صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -

عبدالله بن رجا الروقي
1437/01/16 - 2015/10/29 13:43PM
الخطبة الأولى

...أما بعد فإن أعظم ما يُعتنى به بعد الشهادتين العلمُ بصفة الصلاة التي جاءت عن النبي ﷺ
لأن في ذلك تحقيقاً لشرط المتابعة للنبي ﷺ فإن لقبول العمل شرطين لايقبل إلا بهما إخلاص العمل لله ومتابعة رسول الله ﷺ في صفة هذا العمل.

فإذا قام المسلمُ إلى الصلاة فإنما يقوم بين يدي الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم ما توسوس به نفسه ، وحينئذٍ يُعظم الله عز وجل أن يكون قلبه مشتغلاً بغير الصلاة وكما أنه لا يٓصرف وجهه عن القبلة إلى غيرها في الصلاة ، فكذلك لا يصرف قلبه عن ربِّه إلى غيره فيها.

وليستشعر المصلي أنه يناجي الله عز وجل ، وأن الله عز وجل قِبٓل وجهه وهو على عرشه قال رسول الله ﷺ : إن المؤمن إذا كان في الصلاة ، فإنما يناجي ربه. رواه البخاري ومسلم.
وقال ﷺ : إن أحدكم إذا كان في الصلاة فإن الله قِبٓل وجهه. رواه البخاري.
وحينئذٍ يدخل في صلاته بخشوع وقلبه مملوء بتعظيم الله عز وجل ، وحُبهِ وإجلاله.
فيكبر تكبيرة الإحرام فيقول : (الله أكبر) رافعاً يديه حذو منكبيه ، أو إلى فروع أذنيه .
ثم يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى، كما صح ذلك في البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.
أو يضعها على كفه اليسرى.
فهاتان صفتان ثابتتان عن النبي ﷺ.
ولا يرفع بصره إلى السماء وهو في الصلاة لأن النبي ﷺ نهى عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة ، واشتد قوله ﷺ في ذلك حتى قال : لينتهُنّٓ عن ذلك أو لتُخطفٓن أبصارهم. رواه البخاري ومسلم .
وهذا دليل على أن رفع البصر إلى السماء في الصلاة من كبائر الذنوب.
وبعد تكبيرة الإحرام يقرأ دعاء الاستفتاح فيقول : ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد)

وله أن يستفتح بغير ذلك كقول: ( سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك وتعالى جدك ، ولا إله غيرك )
والسنة أن ينوع في أدعية الاستفتاح فيأتي بهذا مرة وهذا مرة.

ثم يستعيذ ويقول ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .
ويقرأ الفاتحة ، فإذا انتهى من الفاتحة قال: (آمين) ومعناها : اللهم استجب .
ثم يقرأ بعد ذلك سورة.
ثم يرفع يديه مكبراً ليركع ، فإذا ركع وضع يديه على ركبتيه ، مفرجتي الأصابع، وباعد عضديه عن جنبيه، ويُسوي ظهره برأسه فلا يرفع رأسه ولا يخفضه بل يكون بإزاء ظهره ، قالت عائشة رضي الله عنها :" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع لم يُشْخِص رأسه ولم يُصوّبه ولكن بين ذلك" رواه مسلم.

ويقول في ركوعه : ( سبحان ربي العظيم) ثلاث مرات أو أكثر . والواجب مرة واحدة ، ويُسن أن يقول أيضاً: ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح).
ثم يرفع رأسه قائلاً: (سمع الله لمن حمده ) رافعاً يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه .
ثم يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في هذا القيام - أيضاً -
ويقول بعد رفعه : (ربنا لك الحمد) أو (ربنا ولك الحمد). أو (اللهم ربنا لك الحمد) أو (اللهم ربنا ولك الحمد).
فهذه أربع صفات ولكن لا يقولها في آن واحد بل يقول هذا مرة وهذا مرة.

وإذا كان الإنسان مأموماً فإنه لا يقول ( سمع الله لمن حمده) بل يقول : (ربنا ولك الحمد) لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا قال - إي الإمام – سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد. رواه مسلم. ويكون هذا في حال رفعه من الركوع قبل أن يستتم قائماً .

وبعد أن يقول (ربنا ولك الحمد) ، يُسن أن يقول :
( ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد).

ثم يكبر للسجود بدون رفع اليدين وينزل على ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته وأنفه.
فيكون سجوده على الأعضاء السبعة لقول النبي ﷺ :
( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة ، وأشار بيده على أنفه ، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين ) رواه البخاري ومسلم.
ويستقبل بأطراف أصابع قدميه القبلة ، وكذلك أصابع يديه يستقبل بهما القبلة وتكون الأصابع مضمومة.
وفي حال سجوده ينصب ذراعيه فلا يضعهما على الأرض ولا على ركبتيه ، قال ﷺ : إذا سجدت فضع كفيك, وارفع مرفقيك. رواه مسلم
وقال ﷺ : لايبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب.
رواه البخاري ومسلم.
ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه فيكون الظهر مرتفعاً عن الفخذين .

ويقول في سجوده : ( سبحان ربي الأعلى ) ثلاث مرات أو أكثر والواجب مرة واحدة ويُسن أن يزيد:
( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي )
( سبوح قدوس رب الملائكة والروح )
ثم يرفع من السجود مكبراً .
ويجلس بين السجدتين مفترشاً وكيفيته: أن يجعل الرجل اليسرى فراشاً له ، وينصب الرجل اليمنى من الجانب الأيمن ، ويضع يديه على فخذيه.

وفي هذا الجلوس يقول : ( رب اغفر لي ) يكررها وله أن يزيد ( وارحمني واهدني ، واجبرني وعافني وارزقني )
ثم يسجد السجدة الثانية وتكون كالسجدة الأولى في الكيفية وفيما يقال فيها .

ثم ينهض للركعة الثانية مكبراً ويعتمد على ركبتيه حال النهوض.
وفي الركعة الثانية، يفعل كما يفعل في الركعة الأولى.
فإذا صلى الركعة الثانية جلس للتشهد كجلوسه بين السجدتين في كيفية الرجلين.
وأما اليدان فاليمنى يضعها على فخذه أو ركبته ويضم منها الخِنصر والبِنصر والوسطى والإبهام ، أو يحلق الإبهام على الوسطى وفي كلتا الحالتين تبقى السبابة مفتوحة غير مضمومة، وأما اليد اليسرى فانها مبسوطة على فخذه اليسرى أو يلقمها الركبة.

ويقرأ التشهد فيقول: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ) .
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم...


الخطبة الثانية:
أما بعد فإن كان المصلي في ثلاثية أو رباعية قام بعد التشهد الأول رافعاً يديه كما رفعهما عند تكبيرة الإحرام، وصلى بقية الصلاة وتكون بالفاتحة فقط فلا يقرأ معها سورة أخرى ، وإن قرأ أحياناً فلا بأس.

ثم يجلس إذا كان في ثلاثية أو رباعية للتشهد الثاني ، وهذا التشهد يختلف عن التشهد الأول وفي كيفية الجلوس لأنه يجلس متوركاً والتورك : أن ينصب الرجل اليمنى ويخرج الرجل اليسرى من تحت الساق، ويجلس بأليتيه على الأرض .

ثم يقرأ في التشهد الأخير كما قرأ في التشهد الأول ويزيد عليه قول : ( اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد )

ويقول : ( أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال )

ويدعو قبل السلام بما يحب من خيري الدنيا والآخرة .

وبعد ذلك يسلم عن يمينه قائلاً " السلام عليكم ورحمة الله " ، وكذلك عن يساره .

عباد الله

هذه صفة صلاة النبي ﷺ على وجه الاختصار ، فينبغي للإنسان أن يعمل وفقها ليكون ممتثلاً لقوله ﷺ : صلوا كما رأيتموني أصلي . رواه البخاري.
اللهم ارزقنا صلاة كصلاة نبيك ﷺ وتقبل منا يابر ياكريم...
المشاهدات 1288 | التعليقات 0