ضِمَادُ بن ثعلبة وَخُطْبَة الْـحَاجَة!!

ضِمَادُ وَخُطْبَة الْـحَاجَة!!

الخطبة الأولى:

إن الْـحَمْد لِلَّـهِ نَحْمَدُه، وَنَسْتَعِينُه، وَنَسْتَغْفِرُه، ونعوذُ بِاَللَّـهِ مَن شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنّ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَن يَهْدِه اللَّـهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنّ يُضْلِل فَلا هَادِي لَه، وَأَشْهَدُ أن لا إلَه إلَّا اللَّـهُ وَحَدَهُ لا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أن محمداً عبدُهُ ورسوُلُه.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)،

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا). أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ خَيْرَ الْـحَدِيثِ كِتَابُ اللـهِ، وَخَيْرَ الْـهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ r، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ .

عِبَاد اللَّـه: مَا رَأْيَكُم بِهَذِه الْـمُقَدِّمَةِ؟ أَو لَيْسَت مُقَدَّمَةً تَقْلِيدِيَّةً كثيرًا مَا تَسمعُونَها مِن الْـخُطَبَاءِ، والمُحَاضِريّنَ، وتقرؤونَها فِي افتتاحياتِ كَتْبِ بَعْضِ الْـمُؤَلِّفِينَ، وَتُسَمَّى هَذِه الْـمُقَدِّمَةُ خُطْبَةَ الْـحَاجَةِ؛ لأَنَّهَا مِفْتَاحٌ يَفْتَتِحُ بِهَا الْمُتَكَلِّمُ الْحَدِيثَ عَن حَاجَةٍ مِن حَاجَاتِه؛ كَمَوْعِظَةٍ، أَو خُطْبَةٍ، أَو تَعْلِيمٍ، أَو جَوَابٍ، أَو نِكَاحٍ، أَو غَيرِ ذَلِك.

لَكِن هَل فَكْرَ أَحَدُنَا يومًا مَا أن يَتَأَمَّلَ فِي كَلِمَاتِهَا الْعَظِيمَةِ؟ ومعانِيها الجليلةِ؟ وَهَل تَصَدَّقُونَ أَنَّهَا كَانَت سَبَبًا فِي إسْلَامِ قَبِيلَةٍ كَامِلَةٍ ؟ وَهَل سَمِعْتُم بِقِصَّةِ رَجُلٍ مَن الْأَزْدِ مَع هَذِه الْكَلِمَاتِ الْفَرِيدَةِ ؟

إنَّه ضِمادُ بنُ ثَعْلَبَةَ الْأَزْدِيُّ، رَجُلٌ مَن أَزِدِ شَنُوءَةَ، مَن أَهْلِ الْيَمَنِ، كَان ضِمَادُ مَن عُقَلَاءِ النَّاسِ، وكان يَرْقَي النَّاسَ مَن الْـجُنُونِ وَمَسِّ الْجِنِّ، قِدَمَ يومًا إِلَى مَكَّةَ، وَأَخْذ يَمْشِي فِي أَزِقَّتِهَا، يُقَابِلُ أَهْلَهَا وَكِبَارَهَا، فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِن أَهْلِ مَكَّةَ يقولونَ: إنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ. فَقالَ: لو أَنِّي رَأَيْتُ هذا الرَّجُلَ، لَعَلَّ اللَّـهَ يَشْفِيهِ علَى يَدَيَّ .

قالَ: فَلَقِيَهُ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، إنِّي أَرْقِي مِن هذِه الرِّيحِ، وإنَّ اللَّـهَ يَشْفِي علَى يَدَيَّ مَن شَاءَ، فَهلْ لَكَ؟

لقد وَاجَه الرسولَ r  بِمَا سَمِعَه عَنْه، خَاطَبَه عَلَى أَنَّه مَجْنُونٌ مَن الْمَجَانِينَ، صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُه عَلَيْه، وَعَرْضَ عَلَيْه خدماتِه، بِصِفَتِه صَاحِبَ طبٍ وَصَنْعَةٍ.

أَمَّا رسولُ اللَّـه  r  فَمَا نَهَرَ ضِمادًا، ولا عَنَّفَهُ، ولا وَبَّخَهُ، ولا اعْتَدَى عَلَيْه، وَإِنَّمَا وَجَدِّهَا فُرْصَةً مُنَاسَبَةً لِلدَّعْوَة إِلَى دِين اللَّـهِ، لَعَلّ اللَّـهَ أن يَهْدِيَ هَذَا الرَّجُلَ الْعَاقِلَ عَلَى يَدَيْه.

فَتْحَ النَّبِيُّ  r  فَمَه وَنَطَقَ، نَطَقَ بِكَلِمَاتٍ مَن الْـهُدَى وَالنُّورِ، فقَال r :"إن الْحَمْدَ لِلَّـهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، ونعوذُ بِاَللَّـهِ مَن شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَن يَهْدِه اللَّـهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنّ يُضْلِل فَلا هَادِي لَه، وَأَشْهَدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّـهُ وَحَدَهُ لا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَمَّا بَعْد ".

كَان ضِمَادٌ يَسْمَعُ وَيَتَأَمَّلُ فِي هَذِه اللَّآلِئِ الَّتِي تَتَحدرُ مَن فِيِّ رَسُولِ اللَّـهِ  r  يَتَأَمَّلُ فِي الْكَلِمَاتِ الَّتِي يَتَلَفَّظُ بِهَا مَن تَتَّهِمُهُ قُرَيْشٌ بِالْـجُنُونِ، لَم يَدَعْ رسولَ اللَّـهِ يَكْمُلُ مَا بَعْدَ " أَمَّا بَعْدُ " وَإِنَّمَا استوقَفَه عَن الْـحَدِيثِ وَقَال: " يَا مُحَمَّدُ! أَعِدّ عليَّ "، فَأَعَادَ عَلَيْه r  تِلْكَ الـمُقدِمةَ الرائعةَ الرَّائِقَةَ الْبَلِيغَةَ، فَلَمَّا قَال: " أَمَّا بَعْدُ ".

قَال ضِمَادٌ وَهْو يَسْتَمِعُ بِكُلِّ جَوَارِحِه: " يَا مُحَمَّدُ! أَعِدّ عَلَيَّ مَرَّةً ثَالِثَةً ". فَأَعَاد عَلَيْه r ، فَلَمَّا قَال:" أَمَّا بَعْدُ " لِلْمَرَّة ِالثَّالِثَةِ، استوقَفهُ ضِمَادٌ أيضًا، ثُمّ قَال:" يَا مُحَمَّدُ، لَقَد سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ، فَمَا سَمِعْت مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ، ولقد بَلَغْنَ ناعوسَ الْبَحْرِ" وَإِنْي أَشْهَدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّـهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عَبْدُه وَرَسُولُه ". أَي: بَلَغْنَ مَن كَمَالِ الْبَيَان وَالْفَصَاحَة مَبْلَغًا عَظِيمًا  .

أَسْلَمَ ضِمَادٌ عِنْدَمَا سَمِع تِلْكَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي استمعْنَاها جميعًا أَوَّلَ الْـخُطْبَةِ، فَهَل أَثَّرَت فِينَا كَمَا أَثَّرَت فِي ضِمَادٍ، وَنَقَلَتْهُ مَن الْكُفْرِ إِلَى الإسلامِ؟

لَـمَّا نَطَقَ ضِمَادٌ بِشَهَادَةِ التَّوْحِيدِ، مَدَّ يَدَهُ بِاتِّجَاهِ النَّبِيِّ r فَقالَ: هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ علَى الإسْلَامِ، فَمَدَّ الْـحَبِيبُ r يَدَه لضمادٍ وَبَايَعَه عَلَى الإسلامِ.

وَلَمْ  يُفوِّتِ النبيُّ r  هَذِه اللَّحْظَةَ، وَضِمَادٌ مَسْمُوعُ الرَّأْي فِي قَوْمِه، فَقَال r:
"وَعَلَى قَوْمِكَ؟ أَي: أَتُبَايِعُنِي عَلَى الإسلامِ عَنْك وَعَن قَوْمِك؟ فَقَال ضِمَادٌ: " نَعَم عليَّ وَعَلَى قُومِي". فَبَعَثَ رَسولُ اللـهِ rسَرِيَّةً، فَمَرُّوا بقَوْمِهِ، فَقالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ: هلْ أَصَبْتُمْ مِن هَؤُلَاءِ شيئًا؟ فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَصَبْتُ منهمْ مِطْهَرَةً، فَقالَ: رُدُّوهَا؛ فإنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمُ ضِمَادٍ . م.

كَلِمَاتٌ يَسِيرَةٌ، يَهْدِي بِهَا اللَّـهُ قومًا بأكملِهم، فمَا هَذِه الْبَرَكَةُ فِي تِلْكَ الْكَلِمَاتِ؟! وما هَذِه الْبَرَكَةُ فِي ضِمَادٍ؟ وَكُلُ الْبَرَكَةِ فِي رَسُولِ اللَّـهِ r الذي دعاه للإسلام.

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ : إنَّ مَن فَوَائِدِ الْقِصَّةِ: تَقْصِيرُنَا فِي تَأَمَّلِ كَلَامِ اللَّـهِ، وَكَلَامِ رَسُولِه  r ، فَكَم مَرَّةً سَمِعْنَا أَو قَرَأْنَا مَا سَمِعَهُ ضِمَادُ؟!وَلَمّ تَهْتَزَّ فِينَا شَعْرَة.

كمْ مَرَّةٍ نَقْرَأُ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ كَلَّ يَومٍ، وَهْي أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ! فَهَل تَأَمَّلْنَا وتدبرنا فِي مَعَانِيْهَا، وهكذا فِي سَائِر الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ؟ هِي دَعْوَة لِاسْتِحْضَار الْقَلْب عِنْد سَمَاع الذَّكَرِ أَو قِرَاءَتِه .

ومن فوائدِ القصةِ : حِلمُ النَّبِيِّ  r  ورحابُةُ صَدْرِهِ.

 

 

رحابةُ الصَّدْرِ فيهِ غَيرُ خَافِيَةٍ * مَن أَجْلِهَا عَظُمَت فِيهِم مَكَانَتُه

يتهِمُكَ شَخْصٌ بِالْـجُنُونِ، وَيَعْرِضُ عَلَيْك الْعِلَاجَ، وَهْو لا يَعْرِفُك، هَذَا بِلَا شَكٍّ أَمْرٌ ثَقِيلٌ عَلَى النَّفْسِ، وَقَد لا يَسْتَطِيعُ الْإِنْسَانُ الصَّبْرَ عَلَى مَن يُقَابِلُه بِمِثْلِ ذَلِك، أَمَّا النَّبِيُّ  r فقد اسْتَقْبَلَ ضِمادًا بِالْبِشْرِ، وَعَرْضَ عَلَيْه دَعْوَةَ التَّوْحِيدِ فَمَا فَرَغ حَتَّى أَسْلَمَ t (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْـمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ). ألا فاتقوا الله عباد الله وتخلقوا بأخلاقِ الحبيبِ المصطفى r  فلَمْ يَكُنْ رَسولُ اللَّـهِ r فَاحِشًا ولَا مُتَفَحِّشًا، وإنَّه كانَ يقولُ: إنَّ خِيَارَكُمْ أحَاسِنُكُمْ أخْلَاقًا. بَارَك اللَّـه ...

 

الخطبة الثانية

الْـحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ....   أَمَّا بَعْدُ: فيا عِبَاد اللَّـه: هَذِه الْقِصَّةُ الْعَظِيمَةُ، قِصَّةُ ضِمادِ بنِ ثَعْلَبَةَ الْأَزْدِيِّ، مَلِيئَةٌ بالدروسِ وَالْعِبَرِ؛ فَمَن هَذِه الدُّرُوس:

اسْتِثْمَارُ النَّبِيِّ r للمواقفِ بِالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّـهِ تَعَالَى ، وكُمّ قابلنا فِي حَيَاتِنَا مَن أَشْخَاصٍ من غيرِ المُسْلِمِينَ، فَهَل دَعَوْنَاهُم لِلْإِسْلَام؟ لَقَد أَتَى بِهِم اللَّـهُ فَهَل نَتْرُكَهُم يَعُودُون كَمَا أَتَوْا؟

أَلَم نَسْمَع حَدِيثَ النَّبِيِّ  r :"فَوَاللَّـهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّـهُ بكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لكَ مِن أَنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ".

كُمّ نُصَادِف فِي حَيَاتِنَا الْيَوْمِيَّةِ مَن معاصٍ وَمُنْكَرَاتٍ ظَاهِرَةٍ، فَهَل أَدَّيْنَا شَعِيرَةَ اللَّـهِ تَعَالَى بِالْأَمْرِ بِالْـمَعْرُوف وَالنَّهْيِ عَن الْـمُنْكَر(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ).

وَمن الْعِبَرِ: لَم يَفُتِ الرَّسُولَ r  فُرْصَةُ تَحْوِيلِ ضِمَادٍ مَن مجرَّدِ مُسْلِمِ عَادِيٍّ لا يهتمُّ إلَّا بِنَفْسِه، إِلَى مُسْلِمٍ دَاعِيَةٍ يَحْرِصُ عَلَى حَمَلِ الْخَيْرِ لِلنَّاسِ، فَسَأَل ضِمادًا عِنْدَمَا بَايَعَه: "وَعَلَى قَوْمِكَ؟ فَقَال ضِمَادُ: "وَعَلَى قَوْمِي" ، فَوَصَلَتْ بِذَلِك كَلِمَاتِ الرَّسُولِ r إِلَى الْيَمَنِ، وصارَ المسلمُ الجديدُ ضِمادٌ مَن كِبَارِ الدُّعَاةِ إِلَى اللَّـه؛ حَيْث حَمَلَ مسئوليةَ دَعْوَةِ قَبِيلَةٍ كَامِلَةٍ تَبْعُدُ مِئَاتَ الْأَمْيَالِ عَن مَكَّةَ.

وَمَنّ الْعِبَر: أنَّ الْهِدَايَةَ بِيَد اللَّـهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَقَد رَأَيْنَا كثيرًا مَن مُشْرِكِي مَكَّةَ يَسْمَعُونَ الْقُرْآنَ لسنواتٍ؛ وَلَكَنَّهُم لَم يُؤْمِنُوا؛ بَيْنَمَا سَمِعَ ضِمَادُ مُقَدَّمَةَ كَلَامِ رَسُولِ اللَّـهِ r فَقَط فَأَسْلَمَ، وَقَبْلَ أن يَسْمَعَ أَيَّ شَيْءٍ مَن الْقُرْآنِ! فَهَذِه الْهِدَايَةُ مَن اللَّـهِ، وما عَلَيْنَا إلَّا أن نَحْمِلَ رِسَالَتَنَا إِلَى النَّاسِ (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللـهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) .

وَمَنّ فَوَائِدِ هَذِه الْقِصَّةِ: أن الشِّفَاءَ مَن عِنْد اللَّـهِ تَعَالَى ، بَل إن هَذَا الاعتقادَ هُو الْفِطْرَةُ، فَهَذَا ضِمَادٌ نَسَب الشِّفَاءَ لِلَّـهِ تَعَالَى وَلَمّ يَنْسُبْه لِنَفْسِه.

 

فَلْيُتَأَمَّل ذَلِك مَن يَذْهَبُ لِلسَّحَرَةِ والمشعوذينَ يَلْتَمِسُ مِنْهُم الشِّفَاءَ وَرَفْعَ الْبَلَاءِ؟ وَلْيُتَأَمَّل ذَلِك مَن يُطَارِدُ الْأَطِبَّاءَ دُوْن أن يَرْفَعَ يَدَيْهِ بِدَعْوَةٍ صَادِقَةٍ لِلَّـهِ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ أن يَشْفِيَه أَو يَشْفِيَ مَرِيضَه.

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ: هَذِه نَتَفٌ يَسِيرَةٌ مَن الدُّرُوسِ وَالْعِبَرِ فِي قِصَّةِ ضِمَادٍ مَع خَيْرِ الْبَشَرِ ولكلٍ مِنْكُم إِجالةُ النَّظَر؛ لِاسْتِنْبَاطِ مَا يُؤَدِّيهِ إلَيْه الْفِكْرُ.

فَرَضِي اللَّـهُ عَن ضِمَادٍ وَعَنّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّـهِ أَجْمَعِين، وَجَمَعْنَا بِهِم فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، مَع مَن أَنْعَمُ اللَّـهُ عَلَيْهِم مَن النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ والصالحين.                              ثم صلوا ...

 

المرفقات

1701281815_ضِمَادُ بن ثعلبة وَخُطْبَة الْـحَاجَة!!.docx

1701281816_ضِمَادُ بن ثعلبة وَخُطْبَة الْـحَاجَة!!.pdf

المشاهدات 1377 | التعليقات 0