيحِهَا؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَة[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٖ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs] رِّزۡق[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِه[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]اۖ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {البقرة:25}.
وَأَكْثَرُ شَيْءٍ يُنَغِّصُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا عَيْشَهُمُ القِلَّةُ بَعْدَ الجِدَةِ، وَفَقْدُ الشَّيْءِ بَعْدَ نَيْلِهِ، وَاشْتِهَاءُ الشَّيْءِ مَعَ عَدَمِ القُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَهِي طَعَامًا فَيَأْكُلُ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَضُرُّهُ؛ لِمَرَضٍ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الطَّعَامَ فَيَحْبِسُ نَفْسَهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ يَشْتَهِيهِ؛ خَوْفًا مِنْ عَاقِبَتِهِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُسْرِفُ فِي مَأْكَلِهِ فَيَضُرُّ نَفْسَهُ، وَيَحْبِسُ نَفَسَهُ، أَمَّا أَهْلُ الجَنَّةِ فَيَتَنَعَّمُونَ بِأَنْوَاعِ المَآكِلِ وَالمَشَارِبِ وَهُمْ آمِنُونَ مِنْ كُلِّ هَذَا التَّنْغِيصِ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]يَدۡعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَٰكِهَةٍ ءَامِنِينَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الدُخان:55}، آمِنِينَ مِنْ فَقْدِهَا وَقِلَّتِهَا، وَآمِنِينَ مِنْ ضَرَرِهَا وَعَاقِبَتِهَا، وَآمِنِينَ مِنْ حَبْسِ نُفُوسِهِمْ عَنْهَا لِعِلَّةٍ مِنَ العِلَلِ؛ فَالجَنَّةُ لَيْسَ فِيهَا مَرَضٌ وَلا قِلَّةٌ، وَلا فَقْرٌ وَلا ضَرَرٌ عَلَى أَهْلِهَا مِمَّا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]أُكُلُهَا دَآئِمٞ وَظِلُّهَاۚ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {الرعد:35}.
وَتَصْرِيفُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي الجَنَّةِ لَيْسَ كَمَا هُوَ فِي الدُّنْيَا، بَلْ هُوَ جُشَاءٌ وَرَشْحٌ يَفِيضُ مِسْكًا؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَأْكُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ، ولا يَتَغَوَّطُونَ، ولا يَمْتَخِطُونَ، ولا يَبُولُونَ، وَلَكِنْ طَعَامُهُمْ ذَاكَ جُشَاءٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ»؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَأَعْظَمُ شَيْءٍ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَذَّتُهُ، وَكُلَّمَا كَانَ طَيِّبًا عَظُمَ الفَرَحُ وَاللَّذَّةُ بِهِ، وَأَقْبَلَ الآكِلُ وَالشَّارِبُ عَلَيْهِ؛ وَلِذَا يُعْطَى أَهْلُ الجَنَّةِ قُوَّةً عَظِيمَةً لِتَكْمُلَ لَذَّتُهُمْ بِمَا يَجِدُونَ مِنْ مَآكِلِهَا وَمَشَارِبِهَا؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ لَيُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ في الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَالشَّهْوَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ: إِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ تَكُونُ مِنْهُ الْحَاجَةُ، فَقَالَ: يَفِيضُ مِنْ جِلْدِهِ عَرَقٌ فَإِذَا بَطْنُهُ قَدْ ضَمَرَ»؛ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى الجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ...
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَة[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٖ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs] مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {آل عمران:133}.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ؛ كَمَا أَنَّ فِي الجَنَّةِ أَنْوَاعَ المَآكِلِ وَالثِّمَارِ وَالفَوَاكِهِ فَكَذَلِكَ فِيهَا أَنْوَاعُ المَشَارِبِ، وَمِنْ مَشَارِبِهَا أَنْهَارٌ تَجْرِي أَمَامَهُمْ؛ فَمِنْهَا يَشْرَبُونَ، وَبِهَا يَتَلَذَّذُونَ، وَعَلَى ضِفَافِهَا يَتَنَعَّمُونَ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ لَّذَّةٖ لِّلشَّٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {محمد:15}، فَبِاللهِ عَلَيْكُمْ مَنْ يَتَصَوَّرُ أَشْكَالَ هَذِهِ الأَنْهَارِ وَهِيَ تَجْرِي بِالمَاءِ وَاللَّبَنِ وَالعَسَلِ وَالخَمْرِ، وَإِذَا كَانَتْ أَنْهَارُ الدُّنْيَا قَدْ شَخِصَتِ الأَبْصَارُ إِلَى جَمَالِهَا، وَأَصْغَتِ الآذَانُ لِخَرِيرِهَا وَجَرَيَانِهَا، وَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَى ضِفَافِهَا، فَكَيْفَ إِذَنْ بِأَنْهَارِ الجَنَّةِ وَأَنْوَاعِهَا وَمَذَاقِهَا؟!
وَمِنْ مَشَارِبِ أَهْلِ الجَنَّةِ عُيُونٌ تُفَجَّرُ لَهُمْ بِأَلَذِّ مَا يَطْلُبُهُ الشَّارِبُونَ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا ١٧ عَيۡنٗا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلۡسَبِيلٗا[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الإنسان:17-18}، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسَلاسَتِهَا وَلَذَّتِهَا وَحُسْنِهَا؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]يُسۡقَوۡنَ مِن رَّحِيقٖ مَّخۡتُومٍ ٢٥ خِتَٰمُهُۥ مِسۡكٞۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلۡيَتَنَافَسِ ٱلۡمُتَنَٰفِسُونَ ٢٦ وَمِزَاجُهُۥ مِن تَسۡنِيمٍ ٢٧ عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا ٱلۡمُقَرَّبُونَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {المطَّففين:25-28}، وَهَذِهِ العُيُونُ تَتَفَجَّرُ لَهُمْ فِي أَيِّ مَكَانٍ مِنَ الجَنَّةِ إِذَا اشْتَهَوْا شَرَابَهَا؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الإنسان:6}.
وَيُدَارُ عَلَيْهِمْ بِالأَشْرِبَةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَتَصِلُهُمْ فِي كُلِّ أَوَانٍ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]يَطُوفُ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs][font=times new roman] [/font][/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ ١٧ بِأَكۡوَابٖ وَأَبَارِيقَ وَكَأۡسٖ مِّن مَّعِينٖ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs][font=times new roman] [/font][/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]١٨ لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الواقعة:17-19}.
وَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:«إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ لَيَشْتِهِي الشَّرَابَ مِنْ شَرَابِ الجَنَّةِ، فَيَجِيءُ الإِبْرِيقُ فَيَقَعُ فِي يَدِهِ، فَيَشْرَبُ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مَكَانِهِ»؛ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِسَنَدٍ جَيِّدٍ.
إِنَّ مُلُوكَ الدُّنْيَا وَأَغْنِيَاءَهَا قَدْ يَشْتَهُونَ ثَمَرًا يَجِدُونَ قِيمَتَهُ فَلا يَحْصُلُونَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، أَوْ بَعِيدٌ مَكَانُهُ، وَقَدْ يَشْتَهُونَ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا مَوْجُودًا وَلَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى وَقْتٍ فِي صُنْعِهِ وَإِعْدَادِهِ، فَلا يَأْتِيهِمْ فِي وَقْتِ مُرَادِهِمْ، فَتَنْقَطِعُ شَهْوَتُهُمْ أَثْنَاءَ انْتِظَارِهِ، وَأَعْظَمُ لَذَّةٍ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي وَقْتِ اشْتِهَائِهِ وَطَلَبِهِ.
أَمَّا فِي الجَنَّةِ فَقُطُوفُ الثَّمَرِ دَانِيَةٌ مُذَلَّلَةٌ لِأَهْلِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ، وَشَرَابُهَا جَاهِزٌ عَلَى الدَّوَامِ، وَعُيُونُهَا تَتَفَجَّرُ فِي الحَالِ، فَيَا لَهُ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ! وَيَا لَهُ مِنْ نَعِيمٍ تَامٍّ! جَعَلَنَا اللهُ تَعَالَى وَوَالِدِينَا وَذُرِّيَّاتِنَا وَآلِنَا وَالمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِهَا.
وَالآيَاتُ الَّتِي جَاءَ فِيهَا الإِخْبَارُ عَنْ فَوَاكِهِ الجَنَّةِ وَثِمَارِهَا، وَأَنْوَاعِ طَعَامِهَا وَشَرَابِها، وَعُيُونِهَا وَأَنْهَارِهَا؛ قَدْ بُيِّنَ فِيهَا مَا يُوصِلُ إِلَيْهَا؛ إِنَّهُ الإِيمَانُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ؛ [وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ
رِّزۡق
ٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ
وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ
] {البقرة:25}.
إِنَّ المُوصِلَ إِلَيْهَا تَقْوَى اللهِ تَعَالَى: /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ أُكُلُهَا دَآئِمٞ وَظِلُّهَاۚ تِلۡكَ عُقۡبَى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْۚ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {الرعد:35}./font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs] إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَنَعِيمٖ ١٧ فَٰكِهِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ وَوَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ ١٨ كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓ‍َٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الطُّور:17-19}.
إِنَّهُ العَمَلُ فِي أَيَّامِ الدُّنْيَا؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]قُطُوفُهَا دَانِيَةٞ ٢٣ كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓ‍َٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الحاقَّة:23-24}.
فَالبَدَارَ الْبَدَارَ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَالمُسَابَقَةَ المُسَابَقَةَ فِيمَا يُقَرِّبُ إِلَى الجَنَّةِ، وَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِمَّا يُبَاعِدُ عَنْهَا؛ فَإِنَّ كُلَّ نَعِيمٍ فِي الدُّنْيَا مُذَكِّرٌ بِنَعِيمِ الجَنَّةِ؛ [فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ
جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ
]
المشاهدات 4449 | التعليقات 4

جزاك الله خيرا ونفع بعلمك
خطبة رائعة
أسأل الله لي ولوالدي ولذريتي ولك شيخ إبراهيم ولجميع المسلمين والمسلمات الجنة وما قرب إليها من قول وعمل


شكر الله تعالى لك يا شيخ شبيب مرورك وتعليقك واستجاب دعاءك وأعطاك بمثل ما دعيت ومثله معه..


بارك الله فيك شيخ ابراهيم،
خطبة مؤثرة أسأل الله أن ينفع بك وبها آمين


وفيك بارك يا شيخ عبد العزيز ونفع بك الإسلام والمسلمين.. اللهم آمين