شَهْرِ شَعْبَانَ وفضل الصِيَام فيه

محمد البدر
1438/08/02 - 2017/04/28 01:31AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أمَّا بعد : قَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا تُقَدّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل:20].
عِبَادَ اللهِ:إن الله سبحانه وتعالى تواب رحيم، غني كريم، شرع لعباده أنواعًا من العبادات تكفَّر بها ذنوبهم، وتمحَى بها خطاياهم؛ من الذكر والدعاء والصلاة والصدقة والحج والعمرة والبر والصلة، ومن تلك العبادات العظيمة الصيام؛ فإنه عمل عظيم يظهر فيه الإخلاص، اختص الله تعالى به، فأجر الصائم على الله عز وجل : (الصِّيَامُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ)؛ ولذا رغب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصيام وحث عليه وداوم عليه فَقَالَ: « فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ وَالصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ » رواه مسلم.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « في الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ الصَّائِمُونَ »مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
فهنيئًا لمن حرص على الصيام واشتغل به وأكثر منه.
وَعَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ. رواه الطبراني وحسنه الألباني؛ وَمِنْ هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْمُبَارَكَةِ، وَهَذِهِ النَّفَحَاتِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي اخْتَصَّ اللهُ تَعَالَى- بِهَا بَعْضَ الزَّمَانِ هَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا؛ فَنَحْنُ فِي غُرَّةِ شَهْرِ شَعْبَانَ؛ وهو شَهْرٌ عَظِيمٌ هَذَا الشَّهْرُ يَأْتِي بَيْنَ رَمَضَانَ وَرَجَبٍ؛ ويغفل كثير من الناس عن الصيام في شهر شعبان، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَاكَ تَصُومُ فِي شَعْبَانَ مَا لا أَرَاكَ تَصُومُ فِي شَهْرٍ ، قَالَ : شَعْبَانُ بَيْنَ رَجَبٍ وَشَهْرِ رَمَضَانَ يَغْفَلُ النَّاسُ عَنْهُ ، تُرْفَعُ فِيهِ أَعْمَالُ العِبَادِ فَأُحِبُّ أَنْ لا يُرْفَعَ عَمَلِي إِلا وَأَنَا صَائِمٌ .حسنه الألباني .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ. وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ. وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ في شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا في شَعْبَانَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وتقول أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إِلاَّ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ. ومرادها: أكثر الشهر .
قال ابن المبارك: "هو جائز في كلام العرب، إذا صام أكثر الشهر أن يقال: صام الشهر كله".
فاجتهدوا رحمكم الله في الصيام من شهر شعبان، قَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا تُقَدّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل:20]
أقول قولي هذا ...

الخطبة الثانية :
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن العبادة المقبولة التي يثاب صاحبها عليها هي ما اشتملت على شرطين عظيمين: الأول: الإخلاص لله تعالى، والثاني: المتابعة للنبي ، قَالَ تَعَالَى :﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [آل عمران:31].
فلا يكفي الإخلاص دون المتابعة، فمن كان مخلصًا ولم يكن متَّبعًا للنبي في هديه وعبادته فإن عمله مردود عليه قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ »متفقٌ عليه.
فاتقوا الله عِبَادَ اللهِ و تَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ فيما بينكم واجعلوا كل أعمالكم خالصة لله موافقة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ تَعَالَى :﴿ وَالْعَصْـرِ (1)إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْـرٍ (1) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
فَالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ، وَالتَّوَاصِي بِالصَّبْرِ لَا تَكُونُ لَهُ حَقِيقَةٌ مَوْجُودَةً حَقَّ الْوُجُودِ إِلَّا بِأَنْ يُحَذِّرَ بَعْضُنَا بَعْضًا مِمَّا فِيهِ مُخَالَفَةُ الشَّـرْعِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا﴾، وكَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾.
الا وصلوا عباد الله ..
[/align]
المشاهدات 883 | التعليقات 0