صَيْحَةُ نَذِير 20 جُمَادَ الأُولَى 1438هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1438/05/18 - 2017/02/15 19:11PM
صَيْحَةُ نَذِير 20 جُمَادَ الأُولَى 1438هـ
الْحَمْدُ للهِ الْكَرِيمِ الْوَهَّاب، خَلَقَ خَلْقَهُ مِنْ تُرَاب، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ، ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِير، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، خَيْرَ مَنْ صَلَّى وَأَنَابَ, صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَالْأَصْحَاب, وَمَنْ سَاَرَ عَلَى نَهْجِهِمْ وَاتَّبَعَهُ إِلَى يَوْمِ الْحِسَابِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا كَثِيرَا.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَخَافُوا مِنْهُ وَارْهَبُوهُ وَاحْذَرُوا سَطْوَتَهُ وَنِقْمَتَهُ فَإِنَّهُ يُمْهِلُ وَلَكِنَّهُ لا يُهْمِلُ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : وَاللهِ إِنِّنَي لا أَدْرِي كَيْفَ أَبْدَأُ مَوْضُوعِي وَكَيْفَ أَوصِلُ مَا أُرِيدُ لَكُمْ , وَذَلِكَ لِفَدَاحَةِ الْأَمْرِ وَعِظَمِ الْخَطْبِ, وَوَاللهِ لَوْ أَنَّي أَجِدُ مَنْدُوحَةً فِي تَرْكِ الْكَلَامِ عَنِ الْمَوْضُوعِ لتَرَكْتُهُ, وَلَوْ أَجِدُ بُدَّاً مِنَ الْإِغْمَاضِ عَنْهُ مَا فَتَحْتُهُ وَلا نَاقَشْتُهُ , وَلَكِنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَعُدْ خَافِيَاً وَالْمُنْكَرُ لا يَجُوزُ السُّكُوتُ عَنْهُ, وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ السَّبْتِ (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُون)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الْمُصِيبَةَ هِيَ انْتِشَارُ الزِّنَا فِي الْمُجْتَمَعِ حَتَّى أَصْبَحَتْ ظَاهِرَةً وَاضِحَةً لا يُنْكِرُهَا إِلَّا جَاهِلٌ أَوْ غَافِلٌ مِسْكِينٌ, وَقَبْلَ أَنْ أُكْمِلَ مَوْضُوعِي أَقُولُ: إِنَّ أَهْلَ الْخَيْرِ كَانُوا وَلا يَزَالُونَ بِحَمْدِ اللهِ مُتَوَاجِدِينَ فِي مُجْتَمَعِنَا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ, فَدُورُ التَّحْفِيظِ النِّسَائِيَّةِ وَالْحَلْقَاتِ وَالْمُصَلّيَاتِ فِي مَدَراِسِ الْبِنَاتِ النِّظَامِيَّةِ, وَالدُّرُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ وَالدَّوْرَاتُ الْعِلْمِيَّةُ وَغَيْرُهَا مُتَوافِرَةٌ بِحَمْدِ اللهِ وَلَهَا رُوَادُهَا مِنَ الْجِنْسَيْنِ , وَلَيْسَتِ الْخُطْبَةُ تَحْتَمِلُ التَّطْوِيلَ لِأُبِيَّنَ أَوْجُهَ الْخَيْرِ وَمَجَالاتِهِ فِي مُجْتَمَعِنَا , لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ الْأَسَاسَ هُوَ التَّحْذِيرُ مِنَ هَذَا الدَّاءِ الْعُضَالِ وَالْمَرَضِ الْقَتَّالِ, وَالذِي قَدْ سَاعَدَ عَلَى انْتِشَارِهِ وَسَائِلُ التَّوَاصِلِ الْحَدِيثَةُ وَخَاصَّةً الْجَوَّلاتُ وَمَا فِيهَا مِنْ بَرَامِجَ لا تُعَدُّ وَلا تُحْصَى, سَهَّلَتِ الاتِّصَالَ وَوُقُوعَ الْكَوَارِثِ, وَاللهُ الْمُسْتَعَان.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنِّنَي لَنْ أَتَكَلَّمَ عَنِ الْأَسْوَاقِ وَمَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنَ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي يَعْرِضْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلْغَادِي وَالرَّائِحِ بِلَا رَقِيبٍ وَلا حَسِيبٍ , إِنَّنِي لَنْ أَتَكَلَّمَ عَنْ بَنَاتِ الْمَدَارِسِ وَمَا يَحْصُلُ مِنَ التَّسَيَّبِ بِسَبَبِ قِلَّةِ الرِّقَابَةِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ حَتَّى وَصَلَ الْأَمْرُ إِلَى وُقُوعِ حَوَادِثَ خَلْوَةٍ مَعَ بَنَاتِ الْمَرْحَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ بِسَبَبِ وُجُودِ الْجَوَّالاتِ مَعَهُنَّ وَلا أَحَدَ يُرَاقِبُهُنَّ وَيُوَجِهُهُنَّ .
إِنَّنِي لَنْ أَتَكَّلَمَ عَنِ الْمُسْتَوَى الْجَامِعِيِّ لِلْفَتَيَاتِ وَمَا يَحْصُلُ مِنَ التَّوَاصُلِ مَعَ مَنْ فِي سِنِّهِنَّ مِنَ الشَّبَابِ وَوُجُودِ عَلاقَاتٍ مُحَرَّمَةٍ, حَتَّى سُجِّلْتَ وَقَائِعُ مُتَعَدِّدَةٌ فِي اسْتِرَاحَاتٍ وَبُيُوتٍ لِتَجَمُّعِ فِتْيَانٍ وَفَتَيَاتٍ عَلَى رَقْصٍ وَغِنَاءٍ فَضْلاً عَنْ تَسْجِيلِ وُجُودِ مُخَدَّرَاتٍ تُتَدَاوَلُ , وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ فَلْيَتَكَرَّمْ بِزِيَارَةِ أَقْرَبِ فَرْعٍ لِهَيْئَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ لِيَرَى فَدَاحَةِ الْأَمْرِ, وَلْيَقِفْ بِنَفْسِهِ عَلَى مَا يُعَانِي مِنْهُ رِجَالُ الْحِسْبَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِيعِ وَكَثْرَتِهَا, مَعَ قِلَّةِ الْمُعِينِ لَهُمْ مِنَ النَّاسِ,,, فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ, رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا.
أَيُّهَا النَّاسُ : إِنِّنِي أُحَذِّرُ نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ مِنْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْمُصِيبَةِ الْكَبِيرَةِ الْمُهْلِكَةِ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا, يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) وَقَالَ تَعَالَى مُحَذِّرَاً مِنْ طَرِيقِ الزِّنَا وَهُوَ النَّظَرُ الْحَرَامُ (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ عَنْ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ (... فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ , فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا) إِلَى أَنْ قَالَ (وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي) , وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ (ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَلَا يُزَكِّيهِمْ , وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: أُشَيْمِطٌ زَانٍ...) أَيْ: رَجُلٌ كَبِيرُ السِّنِّ يَزْنِي, وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بضُبْعَيَّ ... ثُمَّ انْطُلق بِي فَإِذَا بِقَوْمٍ أَشَدِّ شَيْءٍ انْتِفَاخاً وَأَنْتَنِهِ رِيحاً وَأَسْوَإِهِ مَنْظَرًا فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قِيلَ: الزَّانُونَ وَالزَّوَانِي ) رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَإِنَّ مِنْ عَاجِلِ عُقُوبَةِ الزَّانِي فِي الدُّنْيَا ثَلاثُ خِصَالٍ, كُلُّ وَاحِدَةٍ كَفِيلَةٌ بِتَنْغِيصِ حَيَاتِهِ وَجَعْلِهِ فِي أَسْوَأِ الْحَالاتِ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ , أَمَّا الْأُوَلى : فِهِيَ أَنَّهُ يُبْتَلَى فِي عِرْضِهِ وَتُنْتَهَكُ حُرْمَةُ أَهْلِهِ, وَهَذَا أَمْرٌ يَكَادُ يُجْمِعُ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ, وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ لَهُ, فَإِنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ فَمَنْ عَفَّ عَفَّ أَهْلُهُ وَمَنْ تَهَتَّكَ تَهَتَّكُوا, قَالَ شَيْخُ الِإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ: فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ زَانِيَاً فَإِنَّهُ لَا يُعِفُّ امْرَأَتَهُ، وَإِذَا لَمْ يَعُفَّهَا تَشَوَّقَتْ هِيَ إِلَى غَيْرِهِ فَزَنَتْ, كَمَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى نِسَاءِ الزَّوَانِي.
وَالْعُقُوبَةُ الثَّانِيَةُ الْفَقْرُ : فَإِنَّ الذُّنُوبَ لا تَأْتِي إِلَّا بِالسُّوءِ وَالْمَصَائِبِ وَالْبَلَاءِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ), وَبِسَبَبِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي يُحْرَمُ الْعَبْدُ مِنَ الرِّزْقِ وَالْخَيْرِ، بَلْ بِسَبَبِهَا تُحْرَمُ الْأَرْضُ مِنَ الْقَطْرِ، وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبَاً صَغِيرَةً، فَكَيْفَ بِالْكَبَائِرِ ؟!
فَلَيْسَ بِبَعِيدٍ أَنْ يَبْتَلِيَ اللهُ تَعَالَى الزَّانِي بِالْفَقْرِ، عُقُوبَةً عَلَى مَعْصِيَتِهِ ؛ حَيْثُ تَنَاوَلَ لَذَّةً مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا، فَعُوقِبَ بِأَنْ حَرَمَهُ اللهُ الْفَضْلَ وَالْغِنَى، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ الْفَقْرَ وَالْعَنَا، وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَل .
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : إِيَّاكَ وَالزِّنَا ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْفَقْرَ. رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ , فَالزِّنَا مُوَكَّلٌ بِزَوَالِ النِّعْمَةِ ، فَإِذَا ابْتُلِيَ بِهِ عَبْدٌ وَلَمْ يُقْلِعْ وَيَرْجِعْ فَلْيُوَدِّع نِعَمَ اللهِ ، فَإِنَّهَا ضَيْفٌ سَرِيعُ الانْفِصَالِ ، وَشِيكُ الزَّوَالِ ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ)

فَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَنِي وَإِيَّاكُمْ بِحْفِظِهِ وَأَنْ يَرْعَانَا بِرِعَايَتِهِ وَأَنْ يَتَوَلَّانَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهُ التُّكْلَان.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النًّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّنَا نَتَكَلَّمُ فِي الْخَيَالِ أَوْ أَنَّنَا نُبَالِغُ فِي الْأَمْرِ, أَوْ أَنَّنَا نَنْظُرُ تَشَاؤُمَاً إِلَى الْمُجْتَمَعِ, وَنَقُولُ لِمِثْلِ هَذَا : انْتَبِهْ لِنَفْسِكَ وَلِمَنْ حَوْلَكَ فَقَدْ يَكُونُ الدَّاءُ تَمَكَّنَ مِنْ دَاخِلِ بَيْتِكَ وَأَنْتَ فِي غَفْلَةٍ , إِنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَبْقَ خَرَابُهُ فِي الْأَسْوَاقِ أَوْ الْمُنْتَزَهَاتِ بَلْ وَصَلَ إِلَى الْبُيُوتِ وَوَقَعَ الزِّنَا بِالْخَادِمَاتِ بَلْ وَأَشْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَقَعَ بِالْمَحَارِمِ, فَانْتَبِهُوا وَخُذُوا حِذْرَكُمْ وَ(احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ الثَّالِثَةُ لِلزَّانِي فَاسْتَمِعُوا لَهَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ حَيْثُ يَقُولُ: وَالزِّنَا يَجْمَعُ خِلَالَ الشَّرِّ كُلِّهَا: مِنْ قِلَّةِ الدِّينِ وَذَهَابِ الْوَرِعَ وَفَسَادِ الْمُرُوءَةِ وَقِلَّةِ الْغِيرَةِ ، فَلا تَجِدُ زَانِيَاً مَعَهُ وَرَعٌ وَلا وَفَاءٌ بِعَهْدٍ وَلا صِدْقٌ فِي حَدِيثٍ ، وَلا مُحَافَظَةٌ عَلَى صَدِيقٍ ، وَلا غِيرَةٍ تَامَّةٍ عَلَى أَهْلِهِ .
وَمِنْهَا : غَضَبُ الرَّبِّ بِإِفْسَادِ حُرَمِهِ وَعِيَالِهِ ، وَسَوَادُ الْوَجْهِ وَظُلْمَتُهُ ، وَمَا يَعْلُوهُ مِنَ الْكَآبَةِ وَالْمَقْتِ الذِي يَبْدُو عَلَيْهِ لِلنَّاظِرِينَ , وَظُلْمَةُ الْقَلْبِ وَطَمْسُ نُورِهِ ، وَغَشَيَانُ الظُّلْمَةِ لَهُ . وَمِنْهَا : الْفَقْرُ اللَّازِمُ ، وَفِي أَثَرٍ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا اللهُ مُهْلِكُ الطُّغَاةِ وَمُفْقِرُ الزُّنَاةِ .

وَمِنْهَا : أَنَّ الزِّنَى يُذْهِبُ حُرْمَةَ فَاعِلِهِ وَيُسْقِطُهُ مِنْ عَيْنِ رَبِّهِ وَمِنْ أَعْيُنِ عِبَادِهِ .وَمِنْهَا : أَنَّهُ يُعَرِّضَ نَفْسَهُ لِسُكْنَى التَّنُّورِ الذِي رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ الزُّنَاةَ وَالزَّوَانِي .
وَمَنْهَا : الْوَحْشَةُ التِي يَضَعُهَا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَلْبِ الزَّانِي ، وَهِيَ نَظِيرُ الْوَحْشَةِ التِي تَعْلُو وَجْهَهُ ، فَالْعَفِيفُ عَلَى وَجْهِهِ حَلَاوَةٌ وَفِي قَلْبِهِ أُنْسٌ ، وَمَنْ جَالَسَهُ اسْتَأْنَسَ بِهِ ، وَالزَّانِي تَعْلُو وَجْهَهُ الْوَحْشَةُ ، وَمَنْ جَالَسَهُ اسْتَوْحَشَ بِهِ . ومِنْهَا : قِلَّةُ الْهَيْبَةِ التِي تُنْزَعُ مِنْ صُدُورِ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ لَهُ ، وَهُوَ أَحْقَرُ شَيْءٌ فِي نُفُوسِهِمْ وَعُيُونِهُمْ ، بِخِلَافِ الْعَفِيفِ ؛ فَإِنَّهُ يَرْزُقُ الْمَهَابَةَ وَالْحَلَاوَةَ .
وَمَنْهَا : ضِيقَةُ الصَّدْرِ وَحَرَجُهُ ، وَلَوْ عَلِمَ الْفَاجِرُ مَا فِي الْعَفَافِ مِنَ اللَّذَّةِ وَالسُّرُورِ وَانْشِرَاحِ الصَّدْرِ وَطِيبِ الْعَيْشِ لَرَأَى أَنَّ الذِي فَاتَهُ مِنَ اللَّذَّةِ أَضْعَافَ أَضْعَافَ مَا حَصَلَ لَهُ (ا.ه. بِشَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّفِ)

فَاللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنَا بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ , اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الزِّنَا وَالْخِيَانَةِ, وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَلَاءِ فِي أَنْفُسِنَا وَفِي أَهَالِينَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ , اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ وَارْعَنَا بِرِعَايَتِكَ وَاكْلَأْنَا بِكَلَاءَتِكَ, اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ , اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه , اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنَا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لَنَا وَتَوَفَّنَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا, اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْعَدْلِ وَالْحَقِّ فِي الغضب والرضا, وَنَسْأَلُكَ القصد في الفقر والغنا وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَبِيدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَنَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين, وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ .
المرفقات

صَيْحَةُ نَذِير 20 جُمَادَ الأُولَى 1438هـ.doc

صَيْحَةُ نَذِير 20 جُمَادَ الأُولَى 1438هـ.doc

المشاهدات 2567 | التعليقات 4

إتماما لما سبق
خصائص الظاهرة الاجتماعية
1. جماعية: أي أنّها صادرةٌ عن الجماعة، ومُتعلقةٌ بسلوكهم الجماعيّ ولا تخصّ فرداً بعينه، وتتولد الظروف المناسبة لبروز الظاهرة الاجتماعية عندما يتوفر القبول والانسجام بين أفراد الجماعة، والظواهر الاجتماعيّة غالباً يتناول دراستها علم الاجتماع.
2. غير مُرتبطةٍ بالتفكير أو الإدراك: حيثُ إنّ الفرد لا يلجأ للتفكير، قبل سلوك تلك الظاهرة، ولا ينتظر حتّى يُدركها، ثمّ يُقرر فعله تجاهها، بل إنّه يتصرف وفقاً لها بشكلٍ تلقائيّ؛ فالظاهرة الاجتماعية نشأت نتيجة الحالات والظروف الاجتماعية المتعلقة بالعموم وليس الخصوص.
3. مُلزِمة: أي أنّ الفرد يمارسها أسوةً بغيره من الأفراد، وأنّ الخروج عنها قد يبدو مُستغرَباً، وينتقل السلوك الاجتماعيّ أو الجماعي بين الأشخاص عن طريق ما يُسمى بعلم الاجتماع بـ (العدوى الاجتماعية).
4. الطابع الإنساني: حيث إنّ الظاهرة الاجتماعية، تخصّ مُجتمع الإنسان وحده دون غيره من المُجتمعات الأخرى، وبالتالي تتفرّد هذه الظاهرة بطبيعة الحال بالمنهج والأسلوب الذي يتناول بحثها ودراستها.
5. عناصرها مُترابطة: فالعناصر المكوّنة لها متصلةٌ ببعضها البعض، كالمعتقدات، والممارسات الجماعية، والظروف المكانية.ِ





أخي الحبيب هل الزنا عندنا توفرت فيه هذه الخصائص ليكون ظاهرة !!!


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الْمُصِيبَةَ هِيَ انْتِشَارُ الزِّنَا فِي الْمُجْتَمَعِ حَتَّى أَصْبَحَتْ ظَاهِرَةً وَاضِحَةً لا يُنْكِرُهَا إِلَّا جَاهِلٌ أَوْ غَافِلٌ مِسْكِينٌ!!! هذا كلام خطير وكبير فقد قلت إن الزنا ظاهرة و الظاهرة الاجتماعية هي فعل تمارسه جموع من البشر، أو هم يتعرضون له أو يعانون منه أو من نتائجه ‏.

أتمنى إعادة النظر....


جزاك الله خيرا


جزاك الله خيرا يا شيخ عبد الله بن علي الطريف , ولعل التعبير فيه شيء من المبالغة , ولكنني عنيت أن الأمر موجود وصار يكثر بسبب ما بينت في الخطبة , وعسى أن أكون مخطئاً
وشكرا لك على كل حال