ضرورة إقامة والٍ على المسلمين

محمد البدر
1436/01/28 - 2014/11/21 00:26AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
ما بعد: قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ }.
عباد الله : إن جمْعَ الأمَّة تحت سُلطان واحد يَحكمُهم بشِرعة الله على منهاج النُّبوَّة ،أمر عظيم ومطلب شرعي ، وهو من أعظمِ مقاصدِ الإسلام ، وأسْمى صُورِ الوحدةِ والاعتصام التي أمَر الله ورسوله بهما؛ قال تعالى { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ }وقال تعالى : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا }.
الوالي يحفظ الله به الدين ليكون محروسًا من الخلل، وينفذ الأحكام بين الأخصام، فلا يتعدى ظالم ولا يضعف مظلوم، ويذبّ عن الحرمات ليأمن الناس في المعاش، ويحفظ الحقوق، ويقيم الحدود؛ لتصان محارم الله عن الانتهاك، يرفع راية الدعوة إلى الله، ويُظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لتقام شرائع الملة وتطبق أحكام الإسلام.
وعبء أمانة الولاية ثقيل، ويعين على حمله النصيحة الصادقة المخلصة للراعي بسر وخفاء ، فعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » قُلْنَا لِمَنْ قَالَ « لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
والنصيحة لأئمة المسلمين: معونتهم على الحق وطاعتهم فيه، وتذكيرهم به وتنبيههم برفق ولطف، والدعاء لهم بالتوفيق وحث الغير على ذلك ،ونصح الولاة من الأعمال الفاضلة التي يحبها الله ويرتضيها ،والنصيحة للولاة تكون سرًا بين الناصح الصادق وبين الوالي؛ لتكون أخلص عند الله، وعلى هذا سار السلف الصالح. سُئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر؟ قال: "إِنْ كُنْتَ لا بُدَّ فَاعِلا فَفِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ ".
عباد الله :لقد عظم الشرع أمر اجتماع الكلمة على ولاة الأمر، وحذر أبلغ التحذير من الخروج عليهم، أو التأليب ونزع اليد من الطاعة .
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "أهلُ العلم والدين والفضل لا يُرخِّصون لأحدٍ فيما نهى الله عنه من معصية وُلاة الأمور وغشِّهم والخروج عليهم بوجهٍ من الوجوه، كما قد عُرِف من عادات أهل السنة والدين قديمًا وحديثًا".
وأجمع العلماء على تحريم الخروج عليهم وإن بدَر منهم ظلمٌ أو قُصور .ولم يخرج أحدٌ على إمامه إلا ندِم وكانت مفسدةُ خروجه أعظمَ من الصبر عليه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله: ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته (المنهاج 3391)
والقتالُ وسفكُ الدماء بين الأمة هو ما خشِيَه النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها، فقال: « لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ »متفق عليه.
فكلُّ تظاهر على الحاكم فهو محرمٌ وإن أذِنَت به أنظمةٌ وضعية، لمُخالفتها لما جاء به الإسلام، قال ابن القيم - رحمه الله -: "وما يحصُل بسبب قتالهم والخروج عليهم أضعافُ أضعاف ما هم عليه".
عباد الله : ولما كانت هذه البلاد - بحمد الله - مُحكِّمةً لشرع الله، مُستنيرةً بآراء العلماء؛ عمَّ في أرجائها - بفضل الله - الأمنُ والأمان .
عباد الله :دينُ الإسلام دينُ اعتدالٍ وأمان، مُوافقٌ للفِطَر والعقول، قال تعالى{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا }.
ولا ينفع للشعوب سوى الإسلام؛ فبه الأمان والسكينة، وهو وقايةٌ من الفُرقة والاختلاف، قال تعالى :{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}.
وإذا سلَكت الشعوب منهجَ أهل السنة والجماعة في مُعتقداتها مع خالقها، ومعاملاتها مع الخلق؛ اطمأنَّ الراعي والرعيَّة، فلا خروج ولا فوضى ولا اضطراب، وإذا ابتعدَ الناسُ عن الدين دخلت الأهواء في النفوس ، فتفرَّقت الكلمةُ وعمَّ البلاء والفوضى وحينئذ لا أمن ولا أمان والعياذ بالله وحل الخوف و الرعب بين الناس .والله المستعان .
أقول قولي هذا .....

الخطبة الثانية:
عباد الله :وما يُديم نعمةَ الأمن والأمان : طلب العلم الشرعي وغرس العقيدة الصحيحة في في عامة الناس لتكون الحصن الحصين والدرع الواقي من كل الشبهات الباطلة .
وما يُديم نعمةَ الأمن والأمان : الإكثارُ من أنواع الطاعات والعبادات ، وأحبُّ عبادةٍ إلى الله: إفرادُه بالعبادة ونبذُ الإشراك به؛ من الاستغاثة بالأموات ودعائهم، والطواف بالأضرحة والقبور، ومُجانبة أنواع المعاصي، قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا } [النور: 55].
وما يُديم نعمةَ الأمن والأمان : الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر من أُسس إصلاح المجتمع ، وترسيخ هيبة السلطان في رعيَّته.
وما يُديم نعمةَ الأمن والأمان : الإكثارُ من تلاوة كتاب الله العظيم، ونشرُ ذلك في المساجد ودُور العلم للصغار والكِبار؛ فهو كتابٌ مُبارَك ينشر الخيرَ ويمنع الشر، ويُطمئِنُ النفوس، قال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [الرعد: 28].

ألا وصلوا ...
[/align]
المشاهدات 1851 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا