طاعاتٌ عظيمة في عشر ذي الحجة 8-12-1445
أحمد بن ناصر الطيار
الحمد لله رب العالمين، أتاح لعباده مواسم الخير ونوَّعها، وأبان لهم عن فضلها وأجرها, ليتزودوا منها صالح الأعمال، ويستدركوا ما يحصل من الغفلة والإهمال.
وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خيرِ صحبٍ وآل، وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فهي الأمانُ من العذاب، والجالبةُ عطايا الكريم الوهاب.
أيها المسلمون: ها هم حجاج بيت الله الحرام، قد لبَّوا نداء الرحمن، سائلين ربهمُ المغفرة والرضوان، هاهم يجتمعون من مختلفِ البلدان، وأقاصي الشعاب والوديان، في مكانٍ واحد، ولباسٍ واحد، وذكرٍ واحد، منهم الشريفُ والوضيع، والصغيرُ والكبير، والأبيضُ والأسود، تلهجُ ألسنتُهم بالتلبيةِ، وتبتهجُ قلوبُهم لله محبةً وشوقًا، صافيةٌ قلوبهم، متآلفةٌ أفئدتهم، ألوانهم ولغاتهم مختلفة، ومقصدُهم ونيتُهم واحدة، يحدُوهُم الشوق إلى بيت الله تعالى.
واعلموا عباد الله: أن الله تعالى قد أتاح لنا من الأعمال العظيمة، والأجور الفاضلة، ونحن بين أهلنا وأولادنا، فمن ذلك: الإكثار من ذكرِه تعالى، وتكبيرِه وتهليلِه.
والتكبيرُ المقيَّد يبْدأ من فجرِ يوم عرفة, ويَسْتمرُّ إلى آخر أيام التشريق, فأكثروا من التكبير والتهليل والاستغفار، واجْهروا بذلك في البيوت والأسواق والطرقات.
ومن الأجور العظيمة والأعمال المباركة: صيام يوم عرفة، قال صلى الله عليه وسلم :{صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ, وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ} رواه مسلم
ومن الأعمال المباركة أيضاً: الأُضْحية، فهي سنةٌ ماضية، وشعيرةٌ فاضلة.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «أقام النبي صلى الله عليه وسلّم بالمدينة عشر سنين يضحي». رواه الإمامُ أحمد والترمذي.
ولا ينبغي أنْ يُكَلِّفَ الْمُسْلِمُ نفسَه ما لا تُطيق، فمن لم يكن مُستطيعاً على ثمنها، فلا ينبغي الاستدانة لتحصيلها.
وذبحُ الأُضْحية أفضل من الصدقة بثمنها؛ لأنَّ ذلك عملُ النبي صلى الله عليه وسلّم والمسلمين معه؛ ولأنَّ الذبحَ من شعائر الله تعالى، فلو عَدَلَ الناسُ عنه إلى الصدقة لتعطَّلتْ تلك الشعيرة.
وقد اعتاد الكثيرُ من الناس، ذبحَ الأضاحي عن الأموات كالآباء والأمهات، وليس هذا من عمل السلف الصالح، ومن ضحى من ماله عن نفسه وأهله شمل أهلَه الأحياءَ والأموات.
ويُشْرعُ للمضحي أنْ يأكل من أضحيته، ويُهْدِي، ويتصدق؛ لقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ }.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم).
******************
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد عبده ورسوله الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: أيها المسلمون: وقد جعل الله للمسلمين عيدين في الإسلام، عيدَ الفطر وعيدَ الأضحى، وقد شرعهما لحكمٍ عظيمة، وغاياتٍ حميدة، فمنها التوسعةُ على المسلمين، وإدخالُ السرورِ عليهم.
وقد دخلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه على عَائِشَةَ رضي الله عنها وَعِنْدها جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِى الأَنْصَارِ, تُنشدان مَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ.
والنبيّ صلى الله عليه وسلم عندها مضطجع على الفراش, وقد حوّل وجهه عنهما, فانتهرهما أبو بكر وأنكر عليهما, فكشف رسول الله عنه. وقال: دعهما يا أبا بكر! فإنها أيام عيد.
عباد الله: وصلاة العيد واجبةٌ على القول الْمُرجَّح عند الْمُحققين، بل كان الصحابة رضي الله عنهم يأمرون أبناءَهم ونساءَهم بصلاة العيد مع المسلمين.
فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ, فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ, وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ. متفق عليه.
والسنةُ ألا يأكلَ المسلمُ قبل صلاة الأضحى حتى يضحي؛ لحديث بريدة رضي الله عنه قال: «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يَطْعم يوم النحر حتى يصلي».
ولأنَّ ذلك أسرعُ إلى المبادرة في الأكل من أضحيته.
أختي المسلمة: إنّ الحجاب عن الرجال الأجانب فريضة شرعية, ولبس الساتر الواسع واجب حتى عند النساء, فلا يجوز لك لبس القصير أو الضيق أو الشفاف, ولو كنتِ بين النساء، فلا تنزعي عنك جلباب الحياء، فيبْتليك الله بنزع الإيمان ونورِ اليقين.
نسأل الله تعالى أنْ يتقبل من الحجاج حجهم, وأنْ يُتمّ عليه نُسكَهم, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.
عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبي الهدى, وإمام الورى, فقد أمركم بذلك جل وعلا فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي.. يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, وخُصَّ منهم الحاضرين والحاضرات, اللهم فرِّج همومهم, واقض ديونهم, وأنزل عليهم رحمتك ورضوانك يا رب العالمين.
عباد الله: إنَّ اللَّه يأْمُرُ بالْعدْل والْإحْسانِ وإيتاءِ ذي الْقُرْبى ويَنْهى عن الْفحْشاءِ والمنْكرِ والبغْيِ يعِظُكُم لَعلَّكُم تذكَّرُون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات
1718263475_طاعاتٌ عظيمة في عشر ذي الحجة.pdf