صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ - لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ

محمد البدر
1436/08/25 - 2015/06/12 08:38AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
عباد الله : قال تعالى : ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ .
هاهو شهر رمضان قد اقترب, شهرُ القرآن شهرُ الرحمة والغفرانِ والعِتْقِ من النيران , قال تعالى :{ قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } في رمضانَ تُقْبِلُ القلوبُ إلى الله جل وعلا , وبالصيام تَذِلُ النفوس لربها , وتَسْهُل عليها الطاعاتُ والقربات .
عبادالله : هذه أبواب الجنة الثمانيةُ في هذا الشهر المبارك لأجلكم قد فتحت , ونسماتها على قلوب المؤمنين قد نَفَحَتْ , وأبواب الجحيم كلها لأجلكم مغلقة , وأقدام إبليسَ وذريتِهِ من أجلكم موثقه , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ » رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فأنيبوا إلى ربكم واستغفروه .
عباد الله : استقبلوا هذا الشهرَ بالتوبة والندم ، والانكسار والاستغفار , حاسبوا أنفسكم وتفكروا في أحوالكم ومآلكم , أكثروا من ذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات الموت ، من يعتق فيها من النار فقد فاز فوزاً عظيماً .
عباد الله : مواسمُ الخيرات ، أيّامٌ معدودات،فاقتدوا بالحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وسلم ، فمن هديه وسنته تعجيل الفطر :« لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ »متفقٌ عَلَيْهِ.
وقد «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ » رواه الترمذي وصححه الألباني .
و إِذَا أَفْطَرَ قَالَ « ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ » رواه أبو داود وحسنه الألباني.
و « مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فَلاَ يُفْطِرْ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ » رواه الترمذي وصححه الألباني .
فلا شيء عليه ولا كفّارة عليه ولا قضاء .
و « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » متفقٌ عَلَيْهِ.
و « مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » متفقٌ عَلَيْهِ.
و « إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ »رواه الترمذي وصححه الألباني .
و « مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا » رواه الترمذي وصححه الألباني.
و « أَنَّ عُمْرَةً فِى رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً » متفقٌ عليه.
ومن هديه وسنته أكلة السحر وتأخيرها قال صلى الله عليه وسلم : « فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وقال صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا ؛ فَإنَّ في السُّحُورِ بَرَكَةً » متفقٌ عَلَيْهِ.
وقال صلى الله عليه وسلم: «بَكِّرُوا بِالْإِفْطَارِ وَأَخِّرُوا السُّحُورِ » صححه الألباني .
فتسحَّروا ولو بجرعة ماء.
عباد الله : ليكن لكم في شهر الصوم عملٌ وتهجُّد وقرآن ، وابتعِدو عن كل ما يجرح الصوم ويفسده، وإياكم و الغيبة والنميمة والحقد والحسد والبغضاء وجميع الخصال السيئة وإياكم والوقوع في أعراض المسلمين، واحفظو لسانكم وسمعكم وبصركم عمَّا حرم الله،وإياكم والغضب يقول عليه الصلاة والسلام: « الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّى صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ » رواه البخاري .
عباد الله : رمضان شهر القرآن ، فيه أُنزل، وفيه تدارسه نبي الهدى مع جبريل عليه السلام، كان يُعارضه القرآن في كل عام مرة، فلما كان العام الذي توفي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، عارضه مرتين.
ولذلك، انكب السلف الصالح على كتاب ربهم يتلونه آناء الليل وأطراف النهار، لا يملون تكراره، ولا يسأمون أخباره .
واحذروا من نقل الأخبار والقصص بدون تمحيص واحذروا اشد الحذر من تداول الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمكذوبة وغيرها قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِنَّ كَذِبًا عَلَىَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ » رواه البخاري ومسلم . اقول قولي هذا .....
الخطبة الثانية :
أما بعد:فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ ، إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
فلا يصومن الإنسان قبل رمضان بيوم أو يومين تطوعاً إلا إذا كان من عادته أن يصوم في الشهر أياماً معلومة ولم يتيسر له إلا في هذا الوقت فلا حرج عليه، وكذلك من كان عليه قضاء من رمضان فليقضه قبل أن يدخل شهر رمضان الثاني .
وكان من هديه أن يصوم ويأمر الناس بالصيام إذا رأى هلال شهر رمضان أو رآه أحد الصحابة فقال صلى الله عليه وسلم : (( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ، فَإنْ غَبِيَ عَلَيْكُمْ ، فَأكمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ )) متفقٌ عَلَيْهِ ، وهذا لفظ البخاري .
وفي رواية لمسلم : (( فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلاَثِينَ يَوْماً )) .
عباد الله :من رأى منكم هلال رمضان فليخبر به أدنى محكمة إليه؛ لأن شهر رمضان يصام بشهادة الواحد الثقة، وأما غيره من الشهور فإنه لا يثبت دخوله إلا بشهادة رجلين، فاتقوا الله أيها المسلمون .
الا وصلوا ...
[/align]
المشاهدات 1658 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا