صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ عَلَامَةُ الإِيمَانِ 24 جُمَادَ الأُولَى 1437 هـ
محمد بن مبارك الشرافي
1437/05/20 - 2016/02/29 19:21PM
صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ عَلَامَةُ الإِيمَانِ 24 جُمَادَ الأُولَى 1437 هـ
الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ الصَّلَاةَ كِتَابَاً مَوْقُوتَاً عَلَى الْمُؤْمِنِين ، وَأَمَرَ بِإِقَامَتِهَا وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا ، وَأَدَائِهَا مَعَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِين . أَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِه، وَأَشْكُرُهُ عَلَى جَزِيلِ مَنِّهِ وَكَرَمِه ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه ، تَوَعَّدَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ بِأَشَدِّ الْوَعِيد ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَمَسَّكَ بِسُنَّتِهِ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُون , وَاعْلَمُوا أَنَّنَا غَدَاً مُحَاسَبُون وَبِأَعْمَالِنَا مَجْزِيُّون , وَعَلَى تَفْرِيطِنَا نَادِمُون .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ فِي اللهِ : إِنَّ الْقَلْبَ لَيَحْزَنُ وَإِنَّ النَّفْسَ لَتَتَقَطَّعُ , وَإِنَّ الْفِكْرَ لَيَتَشَوَّشُ حِينَ يَرَى الْمَرْءُ إِهْمَالاً مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ فِي شَعِيرَةٍ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ اللهِ وَرَمْزٍ مِنْ رُمُوزِ عِزِّ الْمُسْلِمِين ! وَسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ أُلْفَتِهِمْ وَتَرَابُطِهِمْ !
إِنَّهَا صَلاةُ الْجَمَاعَةِ , إِنَّهَا دَلِيلُ الاسْتِقَامَةِ وَعَلامَةُ الشَّهَامَةِ وَرَمْزُ الْمُرُوءَة , إِنَّهَا الْفَارِقُ بَيْنَ الإِيمَانِ وَالنِّفَاق , وَالْفَيْصَلُ بَيْنَ حُبِّ اللهِ وَرَسُولِهِ وَحُبِّ الدُّنْيَا وَمَلَذَّاتِهَا وَالانْغِمَاسِ فِي شَهَوَاتِهَا ! إِنَّ صَلاةَ الْجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ لا خِيَارَ بَيْنَ فِعْلِهَا وَتَرْكِهَا , قَدْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّة , وَأَوْضَحَتْ هَذَا الأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ وَالنَّقْلِيَّة ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ) قَالَ ابْنُ سِعْدِيٍّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِهِ : أَيْ : صَلُّوا مَعَ الْمُصَلِّين ، فَفِيهِ الأَمْرُ بِالْجَمَاعَةِ لِلصَّلَاةِ وَوُجُوبِهَا .
وَقَالَ اللهُ تَعَالَى (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) وَهَذِهِ الآيَةُ مِنْ أَوْضِحِ الآيَاتِ عَلَى وُجُوبِ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَى إِثْمِ تَارِكِهَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي حَالَةِ حَرْبٍ وَخَوْفٍ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِصَلاةِ الْجَمَاعَةِ , قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللهُ : يُؤْخَذُ مِنَ الآيَةِ وُجُوبُ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الأَعْيَانِ لِقَوْلِهِ (فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) وَقَوْلِهِ (وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ) لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ لاكْتَفَى بِالطَّائِفَةِ الأُولَى , فَلَمَّا أُمِرَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بِالصَّلاةِ جَمَاعَةً دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الأَعْيَانِ .
وَأَمَّا دَلالَةُ السُّنَّةِ عَلَى صَلاةِ الْجَمَاعَةِ فَوَاضِحَةٌ جِدَّاً لا تَحْتَاجُ إِلَى تَأَمُّلٍ , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ, ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا, ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ اَلنَّاسَ, ثُمَّ أُخَالِفُ إِلَى رِجَالٍ لَا يَشْهَدُونَ اَلصَّلَاةَ, فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ, وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ اَلْعِشَاءَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ فِي صَلاةِ الْجَمَاعَةِ أُجُوراً عَظِيمَةً وَمَصَالِحَ كَبِيرَةً , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْساً وَعِشْرِينَ ضِعْفاً , وَذَلِكَ : أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ , فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ . ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ لا يُخْرِجُهُ إلا الصَّلاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ , وَحُطَّ عَنْهُ خَطِيئَةٌ . فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ , مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ , اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ , اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ , وَلا يَزَالُ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ ) متفق عليه . وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ تَطَهَّرَ فِى بَيْتِهِ ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَقْضِى فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خُطُوَاتُهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً ، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَة) رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَعَنْ أُبيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ لا أعْلَمُ رَجلاً أبْعَدَ مِنَ المَسْجِدِ مِنْهُ ، وَكَانَ لاَ تُخْطِئُهُ صَلاةٌ ، فَقيلَ لَهُ : لَوِ اشْتَرَيْتَ حِمَاراً تَرْكَبُهُ في الظَلْمَاء وفي الرَّمْضَاء ؟ فَقَالَ : مَا يَسُرُّنِي أنَّ مَنْزِلي إِلَى جَنْبِ المَسْجِدِ إنِّي أريدُ أنْ يُكْتَبَ لِي مَمشَايَ إِلَى المَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أهْلِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَدْ جَمَعَ اللهُ لَكَ ذلِكَ كُلَّهُ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَمِنْ أَهَمِّيَّةِ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ وَعِظَمِ فَضْلِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغَّبَ فِى أَدَاءِ الصَّلاةِ فِى جَمَاعَةٍ وَلا سِيَّمَا صَلاةَ الْفَجْرِ وَصَلاةَ الْعِشَاءِ , فَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ ، فَكَأنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ ، فَكَأنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الدَّرَجَاتِ فِى الْجَنَّةِ بِكَثْرَةِ الذِّهَابِ وَالْغُدُوِّ إِلَى الْمَسَاجِدِ لِأَدَاءِ فَرَائِضِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِد أَوْ رَاحَ ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ في الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ : وَمَعْنَى الحَدِيْثِ : أَنَّ مَنْ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ فَإِنَّهُ زَائِرُ اللهِ تَعَالَى ، وَاللهُ يُعِدُّ لَهُ نُزُلاً فِي الْجَنَّةِ ، كُلَّمَا انْطَلَقَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَوْ فِي آخِرِهِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : هَلْ بَعْدَ هَذِهِ النُّصُوصِ الْعَظِيمَةِ وَالأُجُورِ الْكَبِيرَةِ نَتَهَاوَنُ فِي أَدَاءِ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ ؟ أَلَا فَاتِّقِ اللهَ يَا مُسْلِمُ , اتِّقِ اللهَ أَيُّهَا الشَّابُّ , اتِّقِ اللهَ يَا مَنْ تَتَهَاوَنُ فِي صَلاةِ الْجَمَاعَةِ , وَأَنْقِذْ نَفْسَكَ مِنْ بَرَاثِنِ الشَّيْطَان .
أُقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّهُ مِمَّا يُحْزِنُ الْقَلْبَ وَيَجْرَحُ الْفُؤَادَ أَنْ نَرَى أَوْ نَسْمَعُ عَنْ بَعْضِ إِخْوَانِنَا مِمَّنْ فِيهِمْ خَيْرٌ وَصَلاحٌ وَلَكِنْ لا يَهْتَمَّونَ الاهْتِمَامَ الْمَطْلُوبَ بِصَلاةِ الْجَمَاعَةِ , وَهَذَا أَمْرٌ يَجِبُ أَنْ يَحْذَرُوهُ فَإِنَّ الْمَوْتَ قَرِيبٌ وَالْمُفَارَقَةَ آتَيِةٌ لا مَحَالَةَ , فَالتَّوْبَةَ التَّوْبَةَ وَالنَّدَمَ النَّدَم , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : اسْتَمِعُوا بِقُلُوبِكُمْ قَبْلَ آذَانِكُمْ إِلَى هَذَا الْكَلامِ الْعَظِيمِ مِنْ أَحَدِ أَجِلَّاءِ أَصْحَابِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ عِبْرَةٌ لِمَنِ اعْتَبَر وَانْزِجَارٌ لِمَنِ يَدَّكِر , رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ , فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى , وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّى هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِى بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ , وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ ، إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً ، وَرَفَعَهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومٌ نِفَاقُهُ , وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِى الصَّفِّ .
فَاحْذَرْ يَا أَخِي الْمُسْلِمَ مِنَ التَّهَاوُنِ فِي أَدَاءِ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ وَجَاهِدْ نَفْسَكَ عَلَيْهَا حَتَّى تَسْتَقِيمَ , وَرَتِّبْ وَقْتَ نَوْمِكَ وَاعْمَلِ الأَسْبَابَ لأجلِ أَنْ تَقُومَ لِصَلاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُون : كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ رَحِمَهُمُ اللهُ عَلَى جَانِبٍ عَظِيمٍ فِي أَمْرِ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ , فَقَدْ خَرَجَ عُمُرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَاً إِلَى حَائِطٍ (مزرعة) لَهُ فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى النَّاسُ الْعَصْرَ , فَقَالَ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون , فَاتَتْنِي صَلاةُ الْعَصْرِ فِي الْجَمَاعَةِ أُشْهِدُكُمْ أَنَّ حَائِطِي عَلَى الْمَسَاكِينِ صَدَقَة . لِيَكُونَ كَفَّارَةً لِمَا صَنَعَ عُمُرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ . قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: مَا أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً إِلَّا وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ , وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَأَنْ تُمْلَأَ أُذُنُ ابْنِ آدَمَ رُصَاصَاً مُذَابَاً خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ النِّدَاءَ ثُمَّ لا يُجِيب . وَرُوِيَ أَنَّ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ أَتَى الْمَسْجِدَ فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ النَّاسَ قَدِ انْصَرَفُوا , فَقَالَ : إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , لَفَضْلُ هَذِهِ الصَّلاةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وِلايَةِ الْعِرَاقِ . وَرُوِيَ أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يُعَزُّونَ أَنْفُسَهُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِذَا فَاتَتْهُمُ التَّكْبِيرَةُ الأُولَى , وَيُعَزَّوْنَ سَبْعَاً إِذَا فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَةُ . وَكَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ قَدْ سَقَطَ شِقُّهُ فِي الْفَالِجِ فَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاةِ يَتَوَكَّأُ عَلَى رَجُلَيْنِ فَيُقَالُ لَهُ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ رُخِّصَ لَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي بَيْتِكَ أَنْتَ مَعْذُورٌ فَيَقُولُ : هُوَ كَمَا تَقُولُونَ وَلَكِنْ أَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ : حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ , حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ , فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُجِيبَهُ وَلَوْ زَحْفَاً أَوْ حَبْوَاً فَلْيَفْعَلْ .
فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً , اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه , اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى صَلاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ يَا رَبَّ الْعَالَمِين . رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ , رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم , رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ , وَصَلْ اللَّهُم وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّد , والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .المرفقات
صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ عَلَامَةُ الإِيمَانِ 24 جُمَادَ الأُولَى 1437 هـ.doc
صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ عَلَامَةُ الإِيمَانِ 24 جُمَادَ الأُولَى 1437 هـ.doc
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق