صراع الفكرين الغربي والإسلامي

ناصر محمد الأحمد
1435/03/26 - 2014/01/27 13:31PM
صراع الفكرين الغربي والإسلامي
30/3/1435ه
د. ناصر بن محمد الأحمد

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله..
أما بعد: أيها المسلمون: الصراع بين الإسلام وأعدائه قديم قدم الإسلام، قال الله تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم) وقال تعالى: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا). ووسائل هذا الصراع وأهدافه قديمة كذلك قدم الإسلام، بيّنها الكتاب المنزل منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان: (وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُم) (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاء) (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقّ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُون) (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون) (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِبا) فأهداف الصراع هي فتنة المسلمين عن دينهم، وصرفُهم عن التمسك به. وإن أعداء هذا الدين ليعرفون مكمن القوة فيه (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُم) ومن أجل ذلك يعملون على إضعاف تمسك المسلمين به، لأنهم بذلك يسلبونهم القوة الحقيقية في حياتهم، ويتركونهم عرضة للأعاصير تتناوشهم وهم في غير منعة منها ولا قدرة على الصمود.
أيها المسلمون: إن هذا الدين هو الوصفة الربانية لمعالجة النفس الإنسانية، لأنه دين الفطرة المنزل من عند خالق هذه الفطرة، العليم الخبير بما يصلحها ويصلح لها: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُون). إن هذا الدين هو الذي يجمع شتات النفس ويوحّد طاقاتها فتنطلق تعمل في هذه الأرض بانية معمّرة، تقيم الحق والعدل، وتقيم الحضارة الصحيحة، وتقوم بدور الخلافة الراشدة في الأرض (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَة) (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَاب) (هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) أي كلفكم بعمارتها. إن هذا الدين يوحد في حس الإنسان طريق الدنيا والآخرة، فليس هناك طريق للدنيا على حدة، وطريق للآخرة على حدة، إنما هو طريق واحد يبدأ في الدنيا وينتهي في الآخرة، طريق أوله في الدنيا وآخره في الآخرة، وكل عمل يعمله الإنسان هو للدنيا والآخرة في ذات الوقت، يؤديه الإنسان في الدنيا ثم يحاسب عليه هو ذاتُه في الآخرة، فتتصل الدنيا بالآخرة في ضمير الإنسان المسلم ولا تفترقان (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا) فلا يكون عمل الإنسان في عمارة الأرض صارفاً له عن آخرته، ولا عمله للآخرة صارفاً له عن عمارة الأرض كما تصنع الجاهلية المعاصرة. إن الصلاة التي هي من أخص أعمال الآخرة كما يراه الكثيرون في ظاهر الأمر، لها مهمة معينة في عمارة الأرض (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر) أين تنهى عن الفحشاء والمنكر؟ تنهى هنا في الدنيا لتجازى عليها هناك في الآخرة. إن هو طريق واحد. إن المعاشرة الجنسية بالحلال في ظاهره أنه عمل في الدنيا، لكن في حقيقته هو عمل متصل بالآخرة. قال صلى الله عليه وسلم: "وفي بُضْعِ أحدِكم صدقة" قالوا: أَيَأْتِي أحدُنا شهوتَه يا رسولَ اللهِ ويكونُ له فيها أجرٌ؟ قال: "أليس أن وضعها في حرامٍ كان عليه وِزْرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في حلالٍ كان له أَجْرٌ" حديث صحيح. حتى النشاطات المختلفة فإنها غير منفلتة في الإسلام، فليس النشاط السياسي قائم بذاته، ولا النشاط الإقتصادي قائم بذاته، ولا النشاط الإجتماعي قائم بذاته، ولا النشاط الفكري قائم بذاته، أبداً. إن الإسلام يجمع بينها جميعاً لأنها في حقيقتها صادرة من مصدر واحد وهي الشريعة الإسلامية وكلها متصلة بالعقيدة ومنبثقة عنها. فليس في الإسلام قرار سياسي منفصل عن العقيدة والشريعة، وليس في الإسلام قرار اقتصادي منفصل عن العقيدة والشريعة. فهذا هو الإسلام، وهذا هو سر القوة الهائلة التي يمنحها لأتباعه حين يستقيمون عليه، فتوحّد طاقاتهم وتتوازن ثم تنطلق كلها وهي تعمل فتستمد قوتها من الله (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً).
أيها المسلمون: إن أعداء الإسلام يعلمون ذلك حق العلم، وتفيض قلوبهم حقداً على هذه النعمة الهائلة التي أنعم الله بها على المؤمنين يوم قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينا) فيعلنون الحرب على الإسلام حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق. ولقد بدأوا الحرب منذ أول يوم قامت فيه الدولة الإسلامية في المدينة. والتاريخ يتضمن وقائع هذه الحرب الهائلة التي شنها اليهود من ناحية، والمشركون من ناحية، ثم النصارى من ناحية ثالثة بمجرد أن أحست الدولة الرومانية بمولد الدولة الجديدة في الجزيرة العربية واستوائها على قدميها. فلما فشل كل أولئك في القضاء على الإسلام والدولة الإسلامية، ونصر الله أوليائه ومكنهم في الأرض، عاد النصارى يكرون مرة أخرى في الحروب الصليبية، ومضى اليهود يكيدون للإسلام عبر التاريخ، وانطلق مشركون جدد يغيرون على الإسلام بين الحين والحين. فأما نصارى العصور الوسطى فقد هُزموا هزيمتهم الساحقة على يد جحافل المسلمين الأوائل الذي جعلهم لن ينسوه أبداً كما يقول أحدهم في كتابه "الإسلام في التاريخ المعاصر" يقول: "إن أوربا لا تستطيع أن تنسى الفزع الذي ظلت تزاوله خمسة قرون متوالية والإسلام يغزوها من الشرق والغرب والجنوب ويقطع في كل يوم جزءاً من أجزاء الامبراطورية الرومانية ويكاد يستولي على العاصمة ذاتها". وهذا اعتراف صريح أن أوربا لا تستطيع حتى هذه اللحظة أن تنسى فزعها من الفتح الإسلامي، وما تزال الروح الصليبية قائمة في نفوس أوربا حتى هذه اللحظة رغم كل التغير السياسي والاقتصادي والفكري والعقائدي الذي حدث خلال القرون الأخيرة.
أيها المسلمون: ويوم بدأ المسلمون يتخلون عن التمسك الحقيقي بدينهم، أصاب الضعف جميع جوانب الحياة، لم يكن هناك غرابة عندئذٍ أن ينقضّ الأعداء المتربصون من يهود ونصارى ومشركين ومنافقين يريدون القضاء على الإسلام وتحطيمه، وهم هم الفئات الأربعة الذين حذرنا الله منهم. لم يكن غريباً ولا بعيداً، بل هو الشيء الوحيد المتوقع، إنما الشيء الغريب حقاً هو غفلتنا الطويلة عن هذا الكيد وعدم استعدادنا له حتى بعد أن اعترفوا به بألسنتهم ونشروا مخططهم الخبيث للقضاء على الإسلام في كتب وبيانات وبحوث ومقالات، فلم يعد الأمر سراً على الإطلاق. منذ ستين سنة تقريباً صدر كتاب فرنسي ترجم إلى اللغة العربية بعنوان "الغارة على العالم الإسلامي" ذُكِر فيه بالتفصيل ما تم فعله وما هو في طريق الإعداد للمستقبل وجاءت فيه أمور في غاية الخطورة، ومع ذلك لم يتنبه المسلمون يومئذٍ من غفلتهم ولم يهبّوا لمقاومة ذلك المخطط الخبيث المعلن على رؤوس الأشهاد، بل نُفذت السياسة المرسومة ضد الإسلام بحذافيرها كما وردت في ذلك الكتاب وغيره وآتت ثمارها النكدة كاملة، لأنها واجهت أمة غافلة وجسماً مريضاً بلا حصانة.
وإننا لنحمد الله تعالى أن هذه الغفلة قد انتهت أو آذنت بالانتهاء، وأن الأمة الإسلامية قد بدأت تنبعث من جديد كما قدر الله لها وتنفض عنها آثار ما علق بها أثناء سباتها، وتتيقظ لكيد الأعداء لها، وتجنّد طاقاتها لرد هذا الكيد، وإن كنا نرجو أن تكون اليقظة أكبر والجهد المبذول أشد، لأن إزالة آثار قرون طويلة من الغفلة لا تأتي إلا بجهد مضاعف وعزمة صادقة لا تتهاون ولا تستهين.
أيها المسلمون: لقد كان العدوان على الإسلام في القرون الأخيرة شاملاً كل الميادين، كان غزواً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً في آن واحد، ولكن أخطر صنوف هذا الغزو هو ما نسميه الغزو الفكري. يقول أحدهم: "ليست مهمتنا هو تنصير المسلمين، فهذه مهمة لا طائل وراءها، ولكن مهمتنا هي صرف المسلمين عن التمسك بالإسلام". إن هذا هو أخطر ما فعله الأعداء ونجحوا فيه، وهو الذي نطلق عليه الغزو الفكري.
لقد كان الإنبهار بالحضارة الغربية أو قل الهزيمة الروحية أمام هذه الحضارة هو الباب الواسع الذي نفذ إلينا منه الغزو الفكري، فكنا في حالة انبهار ننقل منها بلا وعي ولا تدبر، ننقل كل ما نجده هناك، من نظم وتنظيمات وعلوم وثقافة وعقائد وأنماط سلوك، غير مبالين أو غير مقدرين إن كان هذا منافياً لإسلامنا أم غير مناف له، أو إن كان نافعاً أو غير نافع، فالمنبهر لا يقدر على التمييز ما دام القوم في نظره أقوياء وما داموا هم الغالبين، فلا بد إذن أن كل ما عندهم صواب، وكل ما عندهم لا انحراف فيه. وهنا مكمن الخطورة ..
فنسأل الله أن يبصرنا في ديننا، وأن يبصرنا بكيد أعداءنا لنا إنه لي ذلك والقادر عليه ..
أقول هذا القول ..


الخطبة الثانية:
الحمد لله ..
أما بعد: أيها المسلمون: بالأمس البعيد أحسّ المسلمون بحاجتهم إلى العلوم الموجودة عند غيرهم، إذ لم يكن لهم رصيد سابق، فراحوا ينقلون العلوم من اليونان والرومان وغيرهم، وتعلموا اليونانية واللاتينية والسريانية وغيرها ليستطيعوا النقل منها إلى العربية، ولكنهم لم ينقلوا خبط عشواء، ولم ينقلوا كل ما وصل إليهم، إنما كانوا يتخيرون ما ينقلون، فما ظنوه نافعاً لهم نقلون، وما رأوه غير جدير بالنقل تركوه. والأهم أنهم لم ينقلوا من الحضارة اليونانية ولا غيرها عقائدها ولا نظمها ولا أنماط سلوكها لأنهم كانوا ينظرون إليها أنها جاهلية، ولأنهم كانوا يشعرون أنهم هم الأعلون لأنهم مؤمنين (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين) وتأمل في الآية فقد ربط جل وتعالى الاستعلاء بالإيمان. المسلمون الأوائل عند نقلهم من غيرهم كانوا يحسون أن ما عندهم من نعمة الإسلام أكرم وأعلى مما عند غيرهم ممن ليسوا مسلمين، وأن أخذهم العلم شيء وأخذ النظم والعقائد وأنماط السلوك شيء آخر مختلف عنه تمام الاختلاف، وغير مرتبط به أي ارتباط. لقد كانوا في حالة من الوعي والاتزان، فلا استعلاؤهم بالإيمان يمنعهم من أخذ العلوم والمعارف النافعة من أي مكان في الأرض، ولا أخذ العلوم والمعارف يفقدهم استعلاءهم بالإيمان والإسلام، وكل ما يتعلق بالنظم والعقائد والأخلاق يدركون أن ما يملكونه هو الرصيد الأكرم والأعلى لأنهم ينهلون فيه من المصدر الرباني، وغيرهم يأخذ من نظم البشر وعقائد البشر وانحرافات البشر وكلها مصادر جاهلية (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُون).
أيها المسلمون: وحين تقول أوربا: ما للدين والعلم؟ وحين تقول: ما للدين والسياسة؟ وحين تقول: ما للدين والحياة؟ فإنها تتحدث عن مفهوم خاص للدين نبت في ظروف أوربا الشاذة وانحرف معها، وأدى في النهاية إلى هذه الجاهلية المعاصرة التي تغمر اليوم وجه الأرض. أما نحن المسلمين فما صلتنا بهذا كله، والدين عندنا شيء آخر مختلف تمام الاختلاف. فهو أولاً دين الله المنزل الذي حفظ الله مصادره وينابيعه بغير تحريف (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون) ثم إن شريعته شاملة لكل مناحي النشاط البشري في الأرض، من السياسة والاقتصاد والاجتماع وعلاقات الأسرة وعلاقات الجنسين وعلاقات الأفراد والجماعات والأمم والشعوب وعلاقات السلم والحرب، فلا يوجد شيء واحد في حياة الإنسان لا تشمله هذه الشريعة منعاً أو إباحةً أو تحريماً أو تحليلاً أو استحباباً أو كراهيةً. ولا يمكن أن يوجد شيء واحد يبعد عن هذه الشريعة ويقف بمعزل عنها بحجة أنه لا علاقة بينها وبينه.
أيها المسلمون: واليوم وبحمد الله قامت حركات البعث الإسلامي من جديد في كل مكان، حركات علمية، وحركات دعوية، وحركات تربوية، وحركات جهادية، وحركات نسائية، وحركات إغاثية، وأخرى وأخرى ترد للمسلمين ذاتيتهم المفقودة وترشدهم إلى طريق الخلاص من رق التبعية للغرب الكافر، إنه طريق واحد: إنه الرجوع إلى هذا الدين في صورته الحقة كما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وكما فهمه المسلمون الأوائل، دين شامل: عقيدة وشريعة، دنيا وآخرة، سياسة واقتصاد واجتماع وروابط أسرة وأخلاق وفكر ونظم وعلم وفن كلها في آن واحد، وكلها في نظام واحد متسق مترابط متكامل.
ولكن الصراع بيننا وبين القوم قد قام، وكان لابد أن يقوم بين حركات البعث هذه وبين الفكر الغربي، أو بين المنتسبين للإسلام الحق وبين الذين استعبدت أرواحهم التبعية لذلك الفكر الغربي من علمانيين ولبراليين وتنويريين وأضرابهم. وقد يطول ذلك الصراع، ولكننا لا نشك لحظة في النهاية التي ينتهي إليها ذلك الصراع (َفأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْض).

اللهم ..
المشاهدات 1381 | التعليقات 0