صَحَائِفُ الأَعمَالِ.

رمضان صالح العجرمي
1446/03/23 - 2024/09/26 12:33PM

مُقتَرَحُ خُطبَة بعنوان: (صَحَائِفُ الأَعمَالِ.)
1- مَشْهَدُ تَطَايُر الصُّحُفِ.
2- أَقْسَامُ الدَّوَاوِينِ.
(الهَدَفُ مِنَ الخُطبَةِ)
تذكير الناس وتعليق قلوبهم بالدار الآخرة، واستحضار هذه الصحائف، وبيان أقسام هذه الدواوين، والتحذير من الشرك، ومن المظالم بين العباد، وفرصة التحلُّل منها قبل الممات.
•مُقَدِّمَةٌ ومَدَخَلٌ للمُوْضُوعِ:
•أيُّهَا المُسلِمُونَ عِبَادَ اللهِ، يقول الله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: 13، 14]، مشهد من مشاهد يوم القيامة، وهو تطايُر الصُّحُف، ونَشْر الدواوين؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ [التكوير: 10]، مشهد يتخلَّى فيه القريب عن قريبه، والحبيب عن حبيبه؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّهَا ذَكَرَتِ النَّارَ، فَبَكَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا يُبْكِيكِ؟)) قَالَتْ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَدًا: عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ وَعِنْدَ الْكِتَابِ حِينَ يُقَالُ: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ أَفِي يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَالِهِ أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ؟ وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ)) [رواه أبوداود، وأحمد]
•فما من عبد إلَّا وله صحائف قد دُوِّنت فيها جميعُ أعماله؛ كما قال الله تعالى: ﴿هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: 29]
•كتاب ليس من تدوين البشر حتى يعتريه الخطأ والجهل والنسيان، أو الظلم والمحاباة؛ بل هو من تدوين الملائكة الأطهار الأبرار؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: 10 : 12]، وقال تعالى: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 17، 18]
•كتاب يحوي جميع أعمال العبد من التكليف إلى الوفاة؛ كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران: 30]، وقال تعالى: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: 13]، وقال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ [يس: 12]
•كتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلَّا أحصاها، فقد سجَّلَتْ فيه الملائكةُ جميعَ أعمال العباد صغيرها وكبيرها، جليلها وحقيرها؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: 49]، وقال تعالى: ﴿وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾ [القمر: 53]
•الحسنة فيه بعشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة؛ كما قال تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: 160]؛ بل مجرد الهَمِّ بالحسنة تُكتَبُ حسنة كاملة؛ كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: ((إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ: فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا؛ كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا؛ كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا؛ كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا؛ كَتَبَهَا اللهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً.))
•وينقسم الناس عند تطايُر الصُّحُف إلى فريقين لا ثالث لهما: آخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره، فيأتي يوم القيامة يحمل هذه الصحائف والأعمال؛ كما قال تعالى: ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ ۚ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ [الأنعام: 31]، وقال تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ [النحل: 25]، وقال تعالى: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ۖ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [العنكبوت: 13]
 
•وأقسام الدواوين ثلاثة:
1- قسم لا يغفره الله أبدًا لمن مات عليه.
2- قسم لا يُبالي الله به، فإن شاء غفر، وإن شاء عذَّب.
3- قسم لا يترك الله منه شيئًا، وهو المتعلِّق بحقوق الآخرين.
 
أولًا:- القسم الذي لا يغفره الله أبدًا لمن مات عليه؛ وهو الشرك بالله تعالى.
•فهو الذنب الذي لا يُغفَر، والكسر الذي لا يُجبَر؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48]
•بل إنه يحبط ما في الصحائف من أعمال إذا خالطها؛ وقد توجَّه الخطاب إلى أفضل البشر وإلى سيِّد الموحِّدين صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: 65]
•حتى ولو كان يسيرًا فإن صاحبه على خطر عظيم؛ واسمع لهذا الخبر الذي يرويه سلمان الفارسي رضي الله عنه، والذي صحَّحَه الألباني موقوفًا كما في سلسلة الأحاديث الضعيفة: ((دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ النَّارَ رَجُلٌ فِي ذُبَابٍ، قَالُوا: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مَرَّ رَجُلَانِ عَلَى قَوْمٍ لَهُمْ صَنَمٌ لَا يَجُوزُهُ أَحَدٌ حَتَّى يُقَرِّبَ لَهُ شَيْئًا، فَقَالُوا لِأَحَدِهِمَا: قَرِّبْ! قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ، فَقَالُوا لَهُ: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا! فَقَرَّبَ ذُبَابًا، فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ، قَالَ: فَدَخَلَ النَّارَ، وَقَالُوا لِلْآخَرِ: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا! قَالَ: مَا كُنْتُ لِأُقَرِّبَ لِأَحَدٍ شَيْئًا دُونَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَضَرَبُوا عُنُقَهُ، قَالَ: فَدَخَلَ الْجَنَّةَ)).
•فإذا أفسد العمل وأحبطه صار صاحبه من الخالدين فى النار؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [المائدة: 72].
 
ثانيًا:- القسم الذي لا يُبالي الله به، فإن شاء غفر، وإن شاء عذَّب: وهو كل ذنب دون الشرك، فإن تاب منه قبل موته، فإن الله يتوب عليه ويغفره له؛ بل ويُبدِّله حسنات إذا أخلص فى توبته؛ كما قال الله تعالى: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [الفرقان: 70].
•ومن رحمة الله تعالى أنه هيَّأ لعباده المذنبين أسبابًا وأبوابًا للمغفرة؛ مثل: التوبة، والاستغفار، والحسنات المكفِّرة، والصلاة، وغيرها من الأسباب.
 
نسأل الله العظيم أن يجعلنا من أصحاب اليمين، وأن يتوب علينا أجمعين.
                                   *            *           *  
الخطبة الثانية:- مع القسم الثالث: وهو الذي لا يترك الله منه شيئًا، وهو المتعلِّق بحقوق الآخرين، وهذا من تمام كمال عدله سبحانه وتعالى؛ وهذه الحقوق نوعان:- عينية، ومعنوية:
•فأمَّا الحقوق العينية؛ فمن صورها:
1- أخذ أموال الناس بالباطل بمنع ما يجب، أو فعل ما يضُرُّ بمال الغير؛ كما في صحيح مسلم عَنْ أَبِي أُمامة رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ))، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ)). يقول سفيان الثوري رحمه الله: ((لأنْ تلقى الله تعالى بسبعين ذنبًا فيما بينك وبينه؛ أهونُ عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد))؛ لأن الله تعالى قد يغفر لك فهو الغفور الرحيم، أما الناس فلا بد أن يسترِدُّوا حقوقهم منك.
2- المماطلة في الديون؛ كما في الحديث الصحيح: ((مَن ماتَ وعليه درهمٌ أو دِينارٌ قُضِيَ مِن حَسَناتِهِ))، والأحاديثُ كثيرةٌ في التحذير من المماطلة.
3- التعدي على الغير بالضرب والتعذيب بدون وجه حق؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لَتُؤَدَّنَّ الحقوقُ إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقادَ للشاةِ الجَلْحاءِ من الشاة القَرْناءِ.))، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن ضَرَبَ بِسَوْطٍ ظُلْمًا؛ اقْتُصَّ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَة)) [رواه البخاري في الأدب المفرد]

•وأمَّا الحقوق المعنويَّة؛ فمن صورها:
1- ظلم العباد في دينهم، وإفسادهم وإضلالهم، ونَشْر الفاحشة فيهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [النحل: 25]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: 31].
2- الغيبة والقذف والشتم والسب؛ وهذه من أشدِّ ما يكون خطرًا، وتأمَّل هذا الحديث الذي يُبيِّن لنا خطورة انتهاك الأعراض؛ كما في مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟)) قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ. فَقَالَ: ((إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا؛ فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ))
•ولذلك جاء الإرشاد النبوي بالتحلُّل من المظالم قبل الممات؛ كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ كَانَتْ عِندَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ، مِنْ عِرْضِهِ أو مِنْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليومَ قَبْلَ أَن لا يَكُونَ دِينَارٌ ولا دِرْهَمٌ؛ إِنْ كَانَ له عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِن لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أَخَذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ.))

•كيف يتحَلَّل العبدُ من هذه الحقوق؟
•فأمَّا الحقوقُ العينيةُ: فإنها تُرَدُّ بعينها، فإن عجز عن إرجاعها لعدم معرفته بصاحب هذه الحقوق فليتصدق بها عنه. وأمَّا الحقوقُ المعنويةُ من الغيبة والشتم: فإن كان يعلمُها فإنه يستسمحه ويتحلَّل منه، وإلَّا فإنه يدعو له، ويستغفر، ويذكر محاسِنَه.
 
نسأل الله أن يشرح صدورنا بصحائفنا بيضاء نقية، وأن يغفر لنا تقصيرنا.
ملحوظة:
الكلام عن الحقوق المتعلِّقة بالآخرين مُهِمٌّ جدًّا لا سيَّما في زمان الماديات والتنافُس على الدنيا، وتهاوُن الكثير في حقوق الآخرين التي قد تختلف من مكان إلى آخر، وأيضًا صور هذه المظالم.
#سلسلة_خطب_الجمعة.
#دروس_عامة_ومواعظ.
(دعوةٌ وعمل، هدايةٌ وإرشاد)
قناة التيليجرام:
https://t.me/khotp

المشاهدات 196 | التعليقات 0