صور النصر في غزوة بدر مناسبة للجوال

د. ماجد بلال
1443/10/18 - 2022/05/19 18:51PM

خطبة صور النصر في غزوة بدر

ماجد بلال، جامع الرحمن بتبوك 19/10/1443ه

لطالما تفاخر الناس بأمجادهم وبطولاتهم ومغازيهم، 

ولما جاءت امة محمد صلى الله عليه وسلم آخر أمة كانت خير أمة سبقتها كلها الأمم لتأخذ منها التجارب والعضات.

لذلك كان تاريخ المسلمين وبطولاتهم ومغازيهم أفضل وأعظم بطولات على مر التاريخ، ولا يمكن لأحد أن يفاخر بأعظم مما قدمه التاريخ لنا من بطولات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والمسلمين الأوائل، فكان حري بنا أن نعض عليها بالنواجذ وألا تقل أهمية عن اهتماننا بكتاب الله والسنة المطهرة، فهي جزء لا يتجزأ فإذا كان القرآن والسنة الجزء التنظيري لحياة المسلم، فإن السيرة والمغازي، هي الجانب التطبيقي النموذجي الأمثل الذي لا مثيل له على وجه الأرض، وبهذا يشهد القاصي قبل الداني، والعدو قبل الصديق.

غزوة بدر معجزة من الله وآية من آياته على صدق رسالة الإسلام، بدليل انتصار المسلمين على المشركين، إذ انتصرت الفئة القليلة من المؤمنين، على الفئة الكثيرة من المشركين، وهذا خلاف القوانين والسنن العقلية والحسابية، التي تقول أن النصر مع الكثرة، فأثبت الله للبشرية أن النصر من عند الله بقوانين النصر التي وضعها الله، لا بقوانين العقل التي وضعها البشر.

 

الأخطار والمنغصات قبل المعركة:

1-             فرار القافلة:

وصل المسلمون إلى بدر واكتشفوا أن القافلة فرت وأن قريشاً اقبلت، فكره ذلك بعض المؤمنين، وذلك أن فاتتهم الغنيمة الباردة، غير أن الله أراد لعباده غنيمة أكبر، وإن كان فيها ألم ومشقة، ونصرا أعظم، ليس لهم فقط بل نصر للمسلمين على مر التاريخ.

 

2-             عدد المشركين واستعدادهم للقتال:

وسبب آخر للكراهة، وهو أن قريشاً تأهبت للحرب على عكسهم تمام فليس معهم سلاح الحرب، وعدد المشركين ألف والمسلمون ثلاثمائة، كما أخبر سبحانه وتعالى:(قَد كَانَ لَكُم ءَايَة فِي فِئَتَينِ ٱلتَقَتَا فِئَة تُقَٰتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخرَىٰ كَافِرَة يَرَونَهُم ‌مِّثلَيهِم رَأيَ ٱلعين وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصرِهِۦ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبرَة لِّأُوْلِي ٱلأَبصَٰر) [آل عمران: 13]

روى مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: لما كان يوم بدر، نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة، ثم مد يديه، فجعل يهتف بربه «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض»، فما زال يهتف بربه ماداً يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله! كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ …﴾.        

والأصل أن الإنسان في هذه الأحوال لا يأتيه النوم ولا النعاس من شدة الخوف.

 

3-             تحريم التولي يوم الزحف.

ومما زاد الأمر صعوبة، علمهم بتحريم التولي يوم الزحف وأنه من السبع الموبقات، وقال بعض الفسرين أن الآياتِ نزلت يوم بدر، ومما يؤيده أن المؤمنين كانوا هم العصابة الوحيدة المؤمنة على وجه الأرض، فكان وقوفهم وثباتهم في جه الأعداء فرضَ عين، قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) تفسير ابن كثير ت سلامة (4/ 27)

وكان يجب على الجندي المسلم الواحد أن يقابل عشرة من المشركين (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ)،

 ثم خفف الله عنهم بعد ذلك .

 

 

2- قلة الماء عند المؤمنين، والغبار والرمل:

وزاد الأمرَ سوءاً أن كانت الآبار في جهة المشركين فعطش المسلمون وأصابت بعضَهم الجنابةُ، وكانت أرضهم رملاً تغوص بها أقدامهم، دعصةً لها غبار، «وَأَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِهِمِ الْغَيْظَ، يُوَسْوِسُ بَيْنَهُمْ: تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيكُمْ رَسُولُهُ، وَقَدْ غَلَبَكُمُ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمَاءِ، وَأَنْتُمْ تُصَلُّونَ مُجْنِبِينَ! فتَعَاظَمُوا ذَلِكَ فِي صُدُورِهِمْ.

 

المبشرات قبل المعركة:

1-             بشارة النبي لهم بالنصر:

وكان اختبارا حقيقا من الله تعالى لهم، حتى شاورهم النبي e وتكلم سعد بن معاذ فقال مقولته الشهيرة في تحميس المسلمين، والأنصار، -ولا عجب أن يهتز عرش الرحمن لسعد ابن معاذ t وهذه هي مواقف الأبطال- ووافقه الصحابة والأنصار على رأيه، وتحمسوا وتشجعوا للقتال، ونجحوا في الاختبار، فتهلل وجه النبي e وبشرهم وقال: « إن الله تعالى وعدني إحدى الطائفتين[15]»،

وذلك مصداق قوله تعالى: ﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمْ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [الأنفال: 5-8].

 

2-             إنزال المطر:

ثم جاء الفرج من الله سبحانه وتعالى وجاءتهم آيات النصر والتمكين والتأييد فَأَمْطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَطَرًا شَدِيدًا، فَشَرِبَ الْمُؤْمِنُونَ، وَمَلَئُوا الْأَسْقِيَةَ، وَسَقَوُا الرِّكَابَ (7) وَاغْتَسَلُوا مِنَ الْجَنَابَةِ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ طَهُورًا، وَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ، وَانْشَفَّ (5) الرَّمْلُ حِينَ أَصَابَهُ الْمَطَرُ وثبت الله به الأقدام وَمَشَى النَّاسُ عَلَيْهِ وَالدَّوَابُّ بفضل الله، وطابت نفوسهم، وكان المطر وحلاً وزلقاً على المشركين» «تفسير ابن كثير - ت السلامة» (4/ 23):

 

2- ألقى الله النوم والنعاس على المؤمنين:

 وبعد أن هدأت نفوس المؤنين زادهم الله طمأنينة بعد المطر

فسلط الله عليهم النعاس وذلك لإذهاب الخوف والرهبة من الكافرين، فِي الصَّحِيحِ (2) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لما كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْعَرِيشِ مَعَ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُمَا يَدْعُوَانِ، أَخَذَتْ رَسُولَ اللَّهِ سِنَةٌ مِنَ النَّوْمِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ مُتَبَسِّمًا فَقَالَ: "أَبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ، هَذَا جِبْرِيلُ عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ" ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَابِ الْعَرِيشِ، وَهُوَ يَتْلُو قَوْلَهُ تَعَالَى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [الْقَمَرِ: 45] «تفسير ابن كثير - ت السلامة» (4/ 23):

قال الله تعالى: (إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ).

 

3-تقليل المشركين في أعينهم:

ومن صور النصر للمؤمنين أن الله قلل المشركين في أعين المؤمنين فجعلهم يتحمسون ويتشجعون للقتال،

 

أَرَا اللَّهُ النبيَ e المشركين قَلِيلًا فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ e أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ، فَكَانَ تَثْبِيتًا لَهُمْ.

نقل ابن كثير قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: وَقَدْ نَظَرْنَا إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَرَأَيْنَاهُمْ يُضْعَفون عَلَيْنَا، ثُمَّ نَظَرْنَا إِلَيْهِمْ فَمَا رَأَيْنَاهُمْ يَزِيدُونَ عَلَيْنَا رَجُلًا وَاحِدًا،

وقَالَ: لَقَدْ قُلِّلُوا فِي أَعْيُنِنَا حَتَّى قُلْتُ لِرَجُلٍ إِلَى جَانِبِي (9) تَرَاهُمْ سَبْعِينَ؟ قَالَ: أَرَاهُمْ مِائَةً. قَالَ: فَأَسَرْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ فَقُلْنَا: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: أَلْفَا. (تفسير ابن كثير ت سلامة (2/ 18)

 

وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ إِذْ يُرِيكَهُمْ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ﴾  [الأنفال: 41-44].

 

4- ألقى الرعب في قلوب المشركين:

ومن صور النصر من الله للمؤمنين في غزوة بدر أن الله ألقى الرعب في قلوب المشركين وهو أن المسلمين مع قلتهم لم يفروا ويهربوا بل ثبتوا واستعدوا للقتال مما يدل على قوتهم وشجاعتهم، فخاف منهم المشركون وقالوا (والله لئن حملوا علينا لننكشفن) فسمع المؤمنين بمقالتهم فازدادوا ثباتاً وقوة

وقال الله: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ ٍعَذَابَ النَّارِ ﴾ [الأنفال: 9-14].

 

تحرض الرسول e المؤمنين على القتال:

استجاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لله سبحانه وتعالى وحرّض المؤمنين عَلَى الْقِتَالِ عِنْدَ صَفِّهِمْ وَمُوَاجَهَةِ الْعَدُوِّ، كَمَا قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ بَدْرٍ، حِينَ أَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ فِي عَدَدهم وعُدَدهم: "قُومُوا إلى جنة عرضها السموات والأرض". فقال عمير بن الحُمام: عرضها السموات وَالْأَرْضِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ" فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ، فَقَالَ: "مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟ " قَالَ (6) رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا! قَالَ: "فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا" فَتَقَدَّمَ الرَّجُلُ فَكَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ، وَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ أَلْقَى بَقِيَّتَهُنَّ مِنْ يَدِهِ، وَقَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَهُنَّ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ! ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حتى قتل، رضي الله عنه (7) تفسير ابن كثير ت سلامة (4/ 86)

 

بارك الله لك ولكم في القرآن العظيم .....

 

 

 

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً. أمَّا بَعْدُ..

 فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 
صور النصر أثناء المعركة:

1-             قتال الملائكة مع المؤمنين:

ومن صور النصر للمؤمنين أن الملائكة قاتلت مع المؤمنين «وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: كَانَ النَّاسُ يَوْمَ بَدْرٍ يَعْرِفُونَ قَتْلَى الْمَلَائِكَةِ مِمَّنْ قَتَلُوا هُمْ بِضَرْبٍ فَوْقَ الْأَعْنَاقِ، وَعَلَى الْبَنَانِ اي الاصابع مِثْلَ سِمَةِ النَّارِ قَدِ أُحْرِقَ بِهِ» فيجدون جثث المشركين بلا رؤوس قد قطعت أطراف أصابعهم وأحرقت.

وقال الربيع: أَمَدَّ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِأَلْفٍ، ثُمَّ صَارُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ، ثُمَّ صَارُوا خَمْسَةَ آلَافٍ. «تفسير ابن كثير - ت السلامة» (4/ 26):

قال الله تعالى:(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * ) الانفال 9

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 123-126].

وقال الله: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ [الأنفال: 9-14].

 

2-ذر الحصى في أعين المشركين:
ومن آيات النصر أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم في المعركة فقال له: خذ قبضة من تراب فارم بها في وجوههم، فما بقي من المشركين من أحد إلا وأصاب عينيه ومنخريه وفمه، فولوا مدبرين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «احملوا»، فلم تكن إلا الهزيمة،

قال ابن عقبة وابن عائذ: فكانت الحصباء عظيماً شأنها، لم تترك من المشركين رجلاً إلا ملأت عينيه، وجعل المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم، وبادر كل رجل منهم منكباً على وجهه، لا يدري أين يتوجه، يعالج التراب ينزعه من عينيه[25].

 

فقتل الله من قتل من صناديدهم، وأسر من أسر، وأنزل الله عز وجل: وكان نتيجة ذلك أن قتل من المشركين سبعون قتيل، وصدق الله إذ قال:  ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 17].

 

 

 

صلوا وسلموا ......

المرفقات

1652986247_خطبة صور النصر في غزوة بدر ماجد بلال.docx

1652986256_خطبة صور النصر في غزوة بدر ماجد بلال.pdf

المشاهدات 461 | التعليقات 0