ضرر الخادمات, وضوابط جلبهن, والحديث عن رعد الشمال وما فيها من العزة والقوة 9/6/1437

أحمد بن ناصر الطيار
1437/06/07 - 2016/03/16 06:10AM
الْحَمْدُ لِلَّهِ الكريمِ الوهَّاب, مُقدِّرِ الأقدار ومُسبِّبِ الأسباب, وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, وعَدَ العاملين بها الأجرَ والثواب, وتوعَّد جاحديْها الويلَ والعقاب, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, لا يَخشى في الله لومةَ لائِمٍ ولا عَتَبَ العُتَّاب, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلهِ وأصحابه أُلي النُّهى والألباب, وَسَلَّمَ تسْليماً بَاقِيًا إلى يوم الحساب.
أما بعد, فاتقوا الله أيها المسلمون, واعلموا أنَّ الله تعالى رسم للزوجين منهجاً في التعامل, وأعطاهم قاعدةً في الحقوق التي لهم وعليهم, قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أي: ولهن على الرجال من الحق, مثلُ ما لِلرِّجال عليهن، فليؤد كلُّ واحدٍ منهما إلى الآخر, ما يجب عليه بالمعروف.
فالرجل ينفق على زوجته, ويُكرمها ويَكسوها, وهي تقوم بخدمته وشؤون حياته, وخدمتُها له واجبٌ عليها, فإنْ شقَّ عليها ذلك بسبب أعمالها , وكثرةِ أولادها, فهناك حلٌّ دينيّ, وعلاجٌ نبويّ, وهو ما ثبت في الصحيحين أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى, وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ وسبي, فطلبت أمَةً تخدمها, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا, إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا, فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ, فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ.
لماذا لا تعملُ الأُسَرُ بهذا العلاج النافع, وإنه لا أحد أشفق ولا أرْأف مِنْ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وعلى مَن؟ على ابنته فاطمةَ سيِّدةِ نساءِ أهل الجنة, التي قال عنها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي, يُرِيبُنِى مَا رَابَهَا, وَيُؤْذِينِى مَا آذَاهَا" .
وهي رضي الله عنها وأرضاها, قد تأذت من الرحى, وتقرَّحت يدها من الأذى, ومع ذلك لم يُعطها خادمةً تُعينها, وتَرفع المشقة والأذى عنها.

لماذا؟ لعلمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, بما يترتب على ذلك من المفاسد الكثيرة, والآثار السلبية, التي سيأتي ذكرُ شيئٍ منها إنْ شاء الله.

فأرشدهما ودلَّهما على خيرٍ لهما من الخادم, وهو تسبيح الله وتحميدُه وتكبيرُه عند النوم, وذلك أنَّ الله تعالى يعطي للذَّاكر قوةً ونشاطا, حيث يتقوّى بالذكرِ على العملِ, ويُعينُه على تركِ الخمول والكسل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: بلغنا أنه من حافظ على هذه الكلمات, لم يَأْخذه إعياءٌ فيما يُعانِيْه من شغلٍ وغيرِه. ا.هـ
وقال ابن القيم رحمه الله: الذِّكر يعطي الذاكر قوة, حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لا يطيق فعلُه بدونه.
وحضرتُ شيخ الإسلام ابن تيمية مرةً صلى الفجر, ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريبٍ من انتصاف النهار، ثم التفتَ إليَّ وقال: هذه غدوتي، ولو لم أتغدَّ هذا الغداء لسقطت قوتي. ا.هـ

وهذا ليس ببعيد ولا غريب, فكم سمعنا مِن نساءٍ كبيرات, حَمَلْن أعمالاً وأشغالاً يعجِز عنها الرجال, فالنشاط والقوة توفيقٌ من الله وحده, ومن أعْظم أسباب تحصيله وجلبه: ذكرُ الله آناء الليل وأطراف النهار.

فلْنحْرصْ على هذا الذكر عند نومنا, ولْنكتفِ به عن الخدم في بيوتنا, ولْنسْتحضرْ نيةَ الاقتداء والاتباع, فسنجدُ أثر ذلك في أبداننا وبيوتنا وأهلينا.

والخادمات لهنّ أضرار كثيرةٌ, سأقتصر على ذكرٍ شيءٍ من مفاسدهنّ:

أولاً: أنَّ جلب الخادمات يُعين على الكسل والخمول, والتفرغِ لما لا ينفع, من كثرة خروج النساءِ لِلأسْواق, والاستراحات والسفريَّات.
وأصبح لَدَيْهِنَّ وقتٌ كثيرٌ لا يدرين كيف يقضينه ، فصارت المرأة تنام كثيراً ، ثم لا تَقَرُّ في بيتها, مِن كثرة ذهابها إلى مجالس الغيبة والنميمة وضياع الوقت.

ثانيا: انتشار السحر والشعوذة, فكم نَخَر السحر في أبدان الكثير من الأسر, بسبب قيام الخادمة بعمل السحر لهم.

ثالثا: إقْدام الكثير منهن على القتل وسفك الدم, فكم سمعنا من أطفالٍ ونساء, قُتلوا على أيدي الخادمات, وبعضُهنَّ وضعن سُمّ الفئران لهم, وبعضهنَّ أحرقن أحد أفراد الأسرة بالنار، وآخِرُ جرائمهن: قتلُ إحداهنّ لأُمٍّ وابنتِها, دون رحمةٍ وشفقة, مع أنَّ الكثير من الخادمات, لم تتعرض للأذى وهضمِ حقوقهن.
فما ذنب هؤلاء الأطفال الأبرياء, لكنَّ سوءَ تصرفِ الوالدين وقلَّةَ تدبيرهما, أدى إلى مثل هذه الكوارث والمصائب, بَدْأً من جلب الخادمة بلا ضرورة مُلحة, وعدمِ الحرص على اخْتيار المسلمة الكبيرة الأمينة, وتركِ الطفل وحيداً مع الخادمة في المنزل, فهل نلوم بعد ذلك الخادماتِ ولا نلوم أنفسنا؟

رابعاً: ما يحدث مِمَّنْ قلّ دينه, وتلاشت مروءته, مِن عَبثٍ وفجورٍ بالخادمات طوعاً أو كَرها, فكم خادمةٍ حملت سفاحاً؟

واسْألوا أقسام الولادة بالمستشفيات ، وسِجِلاَّتِ مراكز الشرطة, عن المشكلات النَّاجِمَة عن أولاد الحرام, بسبب الفتنة بالخادمات ، وما ينجُم عن ذلك من أمراضٍ مُعديةٍ, نفسيَّةٍ وبدنية, التي انتقلت إلى مجتمعنا من جراء ذلك ، لتعلموا حجم الدوامة التي نحن فيها, بسبب جلب الخادمات إلى البيوت من غير ضرورة.

خامسا: ظهورُ جيلٍ تربى على أيدي خادمات جاهلات, وكثيرٌ منهن كافراتٍ ماجنات, ولَمْ يَتَرَبَّ على أيدي أُمهاتٍ صالحات, وآباءٍ مُخلصين أمينين, ولكنَّ الكثير من الآباءِ مشغولون بالاسْتراحات والمناسبات والحفلات, فنشأ هذا الجيل مُترفاً بليداً , فما أعظم جريمة هؤلاء الآباء.
ورحم الله شوقي حين قال:
ليس اليتيمُ مَنِ انْتهى أبواه مِن … همِّ الحياةِ وخَلَّفاه ذليلاً
إنّ اليتيمَ هو الذي تَلقى له … أُمًّا تَخَلَّتْ أو أبًا مشغولاً

فما أكثرَ الآباءِ المشغولين على حساب الأبناء، وما أكثرَ الأمَّهات اللاتي تخلَّين لصالح الخادماتِ الجاهلات.

وإذا ابْتليت الأم بالخادمة, فينبغي أن تحرص في المراحل الأوليَّة, على أن تباشر بنفسِها رعايةَ الطفل، وتتركَ للخادمة ترتيبَ المنزل, وتنظيفَه وغيرَ ذلك من الأعمال، فلن يجد الطفل الرعايةَ والتربيةَ الصالحةَ من الخادمة, كما يجدُها من الأم، وهذا له دورٌ كبير, في نفسية الطفل واتِّجاهاتِه في المستقبل.

نسأل الله تعالى أن يُصْلح أحوالنا, وأن يُجنبنا الشرور والفتن, وكيد وبطش الخدم, إنه جوادٌ كريم.

الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين, وسلم تسليمًا كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الْمُسْلِمُون: لقد رأينا ما يُثلج صدورَنا, ويرفع رؤوسَنا, من هذه المناورةِ العسكريّة الإسلاميّة, الْمُسمّاةِ برعدِ الشمال, التي دعا لها قادةُ هذه البلاد المباركة, الذين بذلوا الغاليَ والنفيس لتوحيد الأُمة, وتقويتها والدفاعِ عنها, من خطر الرافضةِ والخوارج وغيرِهم.
وهذا يدل على مكانة المملكة وحكامها رعاهم الله, حيث كان اجتماع هذه الدول الإسلامية على يدها, وفي أرضها وتحت قيادتها, ولا يُمكن لدولةٍ أخرى أنْ تقومَ بهذا الدور العظيم.

وهذا التدريبُ هو مِن إدخال الرعب في قلوب الأعداء, فإنهم إذا رأوا قوتنا واتِّحادنا, وكثرةَ عَدَدِنا وعَتَادِنا, هابونا وأحجموا عما كانوا يعزمون عليه من مكر وحرب علينا.
ولذلك قال تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} أي تُخَوِّفُون بقوتكم الأعداء المجاهرينَ بالعداوة, {وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ}.
أي وتُرهبون أعداءً لكم يُخْفُون عداوتهم وحقدهم, ويتربصون بكم الدوائر, وما أكثر المتربصين بدولتنا, الحاقدين على علمائنا وحكامنا, الذين يتمنون ضعفنا وفقرنا, لينقضوا علينا انقضاض الأسد على فريسته.
فلْنقف جميعًا مع قادتنا وعلمائنا, ولْنحذرْ مِن المرجفينَ والمثبطّين, الذين لا هَمَّ لهم إلا القدحَ والعيب, ولا شُغْلَ لهم إلا التَّسَخُّطَ وكفرانَ النعم.
فأين سيجدون نعيمًا وأمننًا أعظم مما نحن فيه, أين سيجدون حكامًا يُقيمون العدل والشرع والدين, أيريدون عدل الخوارج, الذين يستبيحون دماءَ المسلمين؟ ويغدرون بأقاربهم وأبناءِ عمومتهم؟
أم يُريدون عدلَ دولة الملالي, التي جعلتِ الرافعاتِ مشنقًا للأبرياء, وزعزعتْ أَمْنَ الكثيرِ مِنْ بلادِ الإسلام.

نسأل الله تعالى أنْ يحفظ أمننا, ويمكرَ بأعدائنا, ويحفظ قادتنا وعلماءنا, إنه سميعٌ قريبٌ مجيب.
المشاهدات 1360 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا