طريـــــــق السلامــــــــــــــــــــــــــــة

محمد بن سليمان المهوس
1439/07/26 - 2018/04/12 20:53PM
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
اَلْحَمْدُ للهِ ، مُنْزِلُ اَلْكِتَاْبِ وَمُسَبِّبُ اَلْأَسْبَاْبِ ، قَاْلَ فِيْ كِتَاْبِهِ :(( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ، وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ، إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ، وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )) ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَبِعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، يَقْبَلُ اَلْتَّوْبَةَ مِنْ عِبَاْدِهِ وَهُوَ اَلْتَّوَّاْبُ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، (( أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ، وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )) . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، أَرْسَلَهُ بِاَلْهُدَىْ وَدِيْنِ اَلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَىْ اَلْدِّيْنِ كُلِّهِ ، وَلَوْ كَرِهَ كُلُّ مُبْتَدِعٍ كَذَّاْبٍ . صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىْ اَلْآلِ وَاَلْأَصْحَاْبِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلْبَعْثِ وَاَلْحِسَاْبِ .
أَمَّاْ بَعْدُ  عِبَاْدَ اَللهِ / اِتَّقُوْا اَللهَ تَعَالَى ، وَاَعْمَلُوْا بِمَاْ وَصَّاْكُمْ بِهِ رَبُّكُمْ : )) وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ (( فَاَتَّقُوْا اَللهَ ـــ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ــــ جَعَلَنِيْ اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْن .
أيُّهَا الْمُـْـسلِمُونَ / يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ حَدِيْثٍ رَوَاْهُ أَبُوْ دَاْوُدَ وَاَلْتِّرْمِذِيُّ وَقَاْلَ : حَدِيْثٌ حَسَنٌ صَحِيْحٌ ؛ " إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ " ، وَقَدْ يُشْكِلُ أَوْ يَلْتَبِسُ عَلَىْ بَعْضِ اَلْنَّاْسِ ، أَمْرُ مَنْ وَقَعَ بِاِلْاِخْتِلَاْفِ اَلْكَثِيْرِ وَاَلْخَطِيْرِ ، اَلَّذِيْ حَذَّرَ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ اَلْحَدِيْثِ ، وَخَاْصَةً ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ أَنَّنَاْ فِيْ زَمَنٍ فِيْهِ خَفَّ مِيْزَاْنُ اَلْفِقْهِ فِيْ اَلْدِّيْنِ ، وَقَلَّ طَلَبُ اَلْعِلْمِ فِيْ شَرْعِ رَبِّ اَلْعَاْلَمِيْنَ ،  فَاَنْتَشَرَتْ اَلْبِدَعُ ، وَكَثُرَ أَهْلُهَاْ فِيْ مُجْتَمَعَاْتِ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، حَتَّىْ صَاْرَتْ ـــ وَاَلْعِيَاْذُ بِاَللهِ ـــ بَعْضُ اَلْبِدَعِ سُنَنَاً وَعِبَاْدَةً يُتَقَرَّبُ بِهَاْ إِلَىْ اَللهِ   ، وَاَلْنَّتِيْجَةُ ـــ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـــ اِنْسِيَاْقُ اَلْجَهَلَةِ وَرَاْءَ اَلْبِدَعِ وَأَهْلِهَاْ ، وَاَلْوُقُوْعُ بِمَاْ خَشِيَ مِنْهُ اَلْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَىْ أُمَّتِهِ .
أيُّهَا الْمُـْـسلِمُونَ /لَقَدْ بَيَّنَ لَنَاْ اَلْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ اَلْحَدِيْثِ الصَّحِيِحِ طَرِيْقَ اَلْسَّلَاْمَةِ وَاَلْنَّجَاْةِ مِنْ اَلْاِخْتِلَاْفِ اَلْكَثِيْرِ وَقَاْلَ : " فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ " ، وَالْمُصِيِبَةُ أَنَّ اَلْمُخَاْلِفِيْنَ لِسُنَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّةِ خُلَفَاْئِهِ ـــ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُمْ ـــ لَاْ يَعْتَرِفُوْنَ بِمُخَاْلَفَتِهِمْ ، بَلْ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُمْ هُمُ أَتْبَاْعُ اَلْنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، اَلْعَاْضِيْنَ بِاَلْنَّوَاْجِذِ عَلَىْ سُنَّتِهِ وَسُنَّةِ خُلَفَاْئِهِ ، بَلْ يَذْهَبُوْنَ إِلَىْ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ ، فَيَزْعُمُوْنَ أَنَّهُمْ هُمُ اَلَّذِيْنَ عَلَىْ مَاْ كَاْنَ عَلَيْهِ اَلْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَاْبُهُ ، فَهَاْهُمْ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ بَعْضُ اَلْمُسْلِمِيْنَ يَجْلِدُوْنَ أَنْفُسَهُمْ بِاَلْسَّلَاْسِلِ حَتَّىْ تَسِيْلَ دِمَاْؤُهُمْ ، وَيَتَقَرَّبُوْنَ إِلَىْ اَللهِ بِذَلِكَ ، وَهَاْهِيَ فِئَةٌ مِنْ اَلْمُسْلِمِيْنَ  ، يُزْهِقُوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَيَنْتَحِرُوْنَ ، لِإِزْهَاْقِ أَرْوَاْحِ إِخْوَاْنِهِمْ ، وَيَتَقَرَّبُوْنَ إِلَىْ اَللهِ بِذَلِكَ  ، وَكَذَلِكَ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ بَعْضُ اَلْجَمَاْعَاْتِ ، مِنْ مَبَاْدِئِهَاْ اَلْفَاْسِدَةِ ، عَدْمُ اَلْسَّمْعِ وَاَلْطَّاْعَةِ إِلَّاْ لِمُرْشِدِهِمْ ، أَوْ مَنْ يُنِيْبُهُ عَلَيْهِمْ ، وَمِثْلُهُمْ وِفِيْ خَطِّ سَيْرِهِمْ اَلَّذِيْنَ يَطْعَنُوْنَ فِيْ اَلْثِّقَاْتِ مِنْ اَلْعُلَمَاْءِ وَاَلْدُّعَاْةِ ، وَمِثْلُهُمْ وَأَكْثَرُ سُوْءَاً مِنْهُمْ ، مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ اَلْسُّنَّةِ ، وَمَرْجِعُهُ أَهْلُ اَلْمَزَاْرَاْتِ وَاَلْأَضْرِحَةِ وَاَلْقُبُوْرِ . وَلَوْ سَأَلْتَ كُلَّ وَاْحِدٍ مِنْ هَؤُلَاْءِ ، لَقَاْلَ لَكَ : إِنَّنَاْ عَلَىْ مَنْهَجِ اَلْنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْهَجِ أَصْحَاْبِهِ وَأَتْبَاْعِهِ !
فَكَيْفَ نَعْرِفُ هَؤُلَاْءِ ـ عِبِادَ اللهِ ؟ ، كَيْفَ نُمَيِّزُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ اَلْمَنْهَجِ اَلْصَّحِيْحِ ، اَلَّذِيْنَ هُمْ كَمَاْ ذَكَرَ اَلْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ حَدِيْثِ اَلْفِرْقَةِ اَلْنَّاْجِيَةِ ، أَهْلِ اَلْسُّنَّةِ وَاَلْجَمَاْعَةِ ، حِيْنَمَاْ قَاْلَ فِيْ حَدِيْثِ إفْتِرَاْقِ اَلْيَهُوْدِ عَلَىْ اِحْدَىْ وَسَبْعِيْنَ فِرْقَةٍ ، وَاَلْنَّصَاْرَىْ عَلَىْ اِثْنَتِيْنِ وَسَبْعِيْنَ فِرْقَةٍ ،قَالَ :" وَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً " فَلَمَّاْ سُئِلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تِلْكَ اَلْنَّاْجِيَةِ مِنْ فِرَقِ أُمَّتِهِ  قَاْلَ :  " مَنْ كَانَ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي " ، وَفِيْ رِوَاْيَةٍ : " هُمُ اَلْجَمَاْعَة "  فَكُلُّ مَنْ خَاْلَفَ مَاْ كَاْنَ عَلَيْهِ اَلْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَاْبُهُ ، فَهُوَ هَاْلِكٌ لَاْ مَحَاْلَه ، كَمَاْ قَاْلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَىْ اَلْبَيْضَاْءِ لَيْلُهَاْ كَنَهَاْرِهَاْ لَاْ يَزِيْغُ عَنْهَاْ بَعْدِيْ إِلَّاْ هَاْلِكٌ )) .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
يَقُوْلُ اَلْإِمَاْمُ مَاْلِكٌ ـــ رَحِمَهُ اَللهُ ـــ : مَنْ أَحْدَثَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ شَيْئًا ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَلَفُهَا ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ الدِّينَ ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ))الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ(( ، فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا لَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا . فَمِمَّاْ يُعْرَفُ بِهِ اَلْجَمَاْعَاْتِ اَلْضَّاْلَةِ اَلْمُبْتَدِعَةِ ، اِسْتِحْدَاْثُهُمْ لِأَشْيَاْءَ لَمْ تَكُنْ عَلَىْ عَهْدِ اَلْنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَاْ عَهْدِ أَصْحَاْبِهِ ، إِنَّمَاْ هِيَ مُحْدَثَةٌ ، يَعْتَمِدُوْنَ فِيْهَاْ عَلَىْ أَقْوَاْلِ رُؤَسَاْئِهِمْ وَأُمَرَاْئِهِمْ وَقَاْدَتِهِمْ  وَمُرْشِدِيْهِمْ ، فَقَوُلُ أَحَدِ هَؤُلَاْءِ عِنْدَهُمْ ، يُقَدِّمُوْنَهُ عَلَىْ اَلْآيَةِ مِنْ كِتَاْبِ اَللهِ تَعَالَى  ، وَعَلَىْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ اَلْصَّرِيْحِ مِنْ أَقْوَلِ اَلْنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِأَنَّهُمْ لَاْ يَعْمَلُوْنَ اَلْأَعْمَاْلَ مِنْ أَجْلِ اَلْدَّلِيْلِ ، إِنَّمَاْ يُحَاْوِلُوْنَ إِيْجَاْدَ اَلْدَّلِيْلِ مِنْ أَجْلِ أَعْمَاْلِهِمْ ، فَإِذَاْ كَاْنَ اَلْعَمَلُ تَقْتَضِيْهِ قَوَاْعُدُ مَنْهَجِهِمْ ، وَيَأْمُرُ بِهِ كُبَرَاْؤُهُمْ ، وَتَسْتَحِبُّهُ جَمَاْعَتُهُمْ أَوْ حِزْبُهُمْ ، طَفِقُوْا جَاْدِّيْنَ ، لِإِيْجَاْدِ دَلِيْلٍ يُؤَيِّدُ مَذْهَبَهُمْ ، وَيَنْصُرُ مَنْهَجَهُمْ ، حَتَّىْ وَلَوْ كَاْنَ بِاَلْتَّأْوُيْلِ اَلْخَاْطِئِ ، أَوْ بِلَيِّ عُنُقِهِ ، وَهَكَذَاْ هُمْ أَهْلُ اَلْبِدَعِ .
فَهَذِهِ عَلَاْمَةٌ يُعْرَفُ بِهَاْ أَهْلُ اَلْبِدَعِ .
وَمِنْ عَلَاْمَاْتِ أَهْلِ اَلْبِدَعِ ، اَلَّذِيْنَ هُمْ لَيْسُوْا عَلَىْ مَنْهَجِ اَلْنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَاْ أَصْحَاْبِهِ ، اَلْدَّعْوَةُ إِلَىْ أَنْفُسِهِمْ ، دَعْوَتُهُمْ لَيْسَتْ إِلَىْ اَللهِ وَرَسُوْلِهِ ، إِنَّمَاْ هِيَ إِلَىْ أَحْزَاْبِهِمْ وَجَمَاْعَاْتِهِمْ ، فَاَلْمُهِمُّ عِنْدَهُمْ أَنْ يُكْثُرَ سَوَاْدَهُمْ ، وَمَنْ يُوَاْفِقُ مَنْهَجَهُمْ ، وَقَدْ يَتَّفِقُوْنَ فِيْمَاْ بَيْنَهُمْ عَلَىْ مُحَاْرَبَةِ أَهْلِ اَلْسُّنَّةِ وَاَلْجَمَاْعَةِ ، فَتَجِدُهُمْ لِلْمُخَاْلِفِيْنَ مِنْ أَمْثَاْلِهِمْ يَقُوْلُوْنَ : كُلٌّ عَلَىْ ثَغْرَةٍ ، وَلَكِنْ عِنْدَمَاْ يُذْكَرُ أَهْلُ اَلْمَنْهَجِ اَلْصَّحِيْحِ ، تَجِدُهُمْ يَنْعِتُوْنَهُمْ بِمَاْ يُنَفِّرُ مِنْهُمْ ، وَيُبْعِدُ اَلْسُّفَهَاْءَ عِنْهُمْ ، فَمَثَلَاً يَرْمُوْنَهُمْ بِأَنَّهُمْ مِنْ دُعَاْةِ اَلْسَّلَاْطِيْنَ ، وَمِنْ أَذْنَاْبِ اَلْحُكُوْمَاْتِ ، أَوْ مِمَّنْ يُوَاْلِيْ اَلْيَهُوْد .
وَهَذَاْ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ يَجْعَلُنَاْ نَذْكُرُ اَلْعَلَاْمَةَ اَلْخَطِيْرَةَ مِنْ عَلَاْمَاْتِ اَلْمُخَاْلِفِيْنَ لِأَهْلِ اَلْسُّنَّةِ وَاَلْجَمَاْعَةِ ، أَلَّاْ وَهِيَ عَدَاْوَةُ وَلَاْةِ اَلْأَمْرِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْلِنُ ذَلِكَ صَرَاْحَةً ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَعْمِلُ اَلْتَّقِيَّةَ فِيْ ذَلِكَ ، وَاَلْدَّلِيْلُ أَنَّ كُلَّ جَمَاْعَةٍ مِنْ اَلْجَمَاْعَاْتِ ، مَاْهِيَ إِلَّاْ دَوْلَةٌ دَاْخِلَ دَوْلَةٍ ، لَهَاْ أُمَرَاْءُ ، وَمُسْتَشَاْرُوْنَ ، وَاَجْتِمَاْعَاْتٍ دَوْرِيَّةٍ سِرِّيَةٍ ، وَأَفْرَاْدُهَاْ لَهُمْ رِتَبٌ وَمَرَاْتِبٌ وَمَنَاْزِل ، وَلَهَاْ مُوَجِّهُوْنَ وَمُخَطِّطُوْنَ مِنْ دَاْخِلِ اَلْبِلَاْدِ وَخَاْرِجِهَاْ ، فَاَلْسَّمْعُ وَاَلْطَّاْعَةُ اَلَّذِيْ ذَكَرَ اَلْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَاْلَ : " وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ " عِنْدَ جَمِيْعِ اَلْجَمَاْعَاْتِ وَاَلْأَحْزَاْبِ تَكُوْنُ لِغَيْرِ مَنْ وَلَّاْهُ اَللهُ اَلْأَمْرَ بِبَيْعَةِ اَلْنَّاْسِ اَلْمُعْلَنَة ، هَذِهِ حَقِيْقَةٌ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ فَاَعْرِفُوْا بِهَاْ اَلْفِرَقَ اَلْمُخَاْلِفَةَ اَلْهَاْلِكَةَ . اَسْأَلُ اَللهَ أَنْ يَهْدِيَ ضَاْلَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَنْ يَجْعَلَنَاْ مِنْ اَلْفُقَهَاْءِ بِهَذَاْ اَلْدِّيْن ، اَلْمُتَمَسِّكِيْنَ بِكِتَاْبِهِ اَلْعَاْمِلِيْنَ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ .
اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، أيُّهَا الْمُـْـسلِمُونَ /
وَمِمَّاْ يَتَمَيَّزُ بِهِ اَلْمُخَاْلِفُوْنَ لِمَنْهَجِ أَهْلِ اَلْسُّنَّةِ وَاَلْجَمَاْعَةِ ، وَخَاْصَةً فِيْ زَمَاْنِنَاْ هَذَاْ ، غِيْبَةُ وُلَاْةِ اَلْأَمْرِ مِنْ اَلْأُمَرَاْءِ وَاَلْعُلَمَاْءِ ، وَاَلْطَّعْنُ فِيْ وُلَاْيَتِهِمْ ، وَعَدَمُ اَلْاِعْتِرَاْفِ بِهِمْ ، وَلَاْ شَكَّ أَنَّ اَلْغِيْبَةَ كَبِيْرَةٌ مِنْ اَلْكَبَاْئِرِ ، وَلَكِنَّهَاْ فِيْ حَقِّ وُلَاْةِ اَلْأَمْرِ أَكْبَرُ وَأَضَرُّ وَأَخْطَرُ ، يَقُوْلُ اَلْشِّيْخُ اِبْنُ عُثَيْمِيْنَ رَحِمَهُ اَللهُ : اَلْأُمَرَاْءُ وَوُلَاْةُ اَلْأُمُوْرِ ، لَيْسَتْ غِيْبَتَهُمْ كَغِيْبَةِ غَيْرِهِمْ ، وَلَيْسَتْ غِيْبَةَ غَيْرِهِمْ كَغِيْبَتِهِمْ ؛ لِأَنَّكَ إِذَاْ اِغْتَبْتَ وُلَاْةَ اَلْأُمُوْرِ أَوْ نَشَرْتَ مَعَاَيَبَهُمْ بَيْنَ اَلْنَّاْسِ كَرِهَهُمْ اَلْنَّاْسُ ، وَصَاْرُوْا إِذَاْ أَمَرُوْا بِاَلْحَقِّ قَاْلَ اَلْنَّاْسُ : هَذَاْ بَاْطِلٌ ، وَتَمَرَّدُوْا عَلَيْهِمْ ، وَمَاْذَاْ يَحْصُلُ لِلْأُمَّةِ إِذَاْ تَمَرَدَتْ عَلَىْ أُمَرَاْئِهَاْ !؟ تَحْصُلُ اَلْفَوْضَىْ ، وَرُبَّمَاْ يَصِلُ اَلْأَمْرُ إِلَىْ أَنْ تَسِيْلَ اَلْدِّمَاْءُ ، وَلَاْ يَخْفَىْ عَلَيْنَاْ جَمِيْعًا مَاْ وَقَعَ فِيْ بَعْضِ اَلْبِلَاْدِ اَلْعَرَبِيَّةِ بِنَاْءً عَلَىْ هَذَاْ ، وَاَلْوَاْجِبُ عَلَيْنَاْ إِذَاْ سَمِعْنَاْ وَتَأَكَّدْنَاْ عَنْ اَلْأُمَرَاْءِ مَاْ لَاْ يَنْبَغِيْ أَنْ نُنَاْصِحَهُمْ ، أَنْ نَبْذُلَ لَهُمُ اَلْنَّصِيْحَةَ ، كَمَاْ قَاْلَ اَلْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ صَحِيْحِ مُسْلِمٍ : (( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قَالَ : لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ )) .فَهَؤُلَاْءِ ـ أَعْنِيْ اَلْجَمَاْعَاْتِ وَاَلْأَحْزَاْبَ ـ يَغْتَاْبُوْنَ اَلْأُمَرَاْءَ وَيَلْمِزُوْنَ اَلْعُلَمَاْءَ ، لِأَنَّ لَهُمْ أُمَرَاْءُ خَاْصِّيْنَ ، وَعُلَمَاْءُ مَعْرُوْفِيْنَ ، فَأَمِيْرُهُمْ اَلْمُنَظِّرُ لَهُمْ ، وَمَنْ يَرْجُعُوْنَ إِلَيْهِ فِيْ قَوَاْنِيْنِ جَمَاْعَتِهِمْ أَوْ حِزْبِهِمْ ، وَعُلَمَاْؤُهُمْ كُبَرَاْؤُهُمْ وَسَاْدَتُهُمْ ، فَاَلْوَاْحِدُ عِنْدَهُمْ مِنْ هَؤُلَاْءِ ، هُوَ اَلْعَاْلِمُ اَلْمُجَاْهِدُ ، اَلَّذِيْ لَاْ تَأْخُذُهُ فِيْ اَللهِ لَوْمَةُ لَاْئِمٍ ، أَمَّاْ غَيْرُهُ ـ وَخَاْصَةً مِمَّنْ هُمْ مِنْ أَهْلِ اَلْسُّنَّةِ وَاَلْجَمَاْعَةِ بِحَقٍ ـ فَهُوَ اَلْجَبَاْنُ اَلَّذِيْ لَاْيَفْقَهُ شَيْئَاٍ مِنْ اَلْوَاْقِعِ ، اَلَّذِيْ لَاْ تُؤَثِّرُ فِيْهِ جَرَاْحَاْتُ اَلْأُمَّةِ ، وَلَاْ يَأْبَهُ لِمَشَاْكِلِهَاْ .
هَذِهِ ــــ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ــــ مِنْ عَلَاْمَاْتِ اَلْمُخَاْلِفِيْنَ لِمَنْهَجِ أَهْلِ اَلْسُّنَّةِ وَاَلْجَمَاْعَةِ ، فَلْنَحْذَرْهُمْ وَنُحَذِّرَ مِنْهُمْ ، وَلَيْكُنْ وَلَاْءُ اَلْمُسْلِمِ لِدِيْنِهِ ، وَاَتِّبَاْعُهُ لِمَاْ كَاْنَ عَلَيْهِ نَبِيُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَاْبُهُ ـ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُمْ . أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَا : (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) رَواهُ مُسْلِم ، فاللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وَبَارِكْ على عَبْدِك ورَسُوْلِك مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْن ، وَاَرْضَ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
 
المرفقات

السلامة

السلامة

المشاهدات 1168 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا